[ إن حكاية المهدي ، هي حكاية آعتقادية ( 2 ) . وحينما أقول إنها إعتقادية بمعنى إننا لا نتمكن من إثباته تاريخياً . لذا فإن وجود شخص كنبي الإسلام الذي له وجود تاريخي ، فالمسلم وغير المسلم حينما يُراجع الشواهد التاريخية يستنتج بأن هذه الشخصية لها وجود تاريخي وخلَّف من بعده آثاراً تاريخية أيضاً ، ومن ثم توفي ولا شك في ذلك سواءً كان مسلماً أم لا ، وسواءً كان شيعياً أم لا . وهكذا بالنسبة للإمام الأول والإمام جعفر الصادق إمام الشيعة .
لكن عندما نصل الى الإمام الثاني عشر فالتاريخ مُعتمٌ كثيراً ، أي بغير الإعتقاد به لا يمكن إثباته بالشواهد التاريخية بأن شخصاً ولد وعاش سنيناً ، ثم غاب . إذن ، نحن لا نملك الأدلة التاريخية على وجوده ، فحتى الشيعة يعتقدون إن حَمْلَ المهدي قد تم بصورة خفية ، يعني لم تظهر على أمه آثار الحمل ، والله شاء أن يكون مخفياً . وحينما ولد بقي مخفيَّاً حتى سن الخامسة عن الناس وبعدها غاب عن الأنظار بشكل نهائي ! .
عليه لا يُمكننا على الصعيد التاريخي أن نُثبت بوجود هكذا شخص عاش في هذه الحياة . أما روايات الشيعة فهي الى ما شاء الله تقول بأن هذا الشخص ولد ، وكانت ولادته وحضوره خفياً وبعدها غاب عن الأنظار منذ 1200 سنة ( 3 ) . لذا فمن يعتقد بتلكم الروايات ويتوهم بصحتها بإمكانه ذلك ، وإن لم يعتقد فإن الله لا يُؤاخذه ، فهو يُؤاخذ الناس بحسب ميزان عقلهم . والإنسان الذي لا يتمكن من إثبات شيءٍ بالأدلة الكافية عليه أن يختار السكوت ، وسكوته هذا ليس له تأثير مقدار ذرة على إيمانه وإسلاميته .
من ناحية أخرى الذي أود الحديث بصدده هو ؛ إن المهدي وموضوعه وظهوره ، أياً كانت المعتقدات فالذي يُؤسف عليه إنه قد قُرِنَ بإضافات وحواشٍ تخريبية ( 4 ) . لذلك ينبغي على الأقل إجتنابها ، وإن كان لابد الإعتقاد بالمهدي ينبغي أن يكون دقيقاً وموضوعياً . وقبل الحديث عن إمام الزمان ومنذ القرن الأول وخلال ظهور المختار الثقفي ( 5 ) وعصور سائر الأئمة كان المهديُّ فكراً محلياً وطائفياً محدوداً . لذا من المؤسف لم يكن المهدي لدى الشيعة شخصية عالمية ، فهو للشيعة ومنقذهم وحلاَّل مشاكلهم الداخلية ويدفع عنهم حسراتهم وآهاتهم ( 6 ) .
في العالم الإسلامي كان ومازال توجد أقلية بآسم الأقلية الشيعية ونحن الإيرانيين جزء منها ، والأقلية لها خصوصيتها على المستويين النفسي والإجتماعي . بمعنى إن الأقليات لها خصوصيتها التي لا توجد لدى الأكثرية ، والشيعة يحملون معهم هذه الخصائص بشكل تام . فرغم إنه في الوقت الحالي تحكم ايران حكومة رسمية شيعية كالصفوية ( 7 ) فإنها أيضاً تحمل معها تلكم الخصائص ، لأنها تدُرُّ عليهم بالمنافع والفوائد والأرباح ( 8 ) . من الخصائص الموجودة لدى الأقليات والتي هي بارزة لدى الشيعة أيضاً ، هي المظلومية والتصنُّع بها بأننا مظلومين ، وإن حقوقنا مهضومة ولم يُسمح لنا بإثبات وجودنا ، أو أن نُعبِّرَ عن آرائنا وكمَّموا أفواهنا وسدُّوا الطرق بوجهنا ، ولدى الشيعة يتجلى كل ذلك في قصة الإمام الحسين المأساوية والكارثية ، حيث الشيعة إستفادوا منها أعظم إستفادة حتى يقولوا مدى الظلم والإضطهاد الذي تعرضوا له من الطرف المقابل ، ثم آخترعوا حكاية التي هي مستمرة حتى يومنا هذا ومفادها ، كيف إن أقلية سقطت بين مخالب أكثرية لأجل المحافظة على هويتهم كي لا يذوبوا في الهوية الأكبر ، وكانوا دوماً يقنعون أنفسهم بأننا غير أولئك ، نحن متفاوتون معهم ، نحن ظُلِمنا من قِبلهم ، ولنا تأريخ مستقل عنهم ، ويجب علينا أن نفكر بأنفسنا وحسب .
