Dîrok û şaristaniya kiralgeha Alalaxa Mîtanî – Kurdî
صورة جوية لمدينة ألالاخ – نهر أفرين ملاصقآ لها
سنخصص هذه الدراسة كما هو واضح من العنوان، لتاريخ وهوية مملكة “ألالاخ”، ودورها التاريخي في حياة أسلاف الكرد من الخوريين والميتانيين والحثيين، وأهمية أثارها للشعب الكردي بشكل خاص والإنسانية بشكل عام، وماذا علينا التعلم من كل تاريخها الزاخر. وسوف نناقش في معرض هذه الدراسة الموجزة عدة محوار أساسية وهذه المحاور هي:
1- تمهيد.
2- جغرافية مدينة ألالاخ.
3- أثار مدينة ألالاخ.
4- تاريخ مدينة ألالاخ.
5- التركيبة السكانية لمدينة ألالاخ.
6- لغة أهل مدينة ألالاخ الأصليين.
7- معتقدات سكان ألالاخ وطقوسهم الدينية.
8- أصل تسمية ألالاخ ومعناها.
9- الحياة الإقتصادية في مدينة ألالاخ.
10- الوجود الكردي في ألالاخ المدينة والمنطقة معآ.
11- نهاية مملكة ألالاخ.
12- الخلاصة.
13- المصادر والمراجع.
أولآ، تمهيد:
Pêşgotîn
إذا أردنا فهم طبيعة العالم القديم، ليس أمامنا من مجال سوى دراسة التاريخ وفهمه بشكل صحيح، ولا يمكننا دراسة وفهم التاريخ بشكل صحيح من دون أن نعتمد على الأثار المادية مثل: الأوابد، اللقى، النقوش، الفخاريات، القبور، الأبنية، الحجارة، دور العبادة، الأواني المستخدة، …. إلخ، ولا يجوز أن نكتفي فقط بالمصادر التاريخية، رغم أهميتها الكبيرة.
لذا من الضروري البحث عن الأثار المادية تحت الأرض وفوقها وجمعها، وإجراء الفحوص عليها في مختبرات متطورة، والإستعانة بخبراء اللغات القديمة لترجمتها إلى إحدى اللغات الحية، كي يتمكن الباحثين والمؤرخين من تدوين تاريخ أسلاف الكرد في حالتنا، وهذا ينطبق أيضآ على بقية الشعوب والأقوام.
وكل ذلك بهدف تكوين صورة واضحة وصحيحة عن الماضي، والوصول للحقائق التاريخية بالاعتماد على الملاحظة والمقارنة والاستنتاج والتحليل. ولأهمية التاريخ فلم يعد الاهتمام بالآثار مقتصر فقط على الأوساط العلمية والأكاديمية من جامعات ومعاهد مختصة بالأمر، بل تعدى ذلك إلى الحكومات التي باتت هي الأخرى تهتم بهذا المجال الحيوي، ومن هنا رأينا الكثير من حكومات الدول أخذت الأمر على عاتقها وأنشأت المتاحف وأسست هيئات خاصة بالآثار، وبذلك أصبح علم الآثار يلفت إنتباه عامة الناس، وأخذ يحتل مكان بارزآ من إهتمام المواطنين العاديين، ولا شك إن الإعلام المرئي لعب دورآ مهمآ وإيجابيآ في ذلك، وعّرف الناس بأثارهم وأثار الغير من الشعوب، وذلك من خلال تقديم أفلام وثائقية عنها، وهكذا أخذتالشعوب تتعرف على ذاتها من خلال ماضيها وتستكشف مستقبلها على ضوء هذه الذاكرة.
إن إكتشاف أي أثر تاريخي، هو كنز حقيقي ولا يقدر بثمن، لأن أي أثر يقدم معلومات في غاية الأهمية عن تاريخ مجموعة بشرية معينة في مكان ما بهذا العالم. والأثار بشكل عام تستمد أهميتها من العوامل التالية:
1- المرحلة التاريخية التي تنتمي إليها أي قدمها.
2- الموقع الذي إكتشف فيه الأثر.
3- حالة الأثر عند الإكتشاف.
4- النقوش والكتابات التي يحملها الأثر.
5- ثقافة القوم أو الشعب الذي يعود له الأثر المكتشف.
6- السوية الأثرية التي وجدت فيها الأثر.
7- إكتشاف الأثر مع أثار أخرى.
