فليكنْ زوجُ حذائي لكْ،
فأنا لا أملكُ أرضاً…
ولتكنْ طاقية رأسي لكْ،
فأنا لا أملكُ رأساً…
إنْ ماتَ أحدُ في حذائهِ،
فسيُدفنُ مع طاقيتهِ…
قد جاء زمنٌ جديدٌ يا عزيزي،
يقولون: رأسٌ بلا طاقيةْ
مُعضِلَةٌ،
والقدمُ الحافيةُ،
نكبةْ…
أحاطَتْ بي غائِلةٌ،
لن أُربِكَ نفسي،
سأُمسِكُ بطاقيتي
ولن أجري وراء طاقيةٍ
جَرَفَتها الريحْ…
وأنتْ،
لا تَقتَدِ بي،
يا ولَدي:
ظروفُكَ أنتْ مختلفةْ…
كل الناسِ يقولونْ:
يَعوزُنا فرسخٌ آخرْ…
لا أعلمُ لِمَ؟
مادام ثمةَ مُعضلةٌ تحت أيِّ طاقيةْ،
وتحت أيِّ حذاء ثمةَ أرضْ…
سأحرِقُ كلَّ الكتبِ دون تَرَّددْ،
وهي مقدسةٌ لديكْ…
سأفِرُّ مِنْ تحتِ ظِلِّ طاقيتي،
وأنتْ،
إيّاك أنْ تزرعَ الوردَ على صدرِكْ…
في نيتي أن أُعِدَّ لحذائي موضعاً،
إذ لا موضعَ لهُ في أي زاويةْ…
إعلَمْ أنكَ لستَ أفضلَ مني،
أنا قد ألبسوني حذاءً منذ الصِّغَرْ،
وأنت غطاءَ رأسِ أسودْ…
أنا خنقتُ عُمرَ صِبايَ في حذاءٍ عسكريّ،
وأنت قتلتهُ في المطابخِ…
أنت لَمْ تعلمْ بعدُ،
أنَّ فردةَ حذائي تمشي وحدَها،
حتى أنا لا أعلمُ لِمَ،
ظِلُّ امرأةٍ مضحكةْ،
تَمُرُّ بِجانبي،
يجولُ بالحريرِ،
أحسبُها تُشبِهُ شخصاً
لا أعرفُ اسمَهُ،
إما أَنّي قد تغَيَّرَ عندي مشرقُ الشمسِ
أو قدْ خَرَفتْ…
يا تُرى…
أَنَسيتُ…
يا ترى،
أبَقيَ بيتُكم في مَحَلِّهِ؟
مَنْ هؤلاءِ الرجالُ أمامَ بابِكُمُ؟
يدخنون السجائرَ هَزْلاً،
والأولادُ،
لِمَ تغيرتْ نَبَراتُ أصواتِهمْ؟
والآنَ،
مَنْ يَضعُ الحذاءَ لِمَنْ؟
مَنْ يُحَيّى مَنْ بِطاقيتهِ؟
أنا،
فردةٌ من حذائي في قدمي،
والفردةُ الأخرى في يدي،
طاقيتي أخذَتْها الريحُ الهائجةُ،
وظلها قائمةٌ على رأسي،
أنا الآنَ أطوفُ حافياً و حاسِرَ الرأسِ…
لقد وجدتُ خاتماً،
إنهُ يُشبهُ ميراثَ عاشقَينِ اثنينْ،
وسمعتُ:
أنَّ ميراثَ أيِّ رأسٍ
مصيرُهُ أسفلَ حذاءِ أميرٍ ما،
وحينَ يَنتَشي الأميرُ،
يَحتَسي الشرابَ،
ويُعثِرُ بقدمِهِ السُّكارى،
وحين لا يَجسُرُ على نسائهِ،
يشتُم امرأةً حُبلى غاضباً،
نصفُ جسدِ المرأةِ تلكْ،
يُشبِهُ ثُعباناً
والنصفُ الآخرَ حريراً نَدِيّا…
حين أمشي في أي زقاقٍ مزدحمْ،
أسألُ الأطفالَ:
ماذا رأيتُم غيرَ ذواتِكُمْ،
وحين يقفونَ إزائي،
يرمونَ بأحذيتهمْ،
وحينَ يُوَلّونَ ظهورَهمْ،
يَعرِضونَ طاقياتِ رؤوسِهِمْ
حين أسيرُ في أيِّ عَراءٍ،
يصبح العراءُ حِصاراً
فيه امرأةٌ بيضاءَ،
أعرفُها…
أود نصبَ بيتِ شَعرٍ في كرميