ثورة أكتوبر الاشتراكية وحركة التحرر الوطني  في العراق-   سهيل الزهاوي

 

  لا يمكن إنكار أن ثورة أكتوبر الروسية واحدة من أهم أحداث التاريخ الإنساني ، وأن حكم البلاشفة ظاهرة ذات أهمية عالمية ، وخاصة بالنسبة إلى جميع شعوب الشرق والحركة التحررية لهذه الشعوب بصورة عامة وحركة التحرر العراقية بصورة خاصة .  إلا أن ظلت روسيا السوفياتية معزولة عن العالم على اثر فشل الموجة الثورية التي اجتاحت أوروبا وقدرته على كسر قبضة الرأسماليين على المجتمع آنذاك، الثورة الألمانية على سبيل المثال.     وهكذا كان لهذه العزلة تأثير على مسار اللاحق للأحداث في الاتحاد السوفيتي السابق .      فعلى الرغم من انهيار الاتحاد السوفياتي في عام( 1991)، الذي تم تدميره نتيجة سيطرة البيروقراطية على زمام الأمور بعد وفاة لينين،          فلم يكن لأي حدث آخر، خلال القرن المنصرم، تداعيات مماثلة بعيدة المدى مست حياة مئات ملايين البشر وحفز الوعي السياسي في سائر أرجاء العالم .      إلا أن آثار هذه الثورة مازالت قائمة، ومازالت تشكل تهديدات فعلية وواقعية لخصومها, ومازال الخوف من عودة الشيوعية قائما في كل أنحاء العالم الرأسمالي.

   لا ريب أن أفكار ثورة أكتوبر الاشتراكية ونداءات قائدها لينين قـد نبهت شـعوب الشـرق إلى مـا كان يخطـط لها الاستعمار الغربي بالتعاون مع قيصر روسيا ودعتهـا إلى النهوض للتخلـص مـن كل ألـوان الاضطهاد و الاستغلال  الطبقي ودلتها على سبيل الخلاص ،    وكانت بداية تغيير ميزان القوى على الساحة الدولية قرابة سبعة عقود من الزمن.لعبت دوراً هاماً في التأثير المباشر على نضال الشعوب من أجل التحرر والانعتاق.ودشنت بداية نهاية نظام الحكم الاستعماري القديم الذي أقامته الإمبريالية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ،   ودعا الى حق الأمم المضطهَدة في تقرير مصيرها و تشكيل دولته المستقل.       

  لينين و حق الأمم في تقرير مصيرها

 

 انكب لينين قبل ثورة أكتوبر وبالتحديد بعد ثورة 1905 على دراسة حركات التحررالوطني في الشرق. بعد أن  صاغ  لينين أفكاره مسترشدا بالنظرية الماركسية وفق ظروف الامبريالية العالمية.   قدم مفهوما محدداً للثورة الاشتراكية يقوم على وجود ارتباط بين نضال الطبقة العاملة المطالبة بحقوقها في البلدان الرأسمالية وحركة التحرر الوطني في المستعمرات والبلدان التابعة التواقة الى الاستقلال.

  توصل لينين بعد أن درس الحركات الثورية المعادية للامبريالية في عدد من البلدان الآسيوية إلى استنتاج في مقال له (( استيقاظ آسيا)) إلى ((أن الرأسمالية العالمية وحركة 1905 في روسيا قد أيقظت آسيا نهائيا. أن مئات من الملايين من المسحوقين المقهورين في غياهب ظلمات قد استيقظوا من سبات القرون الوسطى للتأهب لحياة الجديدة وكقاعدة عامة فإن النشاطات البروليتارية واسعة النطاق ضد الاستعمار في البلدان مثل الهند وبورما وإندونيسيا وسيلان والعراق ومصر،   جذبت الشرائح الدنيا شبه البروليتاريا

 

 

 

 

وفضلا عن المثقفين وجماهير الفلاحين و شملت البلاد بأسرها ))(1) .

    كما أعار لينين  اهتمأماُ خاصاُ بالقوميات قبل ثورة اكتوبر بشكل رئيسي الى المسألة  القومية في علاقتها بحركة المستعمرات الصاعدة من أجل الاستقلال والموقف من البرجوازية القومية في هذه البلدان  .

   لقد أشار لينين بهذا الصدد ((بقدر ما نكافح برجوازية الامة المضطَهدة ضد المضطِهدة، بقدر ذلك والى هذا الحد، وفي كل حالة ،وبحزم  أشد من حزم الاخرين كلهم، نقف الى جانبها، لاننا اكثر اعداء الاضطهاد صلابة وانسجاماً،إن القومية البرجوازية في كل قومية مضطَهد محتوى ديمقراطي عاماً موجهاً ضد الاضطهاد واننا ندعم هذا المحتوى دعماُ مطلقاً، مميزين إياه عن اتجاه البعض نحو الاستعباد لكل من هو خارج قوميتهم .)(2)      بيد أن لينين أعلن بصراحة تامة ، تكراراً،  إن الاشتراكيين الديمقراطيين في البلدان الكبيرة ملزمون بواجب القتال ضد كل شكل من أشكال الاضطهاد القومي وبدعم كل قومية في تقرير مصيرها . أكد لينين على المبدأ الذي ظل  ماركس دائماً اميناً له  (( إن شعبا يضطهد شعوباً اخرى لا يمكن أن يكون حراً ))(3)

 لقد صاغ لينين فكره حول حركة التحرر الوطني متوخياً تشخيص أوضاع العالم آنذاك، قبيل الحرب العالمية وإبّانها.

 فغدت المسألة القومية ومسألة المستعمرات قضية حيوية في فكر لينين وتمثل تعميقاً للماركسية،بما انه كان يعتقد على ( خطى ماركس) حول المسألة القومية والانتماء القومي القائلة بضرورة الجمع بين نضال  الطبقة العاملة العالمية  ونضال الشعوب المضطهَدة في المستعمرات والبلدان التابعة  في تلك المرحلة . 

كان لينين على قناعة (( أن الاشتراكيين لا يمكن بلوغ هدفهم الكبير ، دون النضال ضد كل اضطهاد للأمم   و لذلك ينبغي عليهم  أن يطالبوا من كل بد أن تعترف الأحزاب الاشتراكية – الديمقراطية  في البلدان المضطهِدة ولا سيما منها المسماة بالدول الكبرى  بحق الأمم المضطهَدة في تقرير مصيرها وتدافع عن هذا الحق بمعنى الكلمة السياسي بالضبط أي حق في الانفصال السياسي  وكل اشتراكي في أمة استعمارية او تملك مستعمرات لا يدافع عن هذا الحق ، هو شوفيني .)) (4)

لقد كان موقف لينين والبلاشفة يقضى بدعم مبدأ حق تقرير المصير دعماً لا تحفظ فيه .. و تحقيق المساواة بين سائر القوميات في كافة البلدان .       (( فإن حرية تقرير المصير تفترض الانفصال من الدولة المتسلطة المضطهدة )).(5)كما حدد موقفه من الاتحاد الفيدرالي بين الدول بعد انفصالها،إن اتحاد الدول فيما بينها يجب أن يتم طوعيا،((على أساس ديمقراطي وأممي حقيقي،ولا يمكن التفكير بذلك دون حرية الانفصال))(6)  

  كتب لينين عام 1916 كتابه  « الإمبريالية:    أعلى مراحل الرأسمالية »في سياق الحرب العالمية وهو تحليل ملموس لمكوناتها ‏السياسية والاقتصادية والإيديولوجية والمجتمعية. واستخلاص نقاط هامة في مؤلفه هذا تفيد ( أن الصراع  بين الدول الإمبريالية من أجل استيلاء على البلدان العربية  كان أحد أسباب اندلاع الحرب العالمية الأولى ولم يفكر أي طرف من الأطراف المتحاربة من أجل تحرير هذه البلدان) .

 بهذا الشأن كتب لينين((ان الماركسية تعطي تحليلاً وتقول اذا كان “جوهر “الحرب “الفعلي” يتلخص مثلاً،

في الاطاحة بالنير الأجنبي ( وهو أمر نموذجي وبالأخص بالنسبة إلى أوروبا في السنوات ( 1789- 1871 ) فإن الحرب تقدمية من جانب الدولة المظلومة او الأمة المظلومة اذا كان “جوهر”الحرب” الفعلي”  يتلخص

 

 

 

 

 

 

في اعادة تقاسم المستعمرات في تقاسم الغنائم  في نهب اراضى الغير( وهكذا هي حرب 1914 -1916 ) بأن    الأقاويل بصدد الدفاع عن الوطن هي في هذه الحالة ” خداع للشعب” .)) (7) 

((وإذا كان سياسة وطنية تحررية أي إذا كانت تعرب عن حركة جماهيرية ضد النير القومي،فإن الحرب التي تنجم عن السياسة  كهذه هي حرب وطنية تحررية. ))(8)             وما يتعلق الحرب بين الدول الامبريالية أو مجموعات من الدول الامبريالية أكد لينين  ((  لا يكتفي الفريقان المتحاربان باضطهاد ” الشعوب الاجنبية ”    بل يشنان الحرب بينهما من منهما سيضطهد عدد أكبر من الشعوب الأجنبية ! )) (9) 

  لعل أهم المرتكزات في أطروحة لينين تلك التى كشفت عن الوجه الحقيقي للرأسمالية في ظل تراكم رأس المال التى تؤدي إلى حتمية الحرب وهي  سمة جوهرية للمرحلة الإمبريالية وجزء من طبيعتها،       وأن النزوع نحو الحروب متأصل في النظام الإمبريالي.

  كما استنتج لينين في -دفاتر حول الامبريالية -(جميع الحقائق عن محاولات بريطانيا وألمانيا وفرنسا للاستيلاء على البلدان العربية. واعتبر لينين الامتياز الالماني لمد سكك حديد بغداد في عامي (1902-1903)< شكلاً من أشكال الاستعمار> (10) . ووضع الاتفاقية الأنجلو ألمانية حول تقسيم العراق الى مناطق نفوذ في عام  1913 في ضمن قائمة الغزوات و الحروب الاستعمارية )) (11)

  حدد لينين مفهوم الإلحاق     ((  يفترض عادة  1- مفهوم العنف ( الضم بالعنف )  2 – مفهوم الاضطهاد القومي الأجنبي  (( ضم منطقة <اجنبية>.. الخ)   و- احياناً – 3- خرق الوضع الراهن)) (12)

 لقد وقف لينين ضد الاتجاهات التى تقول :          

  ان حرب التحرير مستحيلة في ظل الامبريالية، لقد بين لينين أن الاضطهاد القومي الاستعماري سيولد حتما حالة من السخط والعداء بين الشعوب المستعبَدة في المستعمرات والبلدان التابعة من جهة والدول الاستعمارية         و يستنهض الشعوب المضطهَدة إلى النضال ضد مستغلِيها.      وعلى هذا تحقق مواقف لينين بهذا الشأن حيث دلت الوقائع التاريخية الملموسة من النضال التحرري التي خاضتها  الشعوب أثناء الحرب وما بعده ضد الامبريالية  و إن حالة العراق واندلاع  ثورة العشرين دليل قوي على ذات  الموقف.

