مدينة دارازه (دارة عزة) تنطق بالخورية واليزادنية – دراسة تاريخية – الحلقة الأولى- بيار روباري

 

Bajarê Darazê bi Xorî û Yazdanî daxive

دراسة تاريخية – الحلقة الأولى

في هذه الدراسة الموجزة التي من خلالها نود بحث حقيقة تاريخ وهوية مدينة “دارازه”، وسوف نتناول فيها المحاور والنقاط التي أدناه، ونناقشها بإسلوب بشكل منطقي وعلمي وبعيدآ عن الأهواء الشخصية والإثارة.

1- تمهيد.

2- جغرافية مدينة دارازه.

3- أثار مدينة دارازه.

4- تاريخ مدينة دارازه.

5- لغة أهل مدينة دارازه الأصليين.

6- العبادات والطقوس الدينية لسكان مدينة دارازه الأولين.

7- كهف دو- داريا.

8- الوجود الكردي في مدينة دارازه.

9- أصل تسمية دارازه ومعناها.

10- الحياة الإقتصادية في مدينة دارازه.

11- الخلاصة.

12- المصادر والمراجع.

 

أولآ، تمهيد:

Pêşgotin

في الحقيقة مدينة “دارازه”، لم يلقى عليها الضوء كما يجب، لا من قبل الكرد ولا حتى من قبل السلطات العربية المحتلة لها، وعلى كافة الأصعدة الإعلامية والبحثية والتنقيبية، ولم أجد بحثآ واحدآ عن تاريخ وهوية المدينة وسكانها الأصليين، أثناء سعي لجمع المعلومات عنها لتدوين هذه الدراسة الموجزة حتى نعرف أبناء الشعب الكردي وغيرهم بحقيقة تاريخها وهويتها القومية. لكنني لم أجد أي بحث وهذا أمر محزن ومؤلم بالنسبة لي كإنسان كردي، وأحد أبناء جبل “ليلون” الشامخ، وهذه المنطقة الكردية الزاخرة بالأثار العريقة والجميلة كجمال ربوع كردستان. وخلال بحثي في الكتب والمصادر المختلفة، لم أصادف كتاب واحد عن هذه المدينة الأثرية العريقة، وعن أهلها والحضارات التي شهدتها والتي مرت عليها عبر القرون الطويلة من تاربخها الزاخر بالأحداث!!!

أنا أفهم موقف سلطات الإحتلال العربي الإسلامي السرطاني، لأن تاريخ المدينة الحقيقي لا يصب في صالحهم، وبالتالي إن ظهور ذاك التاريخ الحقيقي للعيان، ووصل إلى يد الكرد وحتى العرب، فسيكشف عورتهم ويفضحهم، ويؤكد المؤكد بأنهم محتلين وغزاة، وما عليهم سوى الرحيل عن هذه الديار، والكف عن تسويق الأكاذيب وتزوير التاريخ وعلمليات النصب عليه.

لكن الذي لم أفهمه، في الحقيقة هو الموقف الكردي الذي لم يحرك ساكنآ، لإلقاء الضوء على تاريخ هذه المدينة الخورية الأثرية، وهنا أقصد القيادات السياسية الكردية في جميع أجزاء كردستان الخمسة، التي لم تهتم يومآ بتاريخ أسلافهم ومدنهم وحواضرهم، ولا أعني فقط بذلك القيادات السياسية الحالية وإنما الذين من قبلهم أيضآ. وإلى جانبهم أولئك الذين درسوا التاريخ ولم يكتبوا شيئ والمثقفين الكرد. تقريبآ كل الذين كتبوا عن التاريخ الكردي من الكرد، لم يكونوا من دارسي التاريخ في الجامعات.

