١٠\١\٢٠٢١
لو نظرنا إلی الإنتحار كسبب من أسباب الوفاة لرأینا بأنه أكثر الأسباب مضیعة للحیاة وأقلها صعوبة للوقایة منه أو منعه. بمعنی أنه لیس للإنتحار معنی مفهوم أو مغزی معین ولایحمل أی مبرر منطقی. كذلك من السهل العمل علی منع الإنتحار إذا تم التوصول إلی معرفة أسبابه. بالنسبة للمغزی أو المعنی من عملیة الإنتحار نراه ینهی حیاة الفرد دون تبیان هدف معین. وكذلك لا معنی للموت بالإنتحار لأنه لایأتی بحل لمشكلة یستحیل حلها بوسیلة أخری، ولا هو علاج لمرض لا یمكن علاجه بوسیلة أخری تبقی علی حیاة الشخص. فالإنتحار لا یحل مشكلة معینة تنتظر الحل ولا هو تحقیق لهدف یستحق التضحیة بالحیاة فی طریق النضال من أجله. وكذلك لا یوجد مرض معروف یصعب علاجه فیجد المنتحر إنهاء حیاته كعلاج مفضل لهذا المرض. لذلك وضعت الإنتحار فی كتابی “رأی من الخارج”، نشر باللغة الكوردیة سنة ٢٠٢٠ تحت عنوان ”بوچونهك ژ دهرڤه” مع بقیة أصناف الموت الذی لامعنی له.
بالرغم من كون الإنتحار ظاهرة عالمیة متزایدة فی العصر الحدیث ألا أنه لازال یفتقر إلی العلاج المناسب أو الوقایة اللازمة لمنعه. مهما یفتخر العلم الحدیث بإیجاده الوسائل الفعالة لمعالجة الأمراض الفتاكة أو الوقایة منها ألا أنه لازال عاجزا عن التأكد من أسباب الإنتحار لكی یأتی بالوقایة الناجحة أو العلاج الملائم. ففی علم الطب نجد بأن التقدم الملحوظ فی تشخیص ومعالجة معظم الأمراض المعروفة یشمل فی طیاته تأنیبا یعبر عن عجزه فی مهمته خاصة فیما یتعلق بالطب النفسی حیث یغلب فی أمراضه ظهور الأسباب و المقومات التی تۆدی بالمریض إلی الرغبة فی إنهاء حیاته، كما هو الحال فی مرض الكآبة مثلا، أو فقدان الإدراك اللازم لفهم الإنتحار، كما یحدث فی إنفصام الشخصیة وغیرها من الأمراض التی تقلل من فهم المریض وإدراكه أو تجعله یفقد الإرتباط بالواقع.
تشیر البحوث الحدیثة إلی أن معظم الأمراض النفسیة تبدأ خلال فترة المراهقة أو قبلها. ولكن هذه الحقیقة العلمیة لم تصل لحد الآن إلی مرحلة توفر للمراهقین طرق مبكرة لتشخیص أو معالجة هذه الأمراض. فتبقی فصائل عدیدة من الشباب معرضة للإصابة بهذه الأمراض دون أن تتعرف علیها لكی تعرضها علی الأطباء لتشخیصها ومعالجتها. وهذا ما یۆدی إلی التأخیر فی تشخیص ومعالجة أمراض نفسیة لدی الشباب قد تۆدی بهم إلی الإنتحار دون أن یعلم أحد بذلك. هذا بالإضافة إلی الأسباب النفسیإجتماعیة الأخری التی ذكرناها فی الدراسة الأولی حول الإنتحار فی كوردستان العراق والتی أظهرت بأن الإنتحار فی أقلیم كوردستان یمر بمرحلة من التزاید والتعجیل بسبب التغیرات الإجتماعیة السریعة فی المنطقة ویشمل غالبا الشباب وخاصة النساء منهم.
