مرت أيام وأسابيع طوال على مكالمة اليوزباشى إبراهيم سعيد ولم تجد أمل أى صدى لهذة المكالمة على أرض الواقع ولكن كان هناك نور فى نهاية النفق ولم تعد تسير وحدها فى طريق مظلم كسابق عهدها فمنذ خروجها من المعتقل وكانت تشعر إنها وصلت إلى طريق مسدود وكانت تعد أيامها فكانت تعلم إنهم لن يتركوها كثيراً على قيد الحياة إنها وقفت أمام أبن أخى الملك شخصياً وتحدت سلطانه عندما صرخت بالحقيقة واغلب من فى الولايه يسير وفق أوامره إلى أن تأكدت من وجود الضابط الشريف القائم مقام مجدى المنياوى وتأكدت أيضا من وجود رمز وطنى فى الولايه له سلطانه وهو كمال بك عبد الصبور الذى قبل أن يرها ويتابع ملفها بنفسه
دارت أمل فى غرفتها كالنحله التى تدور حول نفسها وشعرت فجأة بصداع شديد من شدة التفكير فقررت أن تكسر روتين حياتها الممل وتشحن طاقتها من جديد فهى عانت كثيرا طوال الخمس أعوام الماضية وتحملت مالا يطيقه بشر من إنتقام تعسفى من ولايه كامله بمسؤليها وشعبها بأوامر من أمير له سلطانه على أغلب الولايات فى المملكة
فجلست أمل أمام المرأة لأول مرة منذ خمسة أعوام وبدأت تضع قدرا بسيطاً من المساحيق على وجهها الذى دبت فيه الحياة من جديد عندما رأت لأول مرة القائم مقام مجدى المنياوى فى مكتب كمال بك داخل الديوان العام وصففت شعرها وعقدته إلى الخلف
وارتدت ثوباُ ازرق اللون ووضعت إشارب حول عنقها ونظرت نظره خاطفه على كامل مظهرها فى المرأة فتأكدت من حسن منظرها وخرجت أمل وبدأت الأنظار تلتفت إليها من كل من يراها فى الطريق كسابق عهدها وذهبت إلى المطعم الذى كانت معتادة الذهاب إليه من قبل وتجمع حولها العاملين فى المطعم مهللين الأستاذة أمل مرحباً أين أنت من زمن
ردت أمل عليهم بإبتسامة وإماءة من رأسها وأخذت تنظر إلى منظر الشاطيء من وراء النافذة وسرحت فى شكل الضابط مجدى المنياوى أنه هو الذى كان يظهر لها فى أحلامها من قبل نفس الصوت الرنان الواثق من نفسه ونفس الوجه الوسيم الذى يتسم بالرجولة والهيبة ومن دون أن تدرى اغمضت عينيها وتخيلته فارس على حصان أبيض ينشلها بيدأ واحدة لتصعد خلفه على الحصان
ثم فاقت فجأة على صوت الجرسون وهو يحضر لها العشاء ويقول لها بصوت مهذب أى خدمة أخرى اساتاذة أمل فردت بصوت متلجلج شكرا
_2-
وزفرت أمل فى الهواء زفرة حارة ماذا دهها هل جننت كيف تفكر فيه كفارس أحلام وهى لا تعلم أى شيء عن حياته الخاصة وما ذنبه هو يتحمل معها طريق تحدى كتب عليها أن تمشيه فى حياتها ومن سيسمح له بهذا من الأساس أعداءها يعتبرون وجودها خطر عليهم ولذا صنفوها ظلم إنها واحدة من أخطر الثوار فى الولايه وهى لم تكون ابدا من الثوار ولكن كانت أديبة تعبر عن رأيها وكتابتها مستوحاه عن أفكارها البناءه بصدق ودون مجاملة لأحد ثم أرجعت ظهرها للوراء وبدأت تضحك وتعالت صوت ضحكاتها حتى خشيت أن ينظر إليها من حولها ويتهموها بالجنون وكانت بالفعل تشعر بإنها أختل عقلها كيف خطر على بالها أنه من الأساس يفكر فيها ولكن تذكرت نظرته الخاطفه لها وهو يشد على يدها وهو يودعها عند مكتب كمال بك عبد الصبور وهو يبتسم لها ثم هزت رأسها مستنكره ما تفكر فيه إنه رجل مهذب فقط ولا يعنى إحترامه لها أنه ممكن أن يفكر فيها فعليها أن تفيق لنفسها من تلك الأوهام فهو المستحيل بعينيه إنها صنفت رغم عنها واحدة من الثوار وإعتقلت من قبل بسبب هذا التصنيف وهو ضابط