مدينة گرگاميش (جرابلس) حثية – كردية أصيلة – دراسة تاريخية – الحلقة الأولى – بيار روباري

 

Bajarê Girgamêş (Cerablus) Hisî – Kurdî resene

قبل الدخول في تفاصيل هذه الدراسة التاريخية، التي نتناول فيها تاريخ واحدة من أهم المدن والحواضر الهورية القديمة، ألا وهي مدينة “كرگاميش” العظيمة التي إحتلت مكانة مرموقة ومهمة في تاريخ الدولة الحثية – الكردية، لا بد لنا أن نسجل بداية عدة ملاحظات مهمة:

الملاحظة الأولى:

Yekemîn têbînî

لم يتعرض شعبٌ للسرقة والظلم مثلما تعرض له أسلاف الشعب الكردي وخاصة الخوريين (الهوريين) أصحاب أعظم حضارات عرفتها البشرية، وما قدموه للإنسانية على مدى ألاف الأعوام، ولم يقدم أي شعبٍ أخر في التاريخ مثلما قدمه الخوريين. لقد قام المحتلين والمستوطنين الفرس والعرب والأتراك بعمليات قرصنة وسرقة في وضح النهار، والسطو على تاريخ هذا الشعب العظيم “الخوري” وهو إم الشعب الكردي بجميع مسمياته. بالطبع لم يحدث ذلك صدفة، وإنما حدث ومازال يحدث لليوم عن وعي وبشكل مدروس وممنهج، لأهداف خبيثة إستعمارية ولطي الهوية الكردية لمنطقة الشرق الأوسط، وأكثر لمحتلين سرقة للتاريخ في العالم هم (الفرس، العرب، الأتراك)، ويفعلون ذلك منذ ألاف الأعوام، ولليوم يسطون على تاريخ وأثارات الإمة الكردية، التي يعود تاريخها في هذه المنطقة لأكثر من (15) الف عام.

على مر السنين، هؤلاء المحتلين الهمج واللصوص، سرقوا كل شيئ إبتدعه وتركه أسلاف الكرد من: الخوريين، الإيلاميين، السومريين، الهكسوس، الميتانيين، الحثيين، الساسانيين، الأيوبيين والصفويين

ونسبوه لأنفسهم، ليس فقط ذلك وإنماء قاموا بإحتلال بلاد الكرد وإستوطنوا فيها، ثم الإدعاء إنها أرضهم ولكي يعطون صبغة عربية أو تركية أو فارسية للمناطق والمدن التي إحتلوها وسكنوا فيها، قاموا بتغير ديمغرافية تلك المدن والحواضر الكردية، وتغير أسمائها وتبديلها بأسماء عربية، تركية، وفارسية مسخة ولا تمت بصلة لتلك المدن وتاريخها الطويل. حسب معلوماتي لم يشهد التاريخ أسوأ من الإحتلال العربي والتركي السرطاني الخبيث ومعهم المحتلين الفرس.

والحاضرة الكردية الهورية التي نحن بصددها اليوم، برأي لا تقل أهمية على دمشق وحلب وأوگاريت، وذلك لسبب رئيسي من ضمن أسباب كثيرة، كونها كانت ثاني عاصمة للدولة الحثية (1800 – 1178) ق.م بعد العاصمة الغربية “هتوسا” والتي تقع جنوب شرق مدينة أنقرة الحالية وتبعد عنها حوالي خمسين كيلومتر وتقع في منطقة تسمى بالتركية (چورم)، وكانت ” كرگاميش” أيام الدولة الحثية تلقب بالعاصمة الشرقية للدولة. أي كانت ذي مكانة مهمة جدآ، ومن جميع النواحي وخاصة كانت تطل مباشرة على نهر الفرات الكردي، الذي لم يخرج خارج خريطة كردستان لا هو ولا نهر دجلة ولا سنتيمتر واحد، حيث كل الأراضي التي يمر بها النهرين من المنبع للمصب هي أراضي أراضي كردستانية.

الملاحظة الثانية:

Duyemîn têbînî

هو جهل غالبية الكرد بتاريخهم وتاريخ مدنهم وجغرافية وطنهم كردستان. وأنا واثق أن 99% من الكرد في غرب كردستان يجهلون تاريخ مدينة “كرگاميش” الهورية وحتى إسمها الحقيقي. مثلما كانوا يجهلون تاريخ مدينة دمشق وحلب وحوران وأوگاريت وإدلب. والأسوأ من ذلك، عدم وجود رغبة لدى الكثيرين من الكرد معرفة تاريخهم الحقيقي والإطلاع عليه. والسبب في ذلك برأي يعود غسيل الدماغ الذي قام به المحتلين العرب لهم، وعلى ما يبدوا أنهم تمكنوا فعلآ من غسل أدمغتهم وتشكيلها وفق رؤيتهم على مدى مئات السنيين.

