في صيف عام 1974 غادرت مدينة عقرة بصحبة والديَّ وأخواتي نحو المناطق المحررة التي كانت تحت سيطرة الثورة الكردية التابعة لمحافظة أربيل واللجوء اليها . إنتهى بنا المطاف الى بلدة [ ناو پردان ] التابعة لقضاء جومان فأقمنا في منزل صهرنا الذي كان يعمل يومذاك في الخطوط اللاسلكية للثورة الكردية .
بلدة ناو بردان ، هي منطقة في غاية الجمال والروعة بجبالها الشاهقة وبساتينها وغاباتها الخضراء ومناظرها الساحرة كما غيرها من مدن ومناطق كردستان العراق . بعد فترة قصيرة أقام في منزل صهرنا عدد من العوائل من أقربائنا أيضاً ، وذلك خشية من إندلاع الحرب التي كانت متوقعة أن تندلع وقتذاك كل حين وآخر بين الحكومة العراقية والثورة الكردية التي كان يقودها حينذاك الراحل مصطفى البارزاني [ 1902 – 1979 ] .
كان في بلدة ناو بردان مركز جهاز المخابرات لحزب البارزاني المسمى كردياً بال[ پاراستن ] ، وكان برئاسة مسعود البارزاني ، وبنيابة شكيب عقراوي . تأسس جهاز المخابرات لحزب البارزاني في بداية الستينيات الماضية من القرن الماضي . وهكذا كان المكتب العسكري لحزب البارزاني في بلدة ناو بردان أيضاً . أما مركز القيادة الكردية لحزب البارزاني فكان في بلدة حاج عمران القريبة من الحدود الإيرانية .
في أحد الأيام كنت أتمشَّى في أحد شوارع بلدة ناو بردان رأيت سيارة منصوبة عليها مكبِّرتان للصوت تنادي باللغة الكردية ؛
تحذير .. تحذير .. تحذير
الى جميع المضادات الجوية ، يُرجى الإنتباه بكل جدية ؛ لا تخطأوا بين الطائرات الحربية للعدو ، وبين طائرات أصدقائنا الحربية أيضاً . لذلك عليكم توخي الحذر جيداً وعدم الخلط بين الأهداف <!> . وكانت هذه السيارة تجوب بلدة ناو بردان ذهاباً وإياباً ، وهكذا الأمر بالنسبة للبلدات الأخرى .
بعدها واصلت سيري الى نقطة التفتيش لبلدة ناوبردان وكان مسؤولها قريب لنا ، وهو صادق يونس عقراوي ، فسلمت عليه وسألته ؛ ياعم ، هل صحيح إن طائرات حربية صديقة سوف تدخل الحرب لصالح الكرد ، ومن هو الصديق أوالأصدقاء ؛ فرد سريعاً ايران هي الدولة الصديقة وسوف تدخل بسلاحها الجوي الحربي لصالحنا ! .
عقب ذلك رجعت الى البيت وفكري مشغول بموضوع الطائرات الحربية للأصدقاء ، أوالدولة الصديقة التي سوف تقصف الجيش العراقي في حال إندلاع الحرب بين الحكومة العراقية البعثية السابقة والثورة الكردية ، فسلمت ثم جلست بالقرب من والدي ، ورويت له ما رأيت وما سمعت ، فرد عليَّ ؛ بُنيّ ما قالوه وما سمعته منهم غير صحيح على الإطلاق . أما طائرات الأصدقاء ، وهم يقصدون ايران فهي لاتفعل ذلك أبداً ، فقلت لوالدي إذن ؛ فلماذا كل هذه الدعاية ، قال ؛ ذلك ليس إلاّ دعاية ولسوف نرى عدم صحتها في قادمات الأيام ! .
بالحقيقة لا يُمكن إقامة الدولة بالدعايات والأمور المبالغة فيها وإطلاق الشعارات الرنانة والطنانة لها ما لم تكن الظروف والعوامل الأساسية مُهيَّأة لها على الصعيدين الداخلي والخارجي ، بخاصة لجغرافية معقدة إقليمياً ودولياً مثل جغرافية كردستان التي تم إسقاطها جيوسياسياً مُذْ بدايات القرن العشرين المنصرم من قبل السياسة الدولية ، وذلك ضمن إتفاقيات دولية معروفة ، حيث من أشهرها إتفاقية سايكس – بيكو البريطانية – الفرنسية لعام 1916 من القرن الماضي .
لهذا نرى بأن جميع المحاولات الكردية فشلت وتداعت وآلت الى السقوط المحتوم ، مثل الجمهورية الكردية في مهاباد ، في كردستان الملحقة بإيران عام 1946 برئاسة القاضي محمد [ 1893 – 1947 ] . وكذلك مثل إستفتاء الإستقلال لكردستان / العراق الأخير الذي قام به مسعود البارزاني عام 2017 ، مع إن نتائج الإستفتاء في الفشل كانت متوقعة ، كل التوقع . لذا كان الأجدى ولمصلحة الشعب الكردي عدم القيام بالإستفتاء المذكور نظراً لموقف السياسة الدولية الرسمي المعارض من قيام دولة كردستان في الوقت الراهن ، وحتى في المستقبل المنظور أيضاً . عليه إتضح فيما بعد كم كان الإستفتاء الأخير له سلبيات وأضرار فادحة على الكرد وكردستان من النواحي البشرية والجغرافية والإقتصادية ..؟
ايام اليمه ومؤلمه مرت على الاف المؤلفه من العوائل الكورديه الشريفه من فقر وعوز وترحيل وهجران في سبيل الكوردايتي واصبحوا اليوم من المنسيين .. والشىء الوحيد المستفادين من هذه المشقه هو راحه الضمير امام الله والخلق من خلال دفاعهم الشريف عن الحقوق المسلوبه للشعب الكوردي والانساني في كوردستان وعدم الرضوخ للاستبداد والطغاه من كل السلطات القومجيه والبعثيه ودمتم بالصحه والسعاده مير
الأخ العزيز خدر ..
تحية طيبة :
أجل .. كما ذكرت ، لقد عانى الكرد الكثير من المعاناة والكوارث وحالات التشريد والترحيل والنفي في طريق الكوردايه تي في الماضي والحاضر ، كما قدموا الكثير من التضحيات التي قد لاتعد ولاتحصى . أما الذي يُؤسف عليه غاية الأسف والأسى حينما آستقر الوضع للكرد في الإقليم لم يتمكن قادته من الحكم بعدالة وإنصاف ..
شكراً جزيلاً على الحضور الطيب والإهتمام بالموضوع والتعليق عليه ، فسلمت دوماً يارب ..