ولا شك أن بلاد الخوريين (كردستان)، هي أغنى منطقة في العالم بالأثار، وهذا ما يؤكده العدد الكبير من المواقع والمدن الأثرية، والكم الهائل من الرسوم، النقوش، اللقى، الفخاريات، الألواح الطينية، دور العبادة، القبور، هذا إضافة أنها واحدة من أحد أقدم المراكز الحضارية في العالم. ويكفي أن أول من رسم لوحة جدارية في العالم على حائط مبني من قبل الإنسان، كان في موقع (تل جعدة) المغارة على الضفة
اليسرى لنهر الفرات في غرب كردستان، وتنسب إلى العصر الحجري الحديث، والتي أورخت بحوالي
(11) ألف سنة، هذا وفقآ للنتائج المستخلصة من تحليل الكربون المشع، وهذا يثبت آثاريآ أن ظهور
العصر الحجري الحديث في كردستان قد سبق ظهوره في أوروبا، وإن أقدم رسم جداري في العالم هو الذي يصور مشهد تنصيب الملك “زمري ليم” بمباركة الإلهة عشتار في مملكة ماري، وينسب تاريخ الرسم إلى الفترة الواقعة ما بين (1820 – 1800) قبل الميلاد، أي عصر البرونز الوسيط. وتم التعرف من خلاله على مراسم تنصيب الملك وما يرافقها من طقوس وممارسات.
هذا إضافة إلى أن تدوين أقدم سيرة ملك في تاريخ الشرق القديم والإنسانية بأسرها، كان ذلك على تمثال “إدريمي” ملك مملكة ألالاخ، التي تقع بين مدينتي جيهان وأنطاكيا في إقليم ألالاخ (إسكندرونة). إن ذلك لم يكن محض صدفة بل هو ثمرة التقدم الحضاري الذي دأب الخوريين والميتانيين والحثيين أسلاف الكرد على إنجازه في العصور السابقة، ولا سيما في ميدان الكتابة والتوثيق فهم الذين إبتكروا أقدم نوع من أنواع الكتابة التصويرية في العالم. والتي عثر عليها في موقع (تل الجرف الأحمر) الأثري الواقع على الضفة اليسرى من نهر الفرات.
وحفر على اللوحة الحجرية شكل طائر وحيوانات مختلفة منها الأفاعي ولوحات أخرى حفر عليها أشكال قرون، عيون، خطوط مختزلة، دوائر، وأشكال أفاع تشكل أقدم نوع من أنواع الكتابة التصويرية، وأقدم نموذج للعد والإحصاء المدون، على لوح حجري بواسطة أداة تشبه القلم وتنسب اللوحة الحجرية إلى عصر النيوليت أي ما قبل الفخاري، ويمكن تأريخها في الفترة الواقعة ما بين 8700 و8500 سنة قبل الميلاد.
منطقة أو لواء ألالاخ الخوري – الميتاني – الكردي
ثانيآ، جغرافية مدينة ألالاخ:
Erdnîgeriya bajarê Alalaxê
مدينة “ألالاخ” الخورية – الميتانية، تقع اليوم ضمن حدود ما تسمى اليوم زورآ وإحتيالآ (تركيا) وتحديدآ
في غرب منطقة “أفرين” بغرب كردستان، وتحديدآ بين مدينتي ريحانية وأنطاكيا في سهل “الهمگ” (العمق)، عند إلتقاء مجرى نهر أفرين مع نهر العاصي، ويطل موقعها على سهل الهمگ ووادي نهري أفرين والعاصي معآ. والتلة شكلها تتربع فوقها أقرب إلى شكل المستطيل بأبعاد تبلغ (750 × 300) متر، وإمتداد محوره من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي. وأعلى جزء من التلة كائنة في النصف الشمالي الغربي حيث يمر من تحته نهر أفرين، الذي يغذي المدينة بالماء منذ نشأتها، ومن ثم يتدرج في الانخفاض بالاتجاه الجنوبي الشرقي.
حيث نهر أفرين يلامس التلة التي يتربع عليها المدينة مباشرة، والعاصي لا يبعد عنها سوى كيلومترين كأقصى حد. وإلى الشمال من المدينة يجري النهر الأسود الذي يلتقي مع أحد فروع نهر أفرين وثم يلتقون مع الفرع الثاني لنهر أفرين المندمج مع العاصي قبل دخولهما جميعآ كنهر واحد لمدينة أنطاكيا، التي تقع على شاطئ البحر المتوسط في سهل “الهمگ” (العمق) عند مجرى نهر العاصي ويطل موقعها على سهل العمق ووادي العاصي، واليوم يطلق عليها العرب تسمية (تل العطشانة)، وهذه التسمية أطلقها عندما حتلوا المدينة وكامل المنطقة، إثر إنتصاراهم على البيزنطيين، كما أطلقوا على الإقليم تسمية لواء الإسكندرونة مكان إقليم “ألالاخ”، بهدف تغير هوية الإقليم الميتانية – الكردية. أما الأتراك أطلقوا عليها تسمية (أتجانا خرابلري)، بعد نشوء تركيا الحالية، أثر إنهيار الإمبراطورية العثمانية في عشرينات القرن الماضي وحصول هذا الكيان على المنطقة من فرنسا كدولة إحتلال أو إنتداب على الإقليم، وأطلقوا على الإقليم تسمية (هتاي).
