الالعاب الاولمبية بين الاغريق وغيرهم من الشعوب –  السومريون والالعاب الرياضية   –  3  – ا . د . قاسم المندلاوي    

 ان اول واقدم  حضارة بشرية  ظهرت على وجه الارض هي  ” الحضارة السومرية في جنوب بلاد الرافدين في سومر القديمة التي نشأة فيها الكتابه المسمارية منذ حوالي 3200 ق م وتعتبر اقدم ابجدية عرفها التاريخ وظلت الكتابه السومرية 2000 سنة لغة الاتصال بين دول الشرق و الغرب ” ديلا بورت القاهرة 1997 ، وكانت  مدينة ” اور ” عاصمة لهذه الحضارة وتدل الاستكشافات الاثرية انه في بداية العصر التاريخي كانت هناك ثقافة رياضية عالية عند ” السومريين ” ،  فقد عثر البروفيسور ” وولي ” الذي قام بالحفر في” اور” على الهياكل العظمية الخاصة بافراد الحاشية من الرجال و النساء و كذلك المركبات و هياكل الثيران التي كانت تستعمل في الحفلات والمهرجانات والالعاب الرياضية فضلا عن الحروب ، هذا الى جانب تواجد الكؤوس بجوار اصحابها وهناك ادلة تاريخية يعود الى فجر السلالات السومرية الثاني ” 3000 ق.م ” على هيئة اختام اسطوانية منقوشة  بمشاهد من المصارعة و الملاكمة ، ويذكر المؤرخ البروفيسور ” جوزيف  كليما ” 1963 براغ ” كانت  للمصارعة و الملاكمة شأن كبير لدى شعوب وادي الرافدين وكان السومريين هم اول من اهتمو بالمصارعة و الملاكمة ، كما و اكتشف المنقبون آثار يرجع تاريخه الى ” 4450 ق.م نحت عليه مشاهد المصارعة و الموسيقى وهذه المسلة السومرية هي اول واقدم أثر في العالم القديم يثبت استخدام السومريين للطبل مع لعبة المصارعة وذلك قبل ان تعرف في بلاد اليونان باكثر من ” 2500 عام ق . م ” بهنام ابو الصوف 2010 عمان ”  وقد  اشار البروفيسور ” فرنتيشك كراتكي ” 1964 براغ  ” الى اهتمام السومريين ومعظم شعوب وادي الرافدين بالمصارعة والرياضات الاخرى وفي ” تل اسمر ” عثر المنقبون على تمثال لصراع بين بطلين يرجع تاريخه الى حوالي ” 2800 ق.م ” وفي ” تل اجرب ” عثر ايضا على تمثال آخر يدل على المصارعة ويعتقد انه البطل ” كلكاميش ” وهو يصارع الاسود و كذلك ” الصراع  ما بين كلكامش و انكيدو يتصارعان كالثورين الوحشين  انتهى بفوز كلكاميش ” ايام كان الاخير ملكا على مدنيه ” اورك ”  السومرية بحدود عام ” 2700  ق.م ” كما تثبت ادلة اثرية تاريخية من ذلك العصر” فجر السلالات السومرية الثاني و قبله ، في مطلع الالف الثالث قبل الميلاد على هيئة اختام اسطوانية منقوشة بمشاهد من المصارعة و الملاكمة بين رجال مفتولي العضل كما عثر ايضا تماثيل من البرونز ومن نفس الفترة التاريخية او بعدها لرجلين متقابلين بوضعية الملاكمة ” مارشل ايج  1971 بغداد  ”  وفي ” اور ” عثر على مجموعة تماثيل لالعاب الاطفال مصنوعة من الطين و الحجار يرجع تاريخها للعهد السومريين ويعتقد ان هذه الالعاب كانت تستعمل في الحفلات و المهرجانات الرياضية  و الاعياد الدينيه وتشير النحوت من صور وتماثيل الى ممارسة شباب بابل و آشور مختلف انواع الرياضة ، كالجري والرمي بالنبال و المصارعة و الملاكمة و ركوب الخيل و الفروسية و السباحة وصيد الحيوانات و السمك فضلا عن التدريب على التمرينات البدنية وسباقات في قيادة العربات ، فقد كان معروفا عند السومريين حيث استعملت الثيران لجرعربات الحمل ولجر المحراث الزراعي ايضا ، اما الحمير وليس الخيول فقد استعملت لجر العربات و المركبات ، و يبدو ان مباريات في سباق العربات كانت تجري آنذاك ” كامل لويس 2000 بغداد ” ، وعلى الرغم من اهمية استخدام العربات في الحروب فانها ادت دورا كبيرا في الاستعراضات العسكرية و كذلك في الاحتفالات الرياضية والمناسبات المختلفة وفي الصيد و المسابقات الرياضية ” نفس المصدر السابق  ” وقد اكتشفت البعثة الامريكية من المعهد الشرقي في شيكاغو” في معبد تل اجرب  بمنطقة ديالى ” على عربة مصنوعة من مادة نحاسية سومرية يعود تاريخها الى ” 2800 ق. م ” و عثر ايضا على مجموعة اخرى من ادوات صيد السمك يرجع تاريخها الى ” 3000 ق.