في مقال كتبه الأستاذ الفاضل كامل عبد الرحيم ، ولا ادري لماذا اراد البعض حذف اسمه عند نشره لهذا المقال تحت اسمه او اعطاه اسماً لكاتب سماه ” لكاتبه ” ، إذ انني لا اجد مبرراً لهذا الإخفاء ، كما لا اجد ما يُخجل المتبني لإفكار هذا المقال من إعطاء كل ذي حق حقه وإنصاف الرجل الكاتب بنسبة المقال اليه.
وبدون ان اناقش السيد الكاتب ، الذي احترم آراءه ، حتى وإن لم اشاركه بعض مضامينها ،عبر متعرجات والتواءات الدبلوماسية ، احاول ان اركز على صلب الموضوع الذي جعله السيد الكاتب المادة الأولى ، بل والأساسية التي انطلقت منها كافة التعليقات التي رافقت مقالته. وصلب الموضوع هذا هو الحزب الشيوعي العراقي .
اولاً وقبل كل شيئ فإنني ابدي استغرابي حقيقة للموجة التي اراها اليوم اكثر من اي وقت مضى والمتجهة صوب الحزب الشيوعي العراقبي بالنقد والتجريح والتهميش وحتى بعض الإشارات العدائية احياناً . وانني حينما اتطرق الى مثل هذه الحملة ، فلا اقصد فرسانها من الأعداء الحقيقيين ، نعم الأعداء ، ليس للحزب الشيوعي العراقي فقط ، بل ولكل الأفكار التي تتعامل مع الحضارة والتمدن والفكر التنويري مما ينشره الديمقراطيون على مختلف توجهاتهم الفكرية ، بل اقصد اولئك الذين يشاركون الحزب ولو بهدف واحد يدور حول الوطن وحريته وسعادة شعبه ، ولا اعتقد بان اي من حملة الفكر الديمقراطي لا يشارك القوى الديمقراطية الاخرى هذا الهدف .
اشارك السيد الفاضل كاتب المقال الأستاذ كامل عبد الرحيم ما تفضل به من اختلاف الازمنة التي كانت تعمل فيها الطبقة العاملة مهنياً لا سياسياً في سبعينات القرن الماضي. إلا ان هذا العمل الذي صوره وكأنه يتم في اجواء مثالية من الحرية والرفاه آنذاك وتحت مراقبات اجهزة البعث الأمنية وملاحقاته وقمعها حيث وصفه قائلاً “” في السبعينات من القرن الماضي …………….( حيث يتطرق السيد الكاتب الى بار ساحة الطيران ) وزواره هم من الطبقة العاملة ، عندما كانت تلك الطبقة بكامل وعيها ، تقرا طريق الشعب العلنية او السرية في اوقات الإستراحة ، وتبني بيوتاً للفقراء ، او مستشفيات ومدارس للقطاع العام ، وليست مثل اليوم ، حيث تذهب الى العمل مترنحة من الصوم ) . ( انتهى الإقتباس ) .
حينما يتطرق السيد الكاتب الفاضل الى اختلاف وضع الطبقة العاملة بين الأمس واليوم ، اوليس من المفيد ايضاً ان يتطرق بنفس الوقت الى اسباب هذا الإختالف والمتعلقة بشكل اساسي بالوضع السائد آنذاك ؟ إلا انه ، ومع الأسف الشديد يقفز فوراً الى الحزب الشيوعي العراقي متناولاً اطروحة الأيادي البيضاء التي لا صلة لها إطلاقاً بما تفضل به اعلاه حول الطبقة العاملة واختلاف وضعها بين الأمس واليوم .
