قبل أن ندخل في أية تفاصيل وتجنبآ لأي سوء فهم إن حديثي عن الأشوريين لا يشمل كل الناس، الذين يسمون أنفسهم أشوريين. إنما كلامي موجه لتلك االشرذمات العنصرية البغيضة التي تشن حملة عدائية
“بل حاقدة” ضد الشعب الكردي منذ عدة سنوات. وقبل الدخول في أسباب هذا العداء، لا بد لنا أن نطرح عدد من الأسئلة الهامة والملحة ومن ثم الإجابة عليها، قبل الولوج في صلب الموضوع ومن هذه الأسلئة:
– هل كان هناك شعب إسمه أشور في التاريخ؟
– هل الأشوريين من سكان المنطقة أم وفدوا إليها؟
– على حساب مَن بُنيت الإمبراطورية الأشورية؟
– ما هي المعتقدات الدينية التي كان يدين بها الأثوريين؟
– كيف سقطت الإمبراطورية الأشورية وعلى يد مَن؟
إذا عرفنا الإجابات الحقيقية على هذه الأسئلة، سيسهل علينا فهم سر عداء وحقد بعض الأشوريين ضد الشعب الكردي.
تاريخ الإمبراطورية الأشورية، ينقسم لثلاثة مراحل، وما يهمنا في هذه المقالة المرحلة الأخيرة التي تمتد من عام (911 – 609) قبل الميلاد سنة سقوط الإمبراطورية. إمارة أشور قامت على بعد حوالي (300) كيلومتر شمال إمارة بابل. وما أن قويت شوكتها العسكرية حتى شنت حروب ضد المناطق الشمالية لها، أي المنطق الميدية أجدد الكرد، وكسبت في تلك المعارك، ومن ثم توسعت جنوبآ على حساب (بابل، وعيلام وأكد). ولاحقآ سيطرت أشور على المناطق الفينيقية والكنعانية، ومن بعدها سيطرة على جزء من مصر أيضآ. وحكمت أشور بالحديد والنار كل هذه المنطقة وفتكت بشعوبها، ولم يشهد التاريخ إمبراطورية أكثر دموية من إمبراطورية أشور. “سومر” أنشأت الحضارة وتعهدتها دولة “بابل” وأتمتها حتى بلغت ذروتها، وورثتها “أشور” البربرية وحولت الدولة إلى دولة عسكرية وأمنية، بتأييد كامل من قبل رجال الدين، وقسمت المجتمع إلى خمسة طبقات إجتماعية.
هل كان هناك شعب إسمه أشور في التاريخ؟
الجواب لا.
لم يكن هناك في التاريخ شعب إسمه أشور. وأثور/ أشور هو إسم ملك وفي القدم كان يطلق صفة الإله على الملوك. وبالتالي كان شخصآ وليس شعبآ، وكلمة (أثور/أشور) “آسارو” الآكادية. وإسم أثور تعني البداية في اللغة السريانية وهو إسم الإله، والبعض الأخر يرجعها إلى الثور وهناك أخرين يفسرون بأنها تنعي مجاري المياه بالعامية تسمى السورية “البالوعة” أي المرحاض أو الصرف الصحي، وأصحاب هذا الرأي يدعون أن (أشور) كلمة سومرية (آ-سور-را)، وتعني البالوعة.
وعندما حكم الملك “أشور أُوباليت الأول” (1365 – 1330) ق. م، أطلق إسمه على الدولة وسماها الدولة الأشورية. تمامآ كما فعل الملك عبدالعزيز بن “سعود” حيث أطلق إسم عائلته على الحجازيين والنجديين وسواهم من أهل الجزيرة، وكلنا يعلم لا وجود لشعب إسمه الشعب السعودي في التاريخ
وهي مجرد خرافة وكذبة. كاد أن يفعل ذات الشيئ (مصطفى كمال)، ولكنه في النهاية إكتفى بلقب “أتاتورك” أي أبو الأتراك.