رسالتي من خلال هذه الدراسة المقتضبة، التي سنتناول فيها تاريخ وهوية حاضرة خورية – كردية جديدة، إلى الأجيال الكردية الصاعدة (شابات وشباب)، أن يهتموا بالتاريخ لأنه ذاكرة الشعوب ومن ليس ذاكرة سيضيع لا محال. ولكي يكون عندنا ذاكرة يجب أن تدونون تاريخكم وتاريخ أسلافكم، لهذا أدعوكم أن تنهضوا وتقوموا بدوركم، وتدونوا تاريخ إمتكم الكردية، وذلك من خلال تدوين تاريخ الحواضر المدن التاريخية والأرثية، وكل ما أنجزوه وقدموه للبشرية من حضارة، علم، فن، أبجدية، صناعات، عبادات، وأدب. وأختم هذه المقدمة الموجزة بالحكمة الكردية التالية:

العالم ينسى، ولكن الكتاب لا ينسى”.

“Zanyar jibîr dike, lê pirtûk jibîr nake”

 

ثانيآ، جغرافية مدينة دارازه:

Erdnîgeriya bajarê Darazê

تقع مدينة “دارازه” إلى الجنوب من منطقة “أفرين” بحوالي 25 كم، لا بل هي جزء طبيعي منها وكانت تابعة “لنبي هوري” لفترات طويلة. وتبعد عن مدينة هلچ (حلب) مسافة 30 كم، حيث يحتضن سفح جبل (نبو) بيوت ومزارع هذه المدينة الأثرية الجميلة.

يعود شهرتها لكونها كانت معبدآ يزدانيآ خوريآ قديمآ، وزاد من شهرتها قربها من قلعة “ليلون” التي تضم كنيسة الكاهن “سمعان العمودي”، والتي تبعد عنها حوالي (5 كم) من ناحية الشمال، وتشتهر هذه المدينة الهادئة بهوائها العليل وطبيعتها الجبلية الوعرة.

ومن الناحية الإدارية تتبع لمدينة حلب وهي ناحية من نواحيها، وبلغ عدد سكانها في عام 2020 حوالي (55.000) الف نسمة. وترتفع المدينة عن سطح البحر بنحو (477) متر، وشتاءها بارد وصيفها حار وجاف، أما مساحتها الإجمالية كناحية تصل حوالي (227.49) كم². هناك عدد من القرى التي تتبع مدينة “دارازه” وهي:

1- عنجارة: عدد سكانها حوالي (14.440) الف نسمة.  2- قبتان الجبل: يعيش فيها ما يقارب (1000) الف نسمة. 3- تقاد: يقيم فيها حوالي (7300) الف نسمة. 4- حور: (3300) الف نسمة.  5- رحاب: (1300) ألف نسمة.  6- بسرطون: (4500) الف نسمة. 6- بشقاتين: (1650) ألف نسمة.  7- الهوته: (1700) ألف نسمة.  8- بشنطرة: (1500) ألف نسمة. كل تلك الإحصائيات تعود إلى ما قبل إندلاع الثورة السورية عام 2011.

مدينة “دارازه”، كانت تتمتع ببنية تحتية لا بأس بها مثل شبكة مياه الشرب، الصرف الصحي، شبكة الكهرباء، ووجود مقسم هاتف فيها والعديد من الشوارع والأذقة كانت معبدة بالإسفلت. إضافة لذلك وجود عدد من المدارس الإبتدائية والإعدادية، لكن من الجهة الأخرى كانت تفتقر المدينة للمشروعات

السياحية التي تتماشى ومكانتها السياحية كالفنادق والمطاعم والاستراحات، وخاصة أنها تقع في جبل “ليلون” الذي يعتبر وعن جدارة بحيرة من المواقع الأثرية، والتي تعود تاريخها إلى حقبة تاريخية قديمة متعددة منها: العهد الخوري، الميتاني، الحثي، الميدي، الروماني، البيزنطي، العربي الإسلامي والعثماني.