 

 تأثير ثورة ( 1907- 1905) الروسية 

 

 وكان العراق قبيل الحرب العالمية الأولى خاضعاً لسلطة الإمبراطورية العثمانية طيلة أربعة قرون منذ بداية

القرن السادس عشر حتى اندلاع الحرب الذي بدأ من 28 يوليو 1914  وانتهت في 11 نوفمبر 1918. و  بسبب ذلك فقد سادت التأخر والفساد في العراق وكان لذلك نتائج خطيرة على مستقبله ايظاً.

  لقد عرف تاريخ الحكم الاستبدادي التركي للعراق بتاريخ المظالم والإهمال والتخلف ، تاريخ جباية الأرض  

 

 

 

 

 

 

وريع الأراضي والتجنيد الإجباري والحملات العسكرية،وانتهاك العادات والتقاليد وحقوق الإنسان واضطهاد القوميات .

  وإزاء هذه السياسة التعسفية ظهرت “حركات متواصلة عربية – كردية” في فترات متباينة من تاريخ ذلك الحكم ضد الاضطهاد والاستغلال التركي وفي سبيل الظفر بالحقوق القومية، وكانت معظم هذه الحركات ذات طابع عفوي غير منظم. (13)

  تبنى لينين فكرة ماركس عشية الثورة الروسية الأولى عام 1905 في مؤلفه خطتا الاشتراكية الديمقراطية الذي شرح فيه الترابط بين مرحلتي الثورة الديمقراطية البرجوازية والاشتراكية “كحلقة سلسلة واحدة و كلوحة عامة لمدى الثورة الروسية”.

وتعد الثورة الروسية (1905-1907) أول ثورة برجوازية ديمقراطية تميزت بمشاركة جماهيرية واسعة شملت كل شرائح المجتمع الروسي من فلاحين وعمال وجنود وطلبة ومثقفون إلى جانب الطبقة البرجوازية بهدف اقامة نظام اجتماعي جديد يحقق لها الديمقراطية والحياة الكريمة .

 إن نضال الشعب الروسي ضد القيصرية البغيضة كان موضوع اهتمام الشرق منذ أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين . وقد كان لثورة 1905 الروسية من الوقع في جميع أنحاء الشرق . فقد تصاعدت بتأثيرها كفاح الشعوب من اجل نيل حريتها في الشرق ونشطت الجمعيات الثورية التي كانت تعمل على خلع السلطان عبد الحميد وتشجيع الشعوب المضطهدة في الصين وإيران وفي غيرها من بلدان الشرق في كفاحهم ضد الاستبداد والاستعمار . حيث كان لأحداث روسيا تأثير قوي على العملية الثورية في الصين وايقضت الوعي الوطني الثوري للشعب الإيراني الذي عقد في عام 1905 اجتماعات عفوية وقام بمظاهرات في طهران والمدن الاخرى مطالباً بانعقاد جمعية تأسيسية . وتطورت الحركة التقدمية البرجوازية التركية التي أوجدها حركة الشباب الأتراك في أواخر القرن التاسع عشر و شكلوا ” جمعية الاتحاد والترقي ”    التي ضمت المثقفين وغالبيتهم من ضباط الجيش والأطباء  والموظفين ممثلة و معبرة عن مصالح البرجوازية ومالكي الارض الاحرار.  وقد ساهم في الجمعية ابناء الشعوب الخاضعة للحكم الأوتوقراطي العثماني من العرب والكرد والالبان والارمن وغيرهم.       وكان للثورة الروسية الاولى في العام 1905 والحركة الثورية في القوقاز والثورة التي انفجرت في إيران  دور  و تأثير في ظهور وضع ثوري جديد على السطح في تركيا ادى الى الاطاحة بالسلطان عبد الحميد  في العام 1908.  بيد أن الطابع البرجوازي للثورة ساعد على تدهور سريع في الاتجاهات الديمقراطية لحركة الأتراك    وسرعان ما توضحت الأهداف الشوفينية قادة هذه المنظمة،مما ادى الى انسحاب غالبية أبناء القوميات غير التركية المنتمية الى جمعية ” الاتحاد والترقي “.     غير أن تلك الحركة تركت آثارها لاحقا على تنامي الوعي القومي والروح الوطنية المناهضة للغاصبين العثمانيين ومن ثم للمستعمرين الإنكليز لدى الشعب العراقي .

  بعد إصدار الدستور العثماني في عام  1908،     فأن اخبار الحركة الاشتراكية العالمية أصبحت موضوع الأوساط الثقافية التركية التي  كانت بدورها مؤثرة على المثقفين العراقيين الذين كانوا يتكلمون اللغة التركية .  و بدأت  الصحافة العراقية تكتب عن احداث روسيا و تتعاطف مع الحركة الثورية فيها وأشارت مجلة الرقيب البغدادية الى أن  ” مجلس الأمة الروسي –  مجلس الدوما – محجوز محجور تنفذ عليه إرادة القيصر ويضطرب للاسم نيكولاي وسيبريا هي سجن أحرار الروس المجَرمين بالسياسة او الذين يطالبون بالحرية الحقيقية أو بحقوقهم المغصوبة .(14)

  وقد ابدى بعض قادة الحركة الوطنية العراقية تعاطفهم مع الحركة الثورية في روسيا وكانوا يرون في انتصار اليابان على روسيا في حربها عام 1904 بداية لإسقاط النظام الأوتوقراطي في روسيا

  وفيما بعد كتب أحمد عزت الاعظمي متعاطفا مع الحركة الثورية الروسية ، واكد على ان المساعدات التي قدمها فرنسا إلى القيصر أثر انتهاء الحرب الروسية اليابانية في عام 1904 ” الذي استعادت الأوتوقراطية نفوذها بفضله” قد ساعد بقاء القيصر فترة اطول . (15)

   وعلى إثر ثورة  الروسية 1905 وحركة الاتحاد والترقي في عام ( 1908) ظهرت العديد من المنظمات الثورية و الوطنية العربية والكردية تضم البرجوازية ورجال الجيش والضباط والموظفين المدنيين والطلاب داخل العراق و خارجه و خاصة بين الموظفين والطلاب العراقيين المتواجدين في اسطنبول والبلدان الاوروبية .  وظهرت العديد من النداءات وعلى صفحات الجرائد والمجلات الكردية في اسطنبول والقاهرة وجنيف تدعو الشعب الكردي الى النضال في سبيل حقوقه القومية والعمل في منظماته الخاصة ، و تأسست العديد من المنظمات الكردية ، تركت آثار كبيرة على رفع الوعي السياسي والقومي عند الشعب الكردي .

  وقد كتب جيركوف القنصل الروسي في مدينة (خوي) بإيران حول تأثير ثورة 1905 على الحركة التحررية الكردية  على أن”سفرات التجار الاكراد ومساعديهم من المثقفين الاكراد الى تيزي نوفو كرد لحضور معرض سوق مكاريوف كانوا يلتقون هنا مع الديمقراطيين والجنود الروس وقد اخبرهم هؤلاء بدورهم بأهم الحوادث المتعلقة بثورة روسيا 1905 “.   وبالإضافة إلى ذلك فإن العناصر التقدمية في المجتمع الكردي من المثقفين والطلاب والشباب والضباط والموظفين اشتركت في الحركة التقدمية لشعوب الشرقين الادنى والاوسط .    على سبيل المثال ، شارك الكرد بصورة فعلية في الثورة  1905- 1911 . حيث تشكلت في معظم مدن الكرد في كردستان إيران لجان ثورية (انجمن) .   تشكلت هذه اللجان في مدن (كرمنشاه ، مهاباد ، سنة وسقز) ودافعت عن المكتسبات والمنجزات الديمقراطية التي حققتها الثورة الإيرانية و ناضلت ضد الغاصبين الأتراك الذين احتلوا بعض المناطق الكرد في إيران آنذاك . وقد أثرت هذه اللجان على الشعب الكردي تأثيراُ قعالاً ، مما ساهمت في العديد من حركات التحررية التى نشبت عام 1907 في مناطق تبليس وارضروم والموصل.(16) وكما يؤكد السياسي المعاصر لتلك الفترة اسماعيل حقي شاويس ” أن بعض الشباب الكرد المثقف كان قد اطلع على الأفكار الاشتراكية قبل ثورة أكتوبر وذلك أثناء دراستهم أو عملهم في اسطنبول وغيرها من المدن العثمانية الكبيرة بل وحتى الدول الاوربية ” .(17) 

  بيد أن هذه المنظمات التى تشكلت في هذه الفترة عربية كانت ام كردية افتقرت الى القيادة الناضجة ذات الأهداف المتبلورة،لم يربط نضالها من اجل الحقوق القومية بنضال الجماهير الشعبية من اجل التحرر الاقتصادي والاجتماعي .

 مؤتمر باكو لشعوب الشرق

   لقد ابدت الاممية الشيوعية اهتماما اهتماماً ملحوظاً للعراق     (( بمـا كان يجري فيـه لاعتبـارات خاصـة تتعلق بسلامة الدولـة السـوفيتية ،   إذ كان البريطانيـون قـد اتخذوا مـن العـراق إحـدى نقـاط الارتكاز التدخـل العسـكري ضدها، و لاعتبارات عامـة تتعلق بالاهتمام الذي حظـي بـه نضال الشعـب العـراقى العنيد ضد الاحتلال البريطاني . وقد سعت الأممية الثالثة إلى أن تقييـم الصلات مع قادة الحركة الوطنيـة .    وقد انعكس هذا الاهتمام بما نشـر في صحافة الأممية الشيوعية عن شـؤون العـراق . )) (18)