هذه المظلومية أنتجت فكراً آخر متناسباً معها ، وهي فكرة المنقذ . فنحن مظلومين ولم نتمكن من تحقيق عدالتنا وحقوقنا ، لذا فإنه يأتي شخص ، سوف يأتي شخص ، بل يجب أن يأتي شخص لتحقيق عدالتنا ( 9 ) .
إن مفهوم إمام الزمان كان قبل قصة الإمام الثاني عشر بقرن ، واذا تتأمل في أدعية الزيارات التي آخترعها الشيعة ويقرأونها في مزارات الإمام الحسين وسائر الأئمة ترى بأنهم يقولون بتكرار بأننا ننتظر إماماً حتى نحارب معه ونسترد حقنا من الظالمين ، وتوجد هذه المفاهيم في زيارة عاشوراء .
فهل إن مفهوم إمام الزمان الذي يتحدثون عنه هو لبسط العدالة في العالم …؟ . عليه فإن موضوع المهدي أضحى بيد أشخاص أضفوا عليه طابع الطائفية بحيث أصبح مُمِلاًّ ومتعباً . يقولون إن أول عمل يقوم به إمام الزمان هو تسوية الحساب مع أهل السنة ، فالشخص الذي له رسالة عالمية ويريد بسط العدالة في العالم كله كيف يسعى الى تسوية الحساب مع أهل السنة ، وهذه موجودة في أدعية الشيعة !؟ ( 10 ) .
كنت في مكة وسمعتهم يخطبون للناس ويقولون لهم هذا الكلام ، وهو إن أول عمل يقوم به المهدي هو نبش قبري عمر وأبو بكر ، ثم يقدم على إعدامهما ( 11 ) ! . تأملوا من أين أتت مثل هذه الأفكار ، ولماذا تم تلويث موضوع المهدي بهكذا أشياء ؟ . أخيراً كنت أستمع لأحدهم في ايران وكان يخطب ، فقال بأن المهدي سوف يحكم بعدد السنين التي آختفى خلالها أصحاب الكهف ، وهو [ 309 ] سنة ، وبعده سوف يرجع الإمام علي ويحكم [ 44000 ] ألف سنة ( 12 ) ! .
لاحظوا ما يقولون ما يتناقض مع العقل والنقل وأمثاله كثيرون ، ثم تأملوا كيف آستغلوا المهدي ورسالته العالمية في بسط العدل ، حيث شوهوه وصغروا من من شأنه بذريعة إن بعضاً من الشيعة قبل [ 1200 ] تعرضوا للإضطهاد وكان بينهم خلاف عقدي ، فحمَّلوا كل هذه الأحمال على عاتق ذلك الرجل ليحقق لهم العدل ويفك عقدهم وينقذهم ويحررهم من حالة الأقلية الى حالة الأكثرية ، ولا أنسى المرحوم مطهري قال في كلام له ؛ اذا كان إمام الزمان موجوداً فهو لجميع العالم وليس لأربعة شيعة أغبياء ! .
إن أربعة من الشيعة الأغبياء بأفكارهم الباطلة والخرافية جعلوا منه كعامل لهم لكي ينتقموا من خلفاء ماتوا قبل [ 1400 ] سنة ، فتأملوا كيف أصبح هذا الفكر ( 13 ) ذليلاً وحقيراً وغير قابل للدفاع عنه وبلا معنى ..؟ . واليوم هم مستمرون في صبِّ الزيت على النار كي تتأجج النار أكثر فأكثر ، حيث جعلوا من هذا الفكر فاقداً للمعنى إذن ، إن كان إمام الزمان موجوداً ، أو إنه سيظهر فإنه تَجلٍّ لمظهر العدل في العالم . ] ( 14 )
الحواشي والشرح / مير عقراوي ؛
1-/ الدكتور عبدالكريم سروس : مفكر ومؤلف وإصلاحي وفيلسوف إيراني معروف له الكثير من الكتب في مجالات الفلسفة والدين والتصوف والعرفان باللغتين الفارسية والإنجليزية ، كما ترجمت عدد من كتبه الى اللغة العربية ، وذلك نظراً لأهميتها وقيمتها العلمية والمعرفية ، في المقدمة كتابه الأشهر [ القبض والبسط في الشريعة ] الذي ترجمته الدكتور دلال عباس . لقد أثار كتاب [ القبض والبسط في الشريعة ] جدلاً واسعاً حوله وآنتقده الفقهاء ورجال الدين الشيعة في ايران وخارجها ، وفي ذلك أصدروا عشرة كتب في الرد عليه ! .