ثالثآ، أثار مدينة دارازه:

Kevneşopên bajarê Dazarê

في البداية لا بد من القول: أنه لكل دراسٍ لتاريخ مدينة “دارازه” وهويتها، لا بد له أن يكون مطلعآ بشكل جيد على تاريخ منطقة “چيايه كرمينچ” حيث لا يمكن الفصل بين تاريخهما لعدة أسباب منها:

الأول: مدينة “دارازه” وريفها، جزء لا يتجزأ من منطقة “چيايه كرمينچ”، التي تسمى أحيانآ بمنطقة أفرين وتاريخها الديمغرافي، الثقافي والديني.

الثاني: كونها جزء من جغرافيتها وجبلها “ليلون”، والذي يمتد من قرية “كفر جنة” مرورآ بكل من مدينة دارازه ودلبين (إدلب) وحتى بلدة “قسطل البرج” التي تقع على مشارف محافظة اللاذقية.

إن التحريات الأثرية التي قام بها علماء الأثار والباحثين في منطقة “چيايه كرمينچ” ومن ضمنها ناحية دارازه، أكدت على توطن الإنسان فيها في عصور ما قبل التاريخ. حيث أنه تم إكتشاف عدد من الكهوف الأثرية التي تعود تاريخها إلى عصور ما قبل التاريخ في هذا الجبل، وتحديدآ إلى الشمال والشمال الغربي من مدينة دارازه. أهمها: كهف “دو- دريا ” قرب قرية “برج عبد ألو” التي تقط ضمن نطاق منطقة أفرين، حيث عثرت بعثة سورية – يابانية مشتركة، على هيكل عظمي لطفل يعود إلى إنسان “نيادرتال” أي قبل (100) مئة ألف عام تقريبآ.

كما إن هذه المنطقة، التي تسمى “چيايه كرمينچ” تشهد من خلال أثارها ومعابدها وكهوفها ومبانيها، أنها كانت موطنآ للخوريين (الهوريين) أسلاف الشعب الكردي، الذين كانوا يعيشون بهذه الأرض بمدة لا تقل عن عشرة ألاف سنة قبل الميلاد.

وخير دليل على ذلك معبد النبي خوري (هوري)، الذي يقع شمال مدينة أفرين الحالية، ودارازه كانت في الأصل معبد يزداني وبني حوله البيوت تدريجيآ، وكان يتبع للمعبد الرئيسي في (نبي خوري) مع بقية المعابد والحواضر المحيطة بها.

وفي موقع تلة “عين دارا” الأثرية، دلت الدراسات والتنقيبات الأثرية، أن الإنسان سكن فيها منذ الألف الثاني قبل الميلاد، وإستمر في الألف الأول وهكذا حتى القرن السادس عشر الميلادي. وقد أظهرت تلك التنقيبات عدداً من البقايا المعمارية أهمها، المعبد الخوري – الحثي في نفس الموقع، ومازال العديد من التلال في هذه المنطقة غير مكتشفة.

وجبل “ليلون”، يضم تقريبآ حالي (90%) من الأثار الخورية، الميتانية، الحثية، الرومانية والبيزنطية في منطقة أفرين. إن الأثار الكردية (الخورية، الميتانية، الحثية)، تحمل علامات يزدانية واضحة، التي تسمى أحيانآ بالديانة الشمسانية نظرآ لمركزية الشمس فيها. ومن تلك العلامات اليزدانية “صليب متساوي الأضلاع، الشمس، النصر الميتاني، النجمة الثمانية، النجمة السداسية، …”، إضافة إلى إختلاف عمرانها وشكل بنائها، لذلك يمكن التمييز بسهولة بينها وبين الأثار الرومانية – البيزنطية.