وإذا تصفحت الكتاب المقدس (الإنجيل) بنسخته القديمة فلن تجد بين ضفتيه كلمة (آشور)، ولا حتى في اللغة السريانية وأدابها. هذا مصطلح يهودي وبدأ إسخدامه في السبعين السنة الأخيرة بدوافع سياسية بحتة، وكان صاحب الفكرة المحتل الإنكليزي للعراق. إن الذي ورد في الكتاب المقدس هو إسم شخص يدعى: ” آشور بن سام” وفي أيتين فقط. والعرب أخذوها عن السريانية كون القرأن كتب باللغة السريانية كانوا يستخدمون “أثور وأثوريين”، ولم يستخدموا كلمة (أشور). كما لا يوجد لغة أشورية بل هي ذاتها السريانية لا أكثر ولا أقل. إن كلمة “أسيرين” باللغات الأوروبية مأخوذة من كلمة “أثور”.
Asur à Assyrian à Syria
بعض الآثوريين والكلدان الجدد أيتام الإستعمار الإنكليزي وعملائه، أخذوا يستخدمون هذا المصطلح العبري، الذي لا علاقة له بالأثوريين البائدة نهائيآ، ذلك طمعآ وحلمآ بدولة أشورية على أرض كردستان.
من هم الأثوريين/الأشوريين؟
ما يطلق عليهم اليوم تسمية الأشوريين ليسوا عرقآ ولا قومية على الإطلاق. الملك (أثور أُوباليت الأول) (1365 – 1330) قبل الميلاد، هو أول من إستخدم كلمة (أثور) كتسمية لدولته، وكان إسم المنطقة قديمآ (سوبارتو)، والسوبارتيين هم من بُناة مدينة “آمد” قبل (6) ستة الاف عام. والأشوريين كانوا مزيج من الأقوامة، منهم الأموريين والسوبارتيين والعيلاميين أجداد الكرد وأسلافهم.
ويمكن ملاحظة ذلك على النقوش الأشورية في العهود الثلاثة للدولة الأثورية، وهذا يثبت بشكل قاطع بأن الاثوريين، لم يكونوا عرقآ واحداً نقيآ، بل كانوا خليط غير متجانس من الأقوام، كونه كان كيانآ مصطنعآ تم بنائه بقوة الحديد والنار، وفرض هويته العائلية عنوة على كافة الأقوام والشعوب المنضوية تحت لواء دولة أشور، هذا الغازي القادم من أعماق الصحراء جلب معه ثقافته الإجرامية وثقافة محمد كانت إمتدادآ لثقافة أثور/أشور الدموية.
قصة دولة (أشور) المصطنعة حربآ، تذكرني بنشوء الدولة العثمانية اللقيطة، وإسم الشعب “الأثوري” هو الأخر يذكرني بهمروجة “الشعب السوري – الشعب العراقي و الأردني“. إذا كان هناك شعب سوري أو عراقي أو تركي أو سعودي في التاريخ، عندها يمكن أن أقتنع بوجود شعب إسمه “أثور أو أشور” في التاريخ.
بنى “أثور/أشور” دولته الدموية بداية على أراضي كردستان بعد أن أخضع أسلاف الكرد له، وأراضيهم كانت تمتد من أراضي “سومر” ومرورآ “بعيلام” ومنطقة “وان” بشمال كردستان ثم منطقة “آمد” و”حران” و”عفرين” وإنتهاءً بشاطئ بحر الأبيض المتوسط ونزولآ بإتجاه مصر. وبعد أحتلال كردستان واختلاط الأموريين بأسلاف الكورد (الميتانيين- الهوريين – الكوتيين – اللولويين – السوبارتيين) وهم أقلية حاكمة، باتوا يتميزون عن أقرانهم من الشعوب السامية ذات البشرة السمراء في جنوب منطقة سومر. والسوبارتيين هم أجداد الكرد الهوريين الذين كانوا لهم مملكة كبيرة في المنطقة، تمتد من البحر الأبيض في اسكندرون إلى مناطق الزاب. وبناءً على ما تقدم، يمكننا القول، أن (الأشوريين) هم ينتمون لمجموعتين عرقيتين هما: العنصر السامي، والعنصر الأري – الزاغروسي.
