لم يكن غشاء بكارتها ككل الأغشية المطاطة أو الرقيقة،ظل سميكاً كالورق المقوى مغلقاً كدكان مشمع
. بالأحمر، نصحها الطبيب مراراً بأن تتزوج كخلاص من تلك العنوسة السميكة كالغشاء العنيد.
:أجابته بانفعال
لا يجدر بإنسان مثقف وطبيب مثلك نعت فتاة مثلي بالعانس–
:تنحنح الطبيب كأنه تلعثم أمامها قائلاً
. عفواً لم أقصد الإهانة، إنما عنيت المفردة بمعناها المجمع عليه، في إشارة للتأخر عن الزواج–
الطبيب ذو الأنف المترهل والمنحني للأمام مع ميلان للأسفل قال لها والعرق يتصبب من جبينه متساقطاً على
: كمامته ونضارته الطبية المتدلية لرأس إنفه المحدودب محدثاً الضباب في شاشتهما
.ابنتي عليك بالزواج كحل لهذا الألم الذي يداهمك عند مجيء العادة الشهرية–
بينما عبست بيري ولم تحرك ساكناً، كانت تفكر به، ذلك الحبيب المجنون والذي تعلقت به تعلق الغريقة بقشة، فراحت تتحدث في نفسها، بينما راح الطبيب يسرد لها تجربته مع العانسات اللاتي يأتين لمراجعته و
: يعانين من مشاكل عند مجيء العادة الشهرية قائلة بين نفسها
ما يجبرني على التعلق بمتزوج ، لن يتزوجني ، لكني أحبه، راحت ترفع شعرها للأعلى معيدة تسريحتها بهيئة صحن البوظا ثم قاطعت شروده بينما الطبيب هو الآخر وبعد خروج بيري من عيادته لغرفة الانتظار
. راح يتذكر نفسه عندما قام أهله بتزويجه وهو لم يتجاوز سن الطفل القانونية بعد
العرق المتصبب منه أحاله للماضي حين كان ابن الستة عشر عاماً ،عندما تزوج وقتذاك ،وتذكر آلام زوجته المتجاوزة للعقد الثالث، انها آلام تجاري آلام المسيح، وقتذاك ظل الشتاء بثلجه وزمهريره يحاصرولأيام متتابعة تلك القرية الجبلية المتربعة بحضن جبل يجاور نهر الفرات أراد أهل الطبيب تزويج ابنهم الوحيد فلم يجدو له سوى تلك الفتاة والتي اختارته بين الخطّابين كفتى مراهق فحل يبرع كقرد السيرك على السرير لكنه لم يتوقع أن تكون تلك الليلة بهذه الدموية والمشقة قضيبه بدا كجندي منهك، فشل في اقتحام ذلك
. الحصن العنيد، ولثلاث أيام متواصلة لم يستطع فض ذلك الغشاء
العرق المتصبب من الطبيب لم يكن نتيجة تسمره الطويل مقابل فخذيّ بيري التي ولخجلها نهضت مستغربة
. من ذهول وعرق الطبيب المتصبب على جبينه.
انما هو تذكير له للماضي كيف أعاد زوجته ذات الأيام الثلاث لأهلها مقراً عجزه عن فض بكارتها كأنها مغلقة بصمغ شديد اللصق وماتزال تلك المرأة من بعد ذلك الزواج في بيت أهلها تربي أولاد أخوتها ولا تنقطع عن الصلاة لأنها تصون الفتاة وتمنعها من الوقوع في المعاصي حسب توصيات شيخ القرية ذو اللحية
. البيضاء كالقطن،
تناولت بيري الوصفة من الممرضة وهمت بالخروج لتحدث حبيبها المشغول دوماً ولتسرد له عبر الواتس آب تقريراً كاملاً عن حالتها وشوقها إليه وعتبها عليه، في داخلها جرائد وراديوهات وتلفزيونات لا تتوقف عن البث، تتحدث بتخبط وأحياناً بمرح وسرعان مايجتاحها الاكتئاب اذا أحست بتجاهل متعمد من حبيبها
فهي حساسة كالأطفال أو أكثر ومذ غزا الحب أعماقها، وبعد عودتها لمحادثة حبيبها، صارت تتنقل على منقل الأفكار تنقل اللحم على موقد الشواء فلا هو بالرجل الذي يمكن الزواج منه
ولا هو قريب من فكرها لكونه لا يبالي بمجموع ما اقتنعت به حيث فضلت نداء الحب عن أي شيء آخر
رغم حيرتها ومزاجيتها التي أذهلته فمتى ما تود الاختفاء تحظره على الواتس ومتى ماتريد تعود إليه
: قالت له بصوت جهوري عبر أثير الواتس
وقعت في هواك قبل أن تصبح أباً وأن وراء حظري لك أسباباً تتعلق بقسوتك على الروح والأشبه بآثار–
. السياط على الجلد.
