لا ادري كم هم الذين يؤدون الفرائض ومنها الصيام محضا خالصا لوجه الدين لا لوجه الدنيا؟ لا أشك ان هناك من هم فعلا من هذا الصنف الديني ، ولكن هناك من يتّخذ من الدّين ستارا لتحقيق مأربه الشخصي ، فيسلك أسهل السبل لكسب ثقة الناس، فيفعل ما يروق له سرّا وما يروقُ لهم جَهارا.ومنهم من اتّخذ من الدين سُلّما الى الدّنيا فكان مرائيا مكّارا.
الرعيّة على دين راعيهم ، والرّاعي يرقد مع الجواري ليلا ويصوم ويصلي امام الملأ نهارا. يستمد من عزة الخالق عزة له ، الويلَ ، فمن يخرج عن طاعته كمن خَرج عن طاعته ، أرجُموهم بالحِجَارة وفي الآخرة يُحشَرون كُفّارا. وطالما ما كان خطباء الجوامع او ورجال الكنائس والصوامع خَدَمَة واليَدَ اليمنى للقادة ما دامت الغاية واحدة : ترويض العامة وترغيبه وترهيبه ، ومن لا يتّبع طريق الهِداية التي وصفها الراعي كمن لا يتبع طريق الهَديِ التي وضعها الآله الرباني، فلهم خزيٌ في الحياة الدنيا والآخرة، اضربوا عليهم حصارا .الدين عادة اجتماعية محمودة، من لا يصلي ولا يصوم مذموم مدحور وينظراليه بارتياب وحَقارة
والصوم عادة اكثر منه عبادة ، ابرز مثل على ذلك: هو أنه حتى غير الصائم يَرشّ الأرض تحت قدميه رشّا ويرشق حواليه بالرذاذ المُنقض للصيام رشقا لا بالحجارة لكن ببِصاق النِّفاق، فلو امتنع الرجل عن القيام بواجباته الدينية فلم يلق من الجماعة الا نفورا واستنكارا.ولو لم تصنع زوجته صنيعه فَسيُقالُ عن الأسرة في المحافل الأجتماعية والمجالس: فامّا الرّجل فمؤمن خيّر ورِع ، وامّا الزوجة فلا تخاف الله ، مذنبة، مكّارة . امّا الموظف في الدائرة فيحذو حذو سيّده لا محالة ، وألا لما حاز على رضاه فيحرم من الإمتيازات –الخاصة- حتى ولو كان يفوق كل المؤمنين الصائمين – لو كان ربّ العمل صائما – مهارة.! ليسوا قلة أولاء الذين يصومون ويصلّون خوفا وخجلا من البشر لا من الرّب الذي سلّط عليهم في الصيف الملتهب جوعا وضمئا، فزادهمُ على النّارِ نارا. والاطفال ، وأسوة برفاق لعبهم ولهوهم البرئ، لا ينفكّون (يكخكخون كخككخة) كخ ..كخ ..كخ ..كخ…في الشوارع والمدارس والبيوت ، فبالصيام يتظاهرون ، اي انهم لا يبلعون (البلغم) ولا المُخاط امام العامة خشية ان يراهم اولياء امورهم او معلميهم فينتقص قدرهم في عيونِهم ، وعيون الصبية الصائمين حقا، وذويهم واولاد الحارة . اما البورجوازيون المثرون ، أولي الاصول ، ، ابناء الاشراف ، كما يدعون ، والذين باجدادهم ومآثرهم يتباهون ، فلو سألت هؤلاء هل انتم صائمون؟ فيجيبك احدهم : هكذا وجدنا اباءنا يعملون واجدادنا الكرام يفعلون، يصومون رمضان كاملا بلا نقصان أوزيادة. وكأن الصيام في مذهب أولاء (شرّ لابد) منه فيلقي بالتبعية على اسلافه استخفافا واستكبارا.
