واشنطن السياسية برأي ليست صامتة، وهي تراقب الإستدارة الأردوغانية البهلوانية تجاه قاتل العصر بشار الأسد عن كسب ولها عيون في مكان، مثلما راقبت إستدارة هذا الطاغية نحو العديد من أنظمة المنطقة ومن ضمنها إسرائيل، الإمارات، السعودية، روسيا، ومصر هي على الطريق وكل ذلك لتحقيق هدفين رئيسيين فقط، وهما يخصان شخص الطاغية اردوغان ولا شيئ أخر وهما:
1- تحسين الوضع الإقتصادي المزري الذي تعيشه تركيا منذ عدة سنوات، والحد من التضخم المالي الذي وصل لمعدلات قياسية حيث وصل إلى 68% في هذا الشهر، وخسارة الليرة التركية حوالي نسبة 60% من قيمتها، وكل ذلك لرفع شعبيته لدى الشارع التركي، لأنه شعبيته تدهورت كثيرآ وإنسلخ عن حزبه الكثيرن من الأعضاء ومن ضمنهم قيادات بارزة وشكلوا أحزاب مستقلة، وهذا الشخص متعطش للسلطة ولا يريد خسارتها، ومستعد من أجل ذلك إرتكاب أي جريمة كانت بل كل المبيقات الموجودة في العالم مثله مثل صاحبه بشار.
2- سحب ورقة اللاجئين السوريين في تركيا، من يد المعارضة التركية القذرة كقذارة أردوغان. لأن هناك ما يقارب (8000.000) ثمانية ملايين تركي لاجئين يعيشون في الدول الأوروبية، ولم تطالب حكومة أوروبية واحدة، بإعادة هؤلاء الأتراك إلى بلادهم، مع العلم يستحقون ذلك بجدارة ولأسباب معروفة جدآ.
وهذه التجارة الرخيصة من قبل اردوغان بقضية اللاجئين السوريين بتركيا ضحايا نظام القتل والإجرام عصابة عائلة الأسد هي أيضآ تصب في ذات الخانة أي هدفها إمتصاص غضب القومجيين التتر (الترك) بهدف كسب أصواتهم والفوز في الإنتخابات الرئاسية القادمة وبالتالي إستمرار هذا المجرم وقاتل الشعب الكردي وحزبه في السلطة.
لا يمكن مقارنة صمت النظام الأسدي القاتل، مع صمت واشنطن السياسية إتجاه إستدارة أردوغان نحو طاغية دمشق ونظامه المجرم. ويمكن تلخيص هذا التأني الأمريكي أو التجاهل المتعمد في عدة نقاط منها:
1- واشنطن ممثلة بالبيت الأبيض، لا تريد منح الطاغية أردوغان ورقة ليستخدمها ضد معارضية
في الحملة الإنتخابية القادمة، وهو معروف بنبرته العالية وشعاراته الشعبوية، ولديه المقدرة على خوض المعارك الشخصية. لهذا تجنبت إدارة بايدن منحه هذه الفرصة من خلال إمتناعها التعليق على إستدارته حتى الأن. لأن هذا المتعطش للسلطة يبحث دومآ عن بطولات إعلامية رخيصة من نوع معاداة إسرائيل، الإمبريالية، الغرب الإستعماري ورغبته في تقسيم المنطقة، وزرع إسرائيل ثانية (كردستان)، كل ذلك بغية رفع شعبيته في الداخل قبيل كل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. ورأينا كيف إفتعل مسرحية سمجة في دافوس قبل عدة سنوات حول مأساة قطاع غزة وأهلها، وإنسحابه من القاعة كالمهرج. ولا ننسى أن الإدارة الأمريكية الحالية “الديمقراطية” تفضل رؤية شخص أخر مكان أردوغان في سدة الحكم، شخص ذات ميول غربية ومتوزان نفسيآ وأقل عدوانية.
2- واشنطن لا تريد دفع هذا الطاغية أكثر فأكثر إلى أحضان بوتين، وهم يخوضون حربآ شعواء ضد بوتين طاغية موسكو في أوكرانيا، وأمريكا مازالت بحاجة لتوقيع برلمان تركيا لإنضمام فلندا والسويد لحلف الناتو، ولهذا لا ترغب أمريكا الإنشغال بمعارك كلامية لا حاجة لها بها.
3- الإدارة الأمريكية تنتظر الخطوات العملية التي سيقدم عليه اردوغان ونظامه المافيوي والإستبدادي. لأنه حتى الأن لم يفعل شيئ سوى إطلاق التسريحات الإعلامية لربما كانت بالونات تركية لجص نبض أمريكا والأوروبيين، وتخريس المعارضة التي تزاود عليه بقضية اللاجئين. ومن جهة كما نشاهد هناك عمليات عسكرية يومية على الأرض بين النظام وتركيا، وتركيا وقوات قصد. ولهذا فضلت أمريكا والإتحاد الأوربي عدم التعليق على التصريحات الإعلامية التركية النارية والانتظار لمعرفة ما ينوي فعله أردوغان عمليآ على الأرض. ونفس الموقف إتخذته أمريكا والإتحاد الأوروبي، مع كل من لبنان والأردن عندما أعلنتا أنهما بصدد الإنفتاح على النظام الأسدي. وذات الموقف تبنوه حيال خطوة الإمارات البهلوانية تجاه المجرم بشار. وفي النهاية كله إنتهى إلى صفر لأن القرار لدى أمريكا ويكفيها رفع سيف قانون “سيزر” حتى ينتهي كل شيئ ويخرس الجميع ويعودوا إلى جحورهم.
4- أمريكا ترغب في وضع اردوغان في حجمعه الطبيعي، من خلال التزام الصمت وإتباع سياسة المبالاة حيال خطوته هذه، لأن الأمريكان يعلمون علم اليقين أن من دونهم لا يستطيع لا هو أي أردوغان ولا داعمه بوتين قادرين على إنقاذ المجرم بشار من ورطته. لهذا سيتركونه يلعب بذيله لعله يرتكب حماقة ما، حتى يضعوا له لجامآ ويربطونه حيث ما يريدون.
5- الإدارة الأمريكية تدرك جيدآ ماذا يبتغي اردوغان من حركته البهلوانية هذه وعلي بوتين، وهم أي الأمريكان يعلمون علم اليقين أن المجرم بشار لا يستطيع تحقيق رغبة اردوغان أي الهجوم على الشعب الكردي وقوات قسد في شرق الفرات ماداموا موجودين المنطقة ولو بجندي واحد. لأن القوة الأمريكية ليست فقط في جنودها. أمريكا قوة عظمة لا مثيل لها في التاريخ ويمكن لها تحريك قوات من كل مكان في العالم بسرعة فائقة، وإنهاء النظام الأسدي لو إرتكب مثل هذه الحماقة وهجم على الكرد في شرق الفرات التي تحظى بحمايتهم.
6- أمريكا على علم تام على ماذا إتفق الثلاثي القاتل (بوتين، اردوغان، رئيسي)، في طهران التي جمعتهم لمدة يومين قبل ثلاثة أسابيع. إتفقوا على محاربة أمريكا وتحديدآ في سوريا ووضعوا هدفآ واضحآ لهم وهو إخراج أمريكا من شرق الفرات، لكي يستفرد هؤلاء القتلة المتوحشين ومعهم جروهم بشار بالشعب الكردي وإبادته عن بكرة أبيه وإفراغ المنطقة من الشعب الكردي على غرار منطقة أفرين الكردية. لن تسمح أمريكا لهم بتحقيق مخططهم الجهنمي الإجرامي هذا، وخاصة بعد غزو المجرم بوتين أوكرانيا.
7- أمريكا تدرك كم الخلافات بين هذه الدول الثلاثة (تركيا، روسيا، ايران)، وهي على دراية بأن الذي يجمعهم فقط معادة الشعب الكردي وقواته العسكرية ومعاداة أمريكا لا غير. هم في الأصل أعداء أكثر ما هم أصدقاء.
8- اردوغان كل همه البقاء في السلطة، والأمريكان ليسوا في وارد دعمه، وهو الذي أدخل أنظمة الصواريخ الروسية (س 400) إلى حديقة الناتو الخلفية، إضافة إلى تسبب في مشاكل كثيرة للغربيين ومنها مشلكة اللاجئين وفتح حدودها للإرهابيين بدخول سوريا، ودعم تنظيم داعش وجبهة النصرة.