  بعد ثورة أكتوبر وبالتحديد في آذار ( 1919 ) عقد مؤتمر الأممية للأحزاب الشيوعية الثالثة (الكومنترن) بهدف التنسيق والتشاور مع الأحزاب الشيوعية خارج روسيا السوفيتية … ومتابعة نشاطات حركات التحرر في آسيا  و أفريقيا قررت السعي باتجاه تشجيع شعوب هذه البلدان على التحرر و الاستقلال كما دافع لينين عن أطروحة حول المسألة القومية والاستعمارية في مؤتمر للأممية الشيوعية في آب أغسطس ( 1920) ودعا إلى عقد مؤتمر كبير في العشرين من أيلول 1920 باسم      “مؤتمر شعوب الشرق”    باكو،عاصمة جمهورية الاشتراكية الوليدة في أذربيجان. وقد اصدر  الاممية الثالثة  نداءاً موجهة الى شعوب الشرق   (  يا فلاحي ايران وعمالها …  يا فلاحي الأناضول …  يا عمال وفلاحي الشرق الأدنى … ) يدعوهم  لحضور مؤتمر باكو    ( فاقطعوا الصحاري واجتازو الجبال و الانهار الان وتعالوا نبحث طريق الخلاص من العبودية وترتبط  روابط الاخوة لكيما نعيش اخوة   احراراً متساوين)(19) فعقدت في أيلول 1920 ،    ساهم فيه ممثلو عشرات من شعوب الشرق والبلدان الامبريالية الكبرى ودامت أعماله عدة أيام تدارس خلالها المؤتمرون المشاكل الرئيسية التي كانت شعوبهم تعانيها .    اعلن المؤتمر على اهمية تحالف البروليتاريا في البلدان الرأسمالية والشعوب الواقعة تحت السيطرة الاستعمارية أو المضطهدة من جانب الإمبريالية الذى يمكن أن يساعد على التخلص لها من النظام الرأسمالي لبناء عالم مستدام  للمقهورين “أن عدد الذين حضروا المؤتمر( 1891)  عضوا ينتمون الى (37 قومية ) من بينهم  (1273 ) شيوعيا والوفود كانت تركية وفارسية وارمنية و روسية  و جورجية و طاجيكية و  قرغيزية ويهودية و خزرية وتركمانية وهندية وصينية  و ابخازية و اواكرانية وبشكيرية وكردية و ليتوانيا و كرواتية و هنغارية و خزرية وكورية و اوزبكية و انفوشية وغيرها .مثل العرب ( 3 ) أعضاء ومثل الاكراد( 8 ) أعضاء ومثل الأتراك ( 235 ) عضوا ومثل الفرس ( 192) ومثل الأرمن (15) عضوا . وثمة من يقول ان هناك ( 266 ) لم يحددوا قوميتهم. وكان عدد الحضور من النساء (55 ) إمراة .” (20)              وقد سعى مؤتمر باكو الى جمع شمل القوى المناهضة للاستعمار وتوحيد كلمتهم وتحقيق ثورة اجتماعية في الشرق

الحرب العالمية الأولى واحتلال العراق

 

  دخلت القوات البريطانية في نهاية الحرب العالمية الأولى العراق . واستطاعت احتلال بغداد في ( 19 آذار 1917 )  بقيادة الجنرال مود بعد أن دارت معارك عديدة في مناطق مختلفة بين القوات البريطانية والقوات التركية المنسحبة ووضعت الحرب أوزارها في 30 تشرين الأول 1918 .

  وكانت الامبريالية البريطانية تستهدف الاستيلاء على العراق وتحويله الى حضيرة المستعمرات البريطانية وجعله مصدراً للأرباح للاحتكارين الانكليز .

 ” لقد أدت العمليات العسكرية أثناء الحرب العالمية بين القوات البريطانية والقوات التركية  إلى زيادة تأزم 

الوضع الاقتصادي في البلاد، حيث استخدم كلا الجانبين المتنازعين جميع الامكانيات لتلبية احتياجات القوى

المسلحة” .(21) وأصبح شباب العراق وقوداً للحرب في ساحات القتال .

 

اخبار البلشفية تنتشر

 

 بعد الحرب العالمية الأولى حدثت تحولات هامة في الحركة الوطنية التحررية في العراق . بالإضافة إلى نضوج القوى الداخلية وتفاقم التناقضات بين الاستعمار البريطاني والشعب العراقي، فقد لعب العامل الخارجي دوراً هاماً في هذا المجال ، ولم يكن هذا التطور بمعزل عن ثورة أكتوبر الاشتراكية …  إذ أن أفكار – العدالة والصداقة بين  الشعوب –          التي أعلنتها روسيا من خلال مرسوم السلام الذي حدد فيه لينين ” أن الشرط الرئيسي للسلام الديمقراطي هو العدول عن الالحاقات و( الفتوحات ) ،   لا بالمعنى الخاطئ الزاعم أن جميع الدول أن تستعيد ما فقدته،بل بالمعنى الصحيح الوحيد القائل أن كل شعب بدون استثناء ، سواء في أوروبا ام في المستعمرات ، ينال حريته … ” وهذا معناه المطالبة بحق تقرير المصير لكل الأمم كبيرها وصغيرها. و توالت النداءات من الحكومة السوفيتية بذات الاتجاه.

  وقد أحدث إعلان حقوق شعوب روسيا الصادر في تشرين الثاني (  1917  ) انطباعا جيدا في نفوس الشعوب العربية و نص الإعلان على:-

1 – المساواة بين شعوب روسيا و الاعتراف بسيادتها .

2 – حق شعوب روسيا بتقرير مصيرها بحرية بما في ذلك حق الانفصال وتأسيس دولة مستقلة .

3 – إلغاء جميع الامتيازات والقيود القومية والدينية اياُ كانت .

4 – حرية تطور الأقليات القومية والجماعات القومية المقيمة في اراضي روسيا .

  وكان لهذه المراسيم والنداءات التي أصدرتها الحكومة السوفيتية لها وقع كبير على الشعوب الخاضعة  لـ نير الاحتلال الأجنبي واصبحت هذه الافكار شئ واقعي بعكس ما تدعي بها الثورة البرجوازية في الجمهورية الفرنسية ((الحرية – الإخاء – المساواة )) وخاصة بعد أن فضحت الدولة السوفيتية دول الحلفاء في الشرق الادنى بنشرها الاتفاقية البريطانية – الفرنسية لعام 1916 (( اتفاقية سيكس بيكو )) التى تدعو الى تقسيم البلدان العربية والوثائق الاخرى لدول الوفاق حول استعباد الشرق الاوسط التى وصلت العراق عن طريق الصحافة الإنكليزية المعارضة و ((جريدة حبل المتين)) التي كانت تصدر في كلكتا إلى كشف الاقنعة المزيفة عن بريطانيا الحرة وفرنسا الجمهورية. (22)         بالإضافة إلى ذلك نُشرت في بيروت ، أثارت موجة من السخط والاستنكار الشديدين لدى شعوب البلدان العربية ضد دسائس الامبريالين .

 وقد كتب لويس جورج في مذكراته أن هذا    ( النبأ استاثر استياء كبير في الاوساط العربية فكان لا بد من تأكيدات جديدة لدرء القطيعة مع العرب.)(23) وقد حاولت القوى الامبريالية بدهاء وتفنن التأثير النفسي على الشعوب العربية في تضليل الرأي العام في البلدان العربية من خلال إصدار بيان أنجلو-فرنسية في 7 كانون الثاني 1918 يعلن فيها :   

(( عزم حكومتى بريطانيا وفرنسا على منح الشعوب العربية في الإمبراطورية العثمانية الحرية)) .   وكذلك         البيان التي تتضمن النقاط الأربع عشر للرئيس ويلسون .. والتي نوقشت وقت طويلاً من قبل المواطنين في

 

 

 

 

العراق ونالت تأيداً واسعاً ، حيث وثق عدد كبير من قادة الحركة الوطنية بتلك الوعود في بادئ الأمر   .(24)

بينما بذلت سلطات الاحتلال البريطاني في العراق جهدها للحيلولة دون انتشار أفكار ثورة أكتوبر.      

  فقد تسربت أنباء الثورة الروسية عن طريق الجبهة القفقاسية  وكذلك عن طريق جبهة خانقين التي كانت تخوض القوات الروسية فيها  المعارك ضد الأتراك في العام 1916 ، أما الى المناطق الجنوبية فقد تسربت أنباء الثورة عن طريق إيران والهند حيث كان قوام الجيش البريطاني على الأغلب مكون ..  من جنود هنود في هذه المنطقة (25).  

  وتؤكد الأحداث التي جرت في العراق في سنوات ما بعد أكتوبر ، أن الشعب العراقي تأثر بالثورة الروسية بشكل مباشر وبدأت الجماهير تتناقل اخبار التغيرات الجارية في روسيا وخاصة ما يتعلق بالأنباء …   حول تشكيل حكومة العمال والفلاحين الفقراء وإن جنود الروس يطالبون بوقف الحرب على الفور   وعقد الصلح وتقسيم الاراضي … )).

 كما تناقل الجرائد العراقية اخبار انتشار فكر البلاشفة في سوريا حيث  نشرت جريدة الاستقلال البغدادية في عددها 3 في 10 تشرين الاول 1920 نقلا عن جريدة الرعود السورية     ((  أن أفكار البلشفية أخذت تتوسع في سوريا وأن الرسائل التي كتبها لينين وتروتسكي التي تبين اعترافهما باستقلال البلاد العربية  قد انتشرت في جميع أنحاء سورية.)) (26) 

   فقد أعرب الحاكم البريطاني في مدينة السليمانية الميجر صون عام 1919 عن قلقه الشديد  –  من تأثير اتجاه رأي  السياسي في بغداد و النجاحات الأخيرة التي أحرزها البولشفية –  على تفكير الناس المهمين في كردستان الجنوبية،   كما أعلن لرؤسائه    ” أن اسم البلشفية ومبادئها أصبحت معروفاً للناس لسوء الحظ بواسطة جريدة كركوك في الدرجة الاولى . ” (27)

 في كردستان تولى الدارسين والسياسيين من الشباب و الجنود العائدين من جبهات القتال بنشر أنباء ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا السوفياتية.        وقد اكد الاستاذ اسماعيل حقي شاويس مرارا في أحاديثه مع الدكتور كمال أحمد مظهر  حقيقة أن سكان كردستان ولاسيما السياسيين والشباب المتعلم منهم كانوا مطلعين الى حد كبير على تفاصيل الحدث الثوري الذي وقع في روسيا وطبيعته وأهدافه.(28)

  ولعب الجنود العراقيين من المشتركين في الحرب الروسية – التركية الذي جندهم الأتراك في جيشهم .  و الذى أطلق سراحهم البلاشفة، بعد عودتهم لعبوا دورا ملحوظا في تعريف الناس بما يجري في روسيا لشدة تأثرهم بالثورة الروسية والبلاشفة، فقد لقبهم الناس بأسماء روسية مثال ذلك ( صالح بولشفي )  في بغداد و( مجيد توكاريوف ) من سكنة خانقين و غيرهم .(29)

  وكما كان من بين هـذه هؤلاء الجماعة أحـد المواطنين  المتعلمين و يدعـى ( جمـال عرفـان ). وقـد اغتيـل بدسيسـة مـن المحتلين البريطانيين والرجعيين ألاكـراد في مدينة السليمانية. وظهرت في كويسنجق جماعـة أخـرى من الأسرى الأكراد العائدين من روسـيا عرفوا بين النـاس بالبولشـفيك أنهم كانوا  يروجون الدعـوة للحكم السوفيتي.(30)

   وقد ظهرت أصداء الثورة الروسية بشكل واسع في كربلاء والنجف ووصلت إليهم …  عن طريق الزوار    والطلاب الإيرانيين والجنود العائدين من الجبهة .   وتشير التقارير البريطانية السرية التى تعود الى ما قبل ثورة العشرين بفترة وجيزة الى أن الأدبيات البلشفية كانت تصل المدن المقدسة العراقية   بما في ذلك كتاب (( مبادئ البلشفية )) الذي جلبه الزوار من حلب .(31)

   كما أكدت الجاسوسة البريطانية المعروفة ( مس بيل )  بأن أن احداث روسيا قد نوقش من قبل الفئات المختلفة من السكان . (32) ، ويتحدث المعاصرين لأحداث النجف في عام 1918- 1919 ، عن أنه كان في كربلاء حمال يدعى “حاج نور” يحمل عصر كل يوم علماً احمراً وبيده بوق ويقف في المناطق المحتشدة بالناس و ينفخ في”البوق”