وهناك الرجل الشيوعيّ الذي لعنه الناس الغنيّ الشحيح الذي لا (يبضّ حَجَرُه) كما يقول المثل، مالك افخم قصر في حارتنا آنذاك، فكاد ان يصيب تجارته الكساد الماحق وأبلغ الخسارة، لولا ان اتخذ له سبيل النجاة منفذا فتدارك وتدبّر بعقله ورأيه السديد فاشترى حصيرة للصلاة وألقاها على كتفه ، وارتدى جلبابا طويلا بيضاء اللون سالكا سبيل الصحابة ، وامسك في يده مسبحة اطول من مسبحة الامام والسيد والشيخ والحاج وأبي، وطفق يتمتم بأدعية وتلاوة آيات طوالا وقصارا ، رافعا صوته درجات كلما مر باب دار او التقى احدا من اهل الحارة . واتّخذ سبيله نحو المسجد مرارا، وجهر بصوته الغليظ ب (لا اله الا الله) في الأزقّة والطرقات جَهارا.ولو جاء احدهم في اي وقت يدقّ باب منزله طلع ابنه البكر عليه لينبأه بالنبأ العظيم : ابي الحاجّ يؤدي صلاته ، العفو العفو، هلا تفضلتم وعُدتم في وقت لاحق ، أثابكم الله، وكان يكرّر فعلته وقولته هاتين حتى ولو جئته بعد منتصف الليل في زيارة. وبمرور الزمن زادت ثقة الناس به فربحت تجارته وازدهرت ازدهارا. ولقي الترحاب ،أينما كان، بحرارة.
وحتى الشاب العاشق فهو بدوره اتخذ من الدين وسيلة ، عريسا طالبا لعروسة، كان ردحا طويلا من الزمن محتارا . فَطَنَ اخيرا الى تكتيك الحاج التاجر فسخّر اسلوبه ، فسلك مسلكا سهلا مضمونا مختصرا ، فشق له طريقه الى قلب والد فتاة احلامه التقي النقي المحافظ المتشدد جدا بكل جدارة. فصلى في المصلى امام عينيه مَثنى وثلاث ورُباع وخُماس وسُداد وسُباع وثُمان وتُساع وعُشار حتى كلّت ركبتاه وقدماه، وحرص حرصا شديدا على ان يكون اولّ الوافدين الى صلوات الجماعة مع ابيه في مرأى ومسمع من ابي الفتاة الجّارة . فلم ينافسه في فنّ الرياء والتكلف سوى الحاج الثري، بيد ان صاحبنا لم يكن ملحدا ولم يملك متجرا ولم يعمل في التجارة. تجارته عروسته ، ولم يبغِ وراء جهده المبذول وسعيه المشكور ربحا ولا خسارة. ولم يكتف صاحبنا بهذا بل جاوزها فصام بدل الشهر شهرين، والثاني علاوة ، فنال بذلك رضا الوالد ، وفاز أخيرا بعروسته الجميلة بجَسارة وجَدارة ومَهَارَة و(شَطارة).
فرياد
Freyad Hugo Facebook
** من ألأخر سيقول السيد المسيح لاتباعه عن المصلين والصائمين في الشوارع والساحات انهم قد إستوفو أجرهم ، واما انت متى صليت فادخل الى مخدعك واغلق باب بيتك وصلي لابيك الذي في الخفية وهو يجازيك علانية ، واذا صمت اغسل وجهك وادهن راسك لكي لا تظهر للناس انك صائم لكي تستوفي أجرك ، فشتان ما بين صوم المسيحيين الذي يمر وينتهي ولا يشعر به احد بعكس صيام المسلمين إذ يملاون الدنيا صخبا وضجيجا ومحملين الله والناس منة صيامهم ، فصدقني لا صلاتهم ولا صومهم مقبول لانهم منافقين مرائين واشغال البلاد والعباد معطلين . سلام ؟