والسبب الأخر هو عدم وجود دراسات كردية تاريخية وكتب تتناول تاريخ غرب كردستان وحواضرها، وإهمال السياسيين الكرد لهذا الجانب المهم من النضال إلى جانب إهمال اللغة وهذا خطأ فادح، وعدم إمتلاك الكرد للكوادر المختصة في هذا المجال، أي علم الأثار والتاريخ وهذا سببه برأي غياب الوعي لدى القيادات السياسية والنخبة المثقفة. وحتى اولئك الذين درسوا التاريخ في الخمسين السنة الماضية ويحملون شهادات الدكتورة بالتاريخ، لم يكتبوا شيئآ في التاريخ الكردي قط. وبقناعتي لو درسوا البطيخ والفسيخ لكان أفضل لهم ولعلهم نفعوا في ذلك. كل الذين كتبوا في التاريخ الكردي من الكرد، ليسوا خريجي قسم التاريخ في الجامعات، وإنما هم كتاب مهتمين بتاريخ شعبهم نظرآ لحبهم وحرصهم الشديد في إنارة هذا التاريخ، وشعورهم القومي الكردي العالي، وبذلوا جهودآ جبارة لتصحيح تاريخ شعبهم الكردي، وتعريف أبناء الإمة الكردية به، فشكرآ لهم جميعآ أحياءً أكانوا أو أموات وفي مقدمتهم العلامة وشيخ المؤرخين الكرد ” محمد أمين زكي”.

وهناك من الكرد ممن يشككون فيما يكتبه الكتاب والمؤرخين الكرد المهتمين بتاريخ شعبهم الكردي ويحرصون على تدوينه وتصحيحه، وتنقيته من التزوير والأكاذيب التي خطها المحتلين لكردستان بشكل يتوأم مع سياستهم الخبيثة، ألا وهي محو هوية المنطقة الهورية – الكردية وخدمة لإحتلالهم لكردستان. ويهاجمون اولئك الوطنيين المبدعين، ويحاولون تشويه سمعتهم والتشويش عليهم، بهدف زرع التشكيك في نفوس القراء الكرد، وهؤلاء الأخساء هم عملاء للدول المحتلة لوطننا كردستان، لأن نفسيتهم دنيئة ولهذا يحسون بدونية تجاه المحتلين الفرس والغزاة العرب والمستوطنيين الأتراك. وهذه الفئة البغيضة والمريضة من الكرد هم “جحوش وقوروجية إعلامية وفكرية” مثلما كان هناك جحوش مسلحة تقاتل إلى جانب جيش صدام المجرم ضد أبناء شعبهم الكردي والبيشمرگة الأبطال إبان ثورة ايلول العظيمة في ستينات وسبعينات وثمنينات وتسعينات القرن الماضي، واليوم نجد القوروجيين أيضآ يحملون السلاح ويقاتلون مقاومينا “قوات الغريلا” في شمال كردستان ويوجود إعلاميين وكتاب يقاتلون شعبهم بالكلمة وخير دليل على ذلك، العاملين في المحطة التركية (ت ر ت 6) التي تبث سمومها باللغة الكردية.

الملاحظة الثالثة:

Sêyemîn têbînî

هو تجاهل الإعلام الكردي للمؤرخين والكتاب الكرد المهتمين بتاريخ كردستان وحواضرها وجغرافيتها وأثارها وحضاراتها القديمة. هذا الإعلام الحزبي المسخ، لا هم له سوى التطبيل والتزمير وتلميع قبح الأصنام التي تعمل لصاحها، والتسبيح بأسمائها صباحآ ومساءً، والنيل من كل كاتب وصحفي وصاحب رأي مستقل. في المقابل يصرفون الملايين من الدولارات على العاهرات وأشباه الفنانيين، من خلال إقامة حفلات وسهرات لهم في أغلى الفنادق والمحلات، وفتح إعلامهم أمام جوقة من الأبواق الرخيصة الذين باعوا شرفهم ووطنيتهم لقاء حفنة من المال والظهور في وسائل الإعلام التابعة للأحزاب الكردية.