على حساب مَن بُنيت الإمبراطورية الأشورية؟
الأموريين هم قبائل سامية موطنها الجزيرة، ولا تمت بأي صلة لمنطقة الرافدين وحضارة “سومر”
والعلاميين، لا لغتنآ ولا ثقافتآ ولا عرقآ، ولا تجمعهم بهم أي شيئ. فهم قبائل رحل وإستطونوا في المناطق الكردية، وبنوا إمارتهم “أشور” ومع الوقت بنوا جيشآ وتوسعوا عن طريق الحروب والغزوات وإسلوبهم كان دمويآ ضد جيرانهم، وكانوا قساة للغاية، وهذا ما مكنهم من بسط نفوذهم وسيطرتهم على شعوب المنطقة وأولهم أسلاف الشعب الكردي.
وكانوا يعتبرون الحروب التي يخوضونها مقدسة وفي خدمة الإله (الملك أشور)، وباركها الكهنة ورجال الدين، وأفتوا للعسكر بإتباع أقصى درجات القسوة مع أعدائهم والتمثيل بحثثهم، إنها نفس ثقافة “محمد” وأتباعه من دواعش اليوم، لأنهم جميعآ ينتمون لنفس الثقافة والمدرسة والبيئة. ولهذا أخذوا من الغزوات مصدرآ للإسترزاق والثراء، وكان للكهنة نصيبآ وافرٌ من الغنائم. فمحمد العرب تعلم من هؤلاء القتلة والمجرمين وقطاع الرؤوس، ومارسوا السبي بأبشع صوره وأخذوا من الرجال عبيدآ لهم. إلى جانب أسلاف الكرد كان الفينيقيين والكنعانيين والأراميين واليهود، أيضآ من ضحايا الهمجية الأشورية، وكلنا نعرف قصة السبي (البابلي- الأثوري) لليهود وما تعرضوا له من ظلم وإحتقار، حتى جاء “كورش” وحررهم من العبودية.
حاول ملوك وحكام الدولة الاشورية على غرار الكيانات الأخرى كالدولة الفارسية والعربية الإسلامية ولاحقآ الأموية والعباسية، والعثمانية، ترويض أسلاف الشعب الكردي (الميديين، السوبارتيين، …) من خلال القتل والتعذيب والتهجهير إلا أنهم فشلوا، كما فشل من بعدهم المجرم أتاتورك والمقبور محمد رضا شاه، والمجرم صدام حسين وحافظ الأسد والطاغية اردوغان. لقد تعامل حكام دولة أشور/أثور مع الشعوب الأصلية بقسوة بالغة وإحتقارٍ شديد، وإتبعوا معهم أبشع أساليب التعذيب والسخرة، وإعتبروهم من الدرجة الخامسة أي درجة العبيد.
ما هي المعتقدات الدينية التي كان يدينون بها الأثوريين؟
إن الدولة الأثورية إعتنقت تقريبآ كل معتقدات السومريين والبابليين وأسلاف الكرد في تلك الحقبة، فأخذوا عن جميعهم، وفي النهاية سمى أشور نفسه إلهآ، وفرض إطاعتة على الجميع بالقوة، ورسخ مفهومآ خاصآ به، ألا وهو: إن الحرب والقتال والموت في سبيله هو أفضل طريق لنيل رضاه وبركاته، وهذا ما فعله كل الطغاة والجبابرة عبر التاريخ. ثم إن مفهوم الإله في ذاك الوقت كان مختلفآ عن مفهومنا اليوم، ثم كان كثرة في الألهة بتلك الحقبة. وتسمية الذات الملكية بالإله سببه إعطائه شيئ من القداسة للذات ورفعه عن مستوى البشر، وجعله رمزآ للعباد.
