إلى أين ذهب ويذهب دخل النفط الكردي؟- بيار روباري

 

سأقسم مقالتي إلى جزئين الجزء سأتناول دخل النفط الكردي في جنوب كردستان ومصير هذا الدخل في ظل حكم عائلة البرزاني والطالباني، وفي الجزء الثاني سأناقش فيه مصير أموال النفط الكردي بغرب كردستان وفي ظل إدارة (ب ي د).

 

إقليم جنوب كردستان

قدرت وزارة الموارد الطبيعية في إقليم كردستان، أن إحتياطات الإقليم تصل إلى (45) مليار برميل نفط، وإحتياطه من الغاز  يصل إلى (177) تريليون متر مكعب، وهي كميات كبيرة جدآ لإقليم تعداد سكانه لا يتعدى سبعة ملايين مواطن. ولو كان إقليم كردستان دوﻟﺔ ﻣﺳﺗﻘﻟﺔ، لكان إحتياطيه من النفط واﻟﻐﺎز وضعه بين أغنى عشر دول بالنفط حول العالم.

وما يزال الخلاف محتدماً بين حكومة إقليم جنوب كردستان، وحكومة بغداد المركزية حول إدارة النفط اﻟذي يُنتج ﻓﻲ الإقليم ﺑﻣﺳﺗوى إﻧﺗﺎﺟﻲ يقدر حالياً ﺑـحولي (550،000) الف برميل يومياً. وقد إمتنعت الحكومة المركزية، دفع رواتب الموظفين في الإقليم بما فيهم رواتب البيشمركة بسبب إمتناع حكومة الإقليم تسليم أموال النفط للحكومة المركزية.

ولم يتفق الطرفان حول صيغة قانون النفط والغاز، ليتم تمريره في البرلمان ويعمل به بسبب تعنت الحكومة الشيعية الطائفية وتضارب المصالح بين الطرفين.

إقليم جنوب كردستان، يصدّر النفط خارج إشراف السلطة الاتحادية في بغداد منذ عام 2012 ولغاية يومنا هذا وعقد البرزاني إتفاقيات سرية ولمدة طويلة مع النظام الأردوغاني لا أحد يعلم بمضمون ذاك الإتفاق. هذا عدا عن بيع النفط في السوق السوداء عبر المهربين ومافيات النفط، عن طريق الصهاريج لمافيات وشبكات تركية وإيرانية، والكثيرين من هؤلاء المهربين مقربين من عائلة مسعود البارزاني، وعائلة الطالباني في السليمانية.

 

هناك صعوبة بالغة للحصول على المعلومات الدقيقة والكاملة، لأن الذين يتحكمون بتصدير النفط والغاز الكرديين عصابات عائلية ومافيات تركية وإيرانية تعمل مع المافيا المحلية. ما نعلمه جيدآ الإقليم يصدر ما معدله (550.000) بشكل رسمي. وإذا حسبنا سعر البرميل الواحد بي (70) كمعدل، هذا يعني يدخل خزينة الأقليم (المفروض) يوميآ /38.500.000/ مليون دولار. هذا يعني شهريآ /1.155.000.000/ مليار. وسنويآ يساوي /13.860.000.000/ مليار. وإذا ضربنا هذا الرقم بي (9) سنوات نحصل على دخل قدره /124.740.000.000/ مليار. تقريبآ (125 مليار دولار) هذا دخل الإقليم خلال تسع سنوات، فقط من النفط. وإذا حسبنا بيع الغاز بنصف قيمة النفط يكون لدينا (187 مليار دولار)، وأضف إليهم أموال الجمارك ولنفترض كان دخل الجمارك (50 مليار دولار) فيصبح المجموع (237.5 مليار دولار)، هذا عدا عن دخل الضرائب وبيع الأراضي والسياحة. يمكنني القول أن دخل الإقليم على مدى تسع سنوات الأخيرة فقط، وصل إلى (250 مليار دولار) هذا على أقل تقدير. هذا المبلغ الهائل يمكن بناء دولة مهدمة كاملة مثل سوريا.

 

السؤال: أين ذهبت هذه الأموال وتذهب إلى الأن؟ مَن المسؤول عنها؟ وفي أي حساب موجوة؟ وفي أي بنك وبإسم مَن وضعت وتوضع؟؟

أيها الكرد في جنوب كردستان عندما تعلمون ذلك، ستدركون في أي بلدٍ تعيشون، وفي ظل أي مافيا؟ الإقليم لوحده قادر على دفع رواتبكم جميعآ كموظفين ودون الحاجة للحكومة العراقية. وكل من يدعي أن الحكومة المركزية هي المسؤولة عن وضعكم التعيس، كذاب ودجال وحرامي، هذه هي الحقيقة المرة. هذا لا يعني أن الحكومة الشيعية الطائفية في بغداد بريئة، أبدآ.  

 

عليكم النهوض والتحرك معآ (بهدينان وسوران)، ولا يمكنكم النهوض ما لم تتحرروا من عبادة الأصنام، وتنهضوا وتثوروا معآ على العصابتين الحاكمتين، وإلا ستعيشون أذلاء وبلا كرامة إلى مشاء الله.