القرى والمواقع الأثرية التي تعود للحقبة الرومانية والبيزنطية، جميعها بُنيت على أنقاض القرى والمدن الخورية – الميتانية – الحثية – الميدية. وهي حواضر قديمة للغاية، وتاريخ بعضها يعود إلى أكثر من

خمسة ألاف عام قبل الميلاد، أي تعود للحقبة الخورية، وبعضها الأخر يعود تاريخها إلى 3000 ألاف

عام وهكذا نزولآ إلى ميلاد المسيح. وللتذكير فقط إحتل الرومان وطن الخوريين بدءً من شواطئ مرمرة وحتى منطقة أفرين وما بعدها، في عام (64) قبل الميلاد، ودام حكمهم حتى عام (635) ميلادي. وكل الأثار الرومانية والبيزنطية تقريبآ، بُنيت في منتصف القرن الرابع وما بعد، وحكموا موطن الكرد حوالي (700) عام، لكنهم خسروا المعركة أمام المحتلين الجدد وهم العرب المسلمين عام (635) ميلادي، وإتضح أن والمحتلين الجدد أسوأ من المحتلين الرومان والبيزنطيين. ومن القرى الرومانية والبيزنطية:

قرى “قاطورة، خراب شمس، كفر نبو، براده، كيمار، عنداره، صوغنكة، ……..”.

ومع إنتشار الديانة المسيحية في المنطقة بعد الإحتلال الروماني ومن ثم البيزنطي لها، والسماح بالحرية الدينية في منتصف القرن الرابع، بدأت الكنائس والأديرة تنتشر في كل مكان، وأخذت تختفي تماثيل الأفراد من المدافن لتحل محلها رموز الصليب والإشارات الدينية المسيحية، ويمكن القول بأنه مازال هناك آثار كثيرة في المنطقة، يعود تاريخها إلى الفترة الخورية، الحثية، الرومانية والبيزنطية.

بسبب كثرة المواقع والقرى الأثرية إخترنا فقط ثلاثة قرى كنماذج منها للحديث عنها وتعريفكم بأثار تلك المواقع، وأخترنا قرية (قنطرة، كفرنبو، سرگانية)، لنبين لكم وجميع المهتمين بتاريخ هذه القرى مدى ثرائها، وثراء هذا الجبل بالأثار ومن عهود مختلفة.

 

قرية قنطرة (قاطورة):

قرية أثرية تضم مدافن وتماثيل حجرية تقع في سفح جبل “نبو” الشمالي وقمة (نبو) تقع إلى الشمال من مدينة دارازه حوالي (3) كم، وإلى الغرب من قلعة “ليلون” بحدود  واحد (1) كم، على الطريق المؤدي إلى قرية (زرزيت).
أهمية هذه القرية التاريخية تنبع من موقعها، الواقع ضمن تجمع كبير من المدن والقرى الأثرية المعروفة عند علماء الأثار والباحثين والمهتمين بتاريخ هذه القرى والمدن، التي يطلق عليها أحيانآ تسمية “المدن المنسية أو الميتة” وكليها غير صحيح. ومعظمها تعود للعصر البيزنطي والعصر الروماني أي للقرنين الثاني والثالث للميلاد.

قرية قنطرة، تتميز بأثارها الهامة ومدافنها الرومانية، إضافة إلى المباني الأثرية ودور السكن، هذا إلى جانب منطقة المدافن الصخرية، والصخرة الهائلة التي تقع غرب القرية، والتي تضم مجموعة من المدافن المحفورة في الصخر. ومن الآثار التي كانت قائمة لم قبل عام 2011، “البرج العالي” وهو فعلآ مرتفع، وأهل القرية يسمونه (الفيلا) ويعود تاريخه للقرن الثالث الميلادي.

إن إسم القرية الحقيقي هو “قنطرة”، والقنطرة عبارة عن قوس حجري يتم بناءه فوق الأنهر والجداول بالإضافة للجسور، وأيضآ كان الكرد وأسلافهم يستخدمونها فوق الأبواب البيوت، إضافة إلى داخل البيوت ذات الحجرتين الطويلتين الأمامية والخلفية، وجميع بيوت الكرد القديمة كانت من هذا الطراز قبل ظهور الإسمنت. وهناك قرى كردية تحمل إسم القنطرة، بسبب كثرة القناطر فيها، والقرية التي نتحدث عنها واحدة منها.

