الدراسات المهمة القيمة تسلط الضوء على تجليات الفكر والجمال والإنسانية والواقع المنظور والملموس والإبداع .. إشكالية النقد الأدبي ما زالت قائمة منذ ولادتها وصولًا إلى الجيل الجديد من النقَّاد، ثم أخذَتْ هذه الرؤية المنهجية تتطوَّر بفضل التأثُّر المباشر بالمناهج والنظريات النقدية الغربية كالبنيوية، والسيميائية، والتفكيكية، ونظرية القراءة، ولذلك بقيت قضية البحث عن منهج نقدي عربي أمرًا قائمًا، وما دام قائما لا أحد يتطاول على أحد في النقد ولا سيما للحفاظ على خصوصية الأدب العربي .. من هنا لا يمكن تقييد النقد حسب المزاجية والميل ووضعه في زاوية ضيقة تفهمها أنت ولا يفهمها الآخرون .. النقد الأدبي ممارسة وإنتاج وذلك من خلال التعامل مع النصوص الأدبية، فالناقد الذي ينقد نصًا إبداعيًا يظهر قيمه الجمالية، ورؤيته للإنسان وللحياة … وهذا ما لمسناه في تطور ما عالجته الأديبة السورية كلستان المرعي نفسيا واجتماعيا وتاريخيا وتكامليا حسب رؤيتها الأدبية الخاصة للنصوص .
صدور كتاب القلم العاشق في الزمن المحترق في هذا الوقت يعتبر جهد إنساني مميز خاصة إنه يتناول أفكار شاعر المرحلة المتناقضة في زمن يلتهب على الخراب النفسي والأخلاقي والتربوي والحسد والغيرة السوداء، يضم الكتاب )) المقدمة – القلم العاشق – بين الإحساس والوجود – أضواء على قصيدة بادي – الاعتدال في الحب – الواقعية والصور الشعرية – الأمكنة والأزمنة – إضاءات على قصيدة الحدباء – قراءة ورؤية لقصيدة يا العزيزة – المصادر – نبذة عن حياة الأديبة كلستان المرعي – نبذة عن حياة الشاعر عصمت شاهين دوسكي )) صمم الغلاف الفنان التشكيلي نزار ،إن التعريف بقصائد وكتابات الأديب والناقد الكبير الأستاذ ( عصمت شاهين الدوسكي ) شيء مفرح وخطوة راقية من قبل الأديبة السورية ذات القلم الحكيم ما لم يكن المرء قد تأثر بمضمونها الإنساني وواقعية هذه الكتابات في هذا الزمن العجيب مع وجود هم ومشاكل متنوعة تلاحق غالبية المواطنين في اغلب البلدان و تأجيج الصراعات والحروب وملاحقة المواطنين بمصادر عيشهم واستقرارهم في بلدانهم وديارهم !!! تساءل كيف تجمعت كل هذه الأفكار مرة واحدة ؟ لتلاحقهم وتدمر المدن والبلدان وتدمر كل شيء جميل وراقي بقي لنا من الماضي السحيق و لم تسلم من التدمير حتى أضرحة الأنبياء عليهم السلام والأولياء الصالحين رضوان الله عليهم جميعاً، يا ترى كيف حدثت وتلاحقت وعمت هذه البلدان لتدمر كل شيء جميل فيها ؟ الإنسان والطبيعة والاقتصاد وكل شيء ولكن حمدا لله بقت نفوس من بعد زوال أو خف هذا الإجرام. واكتملت الصور مع دخول فايروس الكورونا لجميع هذه البلدان وأخذت معها قوافل من الأحباب ممن سلموا من ويلات الحروب وداعش كل هذه الصور العصرية تجسدت في قصائد عصمت دوسكي ، لقد سعدت بإصدار هذا الكتاب القيم وبهذه الالتفاتة النبيلة من لدن الأديبة المرهفة المشاعر وذات القلم الملتزم ،فعلاً لا تتوقف دورة الحياة رغم كل هذه المعانات الصعبة.. معظم قصائد شاعر الإحساس والحب والمحبين الأستاذ ( عصمت شاهين دوسكي) تجد لها طريقا لقلوب كل المحبين ومتذوقي الشعر الغزلي والإنساني الذي يجسد واقع الحياة والمشاعر والعواطف والأحداث فقصيدة يا العزيزة تركت بصمة واضحة في أعماق جمهوره من الجنسين وكأن أبيات هذه القصيدة تعزف على أوتار كل قلب اكتوى بنيران الحب والإحساس المرهف ..