وللدكتور عبدالكريم سروش كتب هامة أخرى ، مثل : [ التراث والعلمانية ] و [ العقل والحرية والديمقراطية والإسلام ] و [ بسط التجربة النبوية ] و [ أرحب من الآيديولوجيا ] وغيرها .
2-/ أطلق الدكتور عبدالكريم سروش عبارة الحكاية والقصة على موضوع المهدي ، فقال بأنه ذو طابع إعتقادي وحسب ، لأنه لا يُمكن الإستدلال به ولا إثبات ولادته ولا وجوده التاريخي بالشواهد القطعية التي لا يَرقى اليها الشك في أيِّ جانب من جوانبها .
3-/ حين المراجعة لحياة حسن العسكري يتضح إنه كان عقيماً ولم يُخلِّف وراءه من زوجاته ولداً ذكراً كان أو أنثى . هنا أصيبت نظرية الشيعة الإمامية الإثناعشرية بالإنتكاسة ، فأقدم رجال الدين الشيعة على آختراع قصة المهدي كي تبقى نظرية الإمامة للأئمة الإثناعشرية صحيحة ومتماسكة وتصبح مستمرة لدى الشيعة ، فآدعوا إن جارية للحسن العسكري حملت منه وولدت ذكراً سماه محمد ، وبقي هذا الوليد مخفيَّاً الى أن أصبح عمره خمس سنوات ، ثم غاب عن الأنظار بشكل نهائي . وبعد أن يأذن الله تعالى له بالظهور سوف يظهر في عصر من العصور ! .
4-/ لقد إختلق فقهاء ورجال الدين الشيعة في الماضي عدداً لا يُحصى من الحكايات والقصص والروايات عن المهدي وحياته ، وعن ظهوره والعصر الذي سيظهر فيه وأهدافه من بعد الظهور . مع إن المهدي – أي محمد بن الحسن العسكري – كان مخفيَّاً عن الأنظار مذ ولادته ، لكن الشيعة رَوَوا حكايات وأساطير عنه ، فزعموا بأنه كان له أربعة نواب يلتقون به وينقلون عنه الأخبار ! .
أما المهدي لدى الشيعة وظهوره وأهدافه فإنها تتلخَّص في الإنتقام من أعداء الشيعة ، وهم السنة في مقدمتهم الخلفاء الراشدين الثلاثة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والسيدة عائشة أم المؤمنين والسيدة حفصة أم المؤمنين وعدد كبير آخر من الصحابة ، ثم يقدم على محاكمتهم وإعدامهم . تقول روايات حكايتية شيعية في هذا الصدد بأن المهدي بعد ظهوره سوف يقدم على إحياء هؤلاء الأجلاء ومحاكمتهم ، ومن ثم نحرهم من الوريد الى الوريد الواحد تلو الآخر ! .
لهذا يُشير الدكتور عبدالكريم سروش الى ما أضاف وآختلق الشيعة من الإضافات والحواشي الباطلة والتخريبية والخرافية على موضوع المهدي التي تشمئزُّ منها النفوس .
5-/ المختار الثقفي [ 622 م – 686 م ] : هو المختار بن أبي عُبيد بن مسعود الثقفي قائد عسكري معروف نهض ضد الأمويين طالباً بدم الحسين بن علي والثأر له ، فقاد ثورة أو حركة مسلحة ضد الأمويين في الكوفة بالعراق بغرض الإنتقام من قتلة الحسين والذين شاركوا في مذبحة كربلاء الكارثية . بالفعل حدثت معارك دموية طاحنة بين قوات المختار الثقفي وقوات الخليفة الأموي في الكوفة عبيد الله بن زياد . بالتالي تمكن المختار الثقفي من تحقيق النصر في معاركه وقتل جميع الذين شاركوا في مجزرة كربلاء من ضمنهم الوالي الأموي عبيدالله بن زياد ، حيث قُتِلَ بالقرب من نهر الخازر في كردستان العراق .