قائم مقام فالأثنان كلقطارين قد يلتقيان لحظة ولكن كل منهما على قطبان أخر و يسير فى طريق أخر وشعرت بدموعها تبلل خدودها وتنهدت وقالت فى سرها طوال العمر الماضى كان الوقت مناسب ولم أجد عمرى الرجل المناسب وعندما وجده لأول مرة فى عمرى كان الوقت اصبح غير مناسب ياله من حظ عثر لو كنت قد قابلت الضابط مجدى المنياوى قبل النبيل خالد قبل خمسة أعوام لم أكون وقتها صنفت كثائرة ظلم كنت وقتها مجرد أديبة وفتاة ثرية جميلة لم يكون فى مانع واحد وقتها لإنه من قبل كان كثيرا فى مركزه يفكرون في ولكن وقتها كنت أنا الذى لم أفكر فى أحد
ثم نظرت فى ساعتها وصاحت انه منتصف الليل ونظرت حولها المكان بأكمله بدأ يخلوا من الجالسين فتركت قدراً وفيراً من المال دون استدعاء الجرسون وفرت إلى البيت مسرعه ولكن رغم كل ما فيها الا إنها كانت تشعر بقدر من القوة من جديد بعد ما رأت القائم مقام مجدى المنياوى استغرقت أمل فى النوم ومع شروق اليوم الجديد بدأت يومها فى نشاط وحيوية ولكن كان فى داخلها احساس قوى رغم عنها يشدها أن تطمئن على الضابط مجدى فهى تعلم كيف عانا بسبب وطنيته وشرفه أمام قوة وبطش النبيل خالد ومعاونيه ورفضه الإنصياع لأوامر تضر البلاد من أجل رغبة نبيل يعتمد على نفوذه فى تحقيق أى رغبه شخصية فهو فى نظرها ليس مجرد فارس أحلام بل بطل من أبطال الأساطير
فتناولت الأفطار سريعاً وقررت أن تذهب للأستاذ عبد العال مدير المركز الثقافي هو أكيد عنده معلومات عنه لأنه هو الذى عرفها به إنها لا تريد شيء غير الأطمئنان عليه من بعيد
دون حتى أن يعرف
ودقت على الباب دقات خفيفة لتسمح صوته يقول تفضلى يا أمل دخلت
مهلله كيف عرفت قال وهو يعتدل على مكتبه مبتسماً كنت متوقع زيارتك مستكملاً طمنينى عليك قالت فى صوت مرح بخير الحمد الله
ثم صمتت قليلا وقالت فى خجل وهى تنظر أسفل كنت أريد … وبدأت الكلمات تروح منها ثم بلعت ريقها مستجمعة شجعتها كنت أريد …أن اطمئن على سيادة القائم مقام دون أن تذكر أسمه خشيت أن يفهم عبد العال إنها تريد تبسيط المعرفة بينها وبينه ولذا وضعت الرسميات وهى تسأل عنه إنها تخاف عليه أكثر مما تخاف على نفسها وتعلم أنه يحاط به مكايد لشرفه ووطنيته التى لا تعجب المتلاعبين داخل الولايه
رد عبد العال بعدم إكتراث لا جديد مستكملاً موجهاً كلامه لها بنظرات ثاقبه وبجدية قائلاً أمل عليك أن تتخلصى من مشكلك ولابد أن يقف بجانبك محامي متخصص سواء بالنسبة لمشكلة إثبات طلاقك بورقة رسمية أو بالنسبة لوضع حد لمطامع شقيقك الذى أضرك طوال الأعوام الماضية بوقف حالك وتطفيش كل الرجال الذين كان يتقدمون لك نظرت أمل إلى عبد العال فى دهشة وقالت وهى تنهض كيف عرفت تنهد عبد العال وقال وهو يتجه اليها ليجلسها أمامه على الأريكة مستكملاً بصوت حنون وكأنه أب وليس مديرا كان فى أكثر من رجل خلال السنوات القليلة الماضية يطلبون عنواناً لأخ أكبر لك لطلب الزواج وكنت أعطيهم عنوان هذا الشقيق وكانوا يعودون لى بقولاً واحدا هذا رجل يريد تطفيشنا ولا يريد أبدا الزواج لشقيقته وكنت متأكدا إنهم كانوا غير طامعين فيك امسكت أمل رأسها وهى تتنهد قائلة فى ثبات كنت أعرف وتنهدت وقامت واقفه وكأنها حزمت أمرها وهى تودعه قائلة عندك حق استاذ عبد العال لابد لى من محامي