 

موقع المدن الميتة في جبل ليلون

 

————

المدن المنسية:

هي المدن والقرى الأثرية التي تقع في “جبل ليلون” منطقة -أفرين غرب كردستان، التابعة إداريآ لمحافظة هلچ (حلب).

وهي المواقع والقرى الممتدة في جبال الكتلة الكلسية ووديانها وشعابها في أقصى غرب كردستان، حيث تقع في مساحة

قدرها (5500) كم2، تمتد من “نبي خوري” شمالاً حتى أفاميا جنوباً ومن حلب شرقاً حتى منطقة جبل الزاوية ووادي العاصي غرباً، وهي من أكثر تجمعات المناطق الأثرية في العالم، ويعود بنائها إلى الفترة بين القرنين (1-7) الأول

والسابع للميلاد، وأحياناً حتى القرن العاشر. وهي من المناطق الهامة في تاريخ المسيحية، وقد بلغ عددها 800 موقع وقرية أثرية، منها ما هو مسكون حالياً ومنها ما هو غير مسكون. كانت هذه الفترة فترة ازدهار المسيحية بين القرنين الرابع والسادس للميلاد، حيث بني أكثر من 2000 كنيسة كانت، درتها كاتدرائية الكاهن “سمعان العمودي” التي تم بناؤها بين 476-491 م كمجمع ديني كامل، الذي كان مكاناً للحج في الماضي وللسياحة في اليوم الحاضر.

وقد أحصى المعهد الفرنسي لآثار الشرق الأوسط (إ-ف-أ-ب-و) عدد القرى والمواقع الأثرية في هذه المنطقة من شمال سوريا هو 778 قرية، بينما زاد عدد هذه القرى والمواقع حسب بحث الآباء الفرنسيسكان بقيادة عالم الآثار الكاهن

(باسكال كاستيلانا)، حيث تجولوا في جبال الكتلة الكلسية وبخاصة في جبلي الدويلي والوسطاني وقاموا باكتشاف ما لم يكن معروفاً من القرى من قبل ليصبح عددها أكثر من 800 مدينة وقرية أثرية. والمنطقة من أهم المناطق القديمة الغنية بالآثار والمعالم التاريخية، فالتتابع التاريخي للحضارات فيها ترك آثاراً عدة في القرى الأثرية والتلال التاريخية الأثرية المنتشرة في كتلة الجبال الكلسية وعلى امتداد منطقة طولها 140 كم وعرض 20-40 كم. وقد أُضيفت المدن إلى قائمة مواقع التراث العالمي من قبل اليونسكو عام 2011. إسم المعهد الفرنسي لآثار الشرق الأوسط يرمز له بالإختصار هكذا:

IFAPO

 

وادي القبور والمدافن الحجرية الأثرية في قرية قنطرة:

تقع هذه المدافن المحفورة بشكل هندسي رائع حول موقع القنطرة التاريخي، شمال شرق مدينة دارازه، حيث تكثر فيها المدافن المنحوتة في الصخور، التي تحمل بعضها في أعلى مداخلها تماثيل المدفونين

فيها، وبعضها الآخر صلبان وأكاليل غار. كما وتوجد مدافن محفورة في الصخر، دون تماثيل باتجاه

الشرق في وادي القبور وهذه الأخيرة تعود للخوريين والميتانيين والحثيين حيث كانوا يدفنون موتاهم نحو الشمس (جهة الشروق).

