بعد انسحاب القوات الامريكية من افغانستان وبعدها كل قوات الناتو والتحالف اصبح الجو السياسي والجغرافي مهيئا لرجوع حكم طالبان الذي انهي على عقب هجوم الجيش الامريكي بعد احداث 11 / 9 / 2001 في امريكا، والآن منحت امريكا أكبر هدية لطالبان بانسحابها المشين من أفغانستان وقدمت افغانستان لطالبان على طبق من الذهب. تاريخيا لم تنتصر امريكا في معظم حروبها بل الاصح في كل حروبها وهاهي تنهزم شر هزيمة من افغانستان تاركا الفوضى وراءها وفاتحا باب الحرب الاهلية في افغانستان.
بعد الانسحاب الامريكي بدأ الآن لعبة شد الحبل بين الدول لتحقيق مكاسب في افغانستان تحت اوامر ومصالح ومراقبة امريكا وعلى الأقل هناك خمسة دول تلعب تلك اللعبة وهي الصين والهند وباكستان وروسيا وتركيا بالاضافة الى دول اخرى كايران مثلا.
في هذه الاسطر البسيطة والقليلة سأتطرق فقط الى دور ووظيفة ومصالح تركيا في لعبة شد الحبل هناك.
كل الدول المذكورة أجرت مباحثات او اعلنت صراحة بأنها تريد الجلوس مع قادة وكبار مسؤولي طالبان ومنهم اردوغان الذي صرح البارحة علانية بأنه يريد عقد لقاء مع قائد طالبان، ومن تلك الدول مثلا الصين حيث عقد وزير خارجيتها فانك يي لقاءا مع قائد طالبان عبد الغني برادر في نهاية شهر تموز المنصرم.
بالتزامن مع انسحاب الجيش الامريكي من افغانستان وحلفاءها سيطر الطالبان بشكل سريع على معظم اراضي افغانستان وسقطت المدن والمناطق والولايات وراء بعضها واحدة تلو الاخرى ومن دون مقاومة تذكر من قبل الجيش الافغاني المعترف به دوليا، والآن السؤال الكبير الخاص بتركيا هل ستتورط تركيا هناك املا في تحقيق مكاسب من امريكا في افغانستان وليبيا والسودان وسوريا والعراق وغيرها من الدول؟
من المعروف بأنه يعيش مائات الآلاف من الافغان في تركيا وتتراوح التقديرات بين 300 ألف و 800 ألف شخص وجاء جميعهم تقريبا كلاجئين الى تركيا وفي السنوات القليلة الماضية سافر معظم االاجئين الافغان الى اوربا عبر تركيا، عاش البعض في ايران اوتركيا او الدول المجاورة لافغانستان لسنوات، والآن يأتي المزيد منهم من مناطق الحرب في افغانستان وخاصة من عمل مع الامريكان وحلفاءهم. ويوميا يعبر مائات وفي بعض الايام يعبر اكثر من الف افغاني الحدود الايرانية التركية املا بالسفر الى اوربا.
بات واضحا منذ عدة سنين بأن ثقافة الترحيب باللاجئين انتهت في تركيا وبات السوريون وغيرهم يتلقون المضايقات ويتعرضون للاساليب العنصرية من الفاشيين الاتراك بل تعرض الكثيرين الى القتل والنهب والسلب، وبات واضحا منذ عدة سنين بأن اردوغان يستخدم ورقة اللاجئين لابتزاز اوربا وطلب مزيد من المال والمكاسب، بل ويشكل مرتزقة منهم ويرسلهم الى مناطق الحروب والصراعات للدفاع عن مصالح تركيا مقابل معاشات يتلقاها هؤلاء من تركيا او قطر او غيرها من انصاروتابعي اردوغان.
على الرغم من الازمة الاقتصادية الحادة في تركيا وانخفاض قيمة عملتها بشكل متسارع يرحب اردوغان بالاجئين الافغان لاغراض تكتيكية وطبعا وراء الأكمة ما وراءها.