وبعد كل نفخة …. يصيح هاتفا تحيا البلشفية ويحيا البلاشفة والأكثر من ذلك فانه قد ساهم وآخرون في تلك الاثناء  بالاستيلاء على سندات الطابو واخذ يوزعها على المارة من الناس .(33)

  واكتـب جريـدة (الموصـل) في عـام 1920، أن فكـر البلاشفة قـد شـاع بين طبقـات العمـال في الممالك. و تذكـر جريـدة الاستقلال التي كان يشـرف علـى تحريرهـا محمـد عبـد الحسين ،       الـذي كان قـد عـاد مـن إيـران قبل عامين فقـط وكان يتعاطـف مـع ثـورة أكتوبـر هنـاك،في عددها الأول الصادر في 28/11/1920 عـن انطباعاتها بشأن الثورة الاشتراكية و حـرب التدخـل: (  يجمع المفكرون علـى عـدم وجـود قـوة تقـاوم البلشفية، أما جنـود الـدول تحـارب حبـا بالمـال أو خوفـا مـن العقاب أمـا جنود البولشفيك فإنهـا تحارب عن مبادئ ومعتقدات راسخة في قلوبهم فلا يجرفها شيء البتة وشتان بين الحربين.)(34)

  لم يخفي جريدة العراق الموالية للاحتلال البريطاني ،    تغير ميزان القوى في العالم  بقيام الدولة السوفيتية فتكتب في افتتاحية عددها الصادر في ( 15 حزيران 1920 )      تحـت عنـوان المسألة الروسـية والمبادلات التجارية :   (  لقـد علـم القـراء أن البولشفيك منـذ تقلدهم السلاحين المادي والأدبي – المدفـع والمبدأ – ثبتوا في الحـرب كل الإثبات،فكانت سـجالا بينهم وبين مخاصميهـم وإن الحلفاء اضطرواإلى الصلـح مـع البولشفيك كرها لا طوعا خوفا من سطوتهم وبسـالتهم التي دفعت بريطانيا إلى استئناف العلاقات التجاريـة مــع روسـيا البلشفية.)(35)

 

  كتب ارنولد ولسن الحاكم العسكري البريطاني في العراق من سنة ( 1917 -1920 ) ، ” أن البولشفيك قد وجدو لهم مكاناً في كربلاء في وقت ما ، فأدخلوا في برنامجهم حالاً، لا تحرير القوميات المضطهدة فقط، بل القضاء على الإقطاعيين وطبقات المجتمع ذات الامتياز أيضا . “(36)

  ومما له دلالته أنه حتى أعضاء العهد اليمنية في الموصل … توصلوا الى قناعة بعدم الجدوى التعاون مع الاستعمار البريطاني . وفي مذكرة قدموها الى المركز العام للجمعية في دمشق دعو الى ضرورة تشكيل قوة اسلامية تقف بوجه المحتلين وضرورة التعاون مع البلاشفة .(37)

   فإن جميل صدقي “الزهاوي قد حيا الثورة البلشفية في كانون الثاني (يناير) ١٩٢١، في قصيدة عنوانها “الحياة والموت”(38) قال فيها:

أيها الفقراء لا تيأسوا من الحياة،  أيها الفقراء                   

رفعت أخيرا فوق رابية الهدى                     راية بلشفية حمراء  

  وحقيقة دعم الدولة السوفيتية الفتية لمطامع الشعوب المكافحة من أجل حقوقها القومية … هي التي اوحت لزعيم الكرد في العراق الشيخ محمود الحفيد أن يوجه رسالته الى الدولة السوفيتية بواسطة قنصلها في اذربيجان الايرانية و التي ورد فيها :

  “ان كل كردي يعتبر الروس منقذي الشرق عندما دوى صوت الحرية الحقيقية في عام 1917 وسمع العالم أن الشعب الروسي تخلص من الظلم والطغيان،   استقبلت جميع الشعوب المظلومة على وجه الأرض هذا الصوت بحرارة وبدأت النضال في سبيل الحرية”. وكان الزعيم الكردي الشيخ محمود الحفيد واحدا من اولئك القادة و قد عبر عن أفكاره تجاه ثورة اكتوبر عدة مرات.      ما هو أهم من كل هذا هو الرسالة التاريخية التي بعث بها الشيخ في غمرة النضال الوطني للشعب الكردي بعد الحرب العالمية الثانية،   الى الشهيد القاضي محمد رئيس جمهورية مهاباد الديمقراطية والتي قال فيها: “اخوتي الاكراد، يا شركائي في الدم، انبهكم واتوسل اليكم ان لا تصدقوا إلا الدولة السوفييتية.    فلا تنخدعوا بعد الآن بفيض الوعود المعسولة والمتنوعة والدعايات المعادية للاتحاد السوفييتي، فهو وحده نصير ومنقذ جميع الشعوب

(كتب صادق الدملوجي  في كتابه اليزيدية،  حيث (( جرت العادة منذ القديم أن يرسل أمير الشيخان كل سنة “سنجقاً ” إلى اليزيدية القاطنين في روسيا القيصرية لجمع نذورهم وخيراتهم. وآخر سنجق أرسله كان قبل نشوب الحرب العالمية  الأولى )) * وبالتحديد في عام 1913 ولم  يعودُ الى العراق بسبب الحرب العالمية الأولى .

 في معمعان انتشار الفكر الفكر الماركسي في العراق ونشوء عدد من الخلايا الشيوعية في بغداد والجنوب ((عاد القوال حسين ومجموعته في عام 1929 ليروي للناس ورجال الدين تفاصيل معاناتهم في الحرب العالمية الأولى ونتائج المتغيرات الهامة لثورة أكتوبر التي اشترك جيل من الثوريين الأيزيديين بفاعلية في الأعداد والمساهمة فيها

وبحكم تواجد القوال حسين  هناك ومواكبتها للأحداث والتطورات الجديدة ، تعرفوا على الفكر الشيوعي واختلطوا بالعديد من الشيوعيين وتأثروا بهم ، و محملة بأفكار ومعطيات جديدة ناجمة عن معرفة وإدراك عميق لأوضاع دول الاتحاد السوفيتي وسياسة الشيوعيين وطبيعة تعاملهم مع الأيزيديين وبقية الشعوب وينقل عن ذلك معاصروه.

انهُ بدأ يتحدث للناس عن سياسة البولشفيك في الدفاع عن حقوق العمال والفلاحين الكادحين المنخرطين في صفوف المجالس المشكلة في المدن والقرى وتعاملهم المنفتح مع الايزيديين ، فدخلت مصطلحات ومفاهيم جديدة في لغة التداول اليومي توصف طبيعة الصراع الاجتماعي بين الإيزيدية ، وهو في جوهره صراع بين الفلاحين الكادحين وأطراف من بيت المير الأقرب إلى الإقطاعيين بالوصف الطبقي التقليدي .. ))**

 تشكيل بعض التنظيمات البلشفي

وبتأثير ثورة أكتوبر الاشتراكية تصاعدت المقاومة الجماهيرية المعادية للاحتلال البريطاني المطالبة بالحرية والاستقلال في مدينة كركوك واعتبر ولسن هؤلاء المقاومين ب ”  مثيري الشغب وجواسيس بولشفيك يجمعون بين اشرس انواع الكره للأجانب والشغف بالدفاع عن حقوق الإنسان بوجه عام .”(40)      وتؤكد بعض التقارير الخاصة ظهور أشبه ما يكون بتنظيمات بلشفية  في بعض مناطق البلاد :  فقد ورد في تقرير سري للبوليس مؤرخ في 20 آذار 1920 خبر تأسيس منظمة سرية تحمل اسم ( الجمعية البلشفية ) وردت اشارة مشابه لنوع من البلشفي في خانقين .(41)

  وفي أواخر تشرين الثاني 1920. أفادت المخابرات البريطانية بوجود جماعة سرية تدعى (الحق) تلقت رسالة تعدها فيها بالمساعدة.(4

أعلنت جريدة المفيد العراقية ، التي أصدرها مجموعة من المثقفين في بغداد ، في العدد 95 يحمل تاريخ 11 آب  1922) أن حزبا عمالياً سينزل إلى الميدان .(43)  كما اوحت جريدة الشمس  في العام 1929 جمعية ( الأحرار) في البصرة والتي عرفت أكثر بين خصومها ((  بالحزب الحر اللاديني )) ، كانت أول منظمة لجبهة شيوعية في العراق حسب تعبير تقارير الشرطة .(44)

 انتصار البلاشفة وثورة العشرين التحررية

تصاعدت الحركة الجماهيرية المناوئة للاستعمار البريطاني منذ الأيام الاولى لاحتلال العراق ولم تعترف بسلطة المحتلين وحدثت العديد من الانتفاضات في النجف والكوفة وابي صخير في تشرين الأول ( 1917)  وانتفاضة عام (  1918 )

  وحدثت تحولات مهمة في الحركة الوطنية حيث تأسست أوائل عام (1919) جمعيات جديدة وبدأت الأخيرة تقود الحركة الجماهيرية بشكل فعال ضد الاستعمار البريطاني .

  كما أن تأسيس أول دولة اشتراكية للعمال والفلاحين هي اتحاد الجمهوريات السوفيتية ((الاتحاد السوفيتي بقيادة لينين والبلاشفة ))           أدى الى انقسام العالم إلى نظامين مضادين،هما النظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي ، وبذلك تغير ميزان القوى في العالم ،     ولم يعد بمستطاع الدول الاستعمارية أن تتصرف على هواها بمصائر الشعوب وقد وجد هذا التغير انعكاساً له  في كامل عملية تطور الحركة المناهضة  للاستعمار البريطاني .

  ومنح العديد من قادة البلدان الشرق الاوسط الأمل في ظهور قوى جديدة ذات شأن يمكن الاعتماد عليها في مقارعة المستعمرين وخاصة بعد الانتصارات المتتالية للجيش الاحمر في مناطق ما وراء القفقاس وما وراء قزوين ضد قوات الحرس الأبيض والمتدخلين البريطانيين …  واستطاع الشعب الأذربيجاني بمساعدة الشعب الروسي أن يقرر نهاية ( المساواتين ) ويعلن عن تأسيس جمهورية أذربيجان السوفيتية.    وعقب ذلك دحر القوات البريطانية في مدينة انزلي الايرانية ،  وتم تأسيس جمهورية گیلیان بعد أن هرب الانكليز من المنطقة بأكملها.     بالإضافة إلى النجاحات التي أحرزها جيش التحرير التركي بقيادة كمال أتاتورك و بالاعتماد على

المساعدات الروسية السوفيتية ضد المتدخلين الاجانب. كل هذا وجه ضربة شديدة الى سمعة الامبريالية البريطانية وبددت الأسطورة القائلة بأن قواتها المسلحة لا تقهر .

  ويؤكد ذلك المعلق السياسي البريطاني ( ي شيرد )    بقوله أن طرد المتدخلين الانكليز من مناطق ماوراء القفقاس وکیلیان قد فهم من قبل القوى الوطنية في العراق على انه دليل على عدم قدرة بريطانيا  في الإبقاء على سيطرتها في الشرق الادنى في مواجهة حركة التحررية للشعوب المستعبدة،وكان لتلك العوامل أثر كبير في اتساع الشعب العراقي ضد الاستعمار وتصميمه على مواصلة النضال من أجل تحرير بلاده .(45)         وفعلا

كانت لهذه الانتصارات أصداء واسعة بين جماهير الشعب العراقي وبث فيها الثقة بإمكان نيل الاستقلال. مما عجل في اندلاع ثورة العشرين التحررية في العراق .

” لقد كانت ثورة العشرين التحررية في العراق حرباً ثوريا  نحو (120) ألف فلاح مسلح ضد جيش الاحتلال البريطاني في معركة مكشوفة وغير متكافئة بالمرة استمرت نحو ستة أشهر .     وكما أن الثورة في العراق اجتذبت  من الجماهير الفلاحية الواسعة الواسعة ،      فكذلك اجتذبت أيضا أوسع جماهير المدن وخاصة في بغداد.(46)مع أن الإمبريالية البريطانية استطاعت أن تخمد الثورة بالتعاون مع الإقطاعية المحلية، فقد ساعدت الثورة دون شك في إضعاف مواقع المحتلين الانكليز في العراق والعالم العربي بأسره وأعطت لهم درسا بإن لا يمكن حكم العراق بشكل مباشر،  بعد أن تكبدت بريطانيا خسائر مادية كبيرة فاضطرت الى التنازل وأسست الدولة العراقية في 11 نوفمبر 1920 .(47)

   والجدير بالإشارة هنا،أن ثورة أكتوبر وصمود البلاشفة في وجه التدخل الأجنبي كانت تلهم الثورة وتزيدهم عزماً وقد اطلعوا عليها من خلال ما كتبته جرائد ثورة العشرين ( الاستقلال) والفرات اللتين صدرا في النجف وكذلك جريدة العراق في بغداد بتأيد من الاحتلال  عن انتصارات الجيش الأحمر على القوات البريطانية .(48) 

   في محاولة  لإيصال فكرة البلشفية الى ثوار العشرين كتب – محمد باقر الشـبيب –   في جريـدة الفـرات وهو محررها تحت عنوان مفهوم البلشفية :–   ” ليسـت البلشفية روسـية بالضرورة  فلا بـد أن تتكيف في البلـدان ألاخـرى مـع أخلاق الشعوب التي تقطـن فيها وأحوالهم المادية .(49)

 وفي عددهـا الثالـث تكتـب الفرات مدى تأثير ثورة أكتوبر على انتعاش الروح الثورية لدى الشعوب ومنها العراق ضد الاحتلال البريطاني :-

    ”  يختلف تأثير الثـورة باختلاف مقاصد الثـوار. فقد تكـون لقلب نظام خـاص وإبدالـه بآخـر كثـورة ألامـم علـى حكوماتهـا. وقـد تكـون لتغيير نظـام العالـم كلـه كالثـورة البلشفية  التي أصبـح تأثيرها عامـا أهاج الشـعوب لطلـب حريتها وتبديل نظـام الكـون .”(50)

  كما اعترف السير إيلمر هولدين القائد العام للقوات البريطانية عند نشوب الثورة ” بأن تقدم الجيش الأحمر الى مدينة انزلي عشية الثورة ، ترك تأثيره على العراقيين” .(51)

  لم يخفي اللورد “سيد سهام” في مناقشة أجريت في مجلس اللوردات المنعقد في 25 حزيران 1920 مدى

تأثير البلاشفة على تصاعد النشاط المعادي للانكليز وقد قال أن    ” حدوث القلاقل والاضطرابات في العراق يرجع للأتراك و البولشفيك .(52)

  تصاعدت الحركة الجماهيرية المناوئة للاستعمار البريطاني منذ الأيام الاولى لاحتلال العراق ولم تعترف بسلطة المحتلين وحدثت العديد من الانتفاضات في النجف والكوفة وابي صخير في تشرين الأول  1917  وانتفاضة عام 1918

 حيث تأسست أوائل عام 1919 جمعية جديدة * العهد العراقي * و جمعية حرس الاستقلال وبدأت الأخيرة تقود الحركة الجماهيرية بشكل فعال ضد الاستعمار البريطاني .

  فقد أرسل أرنولد ولسن في ( 5 آب 1920)تقريرا إلى لندن يشير فيها الى أن الحركة الوطنية العراقية في تصاعد خلال ( 18)  الاشهر الاخيرة وان مشاعر العداء لبريطانيا قد تعاظمت  وزادت نقمة المتطرفين لبلوغ

 أهدافهم أي الاستقلال التام والحرية التامة من كل تدخل أجنبي عن طريق العمل المباشر   وأضافت ويلسون قائلاً أن أنباء جلاء البريطانيين عن انزلي ورشت والانباء عن نجاحات البلاشفة  في مناطق أخرى من العالم توطد دوافع ( المتطرفين ) .  بعد أسبوع من تقرير هذه ، أبلغ ويلسن هذا ذاته لندن حول أسباب اندلاع ثورة العشرين بأن أحد عوامله الى تأثير البلاشفة . (53)

  لم يتوقف المقاومة الشعبية ضد الاحتلال ،  بل استمرت باشكال مختلفة  وليس من باب المصادفة أن تشير تقارير الشرطة في عام 1921 أي بعد سنة من ثورة العشرين وجاء فيها  ( آثار لدعاوة البلاشفة وجدت في خانقين لفترة ما .   وقد ظهرت اضطرابات ضئيلة في خانقين  مايس وحزيران قام بها أهل المدن واثنان من شيوخ العشائر أحدهما شخص اسمه محمود الديلو. لم تستمر طويلاّ).(54)

  توصل وزارة الحربية البريطانية  إلى الاستنتاج أن الثورة العراقية ليست إلا جزءاً من تأثير موسكو ،  وقد

اتهمت الاستخبارات البريطانية العديد من قادة ثورة العشرين بالبلشفية ، مثال ( محمد مهدي البصير ) ونجل المجتهد الأول (الشيرازي ومرزا محمد رضا) وغيرهم .(55)  تجدر الاشارة هنا على ان احتلال العراق من قبل الامبريالية البريطانية

  بالرغم من دوره البلاشفة في الدفع نحو ثورة العشرين ، كان عامل هام لكنها لم تكن العامل المطلق وراءها،  فالثورة يستحيل أن تقع دون توافر العوامل الموضوعية والذاتية… و دون وجود أزمة اقتصادية عامة وتفاقم الصراع الطبقي بين الإقطاع والفلاحين بعد أن ساند الانكليز الإقطاعيين مما أثار استياء كبير بين الفلاحين   و كانت ثورتهم من أجل الأرض ويضيف ذلك للعامل الخارجي …  خاصة بعد قيام ثورة أكتوبر وكان حافزاً  على تعجيل الثورة  .

 

  موقف البلاشفة من نظام الانتداب في العراق

 

   لقد كانت ثورة العشرين من اهم عامل جعل الإمبريالية البريطانية تدرك … بأن الحكم المباشر على العراق  صفقة خاسرة فرضخت لتأسيس الدولة العراقية وتكوين جيشها الوطني،اصبح العراق منتدباً من عصبة الأمم تحت السيطرة البريطانية.  – بعقول بريطانية وايدي عراقية – كما كتبت مس بيل في مذكراتها .(56)

  وفي 22 آب 1921 توج فيصل ملكاً على العراق،(57)     بعد أن رشح من قبل الدوائر الإمبريالية البريطانية

 

 

 

بوصفه الشخصية القوية له إمكانية في تنفيذ سياسة بريطانية في العراق ،     وعندما عرض وزارة الحربية البريطانية مزايا الملك فيصل أشار إلى أنه معادي للبلشفية.(58)

  وهكذا فإن نضال الشعب العراقي ضد الاستعمار البريطاني لم ينته وإنما دخل مرحلة جديدة .    وكانت أنباء النضالات البطولية تستقبل من قبل الرأي العام العالمي بإعجاب وتقدير.

  ووقف الحركة الشيوعية العالمية موقف التضامن مع نضال شعوب الشرق وتضمن البيان الذي أصدرته الاممية الشيوعية والذي كان باسم :-

( نداء الى الجماهير الشعبية المتعبدة في بلاد فارس وأرمينيا وتركيا )

  وتضمن فصلاً خاصاً الى فلاحي العراق قائلاً :

 ” يا فلاحي بلاد ما بين النهرين ، أن الانكليز أعلنوا عن استقلال بلادكم إلا أنه يوجد ثمانين ألفاً جندي من جنود الاحتلال على أرضكم يعملون فيكم سلباً وقتلاً ، ويستبيحون أعراضهم . “

  وفد وقع النداء ممثلي الحزب الشيوعي الروسي بإسم شعوب روسيا السوفيتية .(59)    وقد وجد هذا النداء صداه على الوضع في العراق وحث العراقيين على تشديد النضال والإصرار على المضي قدما في النضال من أجل الاستقلال وطرد الغزاة الانكليز.

  وعندما فرضت الإمبريالية نظام الانتداب على البلدان العربية ،    وقفت الحكومة السوفيتية بحزم ضد نظام الانتداب بوصفه شكلا جديداً للصوصية الاستعمارية ، وقد حذر لينين قائلاً :-

–    ” نحن نعلم حقاً أنهم عندما يتحدثون عن نظام الانتدابات على المستعمرات فإنما يعنون توزيع الانتدابات للسلب والنهب ، اعطاء اقلية ضئيلة من سكان الارض حق استثمار الأكثرية من سكان الكرة الأرضية .”(60)      

  في تشرين الاول عام  1922 فرض المستعمرون البريطانيون معاهدة جائرة على العراق. وأثار ذلك سخط الرأي العراقي ، فقدت عقدت الاجتماعات ونظمت المظاهرات في بغداد ضد تلك المعاهدة ،      قادها الحزبان الوطني والنهضة.   اللذان تأسسا في ( 2 آب 1922)  وفي (19)  منه و قاوما المحاولات الرامية الى عقد معاهدة التحالف بين بريطانيا و العراق لتحل محل صك الانتداب المفروض على الشعب العراقي .     ثم وافق مجلس الوزراء على المعاهدة وباشر الاستعماريون التمهيد  ل ” برلمان تأسيسي يضيف الشرعية على صك العبودية الجديدة. واتخذت العديد من الإجراءات الإرهابية ضد قادة الحركة الوطنية وأصدر المعتمد البريطاني أمراً بإقفال الحزبين اللذين قاما بمظاهرات   ( 22 آب 1922) وابعاد قادة الحركة الوطنية الى جزيرة هنجام في الخليج العربي وبتعطيل جريدتي المفيد والرافدان ونفي صاحبهما ايضا وطلب  محمد صدر والشيخ محمد الخالصي بمغادرة العراق فوراً الى ايران “(61)

 إن هذه الإجراءات القمعية لم يثني من عزيمة الحركة الوطنية ،      فقد شكل المساهمون النشطاء في ثورة العشرين والمنفيون الى طهران ( لجنة الدفاع الوطني ) .(62)

  وفي 30 تشرين الثاني 1922 بعث أعضاء اللجنة رسالة الى مفوض الشعب للشؤون الخارجية في روسيا السوفيتية وهذا نص الرسالة :-

” نحن الموقعين أدناه كبار زعماء ميسوبوتاميا في لجنة الدفاع الوطني مقدرين الموقف الصادر لدولتكم تجاه الشعوب الصغيرة نرفع إليكم المذكرة التالية لترفعوها بدوركم إلى المؤتمر .