م ” وفي ” اور  و تل اسمر ” عثر ايضا على كمية كبيرة من الاسلحة و العربات الحربية كانت تستعمل في الحروب و الصيد ، وفي عام 1919 عثرالخبير الانكليزي ” هال ” في منطقة العبيدي على مجموعة من الاسلحة الحربيىة كالسكاكين و خناجر و اسلحة الصيد مصنوعة من الحجارة يرجع تاريخها الى ” 3500 سنه ق.م ” وقد عثر ايضا على عربة حربية تجرها اربعة حمير ” المتحف العراقي ” ، كما تم العثور على معبد كبير في منطقة ” الحضر ” و وجد فيه ملعبا كبيرا و احواضا للسباحة يعود تاريخها الى عهود قبل البابليين ، كانوا يستعملونه مركزا للتدريبات العسكرية و الرياضية لشبابهم . ان كل هذه الاثباتات الاثرية تدل على ممارسة شعوب وادي الرافدين للالعاب و خاصة المصارعة و الملاكمة ذات العلاقة بالطقوس و الاحتفالات و المهرجانات الدينية والشعبية ، والسومريون هم اول الاقوام استخدموا الموسيقى و الاناشيد خلال المهرجانات و الاحتفالات  الرياضية و الدينية قبل المصريين و الفينيقيين  والاغريق .ففي مدينة ” اور” عثر البرفيسور ” وولي ” 1917 ” على قيثارة ” الالة الموسيقية ” وكثير من الالات  الموسيقية الاخرى كالمزمار مصنوعة من الطين ” المتحف العراقي ”  وتدل كل هذه الاكتشافات الاثرية على ان السومريين اهتموا ايضا بالفن و الموسيقى واستخدموه في المهرجانات الرياضية والانشطة الترفيهية والتسلية قبل الاغريق ، فضلا عن اهتمامهم  بالاعداد العسكري و القتالي ” المندلاوي  براغ 1971 ” و يذكر البروفيسور ” نجم الدين السهروردي 1983 مطبعة جامعة الموصل ” بان الموسيقى كانت احدى مظاهر التربية في حضارة وادي الرافدين و النيل ثم انتقلت الى الاغريق في العصور القديمة فازدهرت الموسيقى عندهم ، و من خلال دراستنا للاثار القديمة المعروضة في المتحف العراقي ببغداد و المتحف البريطاني بلندن ومتحف اللوفر في باريس و متحف الاثار القديمة في واشنطن العاصمة الامريكية ومتاحف اخرى تثبت على ان  شعوب وادي الرافدين من السومريين و الاشوريين و البابليين  و الميديين و الكاشيين وغيرهم قد اقاموا المهرجانات و الاحتفالات الرياضية – الدينية قبل الفينيقيين والاغريق وغيرهم ” المندلاوي 1970 وارشو – بولونيا ” و يذكر ” صبحي انور رشيد 1984 بغداد ” كانت تجري الالعاب الرياضية وفي المقدمة المصارعة والملاكمة  بمرافقة الموسيقى التي تقدمها الات ايقاعية جلدية والات وترية والات مصوت بذاتها ، و يذكر الباحث الانكليزي ” كورت زاكس  1940 – عن رضا العطار صوت العراق  2/20 /2021 ” … ان جميع الالات الموسيقية الاوربية جائتنا من الشرق ، والالة الوحيدة التي كنا نحن الاوربيين نعتبرها من مبتكراتنا وهي – الة البيانو –  ” ونظرا  للعلاقات التجارية  و الحروب انتقلت الكثير من العلوم والفنون  الهندسية و الصناعية والعسكرية والرياضية والموسيقية وغيرها من السومريين الى الفينيقيين و المصريين والاغريق وغيرهم  ، واذا كان الاغريق قد اطلقوا على العابهم الرياضية  ” بالالعاب الاولمبية ”   نسبة الى جبل  ” اولمبيا ” التي اقيمت فيها ” الالعاب الرياضية الاغريقية  ”  ولاول مرة عام  776 ق .م  من قبل ” ايفينوس ” ملك ليديا ، واستمرت تقام هذه الالعاب و حتى في زمن الرومان الذين احتلوا بلاد اليونان عام 146 ق م وفرضوا سيطرتهم على الدورات الاولمبية ، ورغم ذلك ظلت هذه الالعاب تقام كل 4 سنوات و لغاية عام 393 ميلادية  تم الغائها من قبل الامبراطور البيزنطي ” تيودوروس الاول ” ، وبعد غياب طويل وبفضل المفكر الفرنسي ” بيردي كوبيرتان ”  بدأ احياء هذه الالعاب عام 1896 حيث اقيمت اول دورة اولمبية حديثة في اثينا – اليونان ، واعتبر ” كوبيرتان ” هو مؤسس الالعاب الاولمبية الحديثة ” و مصمم شعاراتها ودستورها – موقع كوكل ، اوليمبيديا – بالانكليزية ” ، و استمرت اقامة هذه الالعاب  كل 4 سنوات في دول مختلفة باستثناء ثلاث مرات تمت الغائها بسبب الحروب ” في عام 1916 حرب العالمية الاولى ، و في عامي 1940 و1944 حرب العالمية الثانية و تاجلت مرة واحدة بسبب انتشار ” فيروس كورونا ” في العالم ” من  24 تموز 2020 الى 23 تموز 2021 ” في طوكيو – اليابان              .                                                          .