Alalax: ——-> Atçana Harabeleri ——-> تل العطشانة
نهر العاصي قرب دركوش
يحيط بمدينة “ألالاخ” سهل “الهمگ” الواسع والخصب من الجهات الأربعة، ولا تبعد عنه سوى (2كم) كيلومترين أو لربما أقل. عمليآ المدينة تطل على مجرى النهر، ولاشك إن إختيار المكان لم يكن إعتباطيآ لأن الحياة مستحلية من وجود مصدر لمياه الشرب في المكان، والمصدر الأول والرئيسي كان بالنسبة لسكان مدينة “ألالاخ” الأصليين كان ولا يزال إلى الأن هو نهر “أفرين” كون مياهه المتدفقة تلامس الحافة الجنوبية للتلة، وفي المركز الثاني يأتي نهر العاصي وإسمه الحقيقي هو “أو-رند”. وإلى الجنوب الغربي من مدينة “ألالاخ” يلتقي نهر أفرين بنهر العاصي ثم ينحني العاصي إلى اليسار بعد أن يتجاوز مدينة “ألالاخ” ويشق طريقه نحو البحر المتوسط مرورآ بمدينة أنطاكيا الساحلية ويصب أخير في البحر وينهي مسيرته. وللمعلومات نهر أفرين ينقسم إلى فرعين عند قرية تحرير (كورتلوش) فرع ينحني نحو اليسار بإتجاه مدينة أنطاكيا والأخر يتابع طريقه عبر السهل ويلتقي بالنهر الأسود القادم أيضآ من منطقة أفرين، ومن ثم يلتحمان بالعاصي قبل دخوله مدينة أنطاكيا من الجهة الشرقية.
ثالثآ، أثار مدينة ألالاخ:
Kevneşopên bajarê Alalaxê
إن أعمال التنقيب والبحث في موقع “ألالاخ” الأثري، التي أشرف عليها عالم الأثار البريطاني” تشارلز ليونارد ويلي”، بدأت في العام 1935 من القرن الماضي، أدت إلى إكتشاف كثيرة، منها (14) أربعة عشر سوية أثرية في المكان، تعود بدايتها إلى العصر الحجري النحاسي (3400 – 3100) قبل الميلاد وصولآ إلى بداية العصر الحديدي (1200 – 539) قبل الميلاد. هذا إضافة إلى إكتشاف تمثال الملك “إِدريمي” الذي حكم المملكة حما يقارب من ثلاثين عاماً تقريباً، حوالي سنة (1500) قبل الميلاد. هذا التمثال وفر معلومات هائلة للعلماء. وفي العام 2003 ميلادية، أخذت بعثة أثرية من جامعة “شيكاغو” تتابع أعمال التنقيب في ذات الموقع.
وقد كشفت نصوص القرن (18) الثامن عشر قبل الميلاد، عن ثماني مناطق جغرافية و(58) ثمانية وخمسين بلدة، ظلت نشطة نحو ثلاثة قرون، وكما إكتشف فيها (220) إسماً لأماكن صغيرة، وممتلكات خاصة في سهل الهمگ (العمق) ومن الأسماء الشهيرة المذكورة: حلب، يمخاذ، بلاد الغوطيين، أدناه (أضنة)، أرازيك على الفرات، إيبلا، أوگاريت، تونيب، إرت، آرا، كورا، ألاشيا (قبرص). وقدمت إلى المدينة قوافل من بلاد أمورو، وإيمار، وهناك مدن أخرى غير معروفة الموقع بهذه المنطقة. وذكرت أسماء دول كبرى مثل ميتاني، وهيتي وكنعان وأسماء 125 فرداً جاؤوا من منطقة واشوكاني في ميتان للعمل في الزراعة، ويعتقد كانوا من الخبراء في مجال الزراعة.
كما أن نصوص ألالاخ نصت على (2100) إسم علم، الكثير منها خوري وهندي ـ أوروبي، وهذا دليل على خورية – ميتانية المدينة وصلتها بالمناطق والممالك المجاورة لها. وورد في تلك النصوص بعض الأسماء الأمورية قدرت بحوالي (500) إسم من القرن (18) قبل الميلاد. وكما إكتشف في الموقع (53) لوحة فيها إحصاءً لسكان (14) قرية تابعة لمدينة “ألالاخ”، ورتبت أسماؤهم بحسب الحّرف المهنية والزراعية مثل: مالكي الأراضي، الحرفيين، مالكي وسائط النقل، الكتبة، الخزنة وبعض العبيد، وكانت القرى تضم تجمعاً سكنياً. ودلت النصوص على التركيب البدوي ـ الحضري لمجتمع ألالاخ، البدو كانوا من الأموريين وكانوا فئتين (مشكينو والسوتو) وجميعهم من البدو الرعاة.
أما القصر الملكي فقد كان يعج بالنشاط، وكان يقيم فيه الملك “أميتكو” وزوجته وأفراد أسرته وحريمه، ومديرو الديوان ووكيل الخرج (المدير المالي للملك)، وكلهم محاطون بالمرافقين والخدم والمساعدين. وورد أسماء سبعة من كتاب الديوان الملكي في تلك اللوحات، وكان يعيش في هذا القصر إضافة للعائلة الملكية، مربو الطيور النادرة، وسائسوا الخيل وصانعي العربات.
نصوص ألالاخ:
أولآ، لوح طيني يحمل معاهدة تسليم العبيد الآبقين:
معاهدة تسليم العبيد الآبقين كانت بين “إدريمي” ملك ألالاخ، و”پيليا” ملك كيزّواتنا (الآن كيليكيا).
يبلغ طول اللوح (12 سم)، أما عرض اللوح فيبلغ (6.4 سم)، بينما نوع الكتابة المستخدمة في (الخط المسماري). وتاريخه يعود إلى عام (1480) قبل الميلاد.
لوح معاهدة بين إدريمي من آلالاخ وپيلييا من كيزوواتنا
المتحف البريطاني
ثانيآ، تمثال الملك إدريمي:
“إدريمي” كان ملك وحاكم مدينة “ألالاخ” بين الأعوام (1460-1430) قبل الميلاد وهو ابن الملك (إليم إليما الأول) الخوري ملك حلب، والذي يعتقد تم خلعه من قبل الملك الميتاني صاحب النفوذ الأقوى في تلك الفترة “باراتارنا أو باراتشاتار. ومع ذلك، فقد نجح في إستعادة عرش “ألالاخ” بمساعدة مجموعة تعرف باسم خابيرو (بدو). أسس إدريمي مملكة موكيش وحكمها من مدينة ألالاخ باعتبارها تابعة للدولة الميتانية، وكما غزا الأراضي الحثية في شمال ألالاخ، مما أدى إلى إبرام معاهدة مع دولة كيزواتنا.
تعرف العالم على الحاكم “إدريمي” حاكم ألالاخ، من خلال النقش الذي نقش على تمثاله الذي عثر عليه العالم والأثري البريطاني “ليونارد وولي” في الأعوام (1937-1939). وإكتشاف تمثال الحاكم إدريمي له أهمية تاريخية بالغة، ووجد داخل أنقاض معبد في موقع مدينة “ألالاخ” الأثرية، في ثلاثينيات القرن الماضي. وكان التمثال قد تعرض لأضرار بالغة، وعلى ما يبدواخلال إحدى الغزوات أو حرب أهلية وقعت حوالي سنة (1100) قبل الميلاد. لأن التمثال قد وجد مكسور الرأس مع قدميه، وتم إسقاطه عن قاعدته عمدآ بفعل فاعل. ويعود تاريخ التمثال إلى القرن السادس عشر قبل الميلاد، وهو مشهور بنقوش
طويلة عن السيرة الذاتية للملك “إدريمي” ومكتوبة باللغة الأكادية، والتمثال حاليآ موجود ضمن مجموعة
الأثار الخاصة بألالاخ في المتحف البريطاني منذ عام 1939. ويتضمن النقش أول ذكر لبلاد “كنعان” في الكتابة المسمارية.
ومن جهة أخرى فإن التمثال منحوت من الدولوميت المغنسيتي الأبيض الصلب، أما حاجبي وجفني وبؤبؤي التمثال فهي مطعمة بالزجاج والحجر الأسود. يرتدي الملك الجالس على عرشه تاجآ مستديرآ مع رباط وواقي للرقبة، إضافة لثوب بحواف ضيقة، ويضع الملك “إدريمي” ذراعه اليمنى فوق اليسرى.