كيف سقطت الإمبراطورية الأشورية وعلى يد مَن؟
الإمبراطورية سقطت لسببين:
السبب الأول داخلي:
حيث أن وحشية حكام الدولة الأشورية، وعطشهم للسلطة والمال لم تعرف حدآ، حيث دفع الجشع بهم حتى للإقتتال فيما بينهم على السلطة والنفوذ (تمامآ مثل البرزانيين والطالبانيين). وخاصة بعد وفاة “آشور بانيبال” الذي وصلت الإمبراطورية تحت قيادته إلى أقصى مجدها وتوسعها، وما أن مات حتى الصراعات في الإمبراطورية بين الأطراف المتعددة وحتى الإخوة، حيث سعى كل طرف للحكم وإدعى أحقيته بالعرش الإمبراطوري، والتي كانت أحد الأسباب الرئيسة لِسقوط الإمبراطورية الآشورية. تقول بعض المصادر التاريخية إن الملك “آثور بانيبال” إنتقل سنة 632 قبل الميلاد الى مدينة (حران) للعلاج وترك حكم الإمبراطورية لإبنه (آشور إيتيل إيلاني)، الأمر الذي رفضه أخوه التوأم (سين شار إشكون).
السلاطين العثمانيين حلوا هذه المعضلة بقتل كافة إخوة الملك وهم صغار كي لا ينافسون أخاهم الملك أو ملك المستقبل. وكانوا قساة للغاية وحياة البشر لا تساوي عندهم فلسآ، ومن أجل الحفاظ على ملكهم من السرقات والنهب والإمبراطورية، قتلوا الألاف من أبنائهم وزريتهم من أطفال السلاطين العثمانيين بكل برودة ودون أية رحمة، وأعتبروا ذلك مشروعآ رغم إدعائهم الإسلام!!!
السبب الثاني خارجي:
بسبب الظلم والطغيان والإجرام الذي مارسه الحكام الأشوريين ضد البقية، إنتفض كل المتضررين من الدولة الدموية، وشكلوا تحالفآ فيما بينهم (الميديين والبابليين والسكيثيين والكلدانيين والكميريين، ….)، وإنتهزوا فرصة ضعف آشور نتيجة للصراعات الداخلية، ووضعوا نصب أعينهم إسقاط هذه الدولة، إلا أنه ونتيجة لقوة أسوار مدينة “نينوى” لم يستطيعوا إحتلال المدينة من أول مرة، وإستطاعت آشور أن تحمي ما تبقى من جيشها، الذي لجأ الى داخل تلك الأسوار القوية والسميكة، مما دفع بالمهاجمين ترك المدينة، والإنتقال إلى مناطق أخرى من الإمبراطورية للأستيلاء عليها.
أورد المؤرخ الإغريقي الشهير “هيرودوتس”، أن الميديين في عام (616) قبل الميلاد شنوا هجومآ على مدينة نينوى، إلا أن “السيثيين” صدوا هذا الهجوم الميدي. وفي عام (615) قبل الميلاد، إحتل السيثيون (أرابخا) مدينة كركوك الحالية، و في سنة (614) استولوا على العاصمة القديمة “آشور”، وقاموا بنهبها وتدميرها.
من جهتهم شنت القوات الكلدانية هجومآ على أراضي الدولة الآشورية، وتمكنت من طرد العديد من الحاميات العسكرية الآشورية من بلاد (بابل)، ثم توجهت إلى مدينة (آشور) وهجمتها سنة 615 قبل الميلاد، إلا أنها لم تستطع الإستيلاء على المدينة، مما إضطرت الى الإنسحاب.
وهذا ما دفعهم للتحالف مع الميديين والإتفاق على هجوم مشترك على بلاد آشور، بدأوا الهجوم في نفس الوقت، حيث إستطاعوا الإستيلاء على مدينة أرابخا ( كركوك) الحالية، ومدينة آشور ثم ضواحي نينوى في سنة 614 قبل الميلاد.
عندما تعرض الملك (سن- شار- اوشكن) آخر ملوك السلالة الآشورية، طلب العون من حليفه ملك مصر وكانت مصر في ذاك الحين لها مصالح مشتركة مع الأشوريين، لذا قدمت مصر الدعم لهم، بهدف منع وقوع منطقة شرق البحر المتوسط الهامة تجاريآ، بيد الميديين أو سواهم، لأنها لم يكن لها علاقات تعاون مع الميديين والكلدانيين. وإختتم هذا النصر التاريخي بمصاهرة سياسية، بين ولي العهد البابلي الشهير (نبوخذ نصر) وإبنة الملك الميدي افراهاط (أميد)، التي من أجلها أقام (نبوخذ نصر) الجنائن المعلقة، والتي تعتبر إحدى العجائب السبعة في العالم.
