حلبجة – 1986
كان الربيع قد انتشر في كل مكان وكسا الأرض رداؤه المرقش فالحقول قد هاجت بالأزهار على اختلاف أنواعها وألوانها والأشجار ارتدت حلة من الأوراق الفتية والطيور خرجت ترنم أناشيد الفرح بقدوم فصل الجمال والطبيعة كلها بهجة ومرح كأنها في عرس .
سرّ الفراشة البيضاء
The Secrete of the White Butterfly
رواية واقعية
تأليف: فرياد إبراهيم
************
اخبروهم
ستذهب حلبجة إلى بغداد قريباً
عن طريق غزلان سهول “شيروانه”
حاملة معها سلة من الغيوم البيضاء
وخمسة آلاف فراشة
-شيركو بيكه س-
———————–
1
حلبجة – 1986
كان الربيع قد انتشر في كل مكان وكسا الأرض رداؤه المرقش فالحقول قد هاجت بالأزهار على اختلاف أنواعها وألوانها والأشجار ارتدت حلة من الأوراق الفتية والطيور خرجت ترنم أناشيد الفرح بقدوم فصل الجمال والطبيعة كلها بهجة ومرح كأنها في عرس .
وصل إلى المكان فإذا هو حديقة غناء تكسو أرضها أعشاب خضراء كأنها زربية متقنة الصنع وانتشرت الأزهار الفواحة التي تدغدغ الأنوف وتهز النفوس فتجعلك تتمايل من النشوة ، وبدت السماء كعين الطفل صفاء تغطيها العصافير المغردة تخالها في عرس أو مهرجان من الألحان وما ألحانها إلا فيضان ما في قلبها من الغبطة بالوجود
عند مدخل المدينة لاح له جسر زالم يجري تحته النهر الذي يحمل نفس الاسم بخريره الهادئ ولونه الداكن الخضرة. تنفس الصعداء. نال منه التعب والجوع . نظر الى ساعته. تبين له بأنه قد سارمشيا على الاقدام قرابة اربع ساعات وذلك ابتداء من القرية التي نزل فيها من سيارة الأجرة الى تلك المدينة الصغيرة المنشودة.
في تلك الاثناء كانت هناك امرأة ممشوقة القوام تقف فوق الجسر وتلوح لإبنتها. سمع المراة التي كانت تتوشح بالسواد تنادي الطفلة التي كانت تطارد الفراشات وتقوم بقفزات سريعة متتالية رافعة يديها الى اعلى في محاولة يائسة في اقتناص احداها. فجأة غيرت الطفلة اتجاهها نحو فراشة بيضاء كبيرة ترفرف بجناحيها الشفافين فوق الحقول الخضراء الممتدة على طول السهل الشاسع على الجانب الايسر من الجسر. كانت الفراشة بنفس لون فستانها الطويل الذى امتد الى اسفل ركبتيها.
مسح على لحيته التي تركها تطول رغما عنه ولاسباب امنية.
وفي اللحظة التي اقترب من الجسر انتبهت السيدة في السواد بوجوده فالتفتت اليه ونظرت اليه بشئ من الحذر. وتنبهت الطفلة الى صوت اقدامه وتسمرت في مكانها محدقة فيه بفضول. توقفت عن الملاحقة. هرعت الى امها على الجسر، تبادلتا كلمات مهموسة. كانت عينا الطفلة واسعتان. وكأنها رأت غولا او شخصا معروفا معرفة غامضة مترددة. نظرت الى امها التي لم تكن دهشتها بأخف. عادتا تنظران اليه وتتفحصانه بدقة. ارتسمت علامة استفهام كبيرة على محياهما.
وما هي الا لحظة حتى انطلقت الطفلة في ا تجاهه وهي تصرخ صراخا حادا وتفتح ذراعيها كطائرة عند الاقلاع: “بابا بابا بابا..” وهي تطفر كالجراد فوق الصخورالتي كانت تملأ المكان. صوت ظل يرن في رأسه بقية حياته.وهي تنظر تارة اليه و تارة تميل برأسها الى الوراء تسرق نظرة خاطفة من امها التي ظلت فاغرة الفاه بلا حراك. تأملته عن بعد امتار، وبشئ من الحذر والخجل. ترددت. ثم طارت اليه وألقت بنفسها عليه تحيطه بذراعيها المفتوحتين كشراع السفينة. ” بابا بابا بابا!!”
جلس الغريب القرفصاء ووضع حقيبته الصغيرة على الارض، وهو لا يعي من الأمر شيئا. وقف كالمتسرنم ينظر الى رأس الطفلة على بطنه الضامر من الجوع.
” هيا ابي نتحرك.” قالت له بلهجة الآمرثم التفتت الى الوراء قائلة لأمها بانبهار وانفعال:” ماما ألم اقل لك انه سيعود في ظهيرة يوم جمعة. كم دعيت له في المسجد.”
اقتربت المراة منه بخشية وخشوع بقامتها الفارعة وفستانها الأسود يمسح الأرض خلفها. القت بثقل عينيها الخمريتين عليه تتفحصه بنظرة متوجسة ، ولاح على وجهها الشاحب الرعب والدهش والرجاء معا. رفع رأسه اليها وهو من الذهول في نهاية.
“من انت؟ رشيد؟ كيف عدت؟ أحلم ام حقيقة؟”
صوتها آت من زمن سحيق عميق حزين. ظل الرجل صامتا كصمت القبور. احتار للأمر وسلم أمره للقدر.
اشارت اليه ان يتبعها ، قائلة له بلطف: ” هلا تفضلت معنا الى البيت ؟”
“انه بابا رشيد. حقا. أنا اسعد انسانة في العالم.” دغدغت كلمات الطفلة الدافئة صدره. كاد صبره ان ينفذ ويصرخ بملأ شدقيه: ” انتما متوهمتان أنا لست برشيد.” لكنه تراجع عن الفكرة في اللحظة الأخيرة وآثر الإنتظار.
امسكت الطفلة بيده.
آنست الأم على وجه طفلتها القنوط وقال لها بصوت رخيم حزين: “حبيبتي مريم سنتحدث في البيت، هناك اشياء لا تعرفينها.” ثم التفتت الى الشاب وقالت له بمنتهى الاحترام:” يا سيد، ألا تفضلت معنا الى البيت. لا بد ان هناك خطأ في التقدير.”
كاك فرياد إبراهيم المحترم
تحية
للاطلاع
“حلبجة – 1986”
حلبجه – 1988
“The Secrete of the White Butterfly”
The Secret of the White Butterfly
محمد توفيق علي
كاكه محمد توفيق على به رزو به ريز
السنة صحيحة
الفصل الاول يروى احداث سبقت يوم الكارثة بسنتين، اي عام 1986
وانا مسرور جدا لمتابعتك سير احداث روايتي الدرامية المدهشة والتي سينشر منها الفصل 2 تباعا ثم 3 وهكذا الخ…
وتقبل مني وافر المودة وغزير الامتنان وخالص التحايا
اخوك
فرياد
وصف جميل للمناطق الكردية يجعل الانسان يسرح يخياله وكانه امام شريط سينمائي يصور الطبيعة الكردستانية الخلابة، التى حدث على ارضها ابشع الجرائم الذي تدنى له جبين الانسانية.
وهذا التمكن بالادوات الكتابية والجمالية للاديب جعلت الصورة تنقل الى القارئ بشكل سلس ودون عناء شديد.
هل من مزيد ياعزيزي فرياد ابراهيم؟؟