وفي المدفن القائم إلى الشرق من هضبة القرية، هناك أبواب تتميز بألواح حجرية تحمل رموزاً خورية – حثية لليوم، وعليها رموز سعف النخيل والقمر، وأحدهم هو باب الدخول إلى معبد خوري كردي قديم،

وقد أضيف إليه بعض الصلبان بعد إحتلال الرومان للمنطقة، ويعتقد أنه تم إضافة تلك الصلبان في القرن (4) الرابع أو (5) الخامس الميلادي، بعدما تم فرض الديانة المسيحية على سكان المنطقة من الخوريين اليزدانيين والحثيين. وهذا دليل أخر على أن المسيحيين سبقوا المسلمين في وضع يدهم على معابد الديانات الأخرى وتحويلها إلى كنائس مسيحية، وهذا إجرام وعدوان مدان وتعدي على الأديان ومعتقدات الشعوب الأخرى. ولا توجد مدينة أو قرية من هذه القرى التاريخية وإلا وهي في الأصل خورية وميتانية وبعضها حثية.

كنيسة ست الروم الأثرية في قرية قنطرة:
تقع كنيسة “ست الروم” بالقرب من قبر (ايزودوتس) بالقرية، ويعتقد أن هذه التسمية أطلقت على هذا الكنيس نسبة إلى السيدة العذراء (مريم) والدة المسيح، وربما نسبة إلى رئيسة الدير حينذاك وكانت سيدة رومانية. ويعود تاريخ هذه الكنيسة إلى القرن (5) الخامس الميلادي، ولم يبق من الدير سوى بعض أحجار الجدران الشمالية. والكنيسة الصغيرة هي ذات بهو واحد، وجدرانها مازالت قائمة ولم يهدم منها سوى مكان المذبح الشرقي البارز عن باقي البناء، ومظلة المدخل الغربي تستند على عمودين، هما الآن مرميان على الأرض. إن الكنيسة ذات مسطح مستطيل، وفي كل من واجهاتها الثلاث باب، يُضاف إلى ذلك باب آخر جنوبي المذبح المستطيل المتهدم، وهناك خمس نوافذ عالية في كل من الواجهتين الجنوبية والشمالية، وثلاث في الواجهة الشرقية والغربية، وتوجد في وسط الكنيسة منصة مرتفعة.

قرية كفرنبو:

هي من القرى الأثرية في جبل “نبو”، تُعتبر من القرى الأثرية الهامة في هذه المنطقة التي تحوي العديد من الآثار الحية والمتنوعة من العهود الخورية، الميتانية، الحثية اليزدانية، والرومانية المسيحية الباكرة التي تدل على الحضارات المختلفة التي مرت على جبل “ليلون” كجزء من منطقة أفرين. وتقع قرية كفر نبو إلى الشمال الشرقي من قلعة (سمعان العمودي) بنحو 8 كم، وإلى الجهة الجنوبية من مدينة “أفرين” بنحو 23 كم، وتعد واحدة من القرى الأثرية والتاريخية المهمة في غرب كردستان. والجبل الذي ذكر في كتاب “التوراة”، تحت إسم (نيبو) ليس نفس قمة (نبو) الموجود في جبل ليلون بمنطق أفرين.

الكتاب العرب المستعربة، حتى لا يقروا بخورية قرية أو مدينة “نبو” وهويتها الكردية، خلفياتها سياسية إستعمارية إستيطانية خبيثة، ولهذا حاولوا أن يمنحوا التسمية معنآ أخر غير معناها الحقيقي والصحيح. في الواقع كلمة “نبو”، تعني المُحي أو المجدد وهنا تعني إله الإحياء والتجديد، والفكرة مأخوذة من تجدد الحياة أي تجدد الأرض في الربيع وقدوم الولادات في شهر نيسان. اللفظة في الأصل كلمة مركبة وتتألف من مفردتين: الأولى (ناو) وتعني الجديد، والثانية (بو) وتعني الحدث الذي لم يحدث بعد. وفي اللغة الكردية المفردة المركبة يتم تأليفها بعدة طرق منها: كلمة يضاف إليها زائد سابقة أو لاحقة، أما الطريقة الثانية هي حذف جزء من إحدى الكلمتين ومن ثم لصقها بالكلمة الثانية الكاملة، أو لصق كلمتين مع بعضهما البعض، لهذا تعتبر اللغة الكردية لغة إلتصاقية، إلى جانب كونها لغة إشتقاقية في نفس الوقت.