ثم أردفت قائلة :-انك رأس حربة الألم ورمحه البتار وهذا ما يجعلني أثرثر وأحدث البلبلة في صفاءك
وهمست له ذات جنون:قد أنتهي من نفسي ولن أنتهي منك ،وبأنها العذراء النبية المرسلة لقلبه الضال.فلا تقتل نبيتك كما قتلت الأقوام الغابرة أنبياءها.
حين تحدثه فإنها تتقمص مريم العذراء وقد يكون حبيبها الضال اما ابناً أو إلهاً كلاهما سيان فهي تعيش قانعة بهذا العشق الذي جعل منها سيدة على الحب وخليفة العاشقات اللاتي متن ولم يغتسلن بصوت الرجل
. وفق تعبير نزار قباني
الألم وراء الحب، الوجع وراء الرغبة، الصد والتمنع وراء الخوف ،وأمامنا والحقيقة المريحة غشاء كلما اختفى اتسعت مساحة الرؤية وزال الخوف والألم وانتصرت الرغبة في الحياة وحلق الحب على القبب البيضاء ،تحليق الحمامات البيض في سماء زرقاء، هكذا راحت بيري تسترسل بمخيلتها حالمة بديمومة حب لا يوهنه البعد أو يكبله العقل حيث نمى ذلك الحب الغريب كغربتها عن ذاتها حين تنقلها من فندق لفندق ومن مهرب لآخر ، من مخيم لآخر وبعد سلسلة محاولات مؤلمة اجتازت جزيرة إيجة لليونان واستقر بها
المقام أخيرا في مملكة البرد،مودعة بلدة المجانين التي لا تغرب عنها الشمس.
ًبيري تحبس صدرها بوجه حبيبها، وتتصدى للنهدين النافرين ان حاولا الخروج قليلاً أو حتى نتوءاً بسيطا فإنها تقمع ذلك بشدة، كرجال الأمن في سوريا عندما يقمعون المتظاهرين
حبيبي لا تظنني معقّدة لكن لدي قواعد نفسية فيما يتعلق بجسدي والثياب التي أرتديها–
لا أشعر بحرج عندما أكشف ساقي للريح أو حين أكشف ظهري لدي فساتين قصيرة تكشف ساقي،ظهري
رقبتي كتفي، لكني لا أحب إبراز لو شيء بسيط من نهدي.
وما الفرق–
– “تضحك” لا لسبب وانما هكذا هو محض شعور نفسي.
بيري و بيرناس اجتمعا على حب في وقت باتت الحواجز بينهما أكثر رهبة من الحواجز العسكرية في زمن
. الحروب.
وبيرناس توقف عن رسم العابرات واللهث وراء محاولاته في رسم عارضات الأزياء وراح يرسمها في
. جلساته مع بيري عبر الكاميرا
تثيره شامات جسدها الموزعة كالنجوم في السماء الشتائية،
ثلاث نجمات استوطنت رقبتها ، كتفها المحاذي لإبطها
وسرب نجوم على ظهرها كأنها طلاسم سحرية،أو شبكة عنكبوت نسجتها الطبيعة،
نهديها البارزين محط طموح كل ثغر جائع أو تائه في براري الحرمان والقلق تمانعه ،تصده ببسالة كيلا يعتقد انها رخيصة وسهلة المنال
:أوصتها جدتها ذات جلسة خاصة
.ان الرجال ينفضون عن اللاتي يهبن أنفسهن لهن بيسر
حيث ولدت ضمن أجواء محافظة لا تختلط فيه المرأة بالرجل إلا عند الضرورة القصوى، الأمر الذي أثر على نظرتها للمحيط، وكذلك جعلها غريبة في نظر الكثير من المعجبين والذين حاولوا جذبها دون جدوى
الأمر الذي خلق منها كتلة متناقضة من العواطف،المشاعر الرغبات والأفكار الحائرة،
شاماتها العشر تريد التحدث عنها، في حضرته ذلك الحبيب ،وجميع تلك الشامات إناث وخريجات حقوق من جامعة أحزانها ،لا يوفرن فرصة إلا ويدلين باعترافات تكشف عن مدى الكبت الذي تعانيه تلك العاشقة المرتعدة في الظل،أفزعها مشهد قضيب منتصب كان قد أرسله حبيبها له عبر الواتس آب ،بحياتها لم تتخيل أن يكون القضيب بهذا الحجم ،حظرته على الفور، وبعد انقطاع سنتين راحت تذكره بهذا التصرف الأرعن وإرساله لصورة قضيبه لم تكن لتعتاد على تلك الأشياء ،الصورة أشعرتها بالاشمئزاز في الوهلة الأولى،من ثم بالإثارة مع الوقت،آخر مرة شاهدت قضيباً وبالصدفة عندما دخلت دون إذن لمخدع والديها حيث رأت والدها يضاجع أمها الحبلى بشره،تحدثا عن اللقاء ،وخرجت الأخيلات والتصورات حاسرة الرأس حافية القدمين تمشي ببطء على حواف الرغبة الجامحة ،راقه فكرة أن يضاجع عذراء، ويحفل معها بعلاقة مثيرة حميمة ورومانسية يزيد اضطرامها هذا الشوق وهذا البعد الجغرافي بينهما،وراق لها أن تراه، وأن تتأمل
. ملامحه وجها لوجه، لتتعرف على إنسان سلب قلبها ونهب نبضها وسطا على تفكيرها كلص بنك ماهر
التقيا معاً في خيالهما ،بين الأشجار وزهور الأقحوان تملىء المكان ،أينما يلتفت المرء يرى أشجاراً طويلة وأخرى كثيفة وكراسٍ خشبية طويلة مابين جهة وأخرى ،هي مثله تحب الطبيعة، لقد سئمت البرد، والريح الخشنة في تلك البلاد التي ذهبت إليها ،لم يصدق حلول طيفها حقيقة على الأرض ،هي بكامل شوقها وخوفها ،هو بكامل نشوته وجوعه ،وقفا قبالة بعضيهما ،والطقس غائم جزئياً ،لبست فستانا أبيضا، مزركش بخيوط سوداء مكشوف الصدر لكنها أغلقته بدبوس ذهبي صغير ،وشعر طويل مسترسل بخصلات صفراء داكنة ،وملامح غاية في التورد والخجل،ابتعدا عن أصوات السيارات والقطارات الكهربائية ،باتجاه الأشجار ،كانت رائحة التراب فائحة إثر مطر تساقط في صباح ذلك اليوم ،الشمس تغلغلت في الجذوع وتسربت بين الخضرة الكثيفة،رسمت سلاسل ذهبية على البحيرة المحتضنة للبط والإوز وبضع بجعات بيضاء طفت بهدوء وبتتابع
. على المياه الذهبية،مشيا معا بصمت، لم يبوحا حتى بكلمة مرحبا
.يداهما مشبوكتان ببعضهما ،يتأملان ماحولهما كأنهما هبطا كمعجزتين من السماء على أرض حديثة التكون
:بيرناس همس لها مقاطعاً صمتها وغموض ضحكتها
الخيال يجمّل كل ما سيخدش وقاره عند حدوث اللقاءبالفعل، وقد لا نظفر سوى بما نمنّي به أنفسنا، فكلانا مختلفان في كل شيء ولا يجمعك بي إلا ما تريدينه مني، ولا يجمعني بك إلا ما يجعلني أنتشي وكلانا يريد من الآخر شيئاً يصطدم بالآخر كتصادم صخرتين هبطتا من جبلين محاذيين من بعضهما البعض وبشكل مباشر
كل هذا في الواقع يحدث في خياله ، أما هي فلا تملك خيالاً تحيط به نفسها وانما ثمة غشاء سميك قد
. تكون طبقات حول مخها ومخيخها، حيث جعل شكلهما أشبه بجوزتين فارغتين،
فلا تحدثه إلا عن فلان تقدم إليها وآخر يوشك أن تقبل به ولأنها تعلقت به فإنها توصلت معه لقرار
!سنجلس في مكان عام وقد احتضنك ،لكننا لن نفعل أكثر من ذلك–
:وذات ليلة راحت تكتب إليه جرائداً من الغزل وتعرض له ما بداخلها
.ًان التقيتك سأقبلك ،لكن لن أدعك تمس الغشاء فنحن لسنا أزواجا–
،الغشاء الذي أعنيه هو ذلك الخوف من الحب فما يجعل بعضنا يشتهي الأنثى فقط دون أن يحبها هو خلو ذهنها من المعرفة والعمق، سطحيتك تجعلني أميل لعقد حوار شبقي مع جسدك، فقلبي وعقلي يديران ظهريهما لك حين أراك بكامل بؤسك الفكري وخواءك العاطفي تضخين تلك العقد الرعناء التي هي مصدر
. انغلاقك وبؤسك
يدور بينهما خصام ومتاهة يغوصان ركضاً وتوهان دون أن يهتديا لنتيجة،فذلك الضياع الذي ألمّ بها قادها أخيراً لمحيط عميق من الصمت ،محيط يبتلع الهدى ،والصفاء ،وأي شيء يقترب من الحب ،كأن مثلث برمودا استقر فيه للأبد وراح يبتلع كل فرح، لم تحظره ، بقيت مكتفية بحديث داخلي بين طيات روحها عنوانه العريض جنين حب لم يكتمل مغلّف بغشاء سميك وغشاوة تحول دون عناق الأمل
: باغت ليلها قائلاً
. تصبحين على خير صديقتي الحلوة