هذا بدلآ من دعم المبدعين الوطنيين الكرد، وطباعة أعمالهم ونشرها في جميع أجزاء كردستان، وفتح أبواب الإعلام لهم كي يقومون بتوعية أبناء إمتهم، وتعريفهم بتاريخهم الحقيقي ولغتهم، ومدى غناء هذا التاريخ واللغة معآ.

الملاحظة الرابعة:

Çaremîn têbînî

وهناك فئة أخرى من الكرد ممجوجة وإنهزامية تسوق لسياسة المحتلين وتقول:

“ماذا سنستفيد إذا عرفنا التاريخ الكردي، وهل فعلآ كان لدينا تاريخ؟ وأين هذا التاريخ؟، وتضيف ماذا إستفندنا من ثوراتكم حتى نستفيد من تاريخكم؟؟ ويكملون كلامهم قائلين: دعونا نعيش حياتنا كلآ في البلد الذي يعيش فيه، ويتعلم لغة ذاك البلد وإنتهى الأمر وفي النهاية كلنا مسلمين وبشر”.

أي يطالبوننا أن لا نثور لكرامتنا كإمة ولحريتنا وإستقلالنا ولغتنا وتاريخنا وتراثنا الوطني الكردي وأن نعيش كالحيوانات نأكل ونشرب فقط. هدفهم هو إحباط عزيمة شعبنا والنيل من إرادته، وهزيمته من الداخل. هؤلاء بالتأكيد ليسوا بعدين عن أجهزة المخابرات التابعة للدول المحتلة لكردستان. وهذه الفئة من البشر تنظر إلى كل شيئ من منظار الفائدة الشخصية، وبالتالي فهي مستعدة لبيع كرامتها وعرضِها لقاء حفنة من المال، وهؤلاء من البشر يمتازون بصفتين هما: دناءة النفس والجبن.

جغرافية مدينة گرگاميش:

Erdnîgeriya bajêrê Girgamêşê

إسمها المدينة “كرگاميش” وليس جرابلس وسنفصل في هذه النقطة فيما بعد، ويقع مدينة كرگاميش على الضفة الغربي لنهر الفرات العظيم، وتحديدآ عند نقطة عبور النهر إلى أراضي غرب كردستان، وتقع على بعد 125 كم شمال شرق مدينة حلب في أقصى الشمال، على الخط الفاصل بين جزئي كردستان. وبلغ عدد سكانها إلى ما قبل الثورة نحو حوالي (35) الف نسمة، ويقطن فيها ما عدا الكرد المستوطنين العرب والتركمان.

وتتميز گرگاميش بمناخ معتدل نسبيآ في الصيف وبارد في الشتاء، والربيع من أجمل فصول السنة حيث تلون الطبيعة سهولها وريفها بجمال خلاب، وجمال لطبيعتها تدعوك للتأمل في سحر المنطقة ونهرها المتدفق، وتمنحك صورة فيغاية الإبداع والجمال. وتبعد گرگاميش عن مدينة ديلوك (عنتاب) الكردية الواقعة على الطرف الثاني من الحدود المصطنعة حوالي (60) ستين كيلومتر فقط.

وكانت المدينة تحتل مكانة هامة ومحورية بسبب وقوعها بين الشرق، أي بلاد ما بين النهرين ومنطقة الأناضول، وهذا ما جعلها ذات موقع إستراتيجي، نظرآ لمرور التجارة عبرها وكانت بوابة لحلب بإتجاه “آمد” عاصمة كردستان وأيضآ بإتجاه الغرب أي الأناضول، كما كانت مركزآ إداريآ هامآ في إطار الدولة الحثية، إلى جانب مدينة أوگاريت الساحيلية. ومدينة گرگاميش بناها “الهوريين” أسلاف الكرد والحثيين، بعكس ما يعتقده البعض بأن الحثيين هم من أسسوها وهذا غير صحيح، الصحيح أن الحثين الكرد بنوا فيها قلعة على تلتها وإتخذوا مقرآ لهم، وقاموا بتوسيعها فإختلط الأمر على الكثيرين ونسيى البعض أن تلك القرية الوديعة قبل أن تتحول إلى مركز لالقرار الحثي كونها عاصمة ثانية بعد إتساع الدولة الحثية، كانت مجرد بلدة من البلدات الهورية. وسبق إلى حكمها الميتانيين الكرد، ومر عليها أيضآ الغزاة الأشوريين حكموها فترة من الزمن، وحاول فراعنة مصر السيطرة عليها مرات عدة وخاصة بعد غياب شمس حليفتهم المملكة “الميتانية”، التي تحكم المنطقة قبل أن يدب الخلافات بين أفراد العائلة الحاكمة، دعم ملوك المملكة الحثية أحد أطراف ضمن القيادة الميتانية الرافض للعلاقات الوثيقة مع فراعنة مصر والمصاهرات العائلية بينهم. وهذا التيار كان يميل للتعاون والتنسيق مع الحثيين بني جلدتهم، ونعرف جيدآ كيف إنتهت “ميتان” وحل محلها الدولة الحثية الفتية وسيطرة على أراضي المملكة الميتانية، وكليهما كانتا مملكتان كرديتان باسم قبائلها، ولم يتعرض واشوكاني للتدمير من قبل الحثيين وبقيت كمملكة ولكن القرار والسلطة والقيادة إنتقلت إلى حاتوسا وفيما بعد إلى مدينة گرگاميش وخاصة في الفترة الثالثة من عمر الدولة الحثية.

مدينة ” گرگاميش” تتبع إدارياً لمحافظة حلب، ويبلغ إرتفاع تلتها نحو /400/ متر، في حين يبلغ إرتفاع المدينة /367/ متر فوق سطح البحر، وتحيط بالمدينة من الشمال والجنوب مسيلات مائية تنحدر نحو الشرق باتجاه نهر الفرات. ويصل معدل الأمطار السنوية فيها إلى (300مم) تقريباً، ويبلغ متوسط درجة الحرارة فيها نحو 18 درجة مئوية.

كما تقع گرگاميش في فوهة السهل الفيضي لنهر الفرات من جهة الشمال، في منطقة زراعية ذات تربة خصبة، وهذا الموقع المميز أهلها لتكون حاضرة من حواضر الحثيين وشاهدة على ماضي عريق لمدينة أثرية قديمة كانت ذات عاصمة للدولة الحثية في الألف الأول قبل الميلاد. إذ تلامس أطراف المدينة الشمالية الحالية المقدمات الجنوبية لمدينة گرگاميش التاريخية، الجاثمة أطلالها في الأراضي الواقعة بشمال كردستان، إذ تُشاهد هذه الأطلال بوضوح من مدينة كرگاميش الحديثة الواقعة ضمن أراضي غرب كردستان، ومن جسرها الذي يقع بالقرب من مدخل الفرات لأراضي روزأفا، والذي يبلغ طوله أي الجسر (300م) وعرضه (4م)، ويقوم على ركائز حديدية وأرضية خشبية، ويعد هذا الجسر أحد أهم ستة جسور مقامة على نهر الفرات من الجانب (السوري).

وإلى الجنوب من مدينة گرگاميش بمسافة (7) كم، تتدفق مياه نهر الساجور الذي يشكل الرافد الأيمن الوحيد لنهر الفرات ضمن أراضي غرب كردستان، وليس بعيداً عن المدينة گرگاميش، يقع تلة أثرية تعرف بتل العمارنة اليوم وإرتفاعها يصل إلى نحو 30 متر، وتجري فيه تنقيبات أثرية منذ عام (1993) وتوقفت بعد إندلاع الثورة السورية عام 2011. ويناظرها تلة أثرية على الضفة الشرقية من النهر تدعى “تل شيوخ فوقاني”.

تطورت گرگاميش الحديثة التي أقيمت بجوار المدينة الأثرية، من بلدة صغيرة عام (1908) إلى بلدة ثم مدينة مع الوقت، إذ لم يكن يتجاوز عدد سكانها حينما إنشأت سكة حديد حلب ـ بغداد، بضع مئات من الأشخاص وكانت منازلها لا تتعدى بيوت القائمين على المحطة، ومن يقوم على خدمتهم فقط والإدعاء أنها مدينة عربية يدحضها حقائق التاريخ والجغرافيا والمحيط الكردي لها من الجوانب الأربعة، والأهم من ذلك وقوع المدينة الأثرية بكاملها تقريبآ في شمال كردستان. وبعد استقلال ما يسمى كذبآ سوريا وتركيا والعراق ولبنان، هذه الكيانات اللقيطة الإحتلالية المصطنعة، ونتيجة لاستخدام المضخات المائية وسحب المياه من نهر الفرات، وإنتشار زراعة القطن وتوسعها في تلك المنطقة، شهدت البلدة هجرات كبيرة متعاقبة إليها وجلهم من خارج سكان المنطقة والمعروفين بهويتهم الكردية، وأصبحت مركز ناحية إدارية تابعة لمدينة منبج أولاً (وهي الأخرى حاضرة كردية وسيكون لنا وقفة بحثية معها في المستقبل)، ثم أصبحت فيما بعد مركز منطقة إدارية، وأصبح عدد سكان المدينة يقارب (6) ستة آلاف نسمة ووصل عدد سكانها إلى /8.053/ نسمة بحسب تعداد /1994/، كل ذلك في فترة وجيزة وذلك بسبب السياسات العنصرية والممنهجة من قبل الحكومات السورية، وبتحريض رسمي من قبل وزير المعارف أنذاك في حكومة الإحتلال العربي الإستيطاني لبلاد الكرد، ومطالبته بتغير الديمغرافيا البشرية للمنطقة الحدودية، كي يتجنبوا في المستقبل قضية قومية كردية ، كون الكرد يسكنون على طرفي الحدود من الشمال والجنوب. وللأسف هذا الوزير كان كرديآ، وإسم هذا الوغد هو: “محمد كرد علي“، الذي أسس أول مجمع للغة العربية في دمشق، بدل أن يؤسس مجمع للغة الكردية.