لا اريد هنا ان اناقش الوضع السائد آنذاك لأنه يتعلق بمفاهيم يرفضها السيد الكاتب ، في حين يلجأ اليها اليوم ليعتبرها مصدراً لما يريد ، واخص بالذكر الوضع السائد في تلك الفترة من سبعينات القرن الماضي التي يتحدث عنها السيد الكاتب والمتعلقة بسمتها الأساسية التي تمثلها الجبهة الوطنية التي تبلورت على الوضع السياسي آنذاك . وبالرغم من كل الإنتقادات والهفوات التي رافقت هذه الجبهة إلا ان سبعينياتها هي التي تجلى فيها هذا الفرق في طبيعة الوضع السياسي السائد آنذاك والذي انجب ما تفضل به السيد الكاتب حول وضع الطبقة العاملة آنذاك . فهل يرى الأستاذ الكاتب ضرورة اللجوء الى التاريخ اولاً قبل اللجوء الى وضع الايادي البيضاء في حالة التسول قبل ان يتبادر الى ذهنه ولو بقليل من الإلتفاتة الى ان هذه الأيادي البيضاء يمكن ان تشير ببياضها هذا الى شدة سواد ايادي الحاكمين ؟، وقد فعلت ذلك . او انها ليست متسولة امام جامع ، كما يحلو للسيد الكاتب ان يصفها ، بل انها مرفوعة بوجه ظالم ، كما اكدت كل الإحتجاجات الشعبية التي شارك فيها الشيوعيون اهل وطنهم . وهل يعتقد السيد الكاتب الفاضل ان هذه الأيادي البيضاء شكلت طمأنة للحاكمين ، كما يعتقد ، ام انها اصبحت هاجساً لهم لكثرة ما يتردد مثلها على السنة حتى من ليس لهم علاقة بالشيوعية وافكارها . إلا ان مريدي هذا الفكر يسعون ، مع كل الأسف الى التقليل من اهمية هذه الأيادي البيضاء في وضع تعم فيه الأكف السوداء في كل محفل من محافل وطننا وفي كل موقع من مواقع اهلنا.
السيد الفاضل كامل عبد الرحيم وغيره من الأصدقاء الكرام قد ينطلقون في نقدهم للحزب الشيوعي العراقي من فكر ملتزم وقناعة ثورية تجعلهم على مفترق الطرق بين الحزب الشيوعي العراقي وسياسته في كل او بعض تاريخه . وهذا حق مشروع وواجب في نفس الوقت . إلا انني ارى ان ما يلجأ اليه البعض اما من المتطفلين على العمل السياسي الذين لا يفقهون من تقلباته شيئأً او من المتلبسين بفكر يتيح لهم النيل وبتعمد من الحزب الشيوعي العراقي فيجعلون من مثل هذه المقالات الهادفة وسيلة لهم لتمرير ما يريدونه من افكار ، مستغلين ، مع الأسف الشديد ، بعض التوجهات اليسارية لهذا الغرض .
وانني ارجو هنا السيد كاتب المقال ان يحمي موقعه الفكري من تخرصات بعض المنتفعين المستغلين لمواقفه النقدية وليس العدائية ، من ان يسوقوا ما يكتبه لغير ما يريده هو، إذ ان بعض هؤلاء يهدف الى القضاء على كيان الحزب وليس انتقاداً لسياسته القابلة للنقد اصلاً كاي نشاط بشري في اجواء يعمها التعقيد وتسودها الإختلافات الدينية والقومية والإنتماءات العشائرية والمناطقية والتباينات السياسية والفكرية .
وحينما اقول هنا بعض النقاشات التي تستهدف كيان الحزب لا سياسته ، فإنني اعني تماماً ما اقول لأميز بكل وضوح بين تلك النقاشات التي انطلقت من مواقع رفاقية او صديقة تجسمت فيها مشاعر وتوجهات الحرص على الحزب وعلى كيانه ومجمل مسيرته حيث تجسدت في هذه النقاشات وقبل كل شيئ الدعوة الى ممارسة النقد البناء لسياسة الحزب دون المساس بوحدته وكيانه وتاريخه الوطني . ومن هذا المنطلق اجد تفسي ، كمساهم في الحركة الوطنية العراقية وتبني الفكر الشيوعي لأكثر من ستين عاماً من عمري ، ان اكون في صف اولئك الذين لا يسمح لهم تاريخهم السياسي ومساهماتهم في بعض سياسة هذا الحزب العتيد ان يتعرض هذا التاريخ المجيد بكل انتصاراته وانتكاساته الى اللغط الذي يمارسه البعض والذي تحول الى مواقف ومواقع عدائية شامتة او مستهزءة بمجرد ان بدت بعض السُحب الداكنة التي لم تنقشع بعد والآيلة الى الإنقشاع لا محالة من سماء وطننا الذي يشكل الحزب الشيوعي العراقي نجماً لامعاً ومضيئاً ومتصدراً فيها .
حينما نناقش سياسة الحزب الشيوعي العراقي في اية مرحلة من مراحل نشاطه السري والعلني طيلة الخمس وثمانين سنة الماضية ، فسوف لن نجد حزباً سياسياً عراقياً احرز من تجارب وتقلبات العمل السياسي من الخبرة والمعرفة اكثر من هذا الحزب . وسوف لن نجد حزباً سياسياً عراقياً حاول توظيف هذه الخِبر والتجارب في سياق العمل المنطلق من الوطن اولاً واخيراً وليس من اجندة حزبية او مصالح فئوية او توجهات لا تشكل المطالب الجماهيرية الآنية في كل مرحلة من مراحل النضال الوطني . وهذا يعني بالضبط ان الإنطلاقة الوطنية البحتة والمصالح الجماهيرية الآنية هي التي فرضت على الحزب اتخاذ هذا الموقف او ذاك سواءً تعلق ذلك بالعمل مع القوى السياسية الأخرى او بالتعامل مع الحكومات العراقية المختلفة التي وجد بعضها في الحزب الشيوعي عدوها اللدود فسعت الى اعلان الحرب الشعواء عليه ، او تلك التي تهالدنت مع الحزب لفترة ما بغية الإجهاض عليه مؤخراً لشل عمله وتدمير تنظيماته. في كل هذه المراحل لم يتوان الحزب الشيوعي العراقي عن اقتناص اية فرصة يستطيع من خلالها التوجه نحو الإقتراب من تحقيق شعار الوطن الحر والشعب السعيد ، حتى وإن اقترن هذا الإقتراب من بعض الإفتراضات والتكهنات التي تجعل من هذا الطريق مفضياً إلى غير الوجهة التي يتبناها الحزب. فالتوجه الوطني النقي الذي لا تشوبه شائبة المصالح الحزبية او العلاقات الشخصية هو الذي حدد المسيرة الحزبية التي لم يأت بعضها بتلك النتائج التي كان يتوخاها الحزب . فكيف يمكننا تفسير ذلك الفشل الذي كلف الحزب كثيراً وعلى مختلف الأصعدة ؟ هل نعتبر محاولات تقييم الفرص السياسية التي تصب في دفع المسيرة الوطنية الى ما يصبو اليه الشعب وما اردنا تحقيقه للوطن ، رغم تغيير وجهة المسيرة التي لم تساعدنا على تحقيق ما اردناه للوطن والشعب ، خطأً كان من المفروض اجتنابه ؟ إن مثل هذا الرأي سيعني ان نتعامل مع العملية السياسية في وطننا معاملة الحذِر المتردِد الذي ينتظر الضمانات الأكيدة لنجاح العمل الذي يقدم عليه ، خوفاً من الوقوع في الخطأ . اي اننا نحاول ان نتصدى لإبطال المقولة التي تشير إلى ان الوحيد الذي لا يخطاً هو ذلك الذي لا يعمل ” مَن لا يعمل لا يخطأ ” وبطلانها ، فهل ان ذلك جائز في العمل السياسي وعلى ساحة سياسية معقدة كالساحة السياسية العراقية ؟
لقد مارس الحزب الشيوعي العراقي على كل ساحات النضال الوطني التي تصدرها لعقود من الزمن وقدم آلاف الضحايا من اجل ذلك، النضال المُشَرِف الذي يفخر به كل من ساهم حتى ولو بخطوة واحدة في تلك المسيرة الوطنية الشجاعة . وهنا تبرز اهمية المواقف التي يتخذها بعض المساهمين في هذه المسيرة الذين يتعرضون ، للأسف الشديد ، لتاريخهم بالذات حينما يحاولون تحويل النقد البناء الذي يرحب به الحزب ولا يخشاه ، إلى عداء يتبنى النهج الذي يسيئ الى سمعة الحزب ونضاله وتاريخه بين الجماهير الشعبية ، خاصة تلك التي لم تزل متأثرة باطروحات النهج الرجعي المتخلف الذي يحمل عداءً تاريخياً للحزب الشيوعي العراقي ونهجه الوطني المتميز .