 اما بالنسبة للالعاب الرياضية التي كانت تقام خلال مهرجانات و احتفالات دينية اوعسكرية لدى السومريين وغيرهم من شعوب وادي الرافدين ، كانت ايضا تحمل ” اسما محددا ” او ” اسماء محددة ” لم نتعرف عليه  بسبب قلة المصادر والمراجع لدى الباحث ، و سيكتشف ونتعرف عليه في يوم من الايام بفضل الابحاث المستمرة من قبل العلماء والمنقبين عن الاثار في مناطق حضارات شعوب وادي الرافدين ، وهناك بقايا  بعض الاثار لتلك الالعاب الرياضية التي حافظت على استمرارها والى يومنا مثل ” العاب الزورخانة ” وهي لاتزال في حيويتها ونشاطها سيما في شرق كوردستان ” في كرمنشاه و ايلام  و شار زور ” اي مدينة المصارعة – و للحقيقة فان هذه المدينة سميت بهذا الاسم ، لانه كان قديما تقام فيها “مسابقة المصارعة ”  بين ابطال هذه المدينة ، وكان المصارع الاقوى يصبح حاكما عليها ” محمد مندلاوي  صوت كوردستان 2020 ” ، ان هذا المثال الواقعي شبية لما حدث لدى الاغريق في تسمية  العابهم الرياضية ” بالالعاب الاولمبية ” ، ولايزال اغلب ابطال المصارعة ورفع الاثقال الذين يمثلون ايران في المسابقات الاولمبية والعالمية ويفوزون بالمداليات الذهبية هم ابطال الكورد ، و لقد انتشرة الزورخانات ايضا في طهران و خرسان والاهواز ..الخ  ، كذلك في السليمانية واربيل و بغداد و الكاظمية وكربلاء و البصرة ، وفي  الكويت وغيرها                                                                       .
المصادر و المراجع                                                .
1  – جوزيف كليما  ” المجتمع و التقافة لدى شعوب وادي الرافدين قديما ”  براغ 1963  2  — فرنتيشك كراتكي  ” تاريخ التربية الرياضية ”  براغ 1964  3  – مارش ايج  ” قصة الحضارة في سومر وبابل ” بغداد 1971  4  – كامل لويس  ” رياضة قيادة العربات في العراق قديما ”  مجلة التربية الرياضية – كلية التربية الرياضية  – جامعة  بغداد 2000 ” ”  5  -بهنام ابو صوف  ” الرياضة في بلاد الرافدين ” عمان – الاردن 25 / 3 / 2010    6  – نجم الدين السهروردي ” الموجز في فلسفة وتاريخ التربية الرياضية جامعة الموصل 1983  7  – صبحي انور رشيد ” الرياضة و الموسيقى في العراق  – جريدة الرياضي  بغداد 1984  8  –  محمد مندلاوي ” ماهو المعنى الحقيقي لاسم البطل السومري ” كل كا ميش ”  باللغة الكوردية ” صوت كوردستان 4/ 8/ 2020  9 – ديلا بورت ”  بلاد ما بين النهرين ” ترجمة محرم كمال القاهرة  1997 10 – دياكوف و كوفاليف ” الحضارات القديمة ” ترجمة نسيم واكيم اليازجي دمشق 2000 . 11 –  قاسم المندلاوي ”  الثقافة الرياضية في ميزوبوتاميا  ” مجلة الثقافة الرياضية  وارشو – بولندا 1970  12 –  قاسم المندلاوي ” الاعداد العسكري في بلاد الرافدين ” مجلة العلم والحياة ” براغ – جكوسلوفاكيا 1971  13  – موقع كوكل – اولمبيديا – بالانكليزية – 14 – قاسم المندلاوي ” تطور التربية الرياضية في المجتمعات القديمة ” مجلة التربية الرياضية – كلية التربية الرياضية  – جامعة بغداد  1980 .. 15 – كورت زاكس ” تاريخ الالات الموسيقية ”  1940  نيويورك  16 – رضا العطار ” الا تعلم ان الركائز الاساسية لموسيقى الكلاسيك العالمية شملت انغام عراقية – صوت العراق 20 / 2 / 2021                                  .
17   –  wooly .c . i ” Hall and others ” Ur . Excavations Oxfor1917 .
                                                يتبع