9- وأمريكا تعلم من دون شرق الفرات الكردي، ليس بإستطاعة نظام المجرم بشار إطعام أتباعه الخبز، ولا أن يقدم لهم الكهرباء والمازوت والماء والسكر واللحوم والأجبان، وخاصة الشتاء بات على الأبواب. والروس والفرس غير قادرين على إعادة إعمار البلد وخاصة أنهما محاصرين بعقوبات شديدة. وايران لا تريد إزعاج الأمريكان في هذه المرحلة لأنها ترغب في التوقيع على الإتفاق النووي الذي عرضه الأوروبيين عليهم وعلى الأمريكان، لأنها تعاني من مشاكل جمة بسبب الحصار. ومع بقاء الأمريكان في شرق الفرات سيصبح الفيدرالية الكردية مع الوقت واقعآ ولا يمكن لتركيا والنظام الأسدي القفز فوقها ولتبح المعارضة الإسطنبولية وجماعة المكنسة ليل – نهار.
10- أمريكا على دراية بأن النظام التركي لن يستطيع تسليم ادلب وأفرين وجرابلس والباب للنظام، لأن ذلك يعني فقدانه لأي دور له في مستقبل سوريا القادم. وهي تدرك أيضآ بأن النظام السوري الذي يدعي طوال الوقت بأنه يحمي الأقليات فإن أي هجم على الشعب الكردي سيعريه أمام العالم بأسره. والأسد برأي لن يخاطر بشن عملية عسكرية ضد الشعب الكردي لأنه يعرف مخاطرها من جميع النواحي ومن ضمنها من الناحية العسكرية والعرقية والدولية، ووجود إقليم جنوب كردستان على حدود غرب كردستان.
11- الأمريكان يعلمون بأن اردوغان يدرك بأن النظام السوري لن يقدم له شيئ على الإطلاق لا في السياسة أي تقاسم السلطة، ولا في موضوع عودة اللاجئين، لأن النظام يدرك جيدآ إن عودة السوريين من تركيا والأردن ولبنان وجنوب كردستان سيعيد الوضع كما كان، أي أن السنة سيصبحون أكثرية من جديد، وهذا ما لن يقبل به هو، ولا حزب اللات اللبناني ولا ايران. وبالتالي أمريكا غير مبالية بجعجعة اردوغان وزمرته الإجرامية والحرامية.
في الختام، أمريكا ستتجاهل عواء المسعور وهي تدرك سيأتيها جاثيآ على ركبتيه، وهي التي منعت قسد من إستخدام أسلحة معينة ضد تركيا كونها أمريكية، فقط مرة واحدة سمحوا لها بإستهداف الداخل التركي وقصف موقع للجيش التركي الذي كان يقصف القرى الكردية والذي تسبب بقتل عدد من الأبرياء الكرد.
إن فشل أردوغان في تحقيق مأربه، قد يدفعه لإرتكاب حماقة عسكرية في غرب كردستان أو لربما في جنوب كردستان، لرفع معنويات أتباعه وكسب بعض الأصوات من اليمين المتطرف. وهناك إمكانية أن يستدير نحو الكرد من جديد ومحاولة خداعهم من خلال بعض الكلام المعسول واللقاء ببعض القيادات الكردية الموجودة خارج السجن، وإطلاق بعض الوعود الكاذبة مثل كل مرة مقابل دعم الشعب الكردي له في الإنتخابات وهذا مستحيل، إن لم يقم أردوغان بسحب قواته من “أفرين” وتسليمها للكرد وليس النظام ونفس الشيئ بالنسبة لمنطقة “سريه كانية وغريه سبي”، والإفراج عن كافة قادة وأعضاء حزب (ه د ب) المسجونين دون أي ذنل، وتخفيف القيود عن السيد اوجلان.
هذه قرائتي بإختصار حول الصمت الأمريكي تجاه إستدارة أردوغان نحو شريكه في القتل أي بشار، وعمليآ هو ليس صمت، وإنما هو عمل هادئ ومراقبة دقيقة لما يحدث بين تركيا وسوريا على جميع الأصعدة. ثم ليس من طباع الغربيين الصراخ العالي والعنتريات الفاضية على الطريقة الأردوغانية والمهم بالنسبة للفكر الغربي هو النتائج وليس الجعجة. أتمنى أن أكون قد أجبت على تساؤلات بعض الإخوة القراء في صفحتي الذين سألوني عن هذا الموضوع ويجدون أجوبة كافية ومقعنعة لأسئلتهم ولا شك إن إلتزام واشنطن (دي. سي) الصمت أمر ملفت وكان لا بد من الحديث عنه، كون الموضوع برمته يدور حول مصير الشعب الكردي في غرب كردستان ومفهوم هذا القلق الكردي الشعبي وحتى الرسمي.
24 – 08 – 2022