كان والد المختار أبو عبيدة الثقفي من الصحابة والقادة العسكريين المعروفين في عهد الإمام عمر بن الخطاب ، وكان له دور مشهود في الحرب مع الفرس يومذاك وآستشهد في أحد المعارك التي قادها . بعد حادثة كربلاء أقدم عبيدالله بن زياد على إعتقال وسجن المختار الثقفي ، فكتب المختار رسالة الى زوج أخته عبدالله بن عمر أن يشفع له لدى الخليفة الأموي يزيد بن معاوية . ولما وصلته رسالة إبن عمر قبل شفاعته وأمر إبن زياد بإطلاق سراح المختار الثقفي ، فأطلق سراحه .
المختار الثقفي ومذهب أهل السنة ؛ مذهب أهل السنة يشك في أمر المختار الثقفي ويروي بعض المؤرخين روايات سلبية عنه ، منها إن المختار الثقفي كان يدعي إن جبريل قد نزل عليه ، أو إنه أنشأ مذهباً أو فرقة متطرفة بآسم آل البيت النبوي بعنوان [ الكيسانية ] ! .
بالحقيقة إن كاتب هذه السطور لا يميل الى صحة ما ورد عن المختار الثقفي ، لأن المرء يشم من الروايات المذكورة الرائحة الأموية ، ثم كيف يشفع له عبدالله بن عمر لدى الخليفة الأموي يزيد بن معاوية ، وهو – أي المختار الثقفي – يعتقد بتلكم المعتقدات الفاسدة والباطلة ؟ .
6-/ إن المهدي لدى الشيعة كما أكده الدكتور عبدالكريم سروش أيضاً ، هو شخصية مذهبوية طائفية إنتقامية دموية حقدية ضغائنية سوداوية لا يعرف المعنى ولا المغزى للعدل والإعتدال والإنصاف والقيم الإنسانية والإسلامية . ذلك إن فلسفة ظهور المهدي الشيعي هو القتل وجَزُّ الرؤوس وقطع الأعناق وسفك الدماء والقتل الجماعي للمخالفين له أينما كانوا ، وحتى إن كانوا أمواتاً قبل أربعة عشر قرناً فإنه سوف يُحييهم ، أو سوف ينبش قبورهم ويحاكمهم ، ومن ثم يُعلِّق رُفاتهم على أعواد المشانق ، في مقدمتهم أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأزواج رسول الله محمد حيث أمهات المؤمنين بالنص القرآني المُحكم ! .
7-/ الصفوية : هي الدولة أو الإمبراطورية الإيرانية التي أسسها إسماعيل بن حيدر بن الجنيد الصفوي على أساس المذهب الشيعي الإمامي الإثناعشري [ 1501 – 1763 ] . كانت بلاد فارس ، أو ايران الحالية قبل إستيلاء الصفويين على الحكم فيها ذات أغالبية من أهل السنة ، لكن بعد إستيلاء إسماعيل الصفوي على السلطة في ايران وإستقرار الحكم له أقدم على محاربة مذهب أهل السنة محاربة شعواء وشرسة ومن جميع النواحي ، ثم فرض المذهب الشيعي الإمامي الإثني عشري على ايران ، وعلى أهل السنة في ايران بالإكراه والقوة والعنف والبطش .
8-/ إن مراجع الشيعة ورجال الدين الشيعة قد إستفادوا مالياً الى أقصى المَديات من النسخة المذهبية – الدينية التي أشاعوها بين أتباعهم ولقَّنوها إيَّاهم ، فهم يجمعون الخمس والخيرات والصدقات وغيرها من الأوجه المالية من أتباعهم بشكل مستمر ، وبذلك فإنهم بنوا إمبراطورية مالية لهم لأجل خططهم في التوسع بالمذهب الشيعي في ايرن ، كما في خارجها أيضاً . فمراجع التقليد الشيعة لهم وكلاء يمثلونهم في الكثير من بلدان العالم الإسلامي ، حيث يقدمون على تشويه مذهب أهل السنة ومحاربته ونشر مذهبهم فيها .
9-/ في السابق كنت أشك أثر النزعة الفارسية القديمة في التشيع الإيراني ، لكني بعد التدقيق ومتابعة حكومة ولاية الفقية الإيرانية التي آستقرت في طهران عام [ 1979 ] بعد سقوط محمد رضا شاه بهلوي إتضح لي بأنها تسير في تفعيل مشروع مذهبي – سياسي لها في المنطقة ، إي إحياء الإمبراطورية الصفوية مرة أخرى في ايران وجعلها قوة عظمى بالمنطقة والعالم بشكل عام .