وبالتالي “نبو” هو إله الإحياء والمسؤول عن تجدد الحياة والولادات. والذي رأى منكم قرية “نبو” لا بد أنه لاحظ ضخامة أطلالها، وموقعها الوسيط من الجبل، وبالتأكيد خطر على باله أنها كانت في زمانها مكانآ مقدسآ لدى أهلها الخوريين أسلاف الكرد، وكانوا يحجون إليه من جميع جهات هذا الجبل الكردي حتى قبل فجر التاريخ. والأن سنشرح التسمية ومعناها وأصلها باللغة الكردية أيضآ.

New: جديد

Bo: حدث

Ne  + bo  ——->  Nebo.

Jibûna têgîn dirêj nebe, zimanzanan tîpa (w) birîn û tenê (Ne) hîştin û bikaranîn. Ev tişt di zimanê kurdî de gelek tê bikar anîn. Û Nebo Xwediyê nûjenkirinê ye û li gor baweriya kurdên Xorî ew eredê. ji nûve dixemlîne û di buharê de vedijîne û zazêyan di meha nûzayê de dide û dizeyîne.

وتسمية “نبو” لا علاقة لها باللغة الأكدية، هذا الربط مجرد محاولة بائسة من قبل مزوري التاريخ العرب وثم مقولة أن “نبو” كلمة عبرية ليست صحيحة على الإطلاق، وليس كل إسم ورد في التوراة يعني أنه عبري وصحيح. ثم هناك فرق بين التسمية اليهودية (نيبو)، والتسمية الكردية الخورية والميتانية والحثية، وقطعآ لا تعني الصنم، هذا مجرد إدعاء كاذب ومن يملك إثباتات فليقدمها لنا ونحن مستعدين لمناقشته ومقارعته بطريقة علمية وموضوعية وذهننا مفتوح. التمثال الموجود في قرية “كفر نبو” هو رمز لإله الإحياء والتجديد، ولهذ كان الخوريين يصلون له ويقدسون كرمز وليس كقطعة حجر.

وهناك عائلات كردية رصينة تحمل هذا الإسم وعائلة “نبو” بقرية “باصلحايا” الروبارية المعروفة، وهذه القرية لا تبعد عن قرية “نبو” سوى بضعة كيلومترات. وفي قرية “نبو” يوجد قبة عظيمة باقية لليوم، وتشهد على حضارتها الخورية – الميتانية الرائعة. وبحسب المصادر التاريخية فإن (كفر نبو) كانت مدينة بمقاييس زمانها، ويعيش فيها الخوريين أسلاف الكرد الذين يطلق العرب المستعربة، عليهم زورآ تسمية (الوثنيين)، وهذا غير صحيح، لأن الخوريين وأحفادهم أصحاب ديانة متطورة وهي الديانة اليزدانية، وهم من علموا البشرية فكرة التدين، وكانوا سباقين في بناء المعابد وممارسة الطقوس الدينية، ولهذا تراهم بنوا في أعلى مدينتهم هيكلاً لعبادة الإله “نبو” إله التجديد والإحياء، كما كانوا يعبدون بعض الآلهة الأخرى، وكان لهم هيكل قرب قلعة “كالوتة” القريبة منه، قبل أن يسيطر عليهما المحتلين الرومان والبيزنطيين وتحويلهما إلى كنيستين.