وفي عام (612) قبل الميلاد، تم الهجوم الرئيس على عاصمة الآشوريين مدينة “نينوى” وتمكنت القوات المهاجة من السيطرة عليها، بعد حصار دام حوالي ثلاثة أشهر. حيث قصفوا المدينة في تلك الفترة وتم هدم قسم كبير منها، وإشتعل النيران في الباقي، ونتيجة ذلك دبت الفوضى في المدينة، وتم سلب ونهب قصورالملكية ومعابد المدينة التي كانت تعج بالكثير من المقتنيات الثمينة، ومات آخر ملك آشوري وهو (سن شار اشكون) في قصره المحترق بختام الحرب.
أثناء المعركة تمكنت بعض وحدات الجيش الآشوري الهرب بإتجاه الشمال الغربي، متجهة إلى مدينة “حران” الميدية. ونصب قائد هذه القوات نفسه ملكآ على (بلاد أشور) التي لم تعد لها وجود عمليآ، وإتخذ من إسم مؤسس الدولة (آشور اوباليت الثاني) إسمآ له. وطلب من ملك مصر حينذاك “بسماتيك الأول” تقديم العون العسكري له لتقوية جيشه، ورغم الدعم المصري له، إلا أن القوات الميدية والكلدانية لاحقوا تلك القوات وقضوا عليها في معركة ” كركميش”.
بعد عودة قائد الجيش الكلداني ولي العهد (نبوخذ نصر) الى بلاد بابل لإعتلاء العرش البابلي بعد وفاة والده، لم يستمر جيشه في ملاحقة الجيش المصري المهزوم، رغم وصول قواته الى مشارف الحدود المصرية. من جهتهم البابليون والميديين تابعوا الحرب وفي عام /610/ قبل الميلاد، إستطاعوا دخول مدينة (حران) والسيطرة عليها دون أن يدمروها كليآ. وفي عام /609/ قبل الميلاد إستسلمت بقية القوات الآشورية للقوات الميدية والبابلية وبذلك إنتهت الدولة الآشورية الدموية بلا رجعة.
أسباب عداء بعض الأشوريين للشعب الكردي؟
برأي سبب هذا العداء والحقد الأعمى من قبل بعض الأشوريين وخاصة في المهجر وتحديدآ المتواجدين منهم في الولايات المتحدة الأمريكية يعود لثلاثة أسباب رئيسية وهي:
السبب الأول:
هو مشاركة “الميديين” أسلاف الكرد في القضاء على أمبرطورية الشر الأشورية. ولولا الميديين لما إستطاع الكلدانيين أو البابليين لوحدهم في القضاء على تلك الإمبراطورية الدموية، التي عانى من شرورها كل شعوب المنطقة.
فمن هنا هذا الحقد الدفين تجاه الكرد كونهم أحفاد الميديين، ومنذ عام /609/ قبل الميلاد لم تقم قائمة للدولة الأشورية ولن تقوم مرة أخرى. لأن الشعوب التي صبغوها باسم دولتهم، عادت إلى إصولها ومنهم الكثيرين من الكرد. هؤلاء الذين يدعون الإنتماء للدولة الأشورية البائدة صناعة إنكليزية بحتة. إذا قارنا عدد اليهود مع عدد الأشوريين فالفارق كبير جدآ، ولا ننسى تعرض اليهود لمذابح وعمليات قتل وتهجير، رغم ذلك حافظ الشعب اليهودي على هويته كونهعرق مستقل. والشعب الكردي أيضآ تعرض إلى شتى أنواع الويلات، وعمليات القتل الجماعي والتطهير العرقي والتقسيم، وإنكار هويته القومية ومنع لغته من التداول، وعدم عيشه في دولة واحدةآ منذ 2525 عامآ، ومع ذلك إستطاع الحافظ على هويته القومية ولغته، وبقيا في أرضه بعكس الأثوريين الذين إندثروا وإلى الأبد.
السبب الثاني:
بعد سقوط الدولة العثمانية، وتقسيم الجزء الغربي من كردستان إلى ثلاثة أجزاء على يد المحتلين الإنكليز والفرنسيين وبالإتفاق مع السفاح أتاتورك، وأثناء فترة الإحتلال البريطاني للعراق جمع المحتل الإنكليزي من حولهم بعض السناطرة، الذين ليس لهم علاقة لهم بالأشوريين البائدة، ونفخوا فيهم وأطلقوا عليهم تسمية “الأشوريين” ووعدوهم كذبآ بإستعادة دولتهم، وصدق هؤلاء المغفلين بأنهم فعلآ أشوريين وعملوا كعملاء للمحتل الإنكليزي، وطعنوا الكرد في الظهر، حتى أن أدبهم القائد الكردي “سمكوا”.
بالمناسبة، خلال فترة الفي عام (2000) تقريبآ، منذ إعتناق النساطرة (المتأشورين) الديانة المسيحية لم يكن هناك كنسية واحدة تحمل إسم “أشور” إلا في الأونة الأخيرة وتحديدآ في عام (1976) ظهر الول هذه التسمية الخلابية، أي قبل (45) عامآ فقط. إنه إختراع جديد لكن مزيف قالبآ وقلبآ وبتغليف إنكليزي مقيت. ليس هذا وحسب وإنما إبتدعوا علمآ لهم أطلقوا عليه إسم علم “أشور”. وللغرابة لم نرى أي أثر لهذا البدعة في النقوش والأثار من تلك الحقبة لهذا العلم المصطنع. لو كان الأشوريين شعب أو قومية فعلآ، لكنا شاهدنا مثل هذا العلم قبل مئات الأعوام على الأقل مثل الكرد.
لم يرفع المتأشورين علمآ خاصآ بهم في شمال كردستان (تركيا) ولا غربها (سوريا) ولا شرقها (ايران) ولا جنوبها (العراق). رفعوا لهذا العلم كان بمثابة ردة فعل على الطموح الكردي وثورة ايلول وبروز القضية الكردية في المحافل الدولية. في عام /1974/ قام بتصميم هذا العلم أحد السياسيين الآشوريين
من أشوري طهران واسمه (جورج اتانوس). حدث ذلك أثناء إنعقاد مؤتمر الحزب الأشوري العالمي السادس، الذي إنعقد في مدينة (جورج أتونس) بولاية نيويورك الأمريكية، وهذا الحزب تأسس عام 1968.
للعلومات هذا العلم الآشوري نقشه مزور، لأن النقش عليه ليس نقشآ آشورياً، بل هي لوحة أثرية سوبارتية تمثل إله الشمس إكتشفها “هرمز” وهذا كان مترجمآ للسيد (هنري لايارد) أثناء قيامه بالحفريات في مدينة زيبار(سيبار) الكردية بالقرب من (تل أبو حبة) شمال بابل وذلك عام (1881) ميلادية، كما أن النجمة الموجودة في اللوحة رباعية، وليست ثمانية كما رسموها على علمهم، وهي نجمة الدولة الأشورية، وهذا النقش موجود حاليآ في المتحف البريطاني بلندن.
لم نسمع للأشوريين صوتآ أثناء حكم المجرم صدام حسين بل تعاونوا معه، وعندما رفع الكرد مطلب الفيدرالية قبل سقوط الطاغية جن جنونهم هم والتركمان ورفضوا منح الكرد الفيدرالية!!!! وعندما غادر الإنكليز العراق، حنثوا بوعودهم لهم، وباعوهم بخمسة قروش وقاموا بتحميل المسؤولية للطرف الكردي على فشلهم في نيل إستقلالهم المزعوم.