تعد افغانستان حاليا موضوعا مهما للغاية بالنسبة لاردوغان وهو يريد وضع ورقة اخرى فيما يخص باللاجئين الافغان في يده لممارسة مزيد من الضغط والابتزاز على اوربا والاهداف هنا واضحة للجميع.
تركيا كانت ولا تزال موجودة في افغانستان في اطار جزء من مهمة الناتو هناك وكانت مهمتها الخاصة هناك هي حراسة مطار كابول، هذا المطار الهام والحيوي للسكان وللسفارات والمنظمات الدولية هناك، وان سقط المطار في ايدي طالبان فان الافغان والبعثات الدبلوماسية الاجنبية الذين ينتقدون طالبان سيقعون في فخ وشرك الافغان.
ولهذه الاسباب طلب الرئيس الامريكي جو بايدن من تركيا مواصلة حراسة المطار بعد الانسحاب النهائي للقوات الامريكية وهذا الطلب هو بمثابة جعل عسكر اردوغان ككلاب حراسة هناك، انا اعتقد بأن اردوغان سيلبي طلب جو بايدة لعدة اسباب واهم سببين هما تحسين العلاقة مع امريكا وليبرهن لامريكا بأن تركيا حليفة لها وليست حليفة لروسيا والسبب الآخر المهم هوترك امريكا الحبل على الغارب لتركيا وغض النظر عن ارسال تركيا مرتزقتها الى دول العالم ومنها مثلا ليبيا والعراق والاحتفاظ بالاراضي المحتلة من قبل تركيا وخاصة في سوريا والعراق.
أردوغان عندما يلتقي مع قائد طالبان اعتقد بأنه سيحاول استخدام نفاقه بشأن اسلامه للبقاء في مطار كابول وقد يوقع على اتفاقية مع طالبان كتعهد مثلا من قبل طالبان بعدم الهجوم على القوات التركية هناك، ولكنني اعتقد بأن طالبان لن تنخدع بخطط اردوغان ولن تنجر الى ترك العاطفة تنتصر على مصالح طالبان، وخاصة ان مواقف اردوغان من الاحتلال الامريكي لافغانستان لم تكن مرضية لطالبان، ولهذا عندما انتشرت انباء عن احتمال بقاء العسكر التركي في كابول صرحت طالبان بأنهم لن يتسامحو ابدا مع ( المحتلين الاجانب) في افغانستان.
تركيا تعرف جيدا بانه من دون اتفاق وضمانات مع طالبان فأن قواتها هناك يمكن ان تتعرض للهجوم وان حدث ذلك وتم قتل عدد من القوات التركية فستتورط تركيا هناك وستقل اوراق اردوغان في سبيل الفوز بالانتخابات التركية التي ستجري في عام 2023 م.
تركيا الآن باتت بين نارين نار طالبان ونار الحماية الامريكية فان لم تتفق مع طالبان فالهجوم شبه مؤكد على قواتها وان انسحبت بدون رضا امريكا فعواقبها وخيمة، فبدون الحماية الامريكية لن يتمكن الاتراك من الانسحاب بسرعة البرق وانسحابهم لن يكون الا عبر مدرج مطار كابول الذي ربما سيكون في الاسابيع والاشهر القادمة ستكون على مرمى هجوم ونيران حركة طالبان، فهل سيتورط اردوغان هناك وهو يحاول لعب لعبة شد الحبل في سبيل مصالحها هناك وهو يدخل اللعبة كلاعب قزم مع اللاعبين الآخرين الفيلة مثل امريكا وروسيا والصين وباكستان والهند، مرة اخرى هل سيتورط اردوغان هناك، وجواب ذلك سيكون واضحا عند مرور بضعة اسابيع او اشهر من الانسحاب الامريكي الكامل من افغانستان.
سيف دين عرفات – ألمانيا في 14 / 8 / 2021 م.
بل هو الذي أمر أمريكا أن يتولّى أمر التدخل في أفغانستان لتحريك الدول التركية السوفيتية وضمها إلى تركيا الجامعة وكذلك دعم الأقليّة الأوزبكية التي ستحكم أفغانستان بعد الآن ……. سترون