“لمن لا يعرف “محمد كرد علي” هو (محمد بن عبد الرزاق بن محمد كرد علي). ولد في دمشق 1876م لأب كردي من مدينة السليمانية بجنوب كردستان وأم شركسية. وهو الذي أسس أول مجمع للغة العربية في دمشق عام 1919. وأصبح أول وزير للمعارف في سوريا في عهد الرئيس “تاج الدين الحسني” وله عدة مؤلفات. وتوفى في عام 1953م ومات موت حقيرة يليق به وبمن يشبهونه من الكرد أمثال الإخواني نصير اردوغان “علي القرداغي” نائب الإرهابي القرضاوي عملاء دويلة قطر.

قبل تسعين (90) عامآ من الأن، وتحديدآ في عام 1931 عندما كان هذا الوغد وزيرآ للمعارف أرسل هذا المستعرب والمتأسلم والخائن لإمته الكردية، برسالة خطية إلى رئيسه “تاج الدين الحسني” وهي رسالة طويلة نسبيآ وسأنشر فقط الجزء المتعلق بموضعنا أي العمالة للمحتلين لكردستان وخدمة الإسلام دين العرب الشرير. والرسالة منشورةٌ كاملة في مذكراته المجلد الثاني الصفحات (436-443) ورابط المذكرات الخاصة بهذا التابع والخدم تجدونه في نهاية المقال، لمن يريد التأكد من صحة كلامي. يبدأ رسالته كالتالي:

لحضرة صاحب الفخامة رئيس دولة سوريا المعظم

أوصلني البحث في شؤون البلاد التي فتشتها بأمركم في الوية الإسكندرونة والفرات والجزيرة وحمص وحماه وبعض أنحاء ولاية حلب، إلى أمور رأيت عرضها على فخامتكم لتنظروا فيها “أيدكم الله” وتجروا ما يمكن إجراؤه من الأعمال التي تعود بالخير على هذه الدولة.

……………………………………………………………………………………………….

 

ويتابع في رسالته قائلآ:

وإني لمغتبط جد الاغتباط بما رأيت من قيام أعمال مهمة في بعض أنحاء لواء الجزيرة الذي لم تضع فيه الدولة البائدة حجراً على حجر؛ فإن بضعة من الجسور والطرق والمدارس ودور الحكومة مثال من العناية بذاك اللواء الجديد والحكمة تقضي بمضاعفة هذه العناية وأن ينشأ فيه في السنة القادمة عشر مدارس ابتدائية لا تكلف أكثر من عشرة آلاف ليرة سورية وينشأ جامع فخم في عين دوار.

أما عمل الأهلين في أرض الجزيرة فهو أعظم أثراً ذلك لأن الحسجة التي لم تكن قبل ست سنين سوى قرية صغيرة أصبح سكانها اليوم نحو خمسة آلاف وكذلك يقال في القامشلي التي لم تكن تضم قبل ست سنين سوى بيت واحد وطاحون فأصبحت اليوم تحوي اثني عشر ألفاً من السكان مخططة على صورة هندسية جديدة منارة بالكهرباء مغروسة بالأشجار، وغداً تلحق بها عين دوار وغيرها.