السبب الثالث:
هو خروجهم بخالي الوفاض بعد سقوط نظام الطاغية صدام حسين، وحصول الشعب الكردي على الفيدرالية في العراق ومعترف بها دستوريآ ومن قبل هيئة الأمم المتحدة. رفض هذه الشرذمة ومعهم بعض الموتورين التركمان منح الكرد الفيدرالية وقالوا:
إما أن يحصل الأشوريين إسوةً بالكرد على سهل (نينوى) والتركمان على كركوك، أو أن يبقى العراق دولة واحدة ولا شيئ للكرد. وظل التركمان يكذبون بأن تعدادهم ضعف عدد الكرد!! وعندما إجريت أول إنتخابات برلمانية لم يستطع هؤلاء إيصال مرشح واحد للبرلمان العراقي!! بينما الكرد حصلوا 58 مقعدآ.
وفي غرب كردستان حدث نفس الشيئ، لم نسمع للموتورين التركمان يومآ صوتآ ينادي بجود أقلية تركمانية في سوريا ويطال بحقوق،ها بل كانوا على الدوام يعملون كعملاء للمخابرات السورية ويتجسسون على الكرد ويكرهون الشعب الكردي كرهآ أعمى. ومثلهم تلك الشرذمة الأشورية، فجأةً بات لهم لسان وأصبحت كل سوريا ملكآ لهم، وطول الفترة الماضية كانوا عملاء لأجهزة المخابرات السورية مثلهم مثل الشرذمة التركمانية. كل ذلك بسبب صعود نجم القضية الكردية، وبروزها القوي على الساحة السورية والإقليمية والدولية، نتيجة دورهم البارز في محاربة تنظيم داعش الإرهابي بقيادة قوات “قسد”، ومطالبة الكرد بإقليم فيدرالي لهم في غرب كردستان. هم يريدون أن يكسبوا حقوقآ غير مشروعة على حساب الشعب الكردي ودماء أبنائه وتراب الوطني كردستان.
كي لا يخرج القارئ من المقالة ويعتقد أنني أتهجم على مجموعة بشرية بأسرها، هذا ليس صحيحآ، ولهذا نوهت في البداية أن كلامي يخص فقط تلك الشرذمة المقيمة في أمريكا وأوستراليا من الأشوريين. كلنا يعلم بأن العلاقة بين الإخوة الأشوريين وثورة ايلول بقيادة المرحوم (مصطفى البرزاني) كانت جيدة ومازالت العلاقة ودية وجيدة بين الطرفين الكردي- الأشوري، رغم نعيق الغراب في شيكاغو. ويكفي أن نذكر الشهيد “فرانسوا حريري” أحد قادة الحزب الديمقراطي وهو من الإخوة الأشوريين.
وفي غرب كردستان العلاقة الكردية – السريانية علاقة ممتازة، وهناك مقاتلين من الإخوة السريان في صفوف “قسد” ويقاتلون مع إخوانهم الكرد في كل الساحات وهناك شهداء بينهم، ويشاركون في إدارة شؤون مناطق الإدارة الذاتية. الكرد دعاة التعايش السلمي بين المكونات الكردستانية، وهم ضد العنف وشعب محب للحياة والسلم.
قبل الختام، أود أذكر كل العنصريين من العرب والفرس والأشوريين والسريان والأرمن والأتراك والمصريين (ليسوا عرب) الذين ينكرون وجود الإمة الكردية وعظمتها وتاريخها وأثارها وإرثها الحضاري والإنساني أن يعلموا أن من بين (13) أربعة عشرة حضارة عظيمة ظهرت في شرق المتوسط، أي في منطقة بين النهرين وميزوبوتاميا (8) ثمانية منها كردية. الحضارات العظمة التي ظهرت في المنطقة هي:
(السومرية، البابلية، والأشورية، والأكدية، الحيثية، اللوية، الكوتية، الميتانية، العيالمية، الكيشية /الكاسية/، النايرية، الميدية، والأخمينية).
والحضارات الكردية الثمانية من هذه الحضارات هي:
(الحيثية، اللوية، الكوتية، الميتانية، العيالمية، الكيشية /الكاسية/، النايرية، الميدية، والأخمينية).