ثم استدراجت وكأن قلبها هو الذى يتحدث قائلة بصوت خافت متلجلج لو حدث أن سمعت أى شيء عن سيادة القائم مقام ياريت تبلغنى من أجل ملفى ليس أكثر نظر اليها عبد العال قائلاً فى خبث وهو يبتسم حبلغك
عادت أمل مسرعة مقرره أن تواجه أعدئها على الأقل الظاهرين أمامها ومن حولها ودخلت شقتها مسرعة ملقيه حذائها إلى أن وصلت حجرة المكتب وفرت فى نوتة الأرقام تبحث عن محامي ولكن كل من وجدتهم كانوا طامعين يطالبون بأجور باهظة لعلمهم بوحدتها أو يغازلونها وهى تريد صفات محددة محامى جيد وفى نفس الوقت لا يرهقها بمبالغ مالية فوق طاقتها والأهم ألا ينظر لها إلا على اساس إنها موكلة فقط لا غير إنها تريد محامي بمثابة أخ لها ثم وقع عينيها على اسم الأستاذ حسين عبد الحميد أنه اقرب الى هذة المواصفات ولم تتردد واتصلت عى الفور به وذكرته بنفسها وطلبت منه موعد اليوم وعلى الفور ذهبت اليه مسرعه شارحه له ظروف القضيتين الأولى ضد طلاقيها الذى اصبح الطلاق شرعا ليس فيه رجوع بعد مرور ثلاثة أشهور على العدة ولم يصلها قسيمة طلاق مرسل لها أنه يرريد مساومتها على دفع أى مبالغ ماليه حتى يرسل لها قسيمة الطلاق او شراء له مقتنيات يختارها هو وقدمت صور لبطاقته وعقد الزواج الذى أصبح باطلا شرعا نظر الأستاذ حسين الى صورته وخانة الوظيفة الذى دون فيها أنه لا يعمل وزفر وكأنه يحتج قائلا فى دهشة هل هذا المخلوق هو طليق الأستاذة الأديبة أمل محمود
كيف قبلت بهذا التدني بلعت أمل ريقها من الإحراج إنها لا تريد الأسترسال فى الأمر فلا داعى أن تفصح للمحامي عن سبب قبولها لهذا المخلوق نتيجة للظروف التى كانت فيها بعد المعتقل التى كانت السبب الوحيد للنظر لهذا المخلوق وإلا لم يكن ولا فى الأحلام إنه كان يأمل أن حتى تقبل أن ترد عليه السلام هذا المخلوق الذى سرق مقتنات منها فى ليلة الدخلة وهو يعلمها أنه مأجور عليها من أعدائها فأرادت حسم الأمر أمام المحامي قائلة رجاء أستاذ حسين لا نتكلم فى الذى حدث اننا أمام أمر واقع أريد إنهاء علاقتى بشكل قانونى بهذا المخلوق الذى لا يعلم شيئ عن الشرع والدين ويريد إبتزاز أمرأة أصبحت محرمة عليه شرعا من خلال ورقة أصبحت باطلة فقالت هل يمكن إثبات هذا الطلاق رد المحامي رد قاطع قائلا هناك طريقة أسهل قانونية لأنهاء هذا العقد الباطل مستكملا وكأنه يطمنها لا تقلقي مسئلة شهور قليلة وستكون معك قسيمة طلاق من مخلوق اراد التحايل على شرع الله فهو أصلا
لا يجوز زوجا شرعياً من البداية مستكملا أما مسئلة شقيقك وأثبات حقوقك الشرعية من خلال الأوراق التى قدمتيها والمستندات أطمئنك إنها مسئلة منتهية فأوراقك كلها سليمة تثبت ميراثك الشرعي وأى محاولة منه سيكون بمثابة إعترافه بأنه مزور فردد فى حيره وماذا سنفعل قال وهو يقلب الأوراق لا تشغلى بالك هذة أجراءات قانونية وانت عليك استلام النتيجة فقط تنهدت أمل فى إرتياح وزفرت فى الهواء وقالت وهى تنهض وتشد على يده مصافحه اشكرك أستاذ حسين لقد أزحت عن قلبي هماً كنت أخشى أن اسقط به من ثقله
مد الرجل يده بإحترام لأمل يصافحها وهو يوصلها عند باب الخروج قائلا أنتظرى مني تليفون قريبا أخبرك بالإجراءات التى بدأتها
عادت أمل كالفراشة إلى البيت وكأنها ألقت حملاً من على كتفيها كاد يقتلها وفتحت الشرفه ونظرت بعيون باكية للسماء تشكر فيها الله عز وجل على أنه أزاح من على قلبها وكتفيها حملاً كانت كادت تسقط به إلى الهاويه نامت ليلتها فى هدوء وراحة بال