وأجد من الضروري، شرح، معنى ثلاثة مصطلحات مرت معنا وهما (كفر، قلعة، كالوتة) أنفآ. لأن فهم معناها وأصلها يساعد إستيعاب الكثير من الإمور. وسأشرحها باللغة الكردية لسبب واحد كي يفهم القارئ الكردي، أي التعديلات أدخلت على هذه المصطلحات أثناء تعريبها، لأنها في الأساس مصطلحات كردية وإليكم التفاصيل.

Kef: الكف (كف اليد)

Er:لاحقة

Kef  + er  ——–>   Kefer:  مزرعة

Gelek gundên kurdan bi peyva kefer destpê dikin wek: Kefer Sefrê, Kefer Rûmê,

Kefer Cenê, Kefer Zîtê, Kefer Nebo, Kefer Şîlê, …… ûhd.

مصطلح القلعة:

مصطلح كردي خوري قديم معرب، ويعني الحصن الممتنع في الجبل، وهو مأخوذ عن اللفظة الكردية

(كلوت). وكلوت تعني المدينة في الكردية القديمة، لأن الناس كانت تعيش في القدم ضمن قلاع محاطة بأسوار عالية، ومبنية في مناطق عالية ووعرة، لحماية نفسها من الهجمات المعادية والغزاة والمحتلين.

Kelot: مدينة مبنية بمنطقة عالية ومحاطة بسور

Kelot  —–>  Kelat  —–>  Kela  —–>  قلعة

Kelot: كالوتة

قرية أو مدينة “كالوتة” سميت بهذا الإسم الخوري كونها على شكل قلعة وكما قلنا مصطلح القلعة مأخوذة عن التسمية الكردية (كالوت). ومن آثار قرية “كفرنبو” الرائعة، بقايا فندق ضخم يعود إلى العام (504م) ويتألف من طابقين وقد شُيد خصيصاً لإستضافة الحجاج الذين كانوا يفدون إلى المنطقة وكلمة الحج كلمة كردية معربة (هگ)، وإلى الشمال من هذا الفندق، يوجد معبد خوري منقوش على نجفته (قرص شمس) كبير وهو ومعبد مكرس لعبادة إله الشمس، وكما ذكرنا مرات عديدة، بأن الشمس في الديانة اليزدانية، محورية وأسلاف الكرد “الخوريين” سميوا بهذا الإسم، لأنهم كانوا يتوجهون إلى الشمس (خور) في عبادتهم، ويدفنون موتاهم نحو الشمس (الشروق). وللمعلومات في اللغة الكردية القديمة في أبان عهد الخوريين الشمس كانت تسمى (خور). ولهذا يطلق أحيانآ على الديانة اليزدانية “الديانة الشمسانية”. ولمن لا يعرف معنى تسمية (يزدان)، فهي تعني الإله، وهكذا يمكن القول أن اليزدانيين هم الربانيين في اللغة العربية أو أتباع الإله.

نهاية الحلقة الأولى من هذه الدراسة التي نتناول تاريخ وهوية مدينة “دارازه”.

ونحن في إنتظار أرائكم وملاحظتكم السديدة ومنكم نستفيد.

One Comment on “مدينة دارازه (دارة عزة) تنطق بالخورية واليزادنية – دراسة تاريخية – الحلقة الأولى- بيار روباري”

  1. موضوع جيد يمكن الاستفادة منه خاصة في ذكر المصادر وايضا اتجاه عبادة نور الشمس او الخوريين تعنى في الخلاصة عبادة نور الله المشرق اصلا من جهة الشرق التى فيه الفردوس او الجنه وهو يمين عرش الله خودان الخالق .. وعند جبل سمعان القريب من حلب ذكر هنرى لامنس موضوعا عليه ذكر عدد القرى الازيدية هناك .. للاسف لقد تقلص وجود الكورد كثيرا لينحصر في جنوب وشرق وشمال وغرب العراق وتركيا وسوريا وايران … ربما ينحصر اكثر نتيجة تغلب الدين على القومية .. وشكرا للموضوع الجديد نتمنى ذكر المصادر .

Comments are closed.