كيف توظف تركيا الأحزاب الكوردستانية لحماية أمنها القومي؟- عبدالله جعفر كوفلي / باحث أكاديمي

من المعروف ان قيام أية دولة بحماية أمنها القومي امر مشروع وقانوني في إقليمها البري والجوي والبحري ان وجد.
تتعدد وسائل الحماية منها العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية وذلك لتعدد مكونات الامن القومي بعد التوسع في مفهومه لتشمل الامن( السياسي والعسكري والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والتعليمي … الخ).
تحاول الدول حماية أمنها القومي في الداخل ببناء اجهزة ومؤسسات أمنية وحكومية تناط اليها هذه المهمة، ولكن على المستوى الخارجي فإنها غالباً ما تلجأ الى إبرام اتفاقيات أمنية وعسكرية استراتيجية مع دول الجوار الإقليمي تمنحها حق الدخول الى أراضي دول الجوار اذا وجد مصدر يهدد أمنها ينطلق من تلك الاراضي، وهذا امر معمول به بين اغلب الدول ان لم يكن بين جميعها.
تركيا دولة ذات نفوذ وسلطة، واحدى دول الجوار الإقليمي المهمة للعراق، تحلم بإعادة امجاد الامبراطورية العثمانية، تملك وسائل وأدوات كثيرة لحماية أمنها القومي، احدى مبادئها خوض الحروب الخارجية لحماية أمنها الداخلي وهذا جزء من استراتيجيتها بعيدة المدى، لذا وجدت لها منطقة نفوذ وسلطة خارج حدودها وخاصة في العراق وسوريا، تستغل وجود الشعب الكوردي على جانبي الحدود، بعد تقسيم كوردستان بين هذه الدول.
استطاعت القيادة السياسية التركية بمختلف توجهاتها وألوانها خلال العقود الأربعة الماضية من توظيف وجود الأحزاب الكوردية وخاصة حزب العمال الكوردستاني ذات العمق الجماهيري في الجزء الشمالي من كوردستان (كوردستان تركيا) بعد تأسيسه في بداية الثمانينيّات من القرن المنصرم، بافضل شكل بعد ما صوره جماعة ارهابية تهدد أمنها القومي وابرم اتفاقاً امنياً مع النظام العراقي منحه حق التوغل العسكري لمسافة عشرين كيلو متراً داخل العمق العراقي وملاحقة عناصر ( PKK)، من جانب اخر صوّر الحزب انه انفصالي متمرد هدفه اثارة النعرة القومية بين أبناء الشعب التركي( كل القوميات تركية بنظرة الأتراك )، ومن ناحية اخرى فان السجون بعد الاتهامات المتنوعة مصير كل من له ارتباط ويشك في دخوله ضمن تنظيمات هذاالحزب وان كان تحت مسميات اخرى.
تتخذ تركيا وجود (PKK) في كوردستان الجنوبية والغربية ذريعة بالتدخل والهجوم على مقراتها بالطائرات المسيرة والعمليات العسكرية المستمرة والقصف المدفعي وأخيرا انشاء معسكرات داخل الاراضي العراقية بحجة حماية أمنها القومي، من جانب اخر فإنها تستغل علاقات الأحزاب الكوردستانية المتردية لصالحها بدعم زيادة الهوة وتعميق الخلافات القائمة وتسخيرها في سبيل حماية أمنها.
لذا نرى جلياً بان تركيا تعمل على نقل ساحة قتالها مع خصومها خارج الحدود، عملاً بالاستراتيجية القائمة ( اذا أردت حماية الامن الداخلي انقل المعركة خارجاً).
هذا المبدأ ينطبق على جميع الدول والكيانات السياسية وحتى الأسر والافراد، ولكن كيف يتم توظيف الأدوات المتوفرة لصالح حماية الامن يبقى العامل المهم والمعبر عن مدى رغبة الدول واستعدادها للدفاع عن سيادتها وأمنها القومي.
لذا نرى من الضروري ان تفهم هذا الحزب ما عليه بنقل ساحة نضالها الى منطقتها وطلب حقوق القومية حفاظاً على تجربة اقليم كوردستان الديمقراطية تجنباً لإراقة الدماء والأضرار بمكتسبات الاقليم حكومةً وشعباً، لانها حققت بدماء آلاف الشهداء وعرق جبين البيشمةركة الأبطال وتضحياتهم ومشاركة أبناء الشعب كافة.