10-/ إن المهدي الشيعي ، بخاصة النسخة الصفوية منها حيث تزخر كتب الحديث والفقه والتاريخ والأدعية بأشد أشكال الغُلُوِّ والتطرف والخرافة والتناقض مع الإسلام ، هو أول ما يبدأُ به خلال ظهوره الإنتقام الدموي من أهل السنة ، وعلى رأسهم الخلفاء الراشدين الثلاثة وأمهات المؤمنين كما أسلفنا القول في ذلك أعلاه .
11-/ ذكر الدكتور عبدالكريم سروش بأن رجال الدين الشيعة حتى في مكة المكرمة يهاجمون الصحابة ويشحنون الإيرانيين أكثر فأكثر بكره هم والحقد عليهم ، وهو ما سمعه بأذنيه منهم . وهذا خير دليل بأن ولاية الفقيه لها مشروع في غاية الخطورة إزاء أهل السنة في العالم الإسلامي .
12-/ الرجعة في مذهب الشيعة : الرجعة هي بمعنى الرجوع والعودة مرة ثانية ، وفي المذهب الشيعي فإن الرجعة معناها ومغزاها يتناقض ، بل يصطدم مع الإسلام وتعاليمه مباشرة ، ولا يتقبَّله العقل السليم ولا المنطق السديد ، حيث الرجعة في مذهب الشيعة تعني رجوع بعض الأنبياء والأئمة من أجداثهم وبعد موتهم بحقب طويلة من السنين الى الحياة الدنيا مرة أخرى بعد قيام دولة المهدي المزعومة .
إذن ، الرجعة تعتبر في مذهب الشيعة أحد أبرز المعتقدات الأساسية المسلَّم بها عندهم . في هذا المعتقد الشاذِّ والمتناقض ، كل التناقض مع القرآن الكريم وتعاليم نبي الله محمد إنفرد مذهب الشيعة فقط دون سائر المذاهب الإسلامية بعقيدة الرجعة . والرجعة في مذهب الشيعة على قسمين ؛
الأول : عودة الأموات بعد إحيائهم الى الحياة الدنيا ، وهم بعض الأنبياء والأئمة من علي الى الحسن العسكري عقب قيام دولة المهدي .
الثاني : عودة الأموات المخالفين والظالمين للحياة الدنيا بعد إحيائهم ، وذلك كي يقوم المهدي بمحاكمتهم ، ثم ذبحهم ذبح الخراف فيما بعد .
وفي هذا الشأن يعتقد الشيعة إن أول مَنْ يُبايع المهدي ، هو رسول الله محمد ، فتأمل كيف قلَّلوا وصغَّروا من القامة الأعظم لسيدي رسول الله محمد – عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم !؟ .
13-/ لقد سفَّه الدكتور عبدالكريم سروش بأروع صورة وأبطل قصة المهدي المزعومة وما يقوله رجال الدين الشيعة عنه ، فهو خلقوا من المهدي – كما ذكرنا ذلك آنفاً – شخصية إنتقامية دموية لا تعرف للعدل والرحمة معنىً ولا مغزىً . فالمهدي في أول مهمة له هو الإنتقام من الخلفاء الراشدين الثلاثة وغيرهم ، بخاصة الإمام الراشدي الثاني العادل التقي النقي عمر الفاروق . وبحسب متابعتي للكتب الشيعية باللغتين العربية والفارسية ، وبحسب متابعتي للخطباء ورجال الدين الشيعة بالعربية والفارسية فإنهم يُركِّزون على عمر أكثر دون غيره من الصحابة الأجلاء ، وهذا بحد ذاته أبرز دليل على النزعة الفارسية البارزة في المذهب الصفوي الشيعي . لقد إستمعت لعدد من المتدينين الشيعة الإيرانيين قالوا ؛ لماذا هاجم عمر بن الخطاب ايران ..!؟ ولهذا التساؤل دلالات وأبعاد ، لكن هذا الشخص وغيره نسوا أو تناسوا هذا السؤال ؛ لماذا كانت قوات الدولة الفارسية لكسرى على تخوم الجزيرة العربية يومذاك ..!؟
14-/ ونحن مع الدكتور عبدالكريم سروش في قوله ؛ إن كان للمهدي وجوداً فإنه تجلٍّ للعدل في العالم كله ، ومذهب أهل السنة يقول بذلك ، فالمهدي في مذهب السنة هو للعالم كله على أساس قيم العدل كلها .