6 Comments on “الالعاب الاولمبية بين الاغريق وغيرهم من الشعوب –  السومريون والالعاب الرياضية   –  3  – ا . د . قاسم المندلاوي    ”

  1. مقال اكثر من رائع. المقال غني بالكثير من المعلومات التاريخية القيمة التي سردها الكاتب باسلوب مشوق يدفع القارئ للاستماع و الاستفادة بنفس الوقت. و هذا الاسلوب هو ماركه مسجله للدكتور قاسم المندلاوي.

  2. كل الشكر والاعتزاز والتقدير للدكتور محمد على ما ورد في تعليقه المختصر الجميل ، نعم دكتورنا الغالي الكتابة في المواضيع التاريخية وباسلوب شيق وبتجرد من العاطفة والوقوف على الحقائق و الادلة التاريخية يحتاج الى جهد مضاعف وكبير ، وان اغلب القراء يحبون الاساليب الشيقة والواضحة والدقيقة في التعبير وتقديم المادة والفكرة ، مرة اخرى الشكر والتقدير و الاعتزار لك يا دكتور محمد .

  3. الدكتور قاسم المحترم . اثمن فيك روح العطاء على معلومات قيمة تتحفنا بها على الدوام وتسبر اغوار التاريخ من اجل توضيح امور ثقافية تخص التاريخ القديم و التي نحن بامس الحاجة اليها ، واذهب ما ذهب اليه الدكتور محمد حفظه الله بان هذه المعلومات ماركه مسجله للدكتور قاسم مع فائق احترامي .

  4. شكرا للاخ استاذ عبد الرسول علي المندلاوي على التعليق الجميل والمتابعة المستمرة لما يكتب من المواضيع والمقالات المتنوعة و خاصة ما ينشر عن احوال ومظلومية الشعب الكوردي ، نرجو منك المزيد من العطاء من خلال تحليلاتك و افكارك ومقترحاتك القيمة ، نتمنى لك كل التوفيق و النجاح .

  5. الدكتور قاسم المندلاوى باحث جيد ورياضى بكل معانى الكلمة ومتبحر في كثير من المجالات والميادين يتحفنا دائما بمواضيع شيقة في السياسة والرياضه والفن والتأريخ الخ دون ان ينسى في كتاباته قضية شعبه المقهور وحقه في حياة حرة كريمة اسوة بكل شعوب وامم الدنيا وهذا يدل على نقاء سريرته واصالته واخلاصه ووفاءه تحية لكاتبنا الجليل نتمنى له الموفقية والنجاج

  6. الشكر والتقدير لاستاذنا الكاتب ” ابوتارا ” على ما جاء في تعليقه الجميل .. استاذنا ابو تارا معروف في تعليقاته وتحليلاته المهمة والمفيدة حول مختلف المواضيع الادبية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها وفي مختلف المواقع الاعلامية الحرة وخاصة حول الحقوق العادلة والمشروعة لشعبة الكوردي المظلوم .. الف الف تحية للاستاذ ابو تارا وفقكم الله

Comments are closed.