الثورة هي الحدث الذي يشهد تغييرات كبيرة ومفاجئة وقد تصل لحالة العنف لو وصلت للسُلَّم الحكومي و تحتاج إلى عقيدة أو أيديولوجيا تحدد المبادئ والأهداف المنشودة لها، وتساعد في تحريض الجماهير على الخروج والانتفاض والاحتجاج في سبيل تحقيق هذه الأهداف تقوم بها شريحة من الشعب ضد وضعٍ لم يعد بمقدور أفرادها احتماله بما يشمل من انتهاك حقوق أو مطالبة بحقوق غائبة أو اعتراض على ممارسات وقوانين تؤثر على حياتهم، من ناحية أخرى يعتبر هذا المفهوم مقياساً لمدى التغييرات و الشرارة التي تشعل النار الذي يرقد تحت الرماد و هي أكثر احتمالاً للحدوث في البلدان ذات الحكومات الفاسدة ، فـإذا شعر المواطنين بـ كفاءة حكومتهم، فإن قيام الثورة يصبح أمر مُستبعد، لكن إذا تبين أن النظام موجود فقط من أجل إثراء الحكام، فإن قيام الثورة يصبح أمر مُحتمل بشكل كبير.
هناك نوعان من الثورات الاساسية
1-الثورات السياسية: يرجع سبب حدوث هذا النوع من الثورات عند شروع الدولة بإجراء حقبة من التغييرات والتطويرات على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي.
2-الثورات الاجتماعية: وتعتبر عادةً من أحد نتاجات الثورة السياسية، حيث تبدأ الثورة بحالتها السياسية لتتطور بشكلها الاجتماعي مسببةً العديد من الاشتباكات والخلافات بين المجموعات المختلفة في الآراء والتوجهات.وهي حدث تراكمي لمجمل ما يعانيه اي شعب اذا ما اراد من استلابات وفقر وتهميش .
قال أرسطو :أن سبب الثورة هو الإحساس بالظلم ، و إذا شعرت الطبقات الفقيرة في المجتمع بأنهم يتم معاملتهم بشكل ظالم، فإنهم سوف يثورون، الثورة هي ليست مجرد عاصفة تهبّ فجأة تحت سماء صافية وسرعان ما تنتهي ، انما ضربتها العنيفة المفاجئة ليست سوى الوسيلة التي تقوم بإخراج المولود الجديد الى الوجود، خاصة إذا كان قد أكمل نمّوه في تراكم تدريجي ، هذا لا يعني أن الأسباب الاقتصادية لا تعطي دورا هاما في اندلاع الثورات،انما يكون الاشتراك في هذا الدور على مستوى الفئات المحرومة والدنيا أكثر اهمية ،على الرغم من أن هذه الفئات تمد الثورات بالزخم البشري الخاص بها في بدايات الثورة، إلا أنها قد تكون أول الفئات المنسحبة منها، إذا لم يتم تدعيم درجة وعيها وضمان صبرها واستيعابها لمجريات الثورة والأسباب التي أدت لاندلاعها. فهذه النوعية من الفئات قد تستجيب إلى حدث الثورة بشكل عفوي، وربما أيضا فوضوي يهدف لنهب أي شيء قد تقع أيديها عليه، ولا يعود ذلك لارتباطها بأعمال النهب والسلب قدر ما يعود لحالة الفقر والحرمان التي تواجهها، وانخفاض نسبة الوعي الخاصة بها.
ولاشك بان سجل الثورات التاريخية مرتبط بالمحيط العام إقليميا ودوليا والجو العام لحركة الشعوب مرتبط جيوسياسيا مع الدول المحيطة به وتأثيراتها، والتقارب طبيعة كفاحها والنتائج التي تترتب على الجو العام بعد الحروب الكونية . وسوف تكون لهذه الثورات تأثيرات يتحسس بها العالم في جميع أنحائه. ان الثورة تحتاج عقيدة أو أيديولوجيا تحدد المبادئ والأهداف المنشودة للثورة وتساعد في تحريض الجماهير على الخروج والانتفاض والاحتجاج في سبيل تحقيق هذه الأهداف. وقد تكون هذه العقيدة دينية أو فلسفية، سياسية – اقتصادية ليبرالية أو غير وقد تحتاج الثورة إلى إعداد وتنظيم من قبل حزب أو تنظيم أو جماعة، يقوم بتعبئة الجماهير وتحريضهم على الانتفاض ضد السلطة. والتعبئة عمادها الإعلام، الذي تطوّر من الخطابة والمنشور السرّي، إلى الكتاب والصحيفة، والى وسائل ارتباط جماهيري سريع مثل الاذاعة والتلفزيون والارتباطات الاجتماعية الحديث
وبلاشك إننا قد نجد على الدوام في تاريخ الثورات أن هناك طبقة تسيطر على المجتمع وتتسلط على الحكم، لا تحس المسئوليات الاجتماعية، فتحل أخلاقها، و يتزعزع تماسكها، وهي تسرف وتتبذخ؛ لأنها تستهلك ولا تنتج، وقد تحيا على هذه الحال سنين، ولكن الشعب الذي يحتقرها ينتهي بالثورة عليها، كي يضع مكانها الطبقة المنتجة التي علمها الإنتاج أصول الشرف والاستقامة، كما أوحى إليها القوة، وغرس فيها الإرادة والنشاط، فهي لذلك تثور وتنجح في ثورتها، ولهذا السبب نجد لكل ثورة طرازًا يختلف عن الطرز الأخرى للثورات.
عبد الخالق الفلاح –باحث واعلامي