والنقش المدون على جسد التمثال مكتوب باللغة الأكادية وبإستخدام الكتابة المسمارية. يصف مآثر الملك إدريمي وعائلته، وكما يروي النقش كيف أُجبر “إدريمي” وعائلته على الفرار بعد نزاع داخلي مع يمخاذ مدينة هلچ (حلب) الحالية، إلى عائلة والدته في مدينة “إيمار” التاريخية (مسكنة) الحالية، الواقعة غرب بحيرة سد الفرات. ومع ذلك عقد العزم على إستعادة ملك وثروات الأسرة الحاكمة، بعد فترة غادر إيمار وتوجه الملك الهارب “إدريمي” إلى دولة كنعان التي كانت قد أقيمت جنوب بلاد الخوريين أي إسرائيل وفلسطين وجنوب لبنان الحالي، وعاش هناك بين محاربي (هابيرو) لمدة سبع سنوات، ويمكن تسمية هروبه إلى عند الكنعانيين كنوع من اللجوء.
تمثال الملك إدريمي من آلالاخ – المتحف البريطاني
وبعد فترة قام بأبرام معاهدة مع ملك “أومان ماندا”، ثم إستعد وحشد قوات عسكرية وقام بحملة بحرية لاستعادة الأراضي التي فقدها لصالح الحيثيين. في النهاية أصبح تابعآ للملك باراتارنا الذي نصبه ملكآ على ألالاخ، والتي حكمها لمدة 30 عامآ. ينتهي النقش باللعنات على كل من يدنس تمثاله أو يتلفه.
كما وإكتشف فريق “ليونارد وولي” القصور والمعابد والمنازل الخاصة، وجدران التحصينات في (17) مستوى أثري من أواخر العصر البرونزي المبكر المستوى و(17)، حوالي (2200-2000) قبل الميلاد وحتى أواخر العصر البرونزي لمستوى (0)، القرن الثالث عشر قبل الميلاد. ومن بين تلك الإكتشافات كان التمثال المنقوش “للإدريمي” ملك ألالاخ حوالي القرن الخامس عشر قبل الميلاد.
بعد عدة سنوات من الاستطلاعات في أواخر القرن العشرين، قام فريق من جامعة شيكاغو بأول موسم
في عام 2003 بقيادة “أسلهان ينير” بأول موسم تنقيب كامل، وفي عام (2004) ميلادية أقام الفريق موسمآ قصيرآ للتنقيب والدراسة ومن أجل معالجة الاكتشافات. وفي عام (2006) إستأنفت أعمال البحث والتنقب من قبل وزارة الثقافة والسياحة التركية المحتلة لنصف مساحة كردستان، أي كل تركيا الحالية بإستثناء القسم الأوروبي من قسطنطينية (إسطنبول).
بعض ما جاء في النقش المدون على تمثال إدريمي:
“انا ادريمي، ابن ايليليما، خادم تيشوب، هبات وشاوشكا سيدة الالاخ وسيدتي (يتوجب التنبيه إن إدريمي يعني انه خادم لهذه الآلهة الثلاث وهم: 1- تيشوب: اله السماء والعواصف لدى الحضاره الخورية والحثية. 2- هبات: كانت أم الآلهة عند الحوريين. 3- شاوشكا: إعتبرت آلهة الحرب واحيانا آلهة الحب والخصوبة. ونجدها أيضاً آلهة الشفاء وكانت كرديف أو تساوي الآلهة عشتار وإنانا، ويبدو من نص إدريمي ان شاوشكا كانت اهم الآلهة المعبودة في الالاخ).
في حلب موطن آبائي، شيء فظيع حصل وهربنا. سيد أو حاكم “إيمار” وهو من عائلة أخت أمي، فاستقرينا في إيمار. إخوتي الذين كانوا أكبر مني عاشو أيضاً معي، ولكن لا احد منهم فكر في أمور أنا فكرت بها وهذا ما فكرت فيه:
“الذي يعيش في بيت أبيه يكون محترم ابن أمير ولكن من يعيش في إعمار سيكون عبد ” لذلك أخذت حصاني وعربتي ومرافقي وذهبت إلى الصحراء ذهبت الى (السوتو) ومكثت ليلة مع مرافقي وكنا ضمن مملكة (زكار) في اليوم التالي غادرت باتجاه كنعان. في كنعان تقع (اميجا) وفي اميجا يعيش أناس من حلب وأناس من موكيش وأناس من نيهي ومن اميي (على الأغلب هذه أسماء قرى وجدت قرب حلب في تلك الحقبة). عندما اجتمعوا بي وعلموا من أكون واني ابن سيدهم، تجمعوا حوالي. ولذلك منحوني السيادة وأعطوني سلطة القرار.
أمضيت مع جماعة (الهيبرو) أي اليهود سبعة أعوام، وجعلت الطيور تطير وقدمت ذبائح من الأغنام، في السنه السابعة ظهرت لي “تيشوب” ولذلك صنعت وجهزت القوارب.
وفقط للمعلومات، إن اليهود هم نفسهم العبرانيين، وتسمية العبرانيين مأخوذة عن لفظة العبور، البعض يقول عبور نهر الأردن وبعض الأخر عبور سيناء، وهم من أصل كنعاني، والكنعانيين قدموا إلى هذه المنطقة أي جنوب بلاد الخوريين (سوريا الحالية) من أريتيريا واليمن، هذا ما أخبرنا به المؤرخ اليوناني المعروف “هيرودت” الذي عاش فى القرن الخامس قبل الميلاد حولي سنة (485 ق.م)”.
الكثيرين من العلماء والباحثين أمثال “إدوارد جرينشتاين” إعتبروا أن قصة “إدريمي” مشابهة لقصص الكتاب المقدس من يعقوب، يوسف، موسى، يفتاح ونحميا. وجميع الشخصيات التوراتية الخمسة ومعهم أدريمي، كانوا منفيين في أيامهم عندما كانوا صغارآ في العمر، وقاموا برحلات لاكتشاف الإرادة الإلهية وعزوا نجاحهم في الحفاظ على رفاهية شعبهم إلى التدخل الإلهي.
بعد قضاء (7) سنين من العيش بين (الهيبرو) أي اليهود في كنعان كلاجئ، وفي عام 1497 قبل الميلاد، وجد” إدريمي” الفرصة لإستعادة عرشه في ألالاخ، بحسب ترجمة كل من السيدين: (إدوارد غرينشتاين وديفيد ماركوس) للنقش الموجود وفي السطرين (29-34) أنه وفقآ لنصيحة إله العاصفة.
لقد كشفت ترجمة كل من الباحثين: إدوارد جرينشتاين وديفيد ماركوس، للنقش الموجود في السطور 42-51 أنه على الرغم من عداء الملك الميتاني”باراتارنا” لحاكم ألالاخ المخلوع (إدريمي) أثناء وجوده في المنفى في كنعان، فقد كان يحترم تحالف إدريمي، وربما يخضع لإدريمي خوفآ من أن يقوم جيشه المنبوذ من المجتمع بالإطاحة به. قال إدريمي إن الملك بارشاتار “لمدة سبع سنوات بقيا معاديآ لي. لقد أرسلت
“أنواندا” إلى (باراتارنا) الملك الجبار ملك المحاربين الخوريين، وأخبرته بمعاهدات أجدادي وأن أفعالنا كان يرضي الملوك السابقين من المحاربين الخوريين لأنهم عقدوا إتفاقية ملزمة وقد سمع الملك الجبار بمعاهدات أسلافنا والاتفاق المبرم بينهم وبيننا، قرأ له كلمات المعاهدة بالتفصيل. على حساب شروط المعاهدة حصل على الجزية ولقد أعيدت له التركة المفقودة. أقسمت له بالقسم الملزم بصفتي تابعآ مخلصًا له. وهنا ربما متأثرآ بطبيعة القسم الحثي، أقسم الإدريمي الولاء للملك (بارشاتار) بعد سبع سنوات على الرغم من الإطاحة بوالده من عرش حلب. قدم طلبه إلى العرش بسلام من خلال استعادة ملكية باراتارنا وأقسم عليه قسم الولاء الخوري النهائي، والذي كان الخطوة الأولى لاستعادة إدريمي سلطته مرة أخرى.
ووصف النقش في السطور 42-51 من ترجمة “جرينشتاين وماركوس” إستيلاء إدريمي على مدينة “ألالاخ” بأنه جهد سلمي من خلال إسترضاء (باراتارنا) باستعادة ممتلكاته وقسم الولاء له، بدلاً من إستخدام الحرب للاستيلاء على المدينة. وصف المؤلف “بول كولينز” مناورة إدريمي بأنها ” تحية الحاضر، وهي الشكل التقليدي لإقامة علاقات ودية بين الحكام، حتى من ذوي الرتب المختلفة، والحفاظ عليها، وذكره (باراتارنا) بالقسم السابق الذي أدى اليمين بين ملوك حلب (حلب) وملوك ميتاني”.
كما ذكر “كولينز” أن (باراتارنا) قد قبل تكريم إدريمي له كحاكم تابع مخلص. وسمح فقط للحاكم إدريمي باستقلال محدود في إتخاذ قراراته العسكرية والدبلوماسية طالما أنها لا تتدخل في سياسة ميتاني الشاملة. وقد سمح هذا أيضآ للحاكم “إدريمي” بالتركيز على أهدافه الدبلوماسية والعسكرية في” كيزواتنا” والعمل كحاكم مستقل. وبحسب رأي الباحث “كولينز” وتحليله إن استيلاء إدريمي على مدينة “ألالاخ” التي تجلى في نقش تمثاله كانت حركة سلمية وليست حركة عسكرية.