وعندما كان يحكم العالم أربعة حضارات عظيمة قبل الميلاد وهن: (المصرية، الحيثية، الميتانية، الكيشية)، إثنين من هذه الحضارات الأربعة كانت حضارات كردية وهما: (الميتانية، الكيشية).
هذا إضافة إلى ورود الكثير من القصص في الكتاب المقدس “التوراة” جرت أحداثها في كردستان، منها
وجود قبور الأنبياء التالية أسمائهم في كردستان النبي (ناحوم، يوناه، ھاباكوك، دانيآل، ونوح). وأيضآ ورد ذكر سقوط مدينة (نينوى) على يد الميدين في ناحوم 3/7 وتحقق ذلك فعلآ وقصص أخرى.
ختامآ أقول، مهما نعق الخراب من شيكاغوا وغيرها من المناطق، ومهما نبح بعض الموتورين التركمان عملاء تركيا ضد الشعب الكردي، فلن يستطيعوا الوقوف في طريق حريته وتطلعه للإستقلال والتوحد في دولة كردستان، ولا يستطيعوا أيضآ في خلق شرخ بين الشعب الكردي وبقية المكونات الكردستانية.
04 – 06 – 2021
“الظلم إذ دام دمر“
——————————————————————
المراجع:
1- مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة. الجزء الأول والثاني.
المؤلف: طه باقر.
الناشر: دار الوراق للنشر.
تاريخ النشر: عام 2009 – لندن.
2- مملكة ميديا.
المؤلف: د. أحمد محمود الخليل.
الناشر: دار قرطبة للنشر والتوزيع- الجزائر.
تاريخ النشر: عام 2013.
3- تاريخ الحضارات الشرقية القديمة.
المؤلف: ج. ه. برستيد.
ترجمة: محمد الفولي.
الناشر: دار نبته للنشر والتوزيع.
تاريخ النشر: عام 2018.
4- سرجون الاكدي أول امبراطور في العالم.
المؤلف: دفوزي رشيد.
الناشر: وزارة الثقافة والإعلام – العراق.
تاريخ النشر: عام يونيو 2010.
5- أسطورة وملحمة.
المؤلف: فاضل عبد الواحد علي.
الناشر: دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد.
تاريخ النشر: عام 1997.
6- حضارة ما بين النهرين العريقة.
المؤلف: ك. ماتفيف وأ. سازونوف.
ترجمة: الدكتور حنا أدم.
الناشر: دار المجد – دمشق.
تاريخ النشر: عام 1991.
7- لمحات من تاريخ الحضارة الآشورية.
المؤلف: بشار عزيز ياسر.
تاريخ النشر: عام 2016.
8- كوردستان والأمة الكوردية
المؤلف: د. اسماعيل محمد حصاف.
الناشر: مؤسسة موکریانی موکریانی للبحوث والنشر.
تاريخ النشر: عام 2009 أربيل.
9- تاريخ حضارة وادي الرافدين – الجزء الثاني.
المؤلف: احمد سوسة.
تاريخ النشر: عام 2016.
10- تاريخ الكرد وكردستان.
المؤلف: أرشاك سافراستيان.
ترجمة: د. أحمد محمود الخليل.
الناشر: دار الزمان للطباعة والنشر والتوزيع.
تاريخ النشر: ديسمبر 2008.
11- الكرد وكردستان في الوثائق البريطانية.
دراسة تاريخية وثائقية.
الدكتور وليد حمدي.
لندن عام 1991.
==================================
دعك من الأسماء, الشعب كان موجوداً , وهو فرع من الشعوب الآرامية العديدة, لكنه لم يكن في العراق هو سوري ومن أسمهم إشتق إسم سوريا ربما إسمهم الحقيقي (سورث) ثم سريان , المهم تقدموا نحو العراق في أواخر الألف الثاني قبل الميلاد, إستقرو في شرقاط فترة ولم يعبرو دجلة لا شرقاً ولا شملاً قبل (930 ق . م) وفوراً بدأت حروبهم مع الميديين دون توقف لمدة قرنين من الزمان حتى وقف الميدين و البارت والفرس معاً ضدهم وأقفوهم ثم قضوا عليهم في 612 ق م