الالعاب الاولمبية بين الاغريق وغيرهم من الشعوب – المصريون و الالعاب الرياضية      –   8  – .   – ا . د . قاسم المندلاوي       

   قدماء مصر اهتموا ايضا بالالعاب الرياضية واقاموا لها مهرجانات واحتفالات عسكرية و دينية  ، ويظهر ذلك جليا من خلال الاكتشافات الاثرية التي عثر عليها المنقبون في مقابر ومعابد  ” بني حسن ، و وادي الملوك ، وادفو ، وسقارة  في ” تل العمارنة ” حيث عثر على الكثير من الادوات و النقود و الرسوم و الصور جميعها تدل بوضوح على اهتمام الفراعنة بالاعداد البدني و القتالي و الرياضي .. كان الشباب المصري ينشأ باسلوب يتميز بالنشاط البدني المتعدد ، وكانوا يتدربون على استعمال مختلف اسلحة الحرب كالقوس و النشاب و الحربة و البلطة الحربية و الصولجان و المقالع و الدروع  وغيرها ، و كانوا يمارسون تمارين بدنية لغرض اكتساب اللياقة الجسدية ، و قد احتوى البرامج على المشي العسكري و الجري و المصارعة و الوثب و القفز و الرمي فضلا عن صيد الحيوانات البرية و السمك و قد مارسوا الجري والوثب على شكل منافسات كما هو واضح من الرسوم و النقوش التي عثر عليها في جدار مقبرة ” امنحتب ” وفي ” تل العمارنه ” ..  وقد فرض على اولاد الملوك و الامراء الجري لمسافة ” ميلين ” تقريبا قبل تناول  طعام الفطور ، وهناك ادلة واضحة تشير الى ان الملك ” زوس ”  كان يجري في عيد ملكة الثلاثين ليثبت للشعب بانه يتمتع بلياقة بدنية عالية ، وانه مازال قادر على الحكم رغم كبر سنه  ” 70 سنه ”  .. وفي  ” سقارة ”  في مقبرة ” امنحتب ” عثر على وثيقة تشرح فيها طريقة الوثب العالي في تلك العصور الغابرة ، وكان التدريب على رمي الرماح و الحراب من التمارين الاساسية حيث كانوا يرمون رماحهم القصيرة على دوائر مرسومة على قطعة مستطيلة من الخشب ، وكان الرمح يستخدم ايضا في صيد الحيوانات البرية مما دفعهم الى ممارسة التدريب عليه بقصد دقة التصويب و الرمي لمسافات بعيدة ، قدماء مصر اهتموا ايضا بالمصارعة ووضعوا لها اسس وقواعد قبل 4000عام ق م ” شاينر براغ 1890 ”  كما تدل نقوشهم الاثرية ، وعنهم اخذها الاغريق واقاموا لاجلها الشعائر والابيات الشعرية وجعلوها جزءا من مهرجانات العابهم الاولمبية ، و اكتشف المؤرخ البرفيسور ” سيلابا  براغ 1921 ” في بحثة ودراسته  للمنقوشات و الرسوم والنحوت التي عثر عليها خلال التنقيبات المختلفة ان الفتاة المصرية كانت تمارس قبل اكثر من  4000  عام ق م العاب مختلفة وبعدة كرات في وقت واحد و تدل هذة المنقوشات و الرسوم على كيفية اللعب بالكرة كطريقة رميها بيد واحدة ومسكها بكلتا اليدين  وكيفية ضربها و طريقة اللعب باربعة كرات ويظهر من الاستكشافات الاثرية انه كان هنالك قاعات رياضية خاصة لهذا الغرض وكانت الكرات التي عثرعليها مصنوعة من الطين او الجلد محشوة بالشعر او الرمل ولا يزال القسم الكبير من هذه النماذج محفوظا في متحفي لندن وبرلين . و من جانب اخر اهتم المصريون الفراعنة بالتربية الخلقية ، وجعلوا درس التربية البدنية ضمن التربية الخلقية وخصصوا ساعات لاعداد الشباب ، يقول  الدكتور ” علي ابو دشيش – عضو اتحاد الاثريين المصريين ” في بحثة بعنوان ” الفراعنة اول من نظموا دورة الالعاب الاولمبية ، القاهرة 2018 ”  ان قدماء المصريين اهتموا اهتماما كبيرا بالرياضة البدنية حيث كشفت ” متون ” الاهرام عن وجود نوعين من الرياضة البدنية : نوع يسير خفيف الاداء كان الغرض منه الرشاقة والمتعة ، ونوع من الالعاب يستلزم اداؤها جهدا ومهارة كبيرة واضافة الى انه من اهم الالعاب عند الفراعنة كانت المصارعة ” واكد على قواعد المصارعة واصولها وكان يشترط في الفوز ان يجبر المغلوب على ان يضرب الارض 3 مرات كما هو معتاد الان ”  واضاف ايضا الى اهتمام الفراعنة ممارسة حمل الاثقال والقفز والوثب والعدو و السباحة والتجديف ، واكد ان مصر هي اول بلد في العالم نظمت دورة للالعاب الاولمبية ، فمنذ 2000 عام ق م ، حيث نظم الفراعنة المسابقات الرياضية الدولية بصفة دورية واول من اسس تلك الالعاب الملك ” رمسيس الاول ” ، و اضاف ان المصارعة كانت من الالعاب التي اهتم بها المصريون القدماء بصفة خاصة واوضح انه في مقابر ” بني حسن بالمينا ” وفي مقيرة ” امنتحت ” هناك مجموعة من الرسوم التي تصور الرياضيين المصريين وهم يمارسون العاب المصارعة الحرة والمبارزة و الرماية ورفع الاثقال والجمباز والملاكمة والجري وغيرها وتابع ، انه من خلال قراءة النصوص المكتوبة نجد ان اللاعب المصري كان يجرب مهاراته مع اجنبي وان طبيعة المنافسة وجدية مختلف انواع  الرياضات التي قدمت في الاحتفالات الدولية في مصر القديمة ”  كان المصريون القدماء مولعين بانواع مختلفة من الالعاب بشعائرهم الدينية ، لان فلسفتهم في الحياة لم تكن من الفلسفات العميقة كما لم يكونوا قوما محبين للحرب ، بل كانوا مسالمين يحبون قضاء وقتهم بطرق سليمة ، وكانت  للالعاب دورا مهما في حياتهم الاجتماعية والنفسية ، وكانت السباحة في ذلك الوقت شائعة وضمن العاب التسلية و الترفيه ” زاهي حواس ” الالعاب والتسلية والترفيه عند المصري القديم ، القاهرة 2011 ”  .. الخلاصة :  ما جاء انفا  نجد هناك اشارة اخرى عن منشأ الالعاب الاولمبية وفي هذه المرة لدى المصريين القدماء قبل غيرهم من الشعوب ، كما  في بحث ” ابو دشيش ”  و لكن هذه المسالة الرياضية التاريخية لم تصل الى ذروتها في البحث و الاستنتاج النهائي الثابت ، وفي اعتقادي ستكشف الايام القادمة اثباتات وادلة وبحوث جديدة حول هذا الجانب وتعطي لنا ايضاحات  اكثر دقة  و اكثر حيادية و بعيدا عن التاثيرات العاطفية ولا تخضع لعوامل سياسية او عنصرية و غيرها         .                                       .