 (( أن شعب ميسوبوتاميا بأسره قلق بسبب خرق استقلاله من جراء التدخل في ميسوبوتاميا وأنه لا يوافق على معاهدة التحالف المعقودة في 10 تشرين الاول عاج 1922   والتي تبقى مجردة من المفعول القانوني. أن اللجنة تبلغكم عن طريق حكومتكم المحترمة مؤتمر لوزان الموقر انها تحتج ضد هذا التدخل غير القانوني من قبل انكلترا وفي الختام تعلن اللجنة بحزم انشعب ميسوبوتاميا   لا يبخل ببذل اية تضحية في سبيل الدفاع عن استقلاله ووضع حد لإرهاب الانكليز والقضاء على هذه المعاهدة الجائرة . “(63)        وقد وقع المذكرة كل من الصدر والخالصي وحلمي وغيرهم .

  وقد بعث وزير الخارجية السوفيتي هذه المذكرة الى رئيس الوفد التركي في مؤتمر لوزان  ( عصمت اينو ) مرفقة برسالة موجزة قال فيها ” أتشرف بأن اوجه اليكم طيا مذكرة زعماء الحركة الوطنية في ميسوبوتاميا ( بلاد ما بين النهرين) والتي استلمت نصها من طهران الآن .))”(64)

  ولم يكتف الحكومة السوفيتية في ارسال المذكرة فحسب وإنما في كانون الأول 1922 نشر الوفد السوفيتي

الذي وصل الى لوزان مذكرة بصدد المسألة الشرقية   أيد فيها مطاليب وفود الاوساط الوطنية العربية وسائر البلدان الاسلامية التى وصلت الى لوزان للدفاع عن مصالحها  …  ووجه الوفد السوفيتي نقداً لاذعاً لسياسة الدول الإمبريالية التي استأثرت بحق الوصاية على الشعوب العراق وسوريا وفلسطين وشبه الجزيرة العربية ” التي تعتبرها  غير قادرة على تسيير أمورها بنفسها . “(65)

  وقد جاء في المذكرة أيضا   ” أن حكومة روسيا وأوكرانيا وجورجيا التي نشأت عن ثورة كان هدفها وضع حد لحروب الفتح ،  نرى من واجبها الملح أن تقاوم بجميع الوسائل الترسيم الجديد للطرائق الامبريالية  وأن

تسهم بجميع قواها  في إقامة نظام من المساواة السياسية   بين العروق ومن احترام حق الشعوب في تقرير مصيرها وفي الاستقلال السياسي والاقتصادي التام لجميع الشعوب “(66)

    دأب روسيا السوفيتية الناشئة على مواقفه المبدأية في الدفاع …  عن الحقوق العادلة للشعوب في البلدان  العربية وفضح الدوائر الامبريالية في استغلال هذه البلدان وشعوبها      وطالب في المؤتمرات الدولية بإلغاء الانتداب وسحب القوات المسلحة من المستعمرات .. والاعتراف بحق تقرير المصير السياسي والاقتصادي و رفض المساهمة في لجنة الانتداب الدائمة لدى عصبة الأمم بعد انتسابه إليها في ايلول 1934 . وقدم لها ما يمكن من مساعدة ومساندة بالرغم من أن الاتحاد السوفيتي آنذاك …  كانت لا تملك في المسرح العالمي تلك الإمكانيات والفرص الواسعة .

  وقد قال لينين بهذا الصدد ” نحن اضعف مالا قياس له على الصعيد الاقتصادي والعسكري أما معنوياً ما — هذا اذا لم نفهم بالطبع هذه الفكرة من وجهة نظرالمعنويات المجردة،بل إذا فهمنا على أنها النسبة بين القوى الفعلية لجميع الطبقات في جميع الدول ، –  فأننا أقوى من الجميع – . “.(67)

هذا الموقف الدائب المنسجم الذي وقفه الاتحاد السوفيتي السابق من نظام الانتداب كان يتفق كليا مع مصالح وتطلعات الشعوب في البلدان العربية الواقعة تحت الانتداب .

  وقد جاء في شهادة برسي كوكس الذي شكل ما يسمى * بالحكم  الوطني تحت الحماية البريطانية* اي طبق نظام الانتداب في العراق أنه        ” كان من المدهش بأي اشمئزاز كانوا دائما ينظرون في العراق الى فكرة الانتداب. ” (68) 

  وقد كتب زينوفيف رئيس مؤتمر الاممية الثالثة في جريدة ازفيستيا في 18 تشرين الأول 1925.

  ((  إننا لا نستطيع أن نتخذ موقف الحياد تجاه الحركات الوطنية انضوى تحت لوائها مئات من الشرقيين لأن ذلك معناه انحياز الاتحاد السوفيتي الى معسكر الاستعمار الغربي وتمكين الدول الغربية ولا سيما انكلترا من الاستحواذ على الصين وباقي الدول الشرقية…))(69)

تأثير ثورة أكتوبر على انتشار الفكر الماركسى في العراق

 

  بعد انتشار الأفكار الماركسية انتشارا كبيرا في أجزاء كبيرة من أوروبا والقارة الأمريكية في القرن التاسع عشر و مع ثورة أكتوبر التي قادها البلاشفة تولى الحزب البلشفي بقيادة لينين السلطة وبذلك اصبحت الاتحاد السوفيتي أول دولة تحمل الفكر الماركسي في القرن العشرين .  وتعد الثورة البلشفية  التي حفرت عميقا في وجدان الشعب الروسي وشعوب العالم . فلم يكن لأي حدث آخر ، خلال القرن المنصرم ،  تداعيات مماثلة بعيدة المدى مست حياة مئات ملايين البشر وحفز الوعي السياسي في سائر أرجاء العالم .

  في بداية القرن العشرين وخاصة بعد  انتشار فكر البلاشفة ظهرت بعض المثقفين في العديد من البلدان العربية بتشكيل حلقات دراسية لنشر الفكر الماركسي  والعراق نموذجا.

  وعندما حدثت ثورة اكتوبر كان العراق يرزح تحت نير الاحتلال البريطاني ولم يكن فيه طبقة عاملة ذات وزن. فقد كانت قليلة العدد وضعيفة سياسياً ولم تملك أي نوع من التنظيم … وكان جزء من الطبقة الفلاحية ولذلك لم تضطلع بالدور القيادي فحسب وانما لم يكن بإمكانها القيام بأي دور مستقل ملحوظ في الحركة الوطنية .

  لقد أخذت البرجوازية زمام القيادة في الحركة الوطنية العراقية …  في حين كانت آنذاك ضعيفة من الناحية الاقتصادية.بسبب مساندة الاستعمار البريطاني منذ البداية للفئات الإقطاعية المغرقة في الرجعية والبرجوازية الكمبرادورية المرتبطة بالاستغلال الإقطاعي.(70)

بعد تشكيل الحكم الوطني المزعوم في العراق في ظل الانتداب البريطاني وفرض المعاهدات الجائرة على الشعب العراقي ، بدأ كثير من المثقفين الثوريين وخاصة في صفوف الطلاب والمعلمين  ” يبحثون عن ايدلوجية معادية  للامبريالية ولم يجدوا مثل هذه الأفكار في أعمال الكتاب البرجوازيين “(71) وبعد أن شعروا بخيبة أمل من القيادة السياسية للحركة الوطنية في مقاومة الاستعمار والقوى الرجعية الذي افتقر الى ” برنامج سياسي واجتماعي يعبر عن مصالح الجماهير الوطنية والمعيشية ووضع حد لطابع الهواية للقيادة السياسية للحركة الوطنية هذا الذي لم يكن خيرة الزعماء السياسيين متحرراً منه(72)

لقد سعى الشبيبة العراقية قبل وبعد الاحتلال البريطاني للعراق الى معرفة أفكار الحرية والمساواة والتقدم والاشتراكية بطرق متعددة منها عفوية وهادفة  و دخلت أفكار الاشتراكية عن طريق الصحف والمجلات العربية من سوريا ومصر  التى تسربت الى داخل العراق او الاجنبية في بداية عشرينات القرن الماضي مثل مجلة الحزب الشيوعي البريطاني وصحيفة”اللومانتيه” لسان حال الحزب الشيوعي الفرنسي،التي كانت تصل الى العراق عن طريق سورية ولبنان،أو من خلال ما حمله الطلاب الدارسين في الدول الأجنبية والعائدين الى العراق، (73) ولعب بعض المدرسين الأجانب ذوي النزعة الاشتراكي المستخدمين في التدريس في المدارس الثانوية دوراً لا بأس بها في بث الوعي الاشتراكي في صفوف الطلبة. (74) كما لعبت المكتبات في إدخال المطبوعات الماركسية إلى العراق . لا يمكن إغفال دور مكتبة مكنزي لصاحبها البريطاني الجنسية”دونون مكنزي “الذي كان حريصا على جلب الكتب الاجنبية التي تناولت الاشتراكية وبخاصة منشورات دار النشر الماركسية البريطانية.  

   لا يمكن أن نقلل من تأثير العلاقات العائلية والاجتماعية في نقل الفكر الماركسى في العقد الثاني من القرن العشرين، حيث برزت شخصيات ماركسية واشتراكية على السطح ، كما كان لنادي التضامن ومظاهرات الطلبة حول الحرية الفكرية  في تقريب بعض الشخصيات وفيما بعد اصبحوا أبرز قادة الحزب امثال  زكي خيري وعاصم

 

 

 

فليح و مهدي هاشم .