واستيقظت مع شروق الشمس كعادتها وفكرها فى شخص احد فقط هو مجدى المنياوى حاولت أن تشغل بالها بأى شيء كسابق عهدها ولكن هيهات هيهات أ يروح ظله من خيالها فهل تسأل عنه مرة أخرى الأستاذ عبد العال لا لا فقط يضره سؤلها عنه أو يحرج مركزه حتى وأن كان عبد العال لن يتحدث مع أحد فهى لا تريد تسبب له أى إحراج حتى وأن كان أمام صديق بل الأكثر إنها كانت تخاف أن تصارح نفسها بينها وبين نفسها بإحساسها به فجلست داخل الشرفه المطلة على الشاطيء وكانت الشمس تنحدر وراء الأفق وأرجعت رأسها للوراء وتذكرت النبيل خالد عندما أراد معرفتها وكيف كان تصرفه وماذا كانت مطامعه ورغم عنها عقدت مقارنه بين الشخصين النبيل خالد والضابط مجدى المنياوى ووجدت الأختلاف كبير بين الأثنان النبيل خالد كان يفتخر أنه جذبها وكان من وراء تقربه لها مطامع لتكسب من ورائها أما الضابط الشريف مجدى المنياوى دافع عنها وعن سوابت موقفه الوطنى تجاه الولايه دون أى غرض أو مصلحة أو تكسب رخيص والأغرب إنها عقدت مقارنه بين إحساسها بالنبيل خالد والضابط مجدى المنياوى وبين موقفها تجاه كليهما فكان إحساسها بالنبيل خالد كرد على إعلان موقفه تجاهها أما احساسها بمجدى شيء أخر أنه أحساس داخلى لا تريد الأفصاح عنه حتى بينها وبين نفسها إحساس خاص أنها تخاف عليه حتى من نفسها ومن مشاكلها أما النبيل خالد أعلنت الحرب عليه أمام الدنيا وفكرت فى الزواج من أى شخص بعده حتى وإن كان فتحى عبد الدايم الذى كان لا يرقى أبدا ليكون زوجا لها ولا في حتى احلامه أما مجدى المنياوى فلا يوجد رجل فى العالم ندا له أمامها ولن تقبل أبدا أن تكون زوجه لأى رجل بعدما رأته بعينيها وتأكدت أن البطل الذى كانت تحكي عنه على مدار خمسة أعوام كاملة باحساسها فقط موجود وواقع فيكفيها أنها رأته مرة واحدة وصافحته وتقابلت نظرتهما وحكى لبعضهما الكثير دون أى كلام فلغة العيون أقوى من أى حديث ينطق به اللسان فيكفيها ان تعيش على ذكرى هذا اللقاء وستكون أخذت نصيبها من الحياه
كما عودتنا الاستاذة صافي ان تفتح اوراق يكون فتحها كريهه للبعض ومحرم على البعض الاخر
فالمراة هي انسان بل هي اصل النماء في هذا العالم ويجب ان لاتقل قيمتها عن الرجل الا فيما حدده الله من اوامر ونواهي .
انا هنا لا ادعوة للمساواة بين الجنسين لان الله خلقهم مختلفين ولكن الاختلاف لايعني الاحتقار والانتقاص.
يجب تغيير نظرة المجتمع الى صاحبة الراي والمثقفة ولايجب ان تقتصر نظرتنا اليها جنسيا فقط .
ما اجمل قوة أمل ورباطة جأشها والعوده الي حياتها بعد تحمل عناء واضطهاد لا يتحمله بشر….
واعتقد ان عودة امل الي حياتها سيكون له مذاق خاص بعد كل ما مرت به من تجارب….تسارع الاحداث ووتيرتها من الجزء الاول وحتي النهاية يرسم صورة جميلة لصافيناز كاتبة القصه وان كان مر بها في وقت من الاوقات ما يجعل الصورة تهتز امام نفسها ولكن سرعان ما عادت الي سابق عهدها امرأة قوية ذات جلد وعزيمة وجبروت وفي الوقت نفسه لم يقسو قلبها حتي انه نبض بالحب وان كان في خيالها ولكنه ما زال ينبض وما زالت امل الجميلة التي يطمع في جمالها كل من يراها…. تحية لا تتوقف علي جمال ما كتبتي من التحام الاحداث والتشويق في سرد الاحداث والاجمل النهايه…. بعودة أمل او الأمل الي صافيناز..
وما صافيناز إلا امل وما أمل إلا صافيناز… فهم تؤام او قل قطعة واحدة….. تحياتي وتقديري لحضرتك امل اقصد صافيناز