موقع مدينة ألالاخ ضمن مملكة يمخاذ – المنطقة الزرقاء
————
أميلي كوهرت:
هي مؤرخة بريطانية متخصصة في تاريخ الشرق الأدنى القديم، وتلقت تعليمها في جامعة “كينجز كوليدج” لندن وجامعة “كوليدج لندن” إضافة إلى كلية الدراسات الشرقية والإفريقية.
بعد نجاح “إدريمي” في إبرام اتفاق سلمي مع الملك “باراتارنا” ملك الميتانيين الكرد حوالي العام (1490) قبل الميلاد، كانت معظم أفعاله كملك مكتوبة بشكل غامض وتقتصر على مصادر أصغر فقط. ويعتقد العديد من الباحثين أن “إدريمي” كان يقوم بغارات على المدن الحثية القريبة، للحصول على المال والغنائم، وبفضل ما كان يغنمه من غنائم، إستطاع بناء قصر لنفسه وأسرته والحاشية. وهذا قاد إلى صراع بين المملكتين أو الدولتين الكرديتين الميتانية والحثية، بهدف السيطرة على ألالاخ، التي كانت تتسبب بالمتاعب للحثين قبل إستيلاء هؤلاء على كل الأراضي الميتانية، وبسط نفوذهموسيطرتهم على كامل شمال غرب كردستان (الأناضول)، إضافة إلى شمال بلاد الرافديين وسوريا الحالية ولبنان حتى بيروت جنوبآ.
في الأجزاء الأخيرة من نقش التمثال الخاص بحاكم ألالاخ “إدريمي”، يظهر كبف أن هذا الأخير كلف الكاتب “شاروا” بكتابة نقش التمثال، مستحضرآ البركات الكبرى لمن يحترم تمثاله، وشتائم الآلهة على كل من يدنس تمثاله. أكثرية الباحثين وعلماء الأثار فسروا هذه الخطوة من قبل “إدريمي” حاكم ألالاخ على أنها سعي للخلود والتميز عن بقية حكام المدن والممالك في عهده، ونوع من النرجسية. هذا التفسير بحسب قناعتي منطقي، وخاصة إذا لاحظنا كم التماثيل التي أمر بنصبها حكام هذا العصر. فهناك حكام بنوا مدن بحالها لتخليد ذكراهم وهو شكل من أشكال الخلود المعنوي. لكن الذي ميز هذا الحاكم عن غيره من الحكام هو أنه أمر بنقش كل تاريخه وأعمال وحياته على هذا الثمال، وهذا ما جعل التمثال مميزآ حقآ وكنزآ من المعلومات التاريخية، التي لا تقدر بثمن.
دعوى قضائية قدمها إبن إدريمي (نيقمپا) إلى الملك شاوشتتر الميتاني
اللوح موجود في المتحف البريطاني
معاهدة إدريمي مع بيليا من كيزواتنا:
كشف اللوح رقم 2، العديد من نصوص المعاهدات التي أبرمها إدريمي مع أطراف أخرى، مثل معاهدة العبيد والهاربين بين التي وقعها مع “بيليا” من كيزواتنا عام 1480 قبل الميلاد، وهو أمر منطقي بالنظر إلى أن إدريمي وبليا كانا ملوك تابعين لباراتارنا.
الختم الملكي الإدريمي:
كان هذا “الختم” أو اللوح أحد المصدرين المسجلين لإدريمي في المتحف البريطاني. كان اللوح عبارة عن ختم إدريمي ملكي، والذي إحتوى على رواياته عن هدايا النوايا الحسنة من الفضة وأشكال أخرى من الجزية: مثل الماشية من موكيش وزيلكي والمدن المجاورة الأخرى، وربما هذا يدل على نظام الجزية بين المدن كممالك متحالفة معه، والتي يعود تاريخ تحالفها معه إلى فترة منفاه في كنعان.
ويتضح من النقوش الموجودة على الختم أن إدريمي حكم إلى أواخر العصر البرونزي بإدارة حكيمة وتقوى، وأن إبنه وخليفته “نقميبا” إستخدم ذات الختم لاحقآ كختم ملكي بحكم أنه الملك الجديد ووريث أباه في حكم المدينة. والختم كان يحتوي على أسماء أسلافه: “أبابان، سراران، نرام”. وهذا يعني أن إبن إدريمي سيحمل نفس الأسماء على ختمه الملكي، مما يشير إلى حاجته للشرعية من حكامه الخوريين – الميتانيين السابقين، الذين أقسموا على إضفاء الشرعية على مطالباتهم بالعرش وفقآ لما نص نقش تمثال أدريمي نفسه. وتم استخدام الأختام الملكية بشكل متكرر في الإمبراطورية الحثية، والمناطق الميتانينة الخوريتين في جنوب كردستان، لإثبات قوة الملك في عهد الإدريمي.
