٣/٣/٢٠٢٢
تقدير الأمور هو وضعها في مكانها الصحيح بعد تقييمها وتحليلها لمعرفة مكامنها وتوقع كل الاحتمالات وما يقف وراءها.
مما لا شك فيه ان كل دولة وكيان سياسي نزولاً الى الفرد مروراً بكافة المؤسسات والأجهزة تضع الخطط والاستراتيجيات القريبة والبعيدة لحماية أمنها.
الامن القومي لأية دولة يتكون من مجموع الامن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعسكري… الخ، حمايته يتوقف بشكل أساسي على قدرة الأجهزة والمؤسسات والمجالس المنوط به هذه المهمة على تقدير وتقييم مصادر التهديد الموجهة الى امن الدولة وتعمل على زعزعتها وزرع الخوف في نفوس شعبها مما يفقدها لذة الحياة وسعادتها لإيمانهم الراسخ ان الامن هو التنمية والتطور.
ان الأجهزة الأمنية تعمل ليل نهار في سبيل معرفة مصادر التهديد التي تتنوع وتتعدد وتتغير من فترة الى اخرى ومن مكان الى اخر مع وجود الثابت منهم، ان المعرفة لا تكفي ولكن يجب اجراء التقييم والتحليل اللازم لها والوقوف على نوعية التهديد وقوتها وأسبابها وسر ديمومتها و وتوقفها عند نقطة معينة ومدى تأثيرها وفاعليتها من عدمها وسبل مواجهتها عند الاقتضاء وكيفية توعية المواطنين واشاعة الطمأنينة في نفوسهم، كل هذه الأمور تجري في الخفاء ولا يعلم به الا القلة الذين هم جنود مجهولين يعملون كالنملة وينتجون كالنحلة، اعتماداً على تجاربه السابقة والخبرة المكتسبة.
الخطأ والصواب في اي عمل امر مشروع وطبيعي ولكن المهم الاستفادة من الأخطاء والاستمرار على الصواب والصحيح، الأجهزة الأمنية كغيرها من المؤسسات قد تخطأ في تقديرها وتقييمها لمصدر تهديد معين استناداً الى ما يصل اليها من معلومات اعتماداً على مصادرها البشرية وغيرها.
ولكن الفارق بين خطأ الجهاز الأمني وجهة حكومية اخرى تكمن في النتائج المترتبة على كلا الخطأين، فإن خطأ أية مؤسسة حكومية يمكن تصحيحها بسهولة وإعادتها الى صوابها، ولكن خطأ الجهاز الأمني في تقدير مصدر التهديد المعين يكلف غالياً ولا يمكن التعويض بسهولة لما يترتب على ذلك من نتائج سلبية وكثيراً ما تجرّ الدولة الى أمور كارثية خطيرة وتحرج موقفها في المجتمع الدولي وتدفعها الى اتخاذ قرارات ومواقف غير سليمة، لان عمل الأجهزة الأمنية وتقاريرها أساس متين لاتخاذ القرارات والمواقف السياسية والاستراتيجية.
ان الخطأ في تقدير مصدر تهديد(داخلياً ام خارجياً)معين من قبل الجهاز الأمني يكلف الدولة الكثير من الاحراج والخسارة البشرية والمادية ولكن اهم ما يترتب على ذلك:
١- فقدان الجهاز الأمني لثقة المواطنين به وضعف مصداقيته وهيبته بين المؤسسات الاخرى.
٢- إصابة العاملين في الجهاز الأمني باليأس والإحباط وشعورهم بعدم كفاءتهم ونقص خبرتهم وسوء تقديرهم.
٣- نجاح مصدر المعلومات وخبرته وقدرته على توجيه الجهاز الأمني الى الوجهة التي يريدها او رسمها له اذا كان مكلفاً من جهة اخرى.
٤- ضعف ثقة القيادة السياسية( الحكومة) بجهازها الأمني وضرورة اعادة النظر في هيكليتها وإجراء التغيير المناسب
فيه والوقوف بحزم على نقاط الضعف ومعالجتها بالسرعة الممكنة لتجنب الوقوع في نفس الخطأ السابق.
٥- ضعف مكانة الجهاز الأمني وهيبته بين الأجهزة الأمنية الاخرى الداخلية والخارجية التي هي في تنافس مستمر من اجل تقديم الأفضل للشعب.