ومما یزید الأمر تعقیدا بالنسبة لظاهرة الإنتحار فی أقلیم كوردستان العراق هو تفاقم الأزمات الخانقة فی المنطقة وتعاقبها الواحدة تلو الأخری دون أن تسنح للشباب فرصة للتنفیس أو التعبیر أو التكییف والتشخیص. حیث تتزاید المصاعب التی تۆدی إلی الفقر والبطالة وفقدان الأمل و تجبر الشباب إلی القیام بالتظاهرات التی وصفناها فی عدة مقالات حول ثورة الشباب. حیث تتنافس السیاسات الخاطئة علی كبح جماح رغبات الشباب و كسر طموحهم و محاربة أحلامهم ومعاقبة مطالبی الحریة والحقوق منهم، فتكبت السلطة أصواتهم و تخمد ثوراتهم الإجتماعیة و السلمیة المتتالیة دون أن تلقی أذنا صاغیة أو إدارة حكیمة أو إستجابة مقنعة لتظاهراتهم التی تعبر عن إراداتهم و آرائهم و حقوقهم المشروعة. بل العكس هو الذی یحدث وذلك بالتهجم علیهم وإتهامهم بتهم لیس لهم فیها ناقة ولاجمل.
لمعالجة مشكلة الإنتحار المتزاید فی مجتمعنا والمهدر للأرواح والطاقات البشریة التی هی فی كامل نضوجها وفی أوج نشاطها وهی أكبر ذكیرة یفقدها المجتمع دون مبرر یذكر، علینا أن نعمل علی جبهات عدیدة منها:
١- علی مستوی الفرد: تنظیم ندوات التوعیة و دورات التدریب حول وسائل الدفاع النفسی فی الأزمات. من ضمن النشاط فی هذا المجال ینوی بیت متین الصحی (تلفون ٠٧٥٠٢١٠٨٧٩٥) بتنظیم ندوة مفتوحة یوم الثلاثاء المصادف ١٣\١\٢٠٢١ تحت عنوان “إنتحار شباب دهوك، لماذا؟”
٢- علی السلطات والدوائر الحكومیة: تخطیط وتنفیذ بحوثات علمیة حول الإنتحار، أسبابه، و مدی إنتشاره، وطرق الوقایة والمعالجة، تقوم بها الدوائر الحكومیة ذات العلاقة بالإشتراك مع الخبراء والمنظمات الأهلیة.
٣- علی الكوادر والجامعات: العمل علی تعلیم وتدریب الكادر العلمی الكفۆ لتخطیط و تنظیم و تنفیذ الدورات والدراسات والمشاریع المذكورة فی فقرتی ١ و ٢.
أحسنت یا دکتور
https://mugtama.com/theme-showcase/item/105135-1-2.html
تزايدت في الآونة الأخيرة حالات الانتحار في بعض البلاد العربية على نحو كاد يجعل منها ظاهرة، خلافًا لما كان معتاد في عالمنا الإسلامي من ندرة حالات الانتحار نظرًا لقطعية تحريم قتل النفس في الشريعة الإسلامية، حتى شاع اعتبار الانتحار كفرًا بالله، وزاد بعضهم بأن المنتحر سيخلد في نار جهنم، مما عصم المسلمين من التخلص من حيواتهم مهما ساءت معيشتهم، أو أحاطت بهم أزمات الحياة، حيث كان الله ملاذهم والصبر وسيلتهم.
علي بارزان
12 01 2022
جعفر مایی
بعد انتهائی من ورشة حول سبل التطور الاجتماعی، جاءتنی ( ….. ) مسرعة متسائلة إن کان بإمکانی مساعدتهم. وقبل ان استوضحها عن الامر قاطعتنی وقالت: ” ام هل علینا جمیعا ان ننتحر؟” ولدی إستفساری عن الموضوع تبین ان شبابنا الایزیدیین لا یجوز لهم الزواچ الا ضمن الشریحة الاجتماعیة التی ینتمی الیها الشاب و الشابة. وتبین لی ان المجتمع الازدی یتألف من شرائح إجتماعیة عدیدة. أطرح الموضوع علیکم الذی اراه احد الاسباب الاجتماعیة للإنتحار بین الشباب الازدیین الأعزاء. کما انقل سٶالها بأمان الیکم: هل علینا جمیعا ان ننتحر؟