الاغريق والالعاب الاولمبية :
لقد ساد الاعتقاد بين الناس و الرياضين ان أصل و نشأة الالعاب الاولمبية ومهرجاناتها ظهرت لدى ” الاغريق ” قبل غيرهم من الاقوام وسميت ” بالالعاب الاولمبية ” او اكتسبت هذا الاسم ” نسبة الى جبل اولمبيا في اليونان وان اول مهرجان اولمبي قديما بدأ في عام 776 قبل الميلاد و كانت بمناسبة دينية ورياضية معا ” تكريما ل ” زوس ” واخذ الاغريق يحتفلون بهذه المناسبة ” الرياضية – الدينية ” كل 4 سنوات ، الا ان نشأة هذه الالعاب بقيت سرا غامضا لدى اغلب علماء الاثار والتاريخ و التربية الرياضية ولم تنته المناقشات والجدال حول هذه المسئلة الرياضية التاريخية بصورة قطعية ونهائية ، وخاصة بعد ظهور اكتشافات اثرية في مناطق الشرق الاوسط و الادنى و أبحاث تاريخية تشير الى حقاق اخرى . فالادلة و الاثباتات الاثرية تكشف لنا معلومات جديدة ومهمة عن اقامة مهرجانات والعاب رياضية وذات طابع ” ديني – رياضي ” لدى اقوام وشعوب وادي الرافدين كالسومرين والاشورين والميدين وكذلك لدى الفينيقين و المصريين قبل الاغريق بالاف السنين . .
الرومان والالعاب الاولمبية :
استطاع الرومان تاسيس اكبر امبراطورية في الغرب بعد سيطرتهم على معظم البلدان الاوربية وعلى امتداد البحر الابيض المتوسط و احتلوا ايضا بلاد الاغريق قبل ميلاد السيد المسيح “ع ” بعقود وقد حدث نوعا من الاندماج والتكيف بين الالعاب الاغريقية و الرومانية ، و حاول الرومان نقل الالعاب الاولمبية الى ” روما ” العاصمة الا انهم فشلوا بذلك ، وضلت الالعاب الاولمبية الاغريقية تقام لفترة اربعة قرون في ظل الحكم الروماني ، ونظرا لتقدم الرومان في فنون الهندسة المعمارية استطاعوا بناء العديد من الملاعب و حلبات المصارعة و الملاكمة و المدرجات الرياضية و المسابح والميادين الخاصة لسباق العربات و الخيول وغيرها ، واهتم حكام وقادة الرومان بمشاهدة عروض المصارعة والملاكمة والتي تميزة بالعنف والقسوة والقتال بين المصارعين حتى الموت او بين المصارعين مع الحيوانات الوحشية المفترسة وفي النهاية ” صراع حتى الموت ” لذا سميت ” بالالعاب الدموية ” وكان هدف الرومان من هذه الالعاب لقضاء بعض اوقات فراغهم بالاستمتاع والتسلية لشهواتهم السادية فضلا عن تخويف الشعب لكي لا يفكرو باي تمرد او انقلاب ضد حكمهم ، وكان معظم الضحايا من العبيد و المسيحيين وبذلك فقدت الرياضة الرومانية هيبتها والجانب الاخلاقي والروح الرياضية العالية ، و لم يهتم الرومان للمهرجانات و الالعاب والعروض الرياضية الفنية الاغريقية و التي كانت تتميز بالجمال و الرشاقة الحركية وتنمية الخلق العالية ، ولم يعتبرو اية قيمة او تقدير لها ، و كانوا يعتقدون بانها بلا فائدة ولا نفع و ضياع للوقت ، وتدني لكرامة وشخصية الفرد ، واهتم الرومان ايضا الى سباق العربات و التي اكتسبت شعبية واسعة على طول البلاد و عرضها ، علما كانت سباقات العربات موجودة ايضا ضمن الالعاب الاغريقية ، اما بالنسبة الى تاريخ نشأة الالعاب الرياضية الرومانية فلم نجد اي مصدر او بحث يؤشر الى تحديد دقيق لتاريخ نشاتها ، ولكن هناك اعتقاد بانها بدات خلال القرن الثالث قبل الميلاد .
وفي اواخر الحكم الروماني ضعف اقبال الناس لممارسة الالعاب الرياضية بسبب توجههم نحو حياة البذخ والترف واللهو و اعتبروا انهم ليسوا بحاجة اليها ، ونتيجة لذلك تدهورت صحتهم و لياقتهم و تشوهت اجسامهم و انتشرت الامراض و الصراعات فيما بينهم ، وسببت تلك العوامل تراجع وتدهور الالعاب الرومانية فضلا عن محاربة رجال الكنيسة لتلك الالعاب بسبب عنفها وقسوتها وخلوها من عوامل الرحمة والشفقة . .
