عندما يتحلى الانسان بالصبريعني قدرته على قبول أو تحمل التأخير أو المشقة والمعاناة من دون أن يتملكه الشعور بالغضب أو الاستياء هذا الذي نعرف عنه والذي تعلمناه في حياتنا، ان حكم إختلاف البشربتجاربهم ومحنهم في الحياة، يتحدد مفهومهم لكلمة الصبر،والتأمل بالحكمة ” الصبر مفتاح الفرج “نجد أن الصبر يعتبر مدرسة، فهو يقوينا ويجعلنا نجدد من أنفسنا، ونظرتنا للكون ولأنفسنا؛ بل الإيمان يقوى بالشدائد والصبر؛ وبالصبر نرتقي الى الدرجات الإيمانية العالية،ونحقق مطالبنا الدنيوية والأخروية ، وتقول الايات القرأنية الكريمة…”إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ” (سورة يوسف 90) فعندما نلمح مثلا شخص عاش تجربة مريرة كلها صبر ومشقة وتحمل شدة الحياة، نجد أنه فعلا حز شيء في قلبه تجاه مفهوم الصبر و التجارب المؤلمة التي لم يستطع أن يتخطاها جعلته يتخد موقفا دفاعيا إن لم نقل موقفا هجوميا، فهذا شيء طبيعي في النفس البشرية، نخاف مما آذينا فيه من قبل ونتمنى أن لا تكرر تجربتنا المؤلمة ، وكما يقول المثل الكويتي “من عضه الداب لا يأمن الحبل”.
ان المفهوم الرافض للصبر، وللصبر حدود ” كلها، أعطت صبغة خوف وترقب من أي تجربة مؤلمة ،وهذا الخوف هو ما يزعزع إيماننا بأنفسنا ويؤثر على صبرنا وثباتنا عند المحن ، في كثيرة من الأحيان تعمق الضغوطات النفسية، ككلام الناس الاذغ كالسم، في الألم والمعاناة، ليزيد الحياة المادية والجسدية معاناة نفسية وآلام صعبة. في أحيان يمكن تخطي وتنظيف الجروح النفسية القديمة إذا عرفت مصدرها من قلبك وعملت على ذلك، بحبك للمسامحة من جرحك..مما يعطيك من قوة ودفعة من الطاقة تعينك على الصبر،لذلك يجب المحاولة دائما للتخفيف من حمل الضغوط النفسية عبر الإسترخاء وتصالح مع ذات والصفح عن من أساء إليك لذلك تقول الاية الكريمة . مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ ۗ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” سورة النحل 96.
ولا يعتقد من ان هناك انسان تكون حياته اليومية خالية من الانزعاج و الغضب ، .لذ الصبر جميل على ما ناب من حدث حتى يأتيك الروح والفرج القريب والاستياء جميل عندما يتحلى الصابر بمثل هذه الصفة الجميلة : ويقول الشاعر: اما في رسول الله يوسف اسوة .. لمثلك محبوس على الظلم والإفك.
من المعلوم أن اي قراءة طبيعة الأزمات الناجمة عن تطورات وأحداث عديدة ومتلاحقة، تساعد كثيراً في الوصول الى الاهداف وفك العقد، وفقاً للقواعد الحاكمة للصراع والذي نشاهده اليوم في العراق من اسباب قد تؤدي الى حدوث فوضى وكوارث الشاملة لعدم التريث في ايجاد الحلول للمشاكل و إيجاد تفسير مقنع لها وهي في الحقيقة سياسة متهالكة وجدت ان الكثير منها يعود الى عدم انتهاج سبيل الحكمة من قبل الاطراف السياسية المتشابكة او الاطراف المتنازعة ، والمتمثلة بسياسة الصبر الاستراتيجي في استيعاب الازمات المحتدمة او المفتوحة بينها ، فهذا المفهوم ليس بالجديد عن الواقع السياسي الحالي المكتظ بأسباب التوتر التي تصل بعضها الى درجة تكاد تستحيل فيها الى قنابل موقوتة او الغام مؤجلة ، فالصبر الاستراتيجي بات حقيقة لا مناص عنها، تتبدل المصالح والسياسات والامزجة والمناخات وتستحيل تلك العداوات والمنازعات ( القنابل الموقوتة) الى صداقات او توافقات وحينئذ تنتبه الاطراف التي كانت متنازعة او متصارعة الى حجم الخراب الذي تركوه في بلدهم اذا لم يتداركوا أخطاءهم و خطيئاتهم حيال شعبهم والانسانية عموما وقد يرجعون الى صوابهم ويدركون انهم لو تمسكوا بسياسة الصبر الاستراتيجي لما وصلت الامور الى هذا الخراب والى هذا الكم الهائل من التوحش ولكن بعد فوات الاوان.
والمعتقد الشائع هو أن سبب نفاذ الحلول هو حدوث أمر خارجي في البيئة المحيطة به كما يعتقد الكثير من ابناء البلد وهذا جانب لا يمكن ان يكون صحيحاً في العديد من الاحوال والاوقات وأن الوضع الحالي يحتاج الى من يمتلك روح وطنيّة حقيقيّة من المجتمع وتتمثل فيه الشجاعة في دعوته إلى إبقاء العراق خارج كلّ المحاور الإقليمية وإصراره على ذلك لأن العامل الخارجي لا يدخل في حالة قوة الارادة في المجتمع في رفضه ، ولكن السبب الحقيقي يرتبط بما يدور في الأذهان تجاه أي ظروف يمر في ذهن السياسيين، لذلك يتعين الانتباه عند انتهاء صبرهم الداخلي كرد على عدم الحصول على ما يراد على الفور. ويمكن تحديد بعض مسببات نهاية الصبر والتي يمكن أن تشمل: الانتظار لمدة طويلة، وفي صعوبة تحديد المشاكل الانية، انتظار الطويل في الاضطرار إلى الاستماع إلى اشخاص الذين يستغرقون وقتاً طويلاً لشرح شيء في مدّعياتهم التي يوردونها على المنابر الإعلامية و الحزبية و السياسية المحاصصية ولا يفعلونها هم اساساً وتفتقد تلك المقولات للحكمة والموعظة الحسنة.
لاشك أن السماح للنفس أن تشعر بفقدان الشيء هي خطوة رئيسية نحو قبول وجود هذه الصفة ما يتعين أن يكون الإنسان على دراية بما يشعر به من عدم القدرة في ذهنه أو جسده العثور عليه ، ويحاول البحث عنه بعقلية هادئ و جسم مرتاح يتعين عليه أن يدرك أن شعوره بعدم الرضا في موقف معين يحفز نحو محاولة تغيير الطريقة التي يتعامل بها مع صفات التأخير أو المشقة أو الإزعاج ،ويجب الانتباه الى ان قد تكون توقعات الشخص غير واقعية عندما يتعلق الأمر بإتقان أمور جديدة، بمهارة لحل المشاكل، حيث يعتقد الشخص أنه يتعين عليه أن يكون قادرا على إتقان تلك الأمور بسرعة، بغض النظر عن مدى صعوبة أو غرابة تلك الحلول إليه .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي