من المعلوم للجمیع بأن البیئة و نمط الحیاة الیومیة هی التی تخلق الاعراف. والعرف لیس الا العادة او الفعل المقبول و المکرر تکرارا کثیرا من قبل الافراد و الجماعات ضمن مجموعة بشریة تعیش عیشا مشترکا، فی إطار ظرف بیئی واحد. والعرف کونه الفعل المقبول من قبل الجمیع؛ طبیعی ان یصبح مصدرا من مصادر التشریع ولو بشکل ثانوی. هنا یأخذ العرف بعدا قانونیا فیتعاظم دوره و تأثیره علی المجتمع، وهو تأثیر المرأة من حیث المصدر.
لدی البحث عن کیفیة تشکل العرف نجده ینشأ من الامور الصغیرة علی مستوی العلاقات بین افراد الاسرة الواحدة. الاسرة تبحث دائما عن الاسباب العملیة التی توفر الامن و العیش والسلامة للعائلة. کما انها فی خضم کل ذلک تبحث عن السعادة و الرفاهیة. هذا البحث الدوۆب لابد ان یسبب الاختلاف فی وجهات النظر بین الافراد خاصة فی عملیة الحصول علی تلک المطالب ضمان تأمین الامن و الامان اضافة الی السعادة و الرفاهیة.
من الملاحظ ان الاختلافات فی العائلة کثیرا ما تجد الحل السریع نتیجة لتدخل المرأة الام. و لکون الام تتمتع بمجموعة من المواصفات التی تٶهلها لتکون قادرة علی منح الحب و العطاء بشکل مستمر لجمیع افراد العائلة. و لکونها تقف، مع الجمیع، علی مسافة واحدة؛ یأتی تدخلها ای تدخل الام عادة مقنعا لطرفی الخلاف. هکذا ینشأ العرف ابتداء فی العائلة من حیث المقبول و المرفوض و من حیث الاخلاق و الفلسفة الخلقیة فی العلاقات بین الافراد فی الاسرة الواحدة.
من المعلوم ایضا ان العرف یختلف من بلد الی آخر. هذا لأن نمط الحیاة الیومیة مختلفة من بلد الی آخر. و ربما ان اسباب الحیاة ایضا بین البلدان، بشکل عام، مختلفة. لکننی امیل الاعتقاد بإن اختلاف الاعراف بین الشعوب یعود بالدرجة الاساسیة الی إختلاف نظرة المجتمع الی المرأة و ما لها من دور عملی فی المجتمع. المجتمع الذی یکن الاحترام للمرأة یمنحها مساحة عملیة لتتحرک فیها فی عملیة حمایة اسرتها من الانهیار فی الداخل بتدخلها المباشر فی حل المشاکل والمعضلات التی تتعرض لها عائلتها. کما انها تستخدم تلک المساحة التی منحها لها المجتمع بإحترامه، لتتحرک فیه فی عملیة بناء المجتمع عن طریق مشارکتها المباشرة فی مختلف الانشطة علی مستوی المجتمع. او عبر دفعها و تحفیزها لافراد العائلة لیقدموا علی کذا فعل و تجنب غیره.
فرض الظرف البیئی علی الرجل، قدیما فی کوردستان، حاجته الی جهود المرأة و نصرتها له داخل الاسرة و خارجها. الامر الذی جعله مجبرا علی ان یکن لها الاحترام. هذا الاحترام اطلق العنان لکفاءات المرأة. فأصبح من السهل لها ان تقرر ما یجب و ما لایجب فعله داخل الاسرة. فأنشأت بذلک و بشکل تدریجی، عرفا ملزما لجمیع افراد الاسرة. هکذا ولکون المرأة فی جمیع العوائل هی التی تحکم وإن بشکل غیر مباشر؛ اصبحت العادات واحدة ضمن مساحات واسعة واعداد غفیرة من الاسر و العوائل. هذا الامر هو الذی جعل المرأة الکوردیة مصدراساسیا لإنشاء العلاقات الطیبة داخل الاسرة و خارجها. کما انها اصبحت مرجعا لتصحیح مسار تلک العلاقات لو شابتها شائبة.
هکذآ، و علی ضوء ماتقدم؛ اصبح للمرأة الکوردیة دورها الفعال فی صیاغة العرف العام الذی تطور من عرف الاسرة لیصبح عرفا مجتمعیا، ومن ثم لیصبح مصدرا ثانویا للتشریع. نستخلص الی القول بأن المرأة الکوردستانیة هی التی تنشأ و تحمی العرف المجتمعی فی کوردستان. ارجوا ان تهتم منظمات المجتمع المدنی بهذا الجانب و تخرج بأبحاث و دراسات من شأنها الکشف عن الکثیر من مکامن الضعف و القوة فی البنیة الاجتماعیة للمجتمع الکوردستانی.
احسنت عزیزی جعفر فی إثارة هذا الموضوع من جانب إیجابی، حیث تتوالی التقاریر السلبیة من جهات عدیدة حول التعسف الذی تتعرض له المرأة فی المجتمع الكوردستانی. وتشیر الدراسة العلمیة الأولی إلی أرقام ونسب مخیفة حول أسباب الحرق فی موت النساء مقارنة بالرجال، فرجائی أن تتمكن فی قراءة هذه الدراسة بتمعن لكی تزودنا بتحلیل شاف حول النتائج وأنت أهل لذلك:
https://www.tandfonline.com/doi/full/10.3109/08039488.2012.761401