وتعلمون “أيدكم الله” أن معظم من هاجروا إلى تلك الأرجاء هم من العناصر الكردية والسريانية والأرمنية والعربية واليهودية. وجمهرة المهاجرين في الحقيقة هم من الأكراد نزلوا في الحدود. وإني أرى أن يسكنوا بعد الآن في أماكن بعيدة عن حدود كردستان لئلا تحدث من وجودهم في المستقبل

القريب أو البعيد مشاكل سياسية تؤدي إلى اقتطاع الجزيرة أو معظمها من جسم الدولة السورية لأن الأكراد إذا عجزوا اليوم عن تأليف دولتهم فالأيام كفيلة بأن تنيلهم مطالبهم إذا ظلوا على التناغي بحقهم والإشادة بقوميتهم، ومثل هذا يقال في أتراك لواء إسكندرونة فإن حشد جمهرتهم فيها قد يؤدي إلى مشاكل في الآجل لا يرتاح إليها السوريون فالأولى إعطاء من يريد من الترك والأكراد أرضاً من أملاك الدولة في أرجاء حمص وحلب… ومهاجرة الكرد والأرمن يجب في كل حال أن يمزجوا بالعرب في القرى الواقعة في أواسط البلاد لا على حدودها اتقاء لكل عادية  ونحن الآن في أول السلم نستطيع التفكير والتقدير.

……………………………………………………………………………………………….

 

وفي مكان أخر من رسالته يقول:

ومهاجرة الكرد والأرمن يجب في كل حال أن يمزجوا بالعرب في القرى الواقعة في أواسط البلاد لا على حدودها، إتقاءً لكل عادية تطرأ ونحن الأن في أول السلم نستطيع التفكير والتقدير.  

………………………………………………………………………………………………………..

ويختتم رسالته بالجملة التالية.

المسؤول تعالى أن يزيد في توفيقكم لخدمة هذه البلاد مولاي المعظم.

دمشق في 8 رجب 1350هجري، و18 تشرين الثاني 1931 م.

وزير المعارف – محمد كرد علي”

*******************

ومن هنا يمكننا القول بأن التعريب في المنطاق الكردستانية بغرب كردستان لم يبدأ في ستينات القرن الماضي كما يعتقد البعض من الكرد جهلآ، وإنما بأت عملية التعريب في بداية ثلاثينات القرن الماضي، وتحديدآ في منطقة “گرگاميش”، وكانت هذه المنطقة الكردية أولى ضحايا هذا المشروع العنصري البغيض والجهنمي، الذي مارسته جميع الحكومات السورية، بغض النظر عن إسم الحاكم وهذا المشروع مستمر للأن بالتعاون بين النظامين الإجراميين النظام التركي والسوري وبمباركة فارسية وروسية.

معظم مساكن المدينة القديمة التي بنيت في (العشرينات، الثلاثينات، الأربعينات وحتى الخمسينات من القرن الماضي)، مبنية من الحجارة والقليل منها مبني من الطين، ذات سقوف خشبية مستوية، أما أبنيتها الحديثة فمعظمها مبنية من الحجارة الكلسية مع قليل من الإسمنت، وتمتاز بمنظر بهي نظرآ لرتابة بنائها ومخططها الهندسي، والخضرة التي تحيط بها، إضافة تدفق نهر الفرات من أسفل المدينة من الجهة الشرقية، فهما يضفيان عليها منظرآ جميلآ وخلابآ، والمدينة التاريخية يضفي عليها من جهتها شيئاً من البهاء الخاص والفريد من نوعه، تلك المدينة التي تنام فوق تلة تاريخية تسمى “گرگاميش”، وتقع في الجهة الشمالية، وجلها تقع ضمن أراضي شمال كردستان.

نهاية الحلقة الأولى وإلى اللقاء في الحلقة الثانية.

وشكرآ على وقتكم ونحن بإنتظار أرائكم وملاحظاتكم القيمة.

 

 

6 Comments on “مدينة گرگاميش (جرابلس) حثية – كردية أصيلة – دراسة تاريخية – الحلقة الأولى – بيار روباري”

  1. عزيزي بيار بالنسبة لمنبج هناك كتاب لعضو المكتب السياسي بالحزب الديمقراطي الكوردستاني السوري و اسمه علي مسلم فيه معلومات قيمة ,ربما و لعلى تستفيد منه رغم ان معظم اعضاء المكتب اسباسي للحزب لم يقرأو او لم يتجرأو على امتلاكها…و لازال معظم هؤلاء الاعضاء المسخين ينافوق بان مناطق كوردية في سوريا نتقسم الى ثلاثو اجزاء صغيرة بينهما مناطق عربية(فلا تستغرب عندما يقول العرب بانه لايوجد مناطق كوردية في سورية) اذا كنا نحن ننفي وجودنا فما بالك بهؤلاء العرب و الترك و الفرس…عزيزي بيار ليت تكتب اسماء الكوردية باحرف كوردية ,تعلم بان الفتحة و الضمة و الكسرة تختفي في العربية و هذا يضر لغتنا الكوردية عند كتابتها بالاحرف العربية…مثلا گرگاميش او ديلوك على سبيل المثال… dîlok. Gir Gamêş:::
    hêvya serkeftinê bo te