( يا العزيزة أبحرت مع قلبي دون الناس
حملت أحزاني وآلامي ولمست الإحساس
سالت أدمعي عنفوانا
وتراءت في رموشك حراس
من يضمد الجراح
وتخرس الكلمات بين الأقواس ؟ )
وفي جانب آخر نجد الوصف الدقيق في قصيدة الحدباء لغليان المشاعر الإنسانية لدى المواطنين ممن عاشوا في ظل هذه المعانات المحزنة لحظة بلحظة ووثق كل هذه الأحداث بحس وطني وإنساني لكونه كان شاهدا على دمار الحدباء ” الموصل ” وما لحق بها من تدمير لهذه المدينة التاريخية المقدسة لدى كل الأديان السماوية ولكن مع الأسف الشديد لم تسلم من التدمير والتفجير حتى أضرحة الأنبياء عليهم السلام بدون أن يرف لهم جفن؟ من شدة الحقد وما يحملون من أفكار إجرامية بحق الأحياء والأموات التي دفنت الأجساد في حديقة البيت.. القصيدة التي تعتبر وثيقة قيمة ،وبتوثيق هذا الإجرام المنهجي لتدمير هذه المدينة المقدسة وسرقة حتى رفاتهم لجهة مجهولة ؟؟؟؟ وتدمير الآثار والإرث الإنساني في هذه المدينة أدناه مقطع من القصيدة ..
( تجلى الظلام والقمر محاق … وفي النفوس خوف وشقاق
سبق الأسى جهل القادمين … فمات أحمد وآزاد وإسحاق
أي جوى بين الضلوع إن بكت … الثكلى بصمت دمعها احتراق
من الحزن البكاء فوق البكاء … يبكي كل من جزعه الفراق
أجساد في حديقة البيت مدفونة… لا الشمس تؤنسها ولا ظل عناق
كلما مرت العيون عليها حائرة … زاد البعد والوحشة والخناق )
أحيي الأديبة العزيزة الأستاذة ( كلستان المرعي) على هذه اللفته الكريمة والجهد الكبير من طرفها رغم وجود المسافات الكبيرة بيننا ولكن الإنسان الخير دوما يتأثر بكل شيء جميل بمحيطه وبما يمكن أن يصله من مختلف الأمور ،وعلينا أن نساند ونشد على أيدي بعض لا أن نراقب الهفوات الصغيرة ونعظمها ونحطم كل ما هو جميل .. هذا الكتاب ” القلم العاشق في الزمن المحترق رؤية عن قصائد الشاعر عصمت شاهين دوسكي ” إضافة أخرى للمكتبات لكي يصل للجمهور القراء أصحاب الأذواق الرفيعة والذي يعتبر شاهد عيان أدبي على مرحلة مهمة من تاريخ البشرية واكتمل بما أضافه الفنان القدير والأديب الكبير الأستاذ ( نزار البزاز ) من لمسات فنية مميزة تليق بغلاف ومضمون الكتاب. من خلال هذه القصائد المتميزة والتي لمست قلوب محبي الأديب الشاعر عصمت دوسكي ..فعلاً أصبحت المسافات والحضور النفسي والحسي بين الشعوب والبلدان سهلاً وممكناً! ولكن أعود مرة أخرى للوطن والغبن الذي يعاني منه غالبية الأدباء والفنانين وعلى اختلاف أصنافهم من قبل الجهات المشرفة على الثقافة والأدب سواء في المركز أو في حكومة الإقليم ؟؟؟؟ وحين علمت من خلال أجهزة التواصل بقيام جماعات متخلفة من حملة الفكر المتطرف والرجعي للقيام بإزالة التماثيل والجداريات. التي أبدع فيها فناني شعبنا العراقي . كما سبق وأقدمت داعش عليه فيما مضى؟؟؟ ودمرت الآثار والمراقد وقبور أولياء الله الصالحين من تفجير وتدمير للآثار حيث حملوا نفس المنهج المدمر؟؟؟
لقد صدر هذا الكتاب بشرى لعودة الأدباء والكتاب والفنانين لنشاطهم السابق أتمنى أن يصبح هذا الكتاب بداية خير وسلام ومحبة لكل الشعوب والبلدان التي لحقها الدمار من قبل هذه التنظيمات الإرهابية والإجرامية المتخلفة ومصدر مهم للباحثين والدارسين والأدباء …..علما هذا الكتاب ليس الأول في دراسة أدب الشاعر عصمت دوسكي سبقه كتاب الأديب والإعلامي الكبير أحمد لفتة علي دراسة بعنوان ” القلم وبناء فكر الإنسان ” عام 2019 م .
**********************************
كتاب القلم العاشق في الزمن المحترق – دراسة ورؤية أدبية في قصائد عصمت شهين دوسكي
تأليف : كلستان المرعي
رقم الإيداع في مديرية المكتبات العامة في محافظة دهوك 21 / 2412
تصميم الغلاف : نزار البزاز
طبع : مكتبة كازي
سنة الطبع : 2021 م