  بعد أن تغلغل أفكار الماركسية وازداد الوعي الاشتراكي وخاصة بعد ثورة أكتوبر الروسية حيث شكل حسين الرحال  بعد عودته  من الخارج و استقراره في بغداد، كان طالبا في ذلك الوقت بمدرسة الحقوق في العام  1924  حلقة دراسية ” ماركسية ” في العراق حيث تأثر بالفكر الماركسي عندما كان يتلقى علومه في مدرسة ثانوية في ألمانيا  عام 1919 ومن ثم سفره إلى الهند في عام 1921 و سبق ذلك التاريخ، تغلغل الفكر في تفكير جماعة أدبية غير رسمية وانضموا الى الحلقة .   حيث اقتصر نشاط الرواد الاوائل على مطارحة الأفكار ومناقشتها واصدروا صحيفة (( الصحيفة )) التي ظهرت في عام 1924 – 1925  ثم لفترة قصيرة في عام 1927 بيد أن هذا النشاط اختفى . وعلى الرغم من أن تبشير أعضائها بالماركسية كان واضحاً ولكن هذه الكلمة لم ترد ، ولو مرة واحدة،في كتاباتهم، مع أنهم أعلنوا صراحة أن المادية التاريخية  تشكل التفسير الأفضل لعملية التاريخ.(75)      كل هذه النشاطات أثارت حفيظة سلطات الاحتلال البريطاني ، لذلك عملت على تأسيس دوائر امنية وضعت لنفسها هدف محاربة الشيوعية حتى قبل تأسيس الحزب الشيوعي العراقي والعمل على جمع المعلومات عن الأشخاص يبثون الاخبار عن البلاشفة ولذلك عملو على تجنيد المتعاونين لهم لهذا الغرض .  رغم أن تقارير الشرطة  لاتعبر بشكل دقيق عن المعلومات الواردة لهم من قبل عملائهم ،  يتطلب التحفظ على هذه المصادر والتعامل معها بانتباه خاص والتحري عن الدقة . إلا أن هذه التقارير إن دل على شئ انما يدل على مخاوف سلطة الاحتلال والانتداب  من انتشار أفكار البلاشفة و بعد ان تلمس هذه السلطات بعض النشاطات الجماهيرية ذو طابع مؤثر و صدور الصحافة تروج  للفكر الاشتراكي .

  فقد بدأت أول محاولة لتأسيس منظمة شيوعية في العراق عام 1925،لقد سبقت ((الحركة العمالية المطلبي)) أي لم تنضج الظروف الموضوعية لتأسيس حزب شيوعي وفي نفس الوقت لم يكن لدى النخبة المثقفة الخبرة الكافية في مجالات السياسية والنظرية الثورية والممارسة التنظيمية بالاخص في التنظيم السري في ظروف الارهاب البوليس. وتعتبر هذه فترة تمهيد لتشكيل الحزب الشيوعي العراقي.(76)

  لقد نشأت الطبقة العاملة العراقية مع الإنتاج السلعي البسيط ونمو الطبقة العاملة مع دخول وتزايد الاستثمارات الرأسمالية الأجنبية المؤقتة والثابتة، فجذبت الأعمال الإنشائية التي رافقت الاحتلال البريطاني. وتوسعت بعد الانتداب ومع تزايد إنشاء المشاريع الكبيرة الحكومية والأهلية . و بدأت تبرز التمايز الطبقي في المجتمع العراقي في تلك الحقبة من ظهور أشكال  الوعي  في تاريخ العراق الحديث ، وأخذت تتبلور روح التضامن بين العمال، أشكال جديدة، فكان أول إضراب  للعمال في بغداد، هو إضراب عمال السكك الحديد في معامل الشالجية عام 1927.وهي باكورة الحركة العمالية العراقية .

انبثقت أول  نقابة عمالية في سنة 1929 بعد سنتين من إضراب عمال الشالجية في بغداد وكانت هذه النقابة وليدة ذلك الإضراب واهم ثمراتها .(77)        وفي عام 1924 جرت محاولات لتشكيل أول نقابة عمالية لكـن إدارة السكك البريطانية رفضـت الطلـب واتخـذت إجـراءات إداريـة ضـد مقـدمي الطلـب.

  وقد برزت المزايا التنظيمية و الروح الجهادية لدى العمال العراقيين بشكل مبكر و خاصة في الإضراب العام في

تموز 1931.(78)

  أن النقابي الاول في العراق محمـد صالـح القـزاز ، قـد حـدد منـذ شباط 1933 في رسالة له إلى سكرتير الاتحاد العالمي لنقابات العمال في برلين إلى أن الحركة العماليـة في عهـده قد مرت بثلاث مراحل كانت الأولى منهـا قد      بدأت في عـام 1924 بـأول محاولة لتأسيس منظمـة عماليـة لتنتهي في عـام  1929   بتأسيس بعـض الجمعيـات التي دشنت حسـب رايـه بدايـة المرحلـة الثانية التي انتهت في عام  1931  لتبدأ المرحلة الثالثة ، في عام 1936 شـرع قانـون خـاص يحدد حقـوق العمـال والأحكام بشأن المنازاعات العماليـة و شـروط العمـل وغيرهـا، هـو القانـون رقـم 72 لسنة   1936.(79)

 بتشريع هذا القانون لحماية العمال تبرهن على وجود طبقة عاملة لها ظروف عملها وحصتها من التوزيع أصبحت الطبقة العاملة العراقية والجماهير الكادحة بحاجة الى قيادة نوعية وتذكر سعاد خيري” لقد برهنت البرجوازية في هذا الكفاح المتواصل عن عجزها على قيادة حركة التحرر الوطني نحو إحراز نصر حاسم ضد الاستعمار وأعوانه وكانت الجماهير تفتقر الى ذلك القيادة السياسية والتى لا تقبل المساومة والمهادنة ومسايرة العدو واللين معه. مع أن العمال قد آثروا على سير الإضراب تأثيراً تنظيمياً وكفاحياً بالغاُ فأنهم لم يكونوا بعد قد أصبحوا اهلاُ للتأثير بطابعهم السياسي على حركة شعبية جبارة كهذه ” .(80)

 شرعت الشبيبة الثورية الى تشكيل منظمات سرية في بداية القرن العشرين ، كجمعية ” الوفاء للعهد ” و” انتقام لفلسطين ” و( جمعية اتحاد تضامن العـرب)  لمحاربة الاستعمار البريطاني في بغداد و جمعية الاحرار في البصرة و العاصفـة الحمـراء في النجف. كما أصبحــت مدرســة الصناعــة واحــدة مــن مراكــز النشــاط الشيوعي قبــل وبعــد تأسيس الحزب في بغداد، و اتخذ الشيوعيون  من الحزب الوطني العراقي بقيادة جعفر ابو التمن مجـالاً مناسـبا وعلنيـا لتحركهـم بين الجماهير دفاعا عـن القضيـة الوطنيـة، وعـن قضايـا الجماهير الأخرى كما هو الشأن في الناصرية والبصرة بوجـه خـاص

  أن النضال الوطني والطبقي حتم ضرورة وجود حزب شيوعي “مشبع بالروح الطبقي الصرف”(81) وكان هذا الأمر مثار جدل في صفوف الحركة الوطنية العراقية .

وقد كرس يوسف سلمان يوسف (فهد) جهداً كبيراً للتدليل على اهمية هذا الحزب وحاجة الطبقة العاملة والحركة الوطنية كلها له بعد أن اهتدى إلى اعتناق الفكر الماركسي من خلال بحثه عن معالجة المشاكل التي واجهت الشعب العراقي ، وبرز بشكل مبكر كمسؤول فرع الناصرية للحزب الوطني العراقي وكقائد لإضراب عمال الناصرية وأسس أول الخلايا الشيوعية في المنطقة الجنوبية

أن يوسـف سـلمان بعـد تركه الناصرية والتجأئـه إلى بغداد نشط كثيرا في تعريف شيوعي بغـداد المبعثرين ببعضهم، وتوثيق روابطهم بشـيوعيي الناصرية والبصرة، وحثهم على تكوين منظماتهم الموحدة. و بالفعـل ساروا في هذا الاتجاه وكونوا منظمتهم المنشودة لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار التي أبدلت اسـمها في عام 1935 إلى الحـزب الشيوعي العراقي والذي ضم كل الشيوعيين في بغداد والبصرة والناصرية والديوانية والعمارة. وهكـذا ظهـر إلى الوجـود الحزب الشيوعي العراقي في 31 آذار 1934 بعد أن عقد اجتماع سري في بغداد وصار فصيلة من فصائل الحركة الشيوعية العالمية مدركاً أن الوطنية والأممية شقان يكمل أحدهما الآخر

  وقد صدر ظهر على صدر اول جريدة سرية للحزب الشعار الأممي ذو المدلول العميق لماركس (( ياعمال العالم اتحدوا)) كما  أشار في صدر صحيفة كفاح الشعب عام 1935 الى شعار حق الشعب الكردي في تقرير مصيرها بما فيه الانفصال على هدى فكر ماركس ولينين

 تناول جريدة الحزب مشاكل العمال والفلاحين  والظروف القاسية والمعاناة الاقتصادية التي تعيشها الشغيلة والكادحون في المدن والقرى، وما يعانيه الفلاح من ظلم الإقطاعيين والاغوات.

  وقد جذب الحزب جماهير واسعة من خلال رفع شعارات واقعية منها المطالبة بحقوق الكادحين والدعوة إلى المساواة بين جميع مكونات  العراق القومية والدينية واصرار الشيوعيين الأوائل على الربط ما بين معاداة الاستعمار و الدوائر الامبريالية والنضال  عن حقوق الكادحين وخصوصاً العمال والفلاحين الفقراء واصرار الشيوعيين على تشكيل النقابات العمالية والجمعيات الفلاحية كان له الأثر كبير على توسع قاعدة الحزب وانتشار الشيوعية في العراق . والقدرة الكبيرة التى امتلكها الحزب الشيوعي العراقي في الجمع بين العمل السري والعمل العلني والاستفادة من الجرائد العلنية في نشر أفكارهم والتأثير على مواقف الاحزاب  الاخرى عبر تشكيل جبهات ضد الاستعمار والتحديد الدقيق في طرح الأهداف عند القيام بالتحركات الجماهيرية لتحشيد كل القوى المناهضة للاستعمار

  وقد سددت الاممية الاممية الشيوعية (الكومنترن ) الخطوات الاولى للحزب الشيوعي العراقي ورعته رعاية خاصة وشارك في اعمال  المؤتمر العالمي السابع للاممية الشيوعية المنعقد في موسكو في تموز – آب 1935 ممثل الحزب بوصفه مراقباُ، كما شارك فهد في أعمال المؤتمر العالمي لنقابات العمال الحمراء (بروفينترين) .(82)

———————-

 

(1) – ف . فيدروف – طرق تطور الدول المتحررة ص 37 – 38 عن فؤاد مرسي – العلاقات المصرية 1943 – 1956

(2)  – لينين – خلاصة المناقشة حول تقرير المصير ، عن هوارسن دافييس – القومية والاشتراكية – النظريات الماركسية والعمالية حول القومية حتى عام 1917 دار الحقيقة – بيروت – الطبعة الاولى – آب 1972 ص .228

(3) –  لينين – المختارات – في 10 مجلدات – المجلد 6 – دار التقدم – موسكو،  ص . 114

(4) –  لينين – المختارات – في 10 مجلدات – المجلد 5– دار التقدم – موسكو،  ص . 391

(5) – لينين – المختارات – في 10 مجلدات – المجلد 6 – دار التقدم – موسكو،  ص . 95

(6) – لينين – البروليتارية الثورية وحق الأمم في تقرير مصيرها – نصوص حول المسألة القومية – ترجمة وتقديم جورج طرابيشي – دار الطليعة للنشر و الطباعة – بيروت ،  الطبعة الأولى تموز 1972      ص . 14

(7) – لينين – المختارات – في 10 مجلدات – المجلد 6 – دار التقدم – موسكو،  ص . 159

(8) – لينين – المختارات – نفس المصدر السابق ص . 160

(9) – لينين – المختارات – في 10 مجلدات – المجلد 6 – دار التقدم – موسكو،  ص . 101

(10) – يعتبر مشروع سكة حديد بغداد أحد أهم وسائل تغلغل المانيا في العراق وتحول هذا المشروع الى عامل محرك هام في الصراع الدولي من أجل السيطرة على بلاد الرافدين بشكل واضح في النزاع البريطاني الألماني. 