6 Comments on “هل المهدي حقيقة تاريخية ..؟ – بقلم / الدكتور عبدالكريم سروش / فيلسوف إيراني ( 1 )- الإعداد والترجمة والشرح والحواشي ؛ مير عقراوي / كاتب بالشؤون الإسلامية والكردستانية”
Comments are closed.
ثانية نعود إلى نفس المربع , المهدي هو أمل من لا أمل له , المهدي هو تسمية أخرى للمخلص , يُفكر فيه المنكوب الذي فقد القدرة على الحياة فيعيش في الأمل أن يأتي إليه مخلص وينقذه , هكذا فكر كثيرون , ومنهم بني إسرائيل بعد تدمير أورشليم من قبل الرومان في 44 ق م , فكان السيد المسيح منقذهم , وبعد سقوط الساسان النهائي ودمار ملكهم تشبثوا بالمخلص الذي كان ئيزيد الإله المنتظر الباقي بنفس الإسم عند الئيزديين حتى اليوم, وبعد أن ترسّخ الإسلام في شعب الساسان الذي أسلم أغلبه بعد قرنين وفي العهد العباسي تحول الإسم إلى ذرية علي الذي لم يُناصر عمر مدمر بلادهم ووقف من بني أمية موقف المعارض , وقد ظهر هذا المخلص في شخص أبي مسلم الخراساني وكاد أن ينجح لكن القدر كان له بالمرصاد وشكراً
أهلاً وسهلاً بك ، وبعد :
1-/ لقد ذكرت لك في التعليقات السابقة إن فكرة المهدي ، أو المنقذ ، أو المخلِّص ، أو المنجي هي فكرة قديمة سبقت الأديان الإسلامية واليهودية والمسيحية ، فهي ترجع الى عهد النبي زرادشت . وهذه الفكرة قرأتها في كتاب [ آويستا ] المقدس للديانة الزرادشتية ، النسخة الفارسية .
من ناحية ثانية لا يُمكن لشعب أن يتطور ويتحرر بمجرد عقده الأمل بمنقذ يأتيه في قادمات الدهور والعصور . ذلك إن للتطور الإجتماعي نحو الأفضل له معادلاته وعوامله وأسبابه ، وبغيرها فإنه سيبقى مترنِّحاً وساكناً ، لا بل قد تتدهور أحواله نحو السيء والأسوء .
من ناحية ثالثة إن فكرة المهدي الشيعية ، هي فكرة غير إنسانية حيث تكمن في طيَّاتها أطنان الأحقاد والضغائن التي تشمئزُّ منها النفوس ، وقد أشار الى قسم منها الفيلسوف الإيراني الدكتور عبدالكريم سروس الذي ترجمت محاضرته أعلاه من اللغة الفارسية الى اللغة العربية .
2-/ يبدو من تتبعي لموضوع المهدي عند الفرس توضح لديَّ إن النزعة القومية الفارسية لها دورها في تكوين وتضخيم فكرة المهدي والتنظير لها والتستر وراءها عبر المذهب الشيعي بالنسخة الصفوية المتطرفة والمغالية بلا حدود .
3-/ عمر لم يدمر بلاد فارس ( ايران ) ، بل الذي دمرها قبل الإسلام هو الأسكندر المقدوني ، وهذا ما يشهد به الزرادشتيون أنفسهم .
دمت سالماً
سيكون للتعليق بعد ثلاثة أيام وشكرأ
تحية طيبة
, يبدو أن أستاذي العزيز ليس لديه زمن , أو يجهل تواريخ الأحداث, الإسكندر دمّر قاعة آبادان الذهبية وكل ما وصلت إليه يده من العمار في 331 ق م , لكنه لم يُدمر الحضارة بل إنتقى الكتب والعلوم ونقلها إلى مدينته الإسكندرية في مصر لتصبح قبلة العلماء ,أهم ما نقل إليها وتخلّد هو تقويم زرادشت الشمسي ومن مصر تبناها يوليوس قيصر الروماني في 44 ق م وهذا الميلادي الذي نتبعه هو ثمرة الحضارة التي تدعي أن الإسكندر دمرها بعكس عمر بن خطاب الذي كتب لسعد عن الكتب: أحرقوها كلها إذا كانت فيها هدى فقد أهدانا الله بأهدى منها وإن كانت فيها ضلالة كفانها الله , منها أربعة أكداس كتب رئيسية كبيرة إحداها في شهرزور / السليمانية حالياً , تيسفون, سجستان, تبريز عدا الكتب التي بقيت بأيدي أصحابها فأتلفوها بعد ترسيخ الإسلام فيهم بعد أجيال, سلم منها القليل الفارسي البعيد الذين هربوا إلى الهند
قلنا سلفاً تنبثق فكرة المخلص من النكبات المميتة فكانت قبل زرادشت بعد الغزو الآشوري الماحق, ثم بعد الإسكندر ثم بعد الإسلام وكان هذا أعنفها وأكثرها دماراً أنظر المدائن/ خورستان التي أنهت الإمبراطورية الرومانية العملاقة وكادت أن تطيح بالبيزنطينيين الروم أيضاً لولا ظهور الإسلام وتعاون هرقل معهم , ألا تعلم أن بعد الإسكندر بسبعين عام فقط نهضوا وحكموا 850 عاماً و سحقوا الرومان سحقاً تاماً في ثلاث معارك في غضون عشرين عاماً 240 إلى 260 ميلادية أنهت إمبراطورية روما العظيمة
تقول أن فكرة المنقذ فكرة مريضة لا تساعد على التطور وهي على العكس,,, بإختصار شديد الأنبياء الثلاثة هم ثمرة فكرة المخلص عندما سخّر رعمسيس الثاني اليهود وعذبهم بالسخرة كان لهم أمل في المخلص فأتاهم موسى وأنقذهم وأصبحوا دولة وعندما شتتهم نبوخذنصر كان لهم أمل في المخلص فكان كورش ثم النبي دانيال الوزير الذي أعادهم إلى أفضل مما كانوا عليه بل هو الذي بنى هيكل سليمان الذي لم يره سليمان بعينيه وبعد غزو الرومان كان أملهم في المخلص فكان السيد المسيح الذي لم ينجح في حياته بسبب ذروة قوة الرومان لكنه نجح , وأنتم تقولون أن النبي محمد كان موعوداً وموصى به في الإنجيل والتوراة وقد جاء وبنى أمّة, .
بعد الغزو الآشوري كانت نهضة الميديين والفرس معاً بقيادة دياكو فحرروا بلادهم منهم وبعد الإسكندر كان أرشاك الأشكاني ثم الساسان وبعد الغزو الإسلامي أيضاً تجدد الأمل في الإله ئيزي المنقذ وتحور إلى المهدي المنتظر بعد ترسخ الإسلام في العراقيين أتباع الساسان من الكورد والفرس بمجموعهم أطلق العرب عليهم إسم العجم ثم ترجم العجم إلى الفرس فقط وطار الكورد في الهواء فلا ترى إسم الكورد في التاريخ الذي سبق صلاح الدين حتى أنت حضرتك ترفض أن تحسب فارسياً في التاريخ ولا ساسانياً بينما ليس هناك غير إسم العجم الذين إعتبروا فرساً فقط ,فإما أن تكون قد أتيت من المريخ أو أنت فارسيٌ وهكذا أنا وكل الكورد والفرس والعكس صحيح, بقي الدين حاجزاً منيعاً بينهم وقد إنعكس ذلك على سياسة الأقليم الحالية مع الشيعة المستعربة فيؤيدون أصحاب الأنفال والتعريب في 1975 ويُفضلونهم على الشيعة فقط لأنهم شيعة وها هي النتائج الفظيعة التي جناها الكورد من هذه السياسة الدينية البحتة
أما ضغائن الفرس ضد …. لا أدري من , أنت الذي تسميها ضغائن لكني أسميها بموجب قانون نيوتن لكل فعل رد فعل يساويه في المقدار ويعاكسه في الإتجاه , نعم هو ردفعل على تدمير بلادهم الفظيع على يد العرب يُستثنى منهم آل علي , فالعراق كان وطنهم والمدائن جنوب بغداد عاصمة الدولة والكوفة سنجاريون ……
الذي لم يدخل الإسلام رغم الفرمانت بقي متشبثاً بأمله في ئيزيد المنتظر/( ئيزيدي صور) والذين ترسخ فيهم الإسلام القسري تحولوا إلى الحسن في المدائن 41 هجرية ثم إلى الحسين وأحفاده لأن الحسن لم ينصرهم, وهم رغم إسلامهم فلم يسكتوا أو يستسلموا هم الذين قتلوا عمراً وجميع الثورات بإسم آل البيت كانت علي يدهم بمن فيهم من أسلم أو لم يسلم بعد مثل داسنيي شمال العراق فهم قتلوا ثلاثة قادة أمويين, مثل عبيدالله بن زياد قتل في بلدك على نهر الخازر أستاذي العقراوي عندما كانوا لا يزالون داسنيين / ئيزديين زردشتيين , هم الذين أسقطوا الدولة الأموية والعباسية أيضاً فقصة العلقمي والطوسي لا يجهلها قارئ تاريخ, و ثوراتهم لم تتوقف لحظة قتلوا هارون الرشيد وإبنه الأمين وحتى اليوم, ودمروا الكعبة في 326 هـ وبفضل إسماعيل الصفوي إستقروا على مذهب آلمنتظر , فإذا كانت فكرة المخلص أو المنتظر غير إنسانية فكل من سبق ذكرهم قد إنبثقوا من اللاإنسانية , إنها في الحقيقة فكرة المقاومة وعدم الإستسلام وشجاعة فائقة وإن هزموا ونُكبوا فهم متشبّثون بالأمل في النصر, حتى الئيزديين أتاهم صلاحالدين وأيدهم وشيخادي نظمهم وهولاكو أزال أعداءهم العباسيين وعندما ضيق العثمانيون عليهم الخناق هبت بريطانيا وفرنسا فأزالت العثمانيين من الوجود
تدمير عمر لبلادهم وموقف علي منه موقف العداء كانت نقطة تمسك العراقيين (رعايا الساسان المزداسنيين) بعلي وآل بيته من بعده ظناً منهم بأنه لأجلهم وهو لم يختلف عنه في المذهب الديني أبداً فلم يكن لعلي نبي آخر غير الرسول ولا لعمر قرأناً آخر غير قآنه لكن العداء كان منذ زمن الرسول ولم يتخخف بوفاته ولا بمبايعته لأبي بكر بالخلافة, شيعة علي العرب كانوا شيعته أثناء خلافته فقط كل العرب هم شيعة الخليفة كائناً من كان بعد مقتله فوراً كلهم أصبحوا شيعة معاوية ولا نفر لم يبق معه ولا مع إبنه الحسن ولا الحسين وهم الذين قتلوا الحسين وليس أسلاف الشيعة الحاليين أبداً, ولم يكن شبه وفاق ومع علي إلاّ بعد زواج عمر من إبنته أم كلثوم القاصرة جداً بعمر لم تكن قد بلغت التاسعة ( ولدت في 9 للهجرة وتزوجها عنوةً في 17 هجرية) ومات عنها في 24 للهجرة أي عمرها 15 عاماً فقط ومع ذلك فقد أنجبت له مولودين قبل بلوغ سن الإنجاب وبعد بلوغ سن الإنجاب لم تنجب مولوداً واحداً رغم زواجها من ثلاثة شباب بعد عمر هل هذه معجزة أخرى؟ ربما بيد الأستاذ العقراوي حلّها . و
** من ألأخر …؟
١: مقولة عدلية تقول { إذا تضاربت أقوال الشهود سقطت القضية } ومن هنا يستنتج الواحد بأنها فعلاً قضية مختلقة من مخيلة الشيوخ أو السلاطين المنتفعين ، بدليل كثرة الروايات لابل وتناقضها وبما لايقبله عقل أو منطق ؟
٢: الكثير من صفات المهدي المنتظر هى للسيد المسيح ، وما اختلاق المهدي المنتظر إلا تقية ؟
٣: للأخ العزيز حاجي علو ، خراب أورشليم كان في عام 70م وعلى يد الإمبراطور تيتوس ، وجاءت تحقيقاً لنبؤة السيد المسيح حول خربها وخراب هيكلهم أذا قال (لن يبقى فيه حجر على حجر) وهذا ما حدث فعلاً له ، سلام ؟
خراب أورشليم كان عدة مرات أسوأها كانت على يد تراجان في حوالي 100م, الرومان لم يكونوا قساة بالمفهوم الذي في أذهاننا , هم لم يرتكبو أية مذابح جماعية أبداً, إخضاع اليهود بالقوة على يد يوليوس قيصر 44 ق م وفرض الضريبة عليهم إعتبروها كارثة ودماراً لسيادتهم فكانوا ينتظرون المخلص من أجل الإستقلال والتخلص من العشر ولهذا ترى أن رسالة السيد المسيح كانت منصبة على العشارين , المؤرخون النزيهون يمتدحون فترة الحكم الروماني الذي سبق صلب المسيح , ساءت بعد ذلك , الرومان كانوا يحكمون بالقانون والمنطق, ولم يكونو قساة كالذين تبعوهم