الغجر : من هم ؟ وكيف انتشروا في العالم ؟  عبد الرسول علي المندلاوي 

هناك اسماء وان تبدو مختلفة الالفاظ مثل : زنكارو  وسيكان  و خيتانو و جيبسي  لكنها تحمل معنى واحدا هو ما نعرفه في اللغة العربية  ” بالغجر او الغجري ” فمن هم الغجر ياترى ؟  ومن اين جاءوا ؟ وكيف انتشروا في بقاع الارض ؟ وما هي عاداتهم وتقاليدهم ؟ … يجب ان نعلم بان الغجر لا يطلقون على انفسهم ايا من التسميات التي ذكرت وانما يتداولون  اسما وهو الروم والذي يعني بلغتهم الرجل الطليق ، واما لغتهم فانها شبيهة بلغات شمال الهند وهذا متآت في الواقع من كون الغجر منحدرين في الاصل من منطقة ” كاراكورم ” الواقعة شمال الهتد حيث كانوا يعدون من الطبقات الدنيا الامر الذي جعلهم يتعرضون للاضطهاد بشكل متواصل اخذ في خناقهم على مر العصور حتى قرروا الهجرة وهكذا بدأت هجرة الغجر من كاراكورم بين عامي 500 الى 600 بعد الميلاد قاصدين ايران غير انهم ما لبثوا ان تركوا ايران على مجموعتين الاولى قصدت اسيا الصغرى واليونان  والثانية قصدت مصر واستقرت فيها حتى القرن الحادي عشر حيث تركتها الى اوربا عابرة ليبيا وتونس والمغرب وهناك في اوربا توزع افراد هذه المجموعة بين اسكوتلندا و ايرلندا و اسبانيا ، ولما كان هؤلاء وفدوا من مصر الى هذه البلدان فقد اطلق عليهم اسم ” جيبسي ” نسبة الى اسم ” مصر القديمة ” الذي هو بالانكليزي ” ايجبت ”   اما المجموعة الاولى التي غادرة ايران الى اسيا الصغرى و اليونان فلم يطل بهم المقام في اليونان حيث نزحت في عام 1400 م الى بلاد البلقان ثم انتشرت بعد ذلك في المجر وايطاليا و فرنسا وكان قتل الغجري في بعض البلدان وحتى عام 1800 لا يعد جريمة  .. اما اللغة الاصلية للغجر هي اللغة الرومية وانها تاثرت بطبيعة الحال بلغات البلدان التي مروا ببعضها واستقروا في بعضها الاخر ، وليس هناك تفاوت طبقي في حياة الغجر ولا وجود للملكية في حياتهم على الاطلاق والسلطة الوحيدة التي يحترمها الغجري ويقدم لها فروض الطاعة والولاء هي العائلة وحينما يتقاعس الغجري عن اداء الواجب او يخل بآداب المجموعة فان دار القضاء هي المسؤولة عن محاسبته ، ودار للقضاء تتالف من مجلس يضم ارباب البيوت ، اما اعلان قرار الحكم فيكون من شأن القاضي  ، والقاضي يتم انتخابه من بين كبار الشيوخ والوجهاء ويكون قراره نهائيا لا يقبل الاستئناف ويتخذ القاضي عدة احكام من بينها دفع مبالغ مالية او طرد من المجموعة ، وهذا القرار هو اعلى قرار يتخذه دار القضاة بحق الغجري ، اما عادات الغجر وتقاليدهم فقد ورثوها عن اجدادهم وان بعضا من هذه التقاليد قد عفا عليها الزمن ودفنها التاريخ في اودية النسيان  ، والبعض الاخر ظل عند الكثير من قبائلهم محافظا على اصالته مثل الولادة والزواج والوفاة  ، فالولادة عندهم تعتبر ظاهرة قذرة تجلب لهم سوء الحظ ولتفادي سوء الحظ هذا يعمدون الى وضع الام وطفلها في مكان منعزل حتى ان الاب لا يرى ابنه الا من مكان بعيد كما انه لا يحق له مس زوجته اطلاقا وان فعل ذلك فيعد قذرا الى الابد وتنتهي فترة العزل بالنسبة للطفل حال تغميده  ، اما الام فياخذ عزلها وقتا اطول يستغرق اربعين يوما وخلال فترة العزل عليها ان تاكل بادوات خاصة يتم رميها جميعا بعد الانتهاء من فترة العزل  ، اما فيما يتعلق بالزواح فانه يختلف باختلاف القبيلة  وعلى العموم فان الغجري يختار شريكة حياته عن طريق ابويه و المهر يثبت تبعا لامكانية العائلة وعلى الزوجة ان تصل بيت زوحها وهي عذراء فان كانت كذلك فان الزوج يضع منديلا حول راسها دلالة على عذريتها وهذا المنديل تحمله معها طيلة حياتها  ، وان اتضح انها غير عذراء فان الزوج يضع المنديل حول رقبتها ، اما فيما يخص تقاليد الوفاة فان الغجر حينما يكون احدهم   في حالة احتضار فانهم يمددونه على ظهره واضعين قدميه صوب الباب او باتجاه فتحة الخيمة وحالما يسلم الروح فان جمعا من النساء يقمن بغسله والباسه لباسا جديدا ويقوم الرجال بتكملة مراسيم الدفن ويضعون مع جثمانه بعضا من ممتلكاته الخاصة كالذهب والحلي و السكائر كما يضعون قليلا من النقود في يده اليمنى لاستعمالها اثناء رحلته الطويلة في العالم التي كما يعتقدون تبدأ عند الموت  ، وكان الغجر فيما مضى يشتهرون بالصياغة والرسم والنقش وكذلك صناعة السجاد والملابس والقمصان ذات النقوش الجميلة حيث كانت تدرعليهم رزقا كبيرا ، لكن هذا العمل اختفى بفعل منافسة الشركات و المعامل التي اخذت بانتاج هذه الملابس ولم يبق عندهم غير فن واحد يرتزقون به وهو الموسيقى و الغني  ، ويقال ان الغجر ادخلوا ” الفلامينكوا ” الى اسبانيا والذي هو مزيج من الرقص والغناء والموسيقى .