(11) – لينين – المؤلفات الكاملة باللغة الروسية المجلد 29  ص 489 – 494  عن بونداريفسكي – سياستان إزاء العالم العربي ص 269 . 

(12 – لينين – المختارات – في 10 مجلدات – المجلد 6 – دار التقدم – موسكو،  ص . 97

(13) – سعاد خيري – تاريخ الحركة الثورية المعاصرة في العراق الجزء الأول  ( 1920 – 1958) . ص . 17

(14) – الرقيب العدد 9 بتاريخ 7 سفر 1327 السنة الأولى من عامر حسن فياض ، جذور الفكر الاشتراكي في العراق 1920 – 1934 ، ص. 113

(15) – احمد عزت الاعظمي ، القضية العربية ج.5 ط.1 1933  مطبعة الشعب بغداد ص 14 – 15 من عامر حسن فياض نفس المصدر السابق ص. 110- 111

(16) – ع. شمزيني – الحركة التحررية الكردية – المنشور في جريدة خه بات العراقية – بغداد 1960 عن ماجد عبد الرضا – القضية الكردية في العراق – منشورات الطريق الجديد الطبعة الاولى 1975 ص. 38

(17) – الدكتور كمال مظهر احمد – دور الشعب الكردي في ثورة العشرين – مطبعة الحوادث – بغداد 1978 ص 56  

(18) – عزيز سباهي – عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي – الجزء الاول – لندن، انتاريو، 2020 ، ص .  114 

(19) –  عبد الفتاح ابراهيم – على طريق الهند ، مطبعة الأهالي – بغداد ،   1935 ص . 288

(20) – مؤتمر شعوب الشرق في باكو 1920 – ابراهيم خليل العلاف-الحوار المتمدن-العدد: 5134 / 2016 / 4 / 16

 

(21)عبد الرحمن البزاز – محاضرات عن العراق من الاحتلال حتى الاستقلال ص. 18 عن كوتلوف ثورة العشرين ص 105

(22) – ل.ن كوتلوف – ثورة العشرين الوطنية التحررية ترجمة الدكتور عبد الواحد كرم – مطبعة اوفسيت الديواني – بغداد . ص . 138

(23) – تاريخ الأقطار العربية – مجموعة من علماء السوفيت – دار التقدم 1975 طبع في الاتحاد السوفيتي السابق  ص.

(24) – ل . ن كوتلوف – ثورة العشرين – نفس المصدر السابق – ص . 148

(25) – تاريخ الأقطار العربية – نفس المصدر ص 22

(26) – عبدالله الفياض– الثورة العراقية الكبرى ، سنة 1920 ، الطبعة الاولى ، مطبعة الارشاد – بغداد، 1963  ص . 247

(27) – الثورة العراقية – بقلم ارنولد ويلسن – ترجمة جعفر الخياط  الطبعة الاولى 1970 – دار الرافدين –           ص. 206

(28) –  أكتوبر والمسألة الكردية – د. كمال مظهر احمد  نشر في موقع الحزب الشيوعي العراقي الالكترونية بتاريخ السبت, 08 تشرين2/نوفمبر 2014

(29) – عامر حسن فياض – جذور الفكر الاشتراكي والتقدمي في العراق – ص. 116

(30) – جلال الطالباني، كردستان والحركة القومية الكردية – الطبعة الاولى – بغداد ، ص .58

(31) – د. كمال مظهر احمد -دور الشعب الكردي في ثورة العشرين – ص. 58

(32) – ل. ن كوتلوف – ثورة العشرين – نفس المصدر السابق – ص. 137

(33) – عامر حسن فياض – جذور الفكر الاشتراكي والتقدمي في العراق – ص. 116

(34) – عزيز سباهي – عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي – الجزء الاول – لندن، انتاريو، 2020 ، ص122

(35) – عزيز سباهي – عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي – الجزء الاول – لندن، انتاريو، 2020 ، ص . 122- 123

(36) -ارنولد ولسن – الثور العراقية نفس المصدر السابق ص . 143 وكذلك  عن عامر حسن فياض – جذور الفكر الاشتراكي والتقدمي في العراق – ص.118

(37) – قحطان احمد عبوش – ثورة تلعفر – 1920 ص . 16

(38) –  حنا بطاطو – ترجمة عفيف الرزاز – العراق الكتاب الثاني – الحزب الشيوعي العراقي ص . 45

(39) – د. كمال مظهر احمد  نشر في موقع الحزب الشيوعي العراقي الالكترونية بتاريخ السبت, 08 تشرين2/نوفمبر 2014

(*) –  صادق الدملوجي – اليزيدية – طبع في مطبعة الاتحاد – الموصل – العراق – 1949  – ص. 315

(**)- الباحث والكاتب – صباح كنجي – الثقافة الجديدة العدد 350 – 351 السنة 2012 ، ص.

(40) – ارنولد ولسن – الثورة العراقية نفس المصدر السابق – ص. 124

(41) – كمال مظهر احمد – دور الشعب الكردي في ثورة العشرين – ص 59- 60

(42) – .وميض جمال عمر نظمي (د.)، ثورة ١٩٢٠ – الجذور السياسية والفكرية والاجتماعية للحركة القومية العربية (الاستقلالية) في العراق، الطبعة الثانية، بغداد، ١٩٨٥ ص.330

(43) – حنا بطاطو – ترجمة عفيف الرزاز – العراق الكتاب الثاني – الحزب الشيوعي العراقي ص . 17 – 18

(44) – ملف الشرطة العراقية المعنون (الحزب الحر اللاديني) عن حنا بطاطو – نفس المصدر ص 22

(45) – كوتلوف -ثورة العشرين – ص. 176

(46) – الثقافة الجديدة العدد 101 كانون الثاني 1978 ص . 41

(47) – عبد الرزاق الحسني – تاريخ الوزارات العراقية –  المجلد الأول الجزء الأول – الطبعة الخامسة – مطبعة دار الكتب 1978 – بيروت ، ص. 75

(48) – الدكتور كمال مظهر احمد – دور الشعب الكردي في ثورة العشرين – نفس المصدر – ص. 64- 65 – 73

(49) – عزيز سباهي – عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي – الجزء الاول – لندن، انتاريو، 2020، ص . 123

(50) – عبدالله الفياض– الثورة العراقية الكبرى ، سنة 1920 ، الطبعة الاولى ، مطبعة الارشاد – بغداد، 1963  ص . 250 – 251

(51) – عامر حسن فياض -جذور الفكر الاشتراكي والتقدمي في العراق نفس المصدر السابق – ص. 119

(52) – ارنولد ويلسن – الثور العراقية نفس المصدر السابق ص . 76

(53) –  – مجموعة من علماء السوفيت – تاريخ الأقطار العربية المعاصر – نفس المصدر السابق – ص . 33 – 34

(54) – عبدالله الفياض– الثورة العراقية الكبرى ، سنة 1920 ، الطبعة الاولى ، مطبعة الارشاد – بغداد، 1963  ص . 248

(55) – د. وميض جمال عمر نظمي – ثورة  1920-  نفس المصدر- ص. 330

(56) – سعاد خيري- نفس المصدر السابق – ص . ( 39)

(57) عبد الرزاق الحسني – نفس المصدر السابق – ص . (59)

(58) – د. وميض جمال عمر نظمي – ثورة  1920-  نفس المصدر – ص . (421)

(59) – ل . ن كوتلوف – ثورة العشرين – نفس المصدر السابق – ص . 207 – 208

(60) – لينين – حركة شعوب الشرق الوطنية التحررية – دار التقدم موسكو ، ص. 362

(61) – عبد الرزاق الحسني – نفس المصدر السابق – ص . (119)

(62) – بونداريفسكي – سياستان إزاء العالم العربي  موسكو، دار التقدم ، 1975 طبعة الطبعة الأولى ،  ص. 276

(63) – وثائق السياسة الخارجية السوفيتية المجلد السادس ص. 78 موسكو 1962 عن عبد الرزاق الحسني ، تاريخ الوزارات العراقية ص . 120

(64) – د. كمال مظهر احمد ، الباحث عن العرش  في مذكرات لويس جورج  آفاق عربية ، العدد الاول 1977

(65) – بونداريفسكي – سياستان إزاء العالم العربي ، نفس المصدر السابق – ص . 278

(66) – وثائق السياسة الخارجية السوفيتية المجلد الرابع ص. 124 عن  مجموعة من علماء السوفيت – تاريخ الأقطار العربية المعاصر – نفس المصدر السابق – ص 37

(67) – لينين ، مؤتمر السوفييتات التاسع لعامة روسيا 23 – 28 كانون الأول 1921 المؤلفات الكاملة الطبعة الروسية الخامسة مجلد 44  ، ص . 300 عن  مجموعة من علماء السوفيت – تاريخ الأقطار العربية المعاصر – نفس المصدر السابق – ص . 36

(68) – نفس المصدر السابق – ص . 39

(69) – عبد الفتاح ابراهيم – على طريق الهند ، مطبعة الأهالي – بغداد ،   1935 ،ص 289

(70) – كوتلوف – نفس المصدر السابق ص . 135

(71) –  ي فارغا – القضايا الاقتصادية السياسية للرأسمالية ص . 115

(72) – زكي خيري – الحزب الشيوعي العراقي نضال متواصل – الثقافة الجديدة العدد 47 نيسان 1973 ص. 6

(73) – مثال حسين الرحال واسماعيل شاويس

(74) – عن جميل توما – حديث معه بتاريخ 17 نيسان 1977 عن عامر حسن فياض – جذور الفكر الاشتراكي في العراق –  ص . 194

(75) – حنا بطاطو نفس المصدر السابق ص . 43 -44

(76) – زكي خيري – خيري الثقافة الجديدة – نفس المصدر السابق – ص . 13

(77) – طالب عبد الجبار – ربع قرن من تاريخ الحركة النقابية – الثقافة الجديدة – العدد 39 آب 1972 ص . 13

(78) –  طالب عبد الجبار – ربع قرن من تاريخ الحركة النقابية – نفس المصدر السابق – ص . 15

(79) –  كمــال مظهـر أحمــد، الطبقـة العاملـة العراقيــة – التكــون وبدايــات التحرك، دار الرشيد للنشر ، بغداد،1981 عن عزيز سباهي-عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي – الجزء الاول – لندن، انتاريو، 2020، ص .( ز ز تمهيد)

(80) – سعاد خيري- نفس المصدر السابق – ص . 52

(81) – لينين – المختارات – الجزء الثاني ص . 20 عن الثقافة الجديدة – العدد 12 آذار نيسان 1970

(82) – زكي خيري – الثقافة الجديدة – نفس المصدر السابق – ص . 8