سلامٌ يا قمني رسول السلام …. يا مَن ملئت حياتنا بالضياء وجميل الكلام
ومن ربوع كردستان ديار الكرد …. لك منا الف تحية حُبٍ وخير مقام
قبل أيام وتحديدآ في السادس من هذا الشهر شباط من عام 2022، رحل عن دنيانا مفكرٌ نيرٌ جليل ولا أعتبره مصري فقط، لأن الفكر الإنساني ملكٌ للبشرية جمعاء. وبرأي ككاتب وشاعر وباحث كردي ويكتب باللغتين الكردية والعربية، إن رحيل مفكر أو أديبٍ أو عالم أو شاعرآ صاحب بصمة حقيقة، من قامة مفكرنا العزيز السيد قمني، يعادل سقوط كوكب بحجم كوكبنا الذي نعيش عليه أي كوكب الأرض.
رغم أننا لم نلتقي شخصيآ ولكنني عرفته عن قرب من خلال كتبه ومؤلفات القيمة وندواته الفكرية، كان الرجل صاحب فكر عميق وذو بعد نظر وبدا إنسانآ متواضعآ وبعيدآ عن العنجهية والتكبر. وكان جريئآ جدآ، ولم يرضخ للتهديدات الكثيرة له بالتصفية الجسدية ولأطفاله، رغم كل تلك المخاطر الجدية، إلا أنه لم يرضخ لعصابة تسمي نفسها “حراس الدين” دين الغزو والقتل والسبي، هؤلاء التجار موجودين في كل مكان بالعالم ومن ضمنها كردستان للأسف الشديد. أنا من جهتي أسميهم ” أعداء الله والإنسانية والجمال والحب والحياة”، والراحل “قمني” كان في نظري يمثل كل تلك القيم النبيلة والراقية والإنسانية. وكان مدافعآ صلبآ عن حرية المرأة وحماية الطفل وحرية الكلمة والفكر.
كل الذين حاربوه في حياته وحاولوا قتله، هم ذاتهم الذين سعدوا بوفاته وأخذوا يشمتونة فيه، هؤلاء الناس بلا أخلاق وحثالة البشر، كيف لا ودينهم الشرير لم يعلهم شيئآ سوى القتل والكراهية والحقد ضد كل مختلف دينيآ وحتى مذهبيآ. من يشمت بإنسان وفته المنية في نظري هو ما دون سوية البهائم. وذات الشيئ فعلوا عندما توفت الكاتبة العظيمة “نوال السعدواي”، والمفكر فرج فودة الذي قتلوه بشكل غادر وخسيس مثلما حاولوا قتل الروائي الكبير نجيب محفوظ. هذا بدلآ من إنشاء معاهد وكليات بأسمائهم ودفنهم في قبور بجانب عظماء مصر يا للعار.
يا ليت كنا نملك في كردستان وفي المنطقة برمتها مئة مفكر بقامة الراحل السيد “قمني” رحمه الله (هذا إن وجد الله لأنني لست متأكدآ من وجوده)، ويا ليتنا كنا نملك مئة كاتبة بقامة وموهبة السيدة الجليلة نوال السعدواي، وكنت سأكون أكثر سعادة لو أنهم خرجوا من تراب كردستان، ولكن فرحتي وإعتزازي بهما لا تقل كونهما من مصر، التي تربطنا بها كشعب كردي علاقات تاريخية طويلة للغاية، حيث لا يعلم الكثيرين أن (81) فرعونآ من الذين حكموا مصر هم من الكرد. وللمعلومات الكرد حكموا مصر في عهودها الثلاثة: العهد الفرعوني – العهد الإسلامي – العهد العروبي 428 عامآ. وكتبت حول هذا الموضوع دراسة تاريخية منذ فترة، وهي منشورة في “صوت كوردستان” وصفحتي على الفيسبوك.
صدقوني لو إجتمع كل سفهاء كوكب الأرض وهاجموا وشمتوا بالراحل السيد قمني وغيره من المفكرين، والأدباء، والشعراء، لن يستطيعوا النيل من قاماتهم. فعلى روح مفكرنا القمني وجميع المبدعين من حول العالم ألف تحية وسلام.
وختامآ، أتمنى على شبابنا وشابتنا الكرديات لمن لم يقرؤا كتب ومؤلفات السيد قمني وهي بالعشرات أن يطلعوا عليها لأنها فعلآ تستحق القراء والدراسة، وأنا واثق سيجدون فيها ما هو مفيد لهم وليس لدي أدنى شك. ويالت البعض منهم قام بترجمة أهم أعماله للغة الكردية، هذا سيفد شبابنا كثيرآ. وسأضع في أسفل هذا الرسالة الوداعية رابط لإحدى نداوت الراحل قمني، وهي ندوة قدمت في بروكسل – ببلجيكا وللأسف لم أستطع الحضور يومها.
15 – 02 – 2022
+++++++++++++++++++++++++++++
ندوة فكرية للراحل السيد القمني في بروكسل قبل أعوام.
https://www.youtube.com/watch?v=WPnL5xPEPac