    1. كاكا جوان عامودي،
      في البداية شكرآ لك على تفضلك بقراءة الحلقة الأولى من هذه الدراسة التاريخية التي أتناول فيها هوية وتاريخ هذه المدينة الكردية – الحثية العريقة (گرگاميش) وهي محل فخر وإعتزاز كل وطني كردي ومحب لبلده كردستان والإمة الكردية العريقة.
      قادة الأحزاب السياسية الكردية بعمومهم مجموعة من الإنتهازيين وتجار القضية، وأشباه أميين وأخر ما يفكرون به هو تاريخ الشعب الكري وأسلافه وتاريخ مدنه وبلداته وحواضره. لو كانوا يمكلون ذرة إحساس بالمسؤولية الوطني لكانوا أرسلوا بعثات لدراسة الأثار في الخارج، وبعثات لتعلم اللغات الشرقية القديمة، ولما سموا جنوب كردستان (بكردستان العراق)، ولا غرب كردستان (بشمال شرق سوريا) ولما تلفظوا بمصطلح الكنتونات المعيب والمقيت.
      هؤلاء البشر مات فيهم عرق الحاء بالمرة. جميع الأحزاب الكردية في غرب كردستان كانت ترفض إلى ما قبل الثورة السورية السلمية، إستخدام تسمية “غرب كردستان” ولا حتى مصطلح (كردستان سوريا). الجميع كان يستخدم التسمية التالية: (الحزب …… الكردي في سوريا)، وهذا ينطبق على حزب حميدكو، صلاحكو، مسلمكو، شيخأليكو، بركو وتمكو. وجماعة حزب العمال رفضوا إستخدام حتى مسمى “الكرد”
      في إسم حزبهم، ومع ذلك تراهم يتحدثون صباحآ ومساءً عن الإمة الخلابية (الديمقراطية) دون خجل!!!!

      التكاب الذي أشرت إليه حقآ كاكا لم أطلع عليه، ولا أملك نسخة منه، وإذا كان لديك رابط الكتاب على الإنترنيت فأرجوا أن ترسله لي عبر صفحتي على الفيسبوك وسأكون مشكورآ لك. أو أن ترسل لي إسم الكتاب والكاتب كي أبحث عنه.
      ولكن أعمل منذ فترة على دراسة تاريخية أتناول فيها المدن الكردية التالية بغرب كردستان:
      (المنبج ومدينة أعزاز وتل رفعت وألالاخ، …) ولكن لم أنتهي بعد منهم، بسبب عملي في مجالات أخرى عديدة كالأعمال اللغوية والشعرية والقصصية والفكرية وغير ذلك.

      في الختام، أتمنى أن تقرأ الحلقات القادمة أيضآ من هذه الدراسة وتجد فيها فائدة معينة.
      تحياتي ودمت بخير.
      أخوك بيار.

  2. لقد ظهرت كتابات اكاديمية كثيرة عن الصراع الكردي من اجل نيل حقوقهم المشروعة في اوطانهم في الأناضول والعراق وإيران وسوريا ومن جامعات مختلفة في عدد من البلدان الغربية وحتى الشرقية.
    لتعميم هذه المعلومات الى الجيل الجديد من الشباب الكرد انصح بأن ينشر مخلص لتاريخ الدول والأمم الكردية في المنطقة من خلال الوسائل التواصل الاجتماعي وسلسلة المعارف بكل اللغات وخاصة العربية والتركية والفارسية، منها المعرفة ويكيبيديا ودائرة المعارف البريطانية وترسل الى الجامعات العربية والغربية والشرقية، وترسل ملخصات الى قادة الدول والمنظمات العالمية لتعريف الكرد وبالقضية الكردية.
    بإمكانياتي المحدودة جدا ارسلت الكثير من الملفات والتقارير الى قادة الدول والى الأمم المتحدة وبعض المنظمات الدولية تقارير عن جرائم الاستعمار التركي المغولي في كردستان اناضول، وراسلت الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون لمنع تنفيذ حكم الإعدام في المناضل عبدالله اوجلان، اني أُركز على الوقت الحاضر واتطلع الى المستقبل بدل الحفر في الماضي، لأن التركيز على الحرث في القبور لا تنتج زراعة تؤكل.
    الى جانب اظهار تاريخ الكرد للعامة من الكرد والمستعمرين العرب والترك المغول والفرس، فيجب علينا ان نعمل للتحرر من القياديات العشائرية (الآغاوات) المتمسكة بالعرف العشائري القديم وتنقلب مع الأوضاع من جحوش تعاونوا مع صدام حسين لمحاربة الكرد الى جحوش لإيران وتركيا، فطالما بقت العشائر والعائلات تتاجر بدماء الشهداء من عشائرها سواء ضد الحكومات المستعمرة او فيما بينها البين لأهداف متخلفة فلا يمكن للكرد ان ينالوا حقوقهم المشروعة.