المسيرة التي تبناها الحزب ، خاصة في مؤتمراته الأخيرة التي عرض فيها مجمل وثائق سياسته المستقبلية تحت تصرف الجماهير لمناقشتها على العلن وابداء الرأي في محتوياتها لعرضها على المؤتمر بالصيغة التي تأخذ هذه المناقشات بنظر الإعتبار . الحزب الذي لم يجاريه اي حزب سياسي آخر في كشف وثائقه في تاريخ العراق السياسي الحديث ، او بالتطرق الى ممارساته السياسية في مختلف مراحل عمله وتقييمها استناداً الى التطور الذي مرت وتمر به الساحة السياسية واستخراج العبر السلبية والإيجابية منها . الحزب الذي لم يتخل عن الشارع العراقي وعن جماهيره في احلك الظروف التي مرَّبها وطننا سواءً اثناء تسلط الدكتاتوريات السياسية او التكتلات الطائفية التي جاء بها الإحتلال لوطننا ، او اية صيغة اخرى من صيغ العداء الذي مورس ضد الحزب سواءً بالفتاوى الدينية المُجحفة او بتأليب بعض دعاة المنابر الذين لم يخجلوا من استغلال المناسبات الدينية التي يحترمها شعبنا للنيل من الحزب الشيوعي العراقي ، اقوى واصلب المدافعين عن حقوق الفقراء والمظلومين والمضطهدين منذ تأسيسه وحتى يومنا هذا . الحزب الذي واكب التطور العالمي الذي خاضه ويخوضه الفكر الإشتراكي التقدمي بكل ما تمخض عن هذا التطور من التراكمات التي لابد وان تقود الى التغيير النوعي في العمل الذي يخوضه الحزب والذي تجلى بصورة لا تقبل الشك في المؤتمر العاشر للحزب وكل ما تمخض عنه من سياسات يومية ومرحلية. الحزب الذي لم يضع غير الوطن والشعب كأساس وحيد لكل ما يتبناه من سياسات تفرضها ظروف المرحلة التي يمر بها . والكثير الكثير مما خاضه هذا الحزب الشيوعي العريق يتعرض ، بطبيعة الحال ، الى مواقف قد لا تتفق نتائجها مع ما كان يصبو ويخطط له . ولذلك اسباب عدة لا يمكن حصرها بتطور المرحلة السياسية فقط ، بل وبكثير من العوامل المتعلقة بالقاعدة الجماهيرية التي يتعامل معها الحزب في المراحل المختلفة من عمله السياسي . إذ ان اي المواكبين لتطور العمل الجماهيري في وطننا لا يمكنه ان ينكر العوامل الإجتماعية المؤثرة على طبيعة العمل بين الجماهير التي تعاني منذ عقود كثيرة من مختلف وساءل القمع والتخلف والمرض والفقر والجهل ونشر ثقافات التعصب بمختلف اشكاله الطائفية والقومية والعشائرية والمناطقية ، إضافة الى بروز ظاهرة الإبتعاد عن العمل السياسي او حتى الإحجام عن المشاركة بالنضال من اجل المطالب اليومية الخدمية للناس ، كل ذلك جعل من العمل السياسي مشوباً بمشاكل وصعوبات جمة لا يمكن لأي حزب مهما بلغت قوته واتسعت جماهيريته ان يخوض النضال السياسي الجماهيري بمفرده لتجاوزها . وعلى هذا الأساس كانت المحاولات التي بدأت بها تنسيقيات الإحتجاج الجماهيري في صيف عام 2015 والتي صاغتها على شكل مظاهرات واحتجاجات ارعبت لصوص الإسلام السياسي الحاكمة، وهدت مضاجعهم حتى انهم لجأوا في كثير من الحالات الى القمع المسلح للمتظاهرين او اختطاف واعتقال بعضهم . لقد كانت هذه المحاولات التي ساهم بها الحزب الشيوعي العراقي بكثافة لا يمكن نكرانها ، الطريق السليم لتجمع الجماهير للمطالبة بحقوقها ، وبمرور الزمن استجابت جماهير اخرى لهذه المحاولات التي شكلت بالتالي حركة احتجاجية يُحسب لها حساب بلورتها ثورة تشرين الشعبية العظيمة . هل كانت هذه التجمعات الجماهيرية الكثيفة التي اخذ كل منا يشير لها بكلتي يديه وبكل فخر واعتزاز عملاً خاطئاً لأنه لم يتبلور إلى بعد آخر غير البعد الذي تمخض عنه بتكوين احزاب سياسية جديدة ومن ثم تحالفات انتخابية خرجت ببرنامج لا يمكن ان يقال عنه بانه لا يعكس ما تتطلع اليه الجماهير من اصلاحات وتغيير في بنية العملية السياسية القائمة على المحاصصات الطائفية والقومية الشوفينة والمناطقية المقيتة والمتنكرة للهوية الوطنية ومبدأ المواطنة اساساً ؟
إن ما يؤلم حقاً ليس ما يطرحه المناوئون اصلاً للحزب بوجوده كقوة سياسية تتصدر اليسار العراقي لمواجهة الفكر المتخلف المتاجر بالدين تارة وبالقومية الشوفينية تارة اخرى وبالعشائرية من جانب والمناطقية من جانب آخر ، والذي مهد للسياسة الحمقاء التي مارسها خلفاء البعثفاشية المقيتة ولإنتشار المنظمات الإرهابية على اراضي وطننا وممارستها القتل والإختطاف والتهجير لأهلنا في مناطق مختلفة من وطننا . لا ليس هذا ما يؤلم من خلال تعرض الحزب الشيوعي العراقي لحملات هؤلاء ولا لمنابرهم التي سخروها للحث على قتل الشيوعيين كامتداد لفتاوى من سبقوهم من رواد الفتنة الطائفية والسياسية معاً . إن ما يؤلم حقاً هو ان يتجه بعض الرفاق والأصدقاء الذين لم يزالوا يحتفظون بمواقعهم في صفوف اليسار العراقي ليشكلوا جبهة عداء للحزب الشيوعي العراقي متخذين من بعض المواقف التي لا يتفقون بشأنها مع سياسة الحزب في الوقت الحاضر تبريراً يتيح لهم الإستمرار في تبني مثل هذه المواقف العدائية الشامتة ، بالرغم من استمرارية الغموض الذي ينتاب الساحة السياسية العراقية التي استولى عليها ساسة المحاصصات .
إن الموقف الوطني الصادق الآن وفي خضم هذه الظروف السياسية البالغة الصعوبة يتجلى من خلال عدم النظر إلى الأشخاص او الى السياسة الآنية المرحلية التي يتخذها الحزب الشيوعي العراقي في الوقت الحاضر فيما اذا كان المرء مخالفاً لها او متفقاً معها، بل بالنظر الى التاريخ النضالي لهذا الحزب الذي تدور عليه الدوائر من كل حدب وصوب والذي ينتظر اسناد وتأييد الرفاق والأصدقاء مع الإحتفاظ بحق النقد والمعارضة وتصحيح المواقف بالشكل الذي لا يجوز ان يرى فيه اعداء الحزب وكأنه حملة عداء يهللون لها في محافلهم التي لا تتوانى عن جعل هذه الحملة ذات ابعاد يريدون من وراءها إضعاف العمل الجماهيري للحزب وتحجيم قابلياته التنظيمية وبالتالي الإجهاض على دوره السياسي .
إنها دعوة مخلصة لكل اليسار العراقي بان يعي خطورة المرحلة التي يمر بها هذا اليسار وما يبيت له دعاة المنابر وببغاوات الفتاوى التي تتناول اليوم الشيوعيين بالإسم لتجعل من حملتها هذه بداية الإجهاض على الفكر التنويري اليساري الذي يتصدى لحساباتهم ومخططاتهم التي لا تصب في مصلحة اهلنا ووطنا باية حال من الأحوال ، وما اعربوا عنه من اجندات وارتباطات مع قوى اقليمية ودولية يشير الى ذلك بكل وضوح .
لا احد يقف ضد النقد البناء ومحاولة التقويم في هذا الموقف او ذاك ، إلا ان هذا النقد ينبغي له ان ينبثق من الحرص والإخلاص للقضية الوطنية والمفضي الى تحقيق آمال وطننا وشعبنا في الحرية والسعادة، وفي التصدي الواضح لفكر الجهالة والتضليل الذي تمارسه احزاب الإسلام السياسي بوجه خاص وكل القوى الرجعية المعادية للتمدن والحضارة على العموم .
ثم انني ادعو كل اصدقاء الفكر ورفاق المسيرة وشركاء الهدف الى ان يحذروا ممن يتصيدون مواقفهم النقدية المخلصة ليسوقوها كبضائع في اسواق التخلف والرجعية.