 

*************

 

إقليم غرب كردستان

إن إحتياطي النفط في سوريا يبلغ حوالي (ملياري) برميل حسب موقع “أويل برايس” الأميركي. وهو رقم ضئيل إذا ما قورن بإحتياطيات السعودية مثلآ، والتي تبلغ نحو (270) مليار برميل. سوريا قبل بدء الثورة على النظام الأسدي عام 2011، كانت تنتج حوالي (ثلاثمئة) ألف برميل يومياً حسب ما كان يعنه المقبور حافظ الأسد. إلا أن هذا الرقم إنخفض ووصل حسب التقديرات إلى حوالي (40) ألف برميل يوميآ بسبب تخريب بعض الأبار نتيجة المعارك العسكرية وعدم توفر قطع الغيار وضعف الكادر التقني والخلافات السياسية بين الطرف الكردي والنظام الأسدي. وأكثرية الحقول النفطية والغازية تقع تحت سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”(قسد) اليوم.

 

منذ عهد المقبور الطاغية حافظ الأسد ومرورآ بحقبة حكم إبنه المجرم بشار وإلى يومنا هذا، لا توجد أرقام حقيقية معلنة عن إنتاج النفط، حيث في عهد المقبور كان الأمر يعتبر سر من أسرار الأمن الدولة للنظام الأسدي، وظل كذلك حتى قيام الثورة وسيطرة تنظيم داعش على تلك الحقول، وإنتقالها لاحقآ لسيطرة “قوات قسد”.

أموال النفط الكردي لم تدخل ضمن ميزانية الدولة السورية في عهد عائلة الأسد الأب والابن، وأن دخلت فكانت بأرقام مزيفة، ولم تستفيد منطقة الجزيره الكردية من تلك الأموال نهائيآ، ولا في أي عام من الأعوام، وذلك على مدى أكثر من خمسين بسبب عنصرية البعث والنظام الأسدي الطائفي المجرم.

في الواقع الإنتاج الحقيقي منذ منتصف الثمانينيات وحتى عام 2008 كان يتراوح ما بين ‏(1.4) و (1.6) مليون برميل يوميا، رأس النظام كان يدخل ثلاثمئة ألف برميل (بالمعدل) إلى خزينة الدولة، والباقي كان يسرقه هو وعائة مخلوف، حسب رأي العالمين بخبايا النظام الأسدي مثل “فراس طلاس” إبن وزير الدفاع السوري السابق وأحد مجرمي النظام.

 

جهة التصدير والإيرادات

يصدر النفط الذي يقع تحت سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” لثلاث جهات رئيسية أبرزها النظام الأسدي، ومن ثم مناطق سيطرة المعارضة للأسف، وجزء منه إلى إقليم جنوب كردستان. والباقي يخصص للمناطق الكردية.

إذا حسبنا سعر البرميل بالمتوسط بي (30 دولار) فقط، هذا يعني، دخل الخزينة الخاصة بالإدارة الذاتية ما يعادل (1.200.000) مليون دولار. وعلى مدة شهر يكون الدخل (36.000.000) مليون دولار. هذا يعني دخل سنوي يقارب (432.000.000) مليون دولار أي ما يقارب نصف مليار. وعلى مدى خمسة سنوات يكون المبلغ الإجمالي (2.100.000.000) ملياري دولار أمريكي. هذا عدا عن أموال بيع الغاز، القمح، القطن، الشعير، الشوندر السكري، والزيتون قبل ذلك من عفرين والزيت ومضافآ إليها أموال الجمارك التي لا نعرف أيضآ عنها شيئ.

هذه المبالغ برأي أكثر من كافية لتنمية المناطق الكردية، وتحسين حياة المواطنين وتقديم خدمات أفضل لهم، رغم ظروف الحرب والحصار التي مررنا بها.

 

السؤال: أين ذهبت هذه الأموال؟ ومَن المسؤول عنها؟ ولماذا لا يوجد شفافية في هذا الموضوع؟؟

وبحساب مَن توضع؟

 

القيادات الكردية الحالية الذين يحكمون غرب كردستان الأن هذا إسمه وليس (شمال شرق سوريا)، بقوة السلاح مثلهم حكام مشايخ جنوب كردستان، كانوا ينتقدون عصابة الأسد أنه يسرق النفط السوري، ولا نعرف شيئ عن دخل النفط!! والأن الشعب الكردي الذي قدم عشرات ألاف الشهداء، أيضآ لا يعرف أين تذهب أموال نفطه. فما الفرق بين الحالتين؟ هذا نهب وسلب، وذاك نهبٌ وسلب.

 

وفي الختام، إذا كانت الأرقام التي قدمتها ليست دقيقة، نتمنى أن تشكف الإدارات الكردية الثلاثة (إدارة السليمانية، إدارة هولير وإدارة قامشلو) كافة الوثائق والعقود والأرشيف كي نحن جميعآ ككرد نطلع عليها ونعرف كامل الحقيقة ونستطيع فتح جردة حساب وأظن هذا من حقنا، لأن هذه الطبيعية ملك للشعب وليست لهذه الأحزاب وقياداتها.

 

22 – 05 – 2021