  3. 1ـ كًةر كًاميش وليس كًر كًاميش بمعنى بُحيرة الجاموس وبالتركية أيضاً معناه تام وسليم , قرة قميش, القصب الأسود, الأدغال السوداء
    2 ـ ما مشكلتكم مع الفرس ؟ متى إحتل الفرس أرضكم ؟ثلاث محافظات كوردية إحتلها الأذريون الترك (همدان تبريز, أورمية ولا أحدٌ منكم قد تفوه بحرفٍ تجاههم , ما القصة ؟ الفرس خسروا كل وسط وجنوب العراق تحت الزحف الإسلامي حالهم حال الكورد السنجاريين والشبك والكوران وغيرهم كثيرون تتشابك إنتماءاتهم بين الكورد والفرس
    3 ـ سايكس بيكو لم يُقسّم كوردستان , فتشوا فيها عن إسم كوردستان أو حتى الكورد لتعلموا الحقيقة وتسكتو عن الكلام المُباح, سايكس بيكو حرر الشعوب الخاضعة للعثمانيين فمن أراد وطناً ناله حتى هؤلاء العشائر العربية أصبحت دولاً بفضل الإستعمار الذي تعادونه اليوم وهو الذي حرر الكورد لكن الكورد أرادوا الخليفة ولما طرده كمال باشا ثار الكورد من أجل الخليفة وليس من أجل كوردستان , أنتم الآن تفضلون البعثيين الذين فعلوا في 1975 ما لا يمكن تصوره عدا الأنفال ومع ذلك أنتم تفضلونهم على الكتلة الشيعية في البرلمان العراقي وفي سوريا مع الجيش الحر الداعشي ضد بشار الكوردي وتركيا أردوكان المعروف هي المفضلة على إيران راعية ثورة أيلول التي تتباهون بها ……… وشكراً
    5 ـ الحيثيون ليسوا كورداً إنما شركسيون أقرب إلى القوقاز والترك

  4. سيدي حاجي علو
    لابد التمييز بين الفرس وبين النظام الإيراني المذهبي الحالي، لا يمكن لأحد انكار حضارة الفرس وترابطها مع الكرد، ففي الغرب يطلقون على الميديين (الكرد) “الفرس القدماء” وهم أسقطوا الإمبراطورية الاشورية في نينوى ويعترفون بتواجدهم من القرن الحادي عشر قبل الميلاد.
    ان النظام الإيراني الحالي يعيش في الماضي ويتاجرون بالقبور واعادوا المنطقة 1400 سنة الى الوراء ليثبتوا احقية الخلافة وولاية امام علي كرم الله وجهه وكأنهم يشاركون الله في الحكم على البشر، فماذا جنيننا من النظام خميني سوى القتل وتشريد الملايين والفرقة بين الشعوب التي تقطن المنطقة من أفغانستان وباكستان الى المغرب.

  5. الأخ الموكرياني
    نعم يُتاجرون بالقبور وهذه هي نقطة اللاممكن التسامح معها فهم شيعة ولا يجوز التقرب إليهم مهما كان , فلا داعي للكرد المطالبة بوطن ولا قومية ولا هوية , الدين هو محور الكوردايةتي ولا شيء غيره
    بالنسبة النظام الإيراني نظام يعيش في الخرافات وليس له من ااعصرية شيء إنه يسير إلى الهلاك وشعبه راضٍ إنهم ليسوا أفضل من الكورد , وسيزولان لا محال فالبقاء لمن يستحق الحياة

    هل تعلم أن الشاه الخطر قد إستبدل بالمغفلين من قبل من ؟ ستقول أمريكا, نعم لكن من الذي فرض على أمريكا ؟ إنهم أنور السادات والسعودية وتركيا وهؤلاء حتى اليوم هم وراء بقاء الملالي خوفاً من أن يأتي آخر ويذيقهم الويلات
    وشكراً

Comments are closed.