أحد مواقع التنقيب في ألالاخ
كانت الأختام تتكون من مادة من الزجاج والسيليكا. كان تم تسخين “العطل” أي السيليكا عند درجة حرارة منخفضة، بحيث يمكن أن يكون للسطح مظهر مزجج، مما يسمح بنحتها بسهولة وإنتاجها بثمن بخس. هناك رأي يعتقد أصحابه لربما الختم كان يشير إلى نظرية محتملة مفادها:
“أنه على الرغم من أن الطرف الحيثي كان منافسآ سياسيآ لإدريمي، إلا أنه قام بتكييف الختم الملكي على الطراز الحثي، جنبآ إلى جنب مع قسم الولاء على الطراز الحثي الذي قدمه لبارشاتار وبليا”. ولهذا السبب وضع الحاكم أدريمي أسماء أسلافه على الختم، بحسب الباحثيين، كون أسلافه كانوا حكام مدينة حلب عندما كانت جزءً من مملكة “يمخاذ”.
——–
السيليكا:
هو عبارة عن مركب طبيعي يتكون من مزيج من جزيئات الأكسجين والسيليكون، كما تتواجد السيليكا بهيئات مختلفة بعضها قد يلحق الضرر بجسم الإنسان بينما بعضها الاخر مفيد لجسم الإنسان، وهو معروف بقساوته منذ القدم. ويوجد السيليكا في الطبيعة في الرمل والكوارتز، وفي جدران خلايا الدياتوم أو الدياتوم المشطور. وهو مكون أساسي في معظم أنواع الزجاج والمواد مثل الخرسانة، وللسيليكا ثلاثة أنواع هي:
1- السيليكا البلورية:
هذا النوع يتواجد في الطبيعة وهو غير صالح للاستهلاك البشري، وقد يتسبب استنشاق غباره لفترات طويلة نسبيًا بمرض قاتل في الرئتين يدعى بمرض السحار السيليسي.
2- السيليكا غير البلورية:
هذا النوع يتم استخراجه عادة من أماكن معينة في الطبيعة، ومن ثم تتم معالجته ليستخدم لاحقًا في الصناعات الغذائية كمادة حافظة.
3- ثنائي أكسيد السيليكون الغروي:
هذا النوع من السيليكا يدخل عادة في صناعة المكملات الغذائية.
كما يجب التنويه إلى أن السيليكا تتواجد بشكل طبيعي في بعض غضاريف وأربطة الجسم، ومن الممكن الحصول عليها من بعض المصادر الغذائية نباتية الأصل.
SILICIA
————
العمر الأثري:
تكمن الفكرة في الاعتماد على الكربون (س14) لحساب العمر، عندما يتوقف تزويد المادة (س14) سبب الوفاة للكائن الحي، فإن النسبة بين الكربون (س12) إلى الكربون (س14) تختلف، لأن (س14) هو عنصرٌ مشع ويضمحل بمعدل ثابت مع الزمن من خلال إطلاق جسيمات بيتا، ولا يتم تعويضه كما هو الحال للكائن الحي، بينما يبقى الكربون (س12) ثابتاً في جسم الكائن قبل الوفاة وبعده، وعليه يكون قياس النسبة بين الكربون (س14) إلى الكربون (س12) ومقارنة النتيجة مع النسبة بينهما في الكائنات الحية مؤشرآ لحساب عمر العينة.
C: س
——
جيجر:
ساعد التطور التكنولوجي على تطوير أدوات ووسائل الكشف الأثري وإحدى هذه الأجهزة: جيجر، الذي يستطيع أن يحدد مؤشره مقدار الأشعة الموجودة في القطعة الأثرية عندما يُقرب من العينة المراد قياس إشعاعها، ويكون ذلك عادة مصحوباً بصوت متردد يصدره الجهاز، ومن تردد صوت الجهاز يمكن معرفة شدة الإشعاع التقريبية، وبالتالي معرفة عمر القطعة الزمني، ويستعمله الجيولوجيون بصفة مبدئية في التنقيب عن الخامات النووية مثل اليورانيوم التي قد توجد في أحجار بعض المناطق.
نهاية الحلقة الأولى وإلى اللقاء في الحلقة القادمة،
ونحن في إنتظار أرائكم وملاحظاتكم ومنكم نستفيد.