4 Comments on “الالعاب الاولمبية بين الاغريق وغيرهم من الشعوب – المصريون و الالعاب الرياضية      –   8  – .   – ا . د . قاسم المندلاوي       ”

  1. مقالة مشيقة ومثيرة للاهتمام ومليئة بالمعلومات التاريخية المفيدة. غالبا عندما نذكر الحضارة الفرعونية القديمة نفكر بالاهرام و الالغاز والكنوز ولكن انه من الجميل ان نتعرف عن نوع الحياة اليومية في ذلك العهد وكيف كانو يهتمون بالرياضة كالمصارعة والسباحة واللعب مع الكرة. شكرا جزيلا على هذة المقالة التاريخية المنظمة

  2. شكرا لك يانجمة نعم قدماء مصر اهتموا بالجوانب الفنية و الرياضية واسسوا حضارة عريقة قبل ميلاد سيدنا المسيح ” ع ” بالاف السنين ، وتمكنوا بناء الاهرامات التي تعد من عجائب الدنيا السبع ، ولا يزال علماء الاثار يكتشفون بين حين واخر امور وحقائق فنية ورياضية جديدة .. مرة اخرى شكرنا وتقديرنا لك .

  3. عودنا الدكتور قاسم المندلاوي مشكورا على ان نعرف من فيض ثقافته الشاملة لمناحي الحياة السياسية و الاجتماعية و الرياضية فكنا اليوم على موعد معه ليطلعنا على الرياضة التي مارسها الفراعنة بانواعها المختلفة شكرا لاستاذنا العزيز الدكتور قاسم على هذه المعلومات القيمة .

  4. شكرا للاخ استاذ عبد الرسول على ما تفضلتم به ، افيدكم … بان رقي المجتمع و مقدار تطوره يستند على مدى الاهتمام بالرياضة من الجانب الصحي النفسي وكذلك الجانب البدني والقدرة والتأهيل للعمل والانتاج الكمي و النوعي .. ومع الاسف الشديد فان مجتمعنا المغمور بالفوضى السياسي و الاجتماعي و الفساد الاداري والمالي وازمة الاخلاق ، ابتعد تمام البعد عن الرياضة بمعناها و فوائدها الحقيقية بل واصبحت الرياضة في خبر كان ، لذا يمكن القول بان مجتمعنا قد دخل في حالة من الاحتضار والغيبوبة و فاقد كل شيء … مرة اخرى اقدم الشكر و التقدير لجنابكم .

Comments are closed.