الفينيقيون والالعاب الاولمبية .
الفينيقيون الذين سكنوا الساحل الشرقي للبحر الابيض المتوسط بنوا ملاعب و حلبات رياضية و مارسوا الالعاب خلال اقامة الطقوس الوثنية كما في اطروحة ” لبيب بطرس بعنوان ” الرياضة الفينيقية وتاثيرها على نشاة الالعاب الاولمبية ” حيث ورد ان الملاعب و الحلبات و المنقوشات و الرسوم الرياضية التي عثر عليها في كل من فلسطين وسوريا ولبنان و مصر والعراق تشير الى اعظم حضارة رياضية ظهرت في الشرق الادنى قبل الاغريق وقام الباحث المذكور اعلاه بدراسة واسعة حول هذا الموضوع التاريخي ونال فيه شهادة الدكتوراه في التربية الرياضية من جامعة ماترن لوثر – المانيا الشرقية سابقا . ان اول ما يلفت النظر في اطروحته : ان الرياضة الفينيقية قد امتزجت بالطقوس الدينية وذلك منذ الكنعانيين الذين سكن قسم منهم شواطئ وجزرالبحر المتوسط واستطاعوا تاسيس عدة مدن مهمة ابرزها ” صور و صيدا و جبيل اوغاريت و اريحا و مجدو ” وسمي هؤلاء بالفينيقيين ، وقد مارسوا الوانا من النشاطات الرياضية المتنوعة سيما المصارعة والملاكمة والمبارزة والفروسية و التجديف والسباحة ، خصوصا في المدن الرئيسية ” كصور و عمريت ” ويؤشر الباحث ” بطرس ” الى العلاقات بين الفينيقيين و الاغريق ويضيف قائلا ان كثيرا من الثقافات الدينية و طقوسها انتقلت من الفينيقيين ومعها الالعاب و المهرجانات الرياضية الى بلاد الاغريق ، ويذكر الباحث ” لبيب ” ايضا ان الهندسة الدقيقة في صناعة عربات الخيل الفينيقية انتقلت الى الاغريق و الرومان ويؤكد هنا على ان الملاعب الرياضية في كل من ” عمريت وصور ” كانت اصلا موجودة في هذه المناطق ثم انتقلت هندستها الى الاغريق فبنوا ملاعب مشابهة لها في بلادهم . كذلك تطرق الباحث ” لبيب ” الى الطقوس الفينيقية ” وحدة مالفرت – هرقل ” وعن الاحتفالات و الطقوس الدينية ومعها المهرجانات الرياضية التي كانت تقام تكريما للاله ” يسعل ” وان مدينة صور منذ نشأة معبدها عام 2750 قبل الميلاد كانت موطنا للاعياد الدينية ومعها الحفلات الرياضية على شرف ” ملقرت – اله المدينة ” وكان العيد الكبير في صور يسمى ” قيامة الاله ” وكان يقام في فصل الربيع ” جوزيفوس ” ومعه يقام مهرجان الشعلة وكان يتخلل تلك المواكب الرياضية انواع مختلفة من الرقص و الغناء فضلا عن التقاليد الدينية كالصلوات والابتهالات وغيرها ثم يظيف الباحث قائلا ولئن غابت عنا تفاصيل الاحتفالات بالشعلة المقدسة في صور وعامة البلاد الفينيقية فاننا نجد صداها عند اليونانيين في احتفالاتهم الدينية في ” اولمبيا ” فيلوستراتوس وفي غيرها من المدن ” افلاطون – الجمهورية ” وبعد هذا العرض لاهم ماجاءت من النقاط في اطروحة ” لبيب بطرس ” هنا يخطرعلى البال السؤال التالي : كيف كانت العلاقة بين الفينيقيين وغيرهم من الاقوام المجاورة الاخرى ، وخصوصا مع شعوب وادي الرافدين والمصريين ؟ . .
يتبع .
شكرا جزيلا للدكتور القدير قاسم المندلاوي على هذه المقاله الممتعه بحق في وقت انهكت فيه الشعوب من الحروب والكوارث الطبيعيه والامراض. انه من الجميل الاطلاع على ما مرت به الرياضه من مراحل وكيف خاضت الرياضه مراحل متعدده لتطورها الى يومنا هذا.
شكرا للرياضية فيان على التعليق الجميل وحبك للاطلاع وقراءة المواضيع الرياضية التاريخية
نعم هناك الكثير من الجوانب الرياضية الممتعة والغنية علينا البحث فيه وابرازه لكي يطلع العالم
على حضارة اجدادنا القدماء و دورهم في بناء الحضارة البشرية .. مرة اخرى شكرا لك