بتاريخ 28 \ 1 \ 2022 اعلنت وزارة التعليم العالي في كوردستان عن نيتها القيام بتبديل كافة عمداء جامعة بوليتيكنيك دهوك عبر دعوتها الراغبين بالحصول على هذه المناصب تقديم اوراقهم لغرض اجراء المقابلة , وكانت الوزارة قد قامت بمقابلة ( 103 متقدم ) للحصول على مثل هذه المناصب في جامعة دهوك بتاريخ 16\2\2022 وبعدها اعلنت عزمها تغيير عمداء جامعة حلبجة بتاريخ 22\5\2022 .
وبعد هذه الفترة التي مرت على هذه القرارات فان :
الذين اجروا المقابلة من جامعة دهوك ما زالوا ينتظرون تنفيذ القرارمع مرور ستة أشهر
الذين تقدموا للحصول على اجراء المقابلة من بوليتيكنيك دهوك ما زالوا ينتظرون تنفيذ القرار مع مرور سبعة أشهر
الذين من المزمع اقصاءهم من مناصبهم وتبديلهم ينتظرون ( عدم ) تنفيذ القرار.
وهؤلاء الذين ينتظرون عدم تنفيذ القرار فانهم في الحقيقة لا ينتظرون بل يعملون ويكدون ويجاهدون في سبيل الغاء القرار وقد تمكنوا لغاية الان من تجريد القرار من معناه وسيستمرون في هذا الاتجاه حتى يتحقق لهم ما يصبون اليه ذلك ان معظم هؤلاء المتمسكون بمقاليد هذه المناصب هم من الئك الذين أستغلوا علاقاتهم الحزبية والعشائرية والشخصية مع المسؤولين ووجهاء المدينة ولا زالوا يستغلون هذه العلاقات للاحتفاظ بهذه المناصب , كذلك فان الكثير من المتقدمين لهذه المناصب هم خارج تلك الدائرة التي تمت الاشارة اليها وليسوا من تلك الفئات التي حصلت على رضا الجهات المتنفذة والمؤثرة على مجريات مثل هذه الامور.
وتمر الايام وتمر الشهور وكأن هذه القرارات لم تصدر من الوزارة وكأنه لا علاقة لوزارة التعليم بما تم الاعلان عنه , بل ان الوزارة والوزير يستمرون في اعمالهم وكأنهم غير معنيين بتنفيذه , وكأنما هناك جهة اخرى هي التي ستقوم بتنفيذ هذا القرار . ولابد من الاشارة الى ان هناك سوابق لمثل هذا القرار ولم ينفذ في حينها ايضا , بل جاءوا باشخاص جاهزين لم يكونوا من ضمن المرشحين اصلا , وهو الذي سبب تراجع التعليم وانحسار ثقة المنظمات الدولية المعنية بقطاع التعليم لدينا وانتقاد بعض الجهات الدولية الداعمة لنا نتيجة التخبط الذي يلاحق وزارة التعليم في الاقليم .
وهناك فجوة كبيرة بين المؤسسات التعليمية في محافظة دهوك وبين وزارة التعليم في العاصمة أربيل حيث ان القررات التي تصدرها الوزارة ليست بالضرورة تنفذ هنا في دهوك لان بعض اعضاء الاحزاب يعتبرون انفسهم انهم هم المشرفون والمسؤولون عن هذا الجانب وان مسؤولية وزارة التعليم لا تتعلق بالمناصب الادارية ولا بمسؤوليها ولا حتى بسياسة المؤسسات التعليمية وانما يقتصر على بعض التعليمات غير المؤثرة في سير العملية التعليمية , وهذا الامر هو الذي يشكل عقبة كبيرة في اصلاح التعليم وهو الذي يؤدي الى عدم تنفيذ قرارات الوزارة .
مثل هذا التخبط الذي تعيشه الوزارة يتضح اكثر في قيامها بالمصادقة على تأسيس جامعات جديدة في كل من كرميان وعقرة ففي الوقت الذي تعاني معظم جامعات الاقليم وبالاخص في دهوك من نقص حاد في الكوادر التدريسية ونقص في الاموال اللازمة لتوفير المعدات والادوات والمختبرات للجوانب العملية لهذه الجامعات تتجه الوزارة بقرارها هذا الى ترسيخ هذا النقص والمساهمة في زيادة نسبة حاجات الجامعات والمعاهد الموجودة بانشاء جامعات جديدة .
اما انظمة التعليم التي تسعى الوزارة بين فترة واخرى لتغييرها وحيث ( قد تكون ) استقرت في الفترة الاخيرة على نظام بولونا الذي يتطلب في جوهره الاساسي استقرار الوضع السياسي والاقتصادي ويتطلب مجتمعا متحضرا خاليا من الروابط العشائرية القوية بين افراد المجتمع وبعيدا عن المحسوبية وتدخلات الاحزاب المؤثرة على نظم التعليم , وهذه الشروط كلها تتنافى مع ما نحن عليه الان , ففي حين يتطلب هذا النظام قدرا كبيرا من الشفافية في التعامل بين الطلاب وبين الاساتذة نلاحظ هوة كبيرة وفجوة واسعة بين الطرفين اثناء التعامل , كما يتطلب كادرا كفوءا يملك كافة الخصائص التي تؤهله في اعطاء المادة , في حين ان معظم الاساتذة يحاضرون في مواد دراسية بعيدة عن اختصاصاتهم الدقيقة , بالاضافة ان هناك نقصا كبيرا في معظم الاختصاصات المطلوبة , ومن جانب آخر فان الاهتمام الاساسي لمعظم المدرسين ليس ايصال المعلومات بصورة مستوفية بل ان هذا الامر يأتي بالدرجة قد تكون النهائية والسبب الرئيسي ان مجتمعنا لم يقطع تلك الاشواط التي مرت على المجتمعات المتقدمة , حيث لا زالت الهموم المادية هي الشغل الشاغل لافراد مجتمعنا بصورة عامة ومنهم المدرسين ,كما ان هذا النظام يتطلب استقرارا زمنيا ثابتا لجداول المواد التدريسية التي يجب تنفيذها في اوقات وازمان محددة ومعروفة مسبقا لا يصيبها التغيير المستمر والتخبط الدائم نتيجة عدم استقرار الفصول الدراسية كما هو الحال في معظم مؤسساتنا التعليمية حيث نلاحظ ان هذه الجداول لا يمكن تطبيقها بنسبة تكاد تكون اقل من 60% من الازمنة اللازمة لتنفيذها بل قد ترتفع هذه النسبة لتصل الى ادنى مستوياتها في الكورس الاول حيث هبطت في كثير من الاحيان الى نسبة اقل من 30% . نتيجة تأخر البدء بالدوام في كل سنة بسبب عدم ظهور نتائج المراحل المنتهية للمدارس في الاقليم .
يتبع…………
الدكتور : عبدالعزيز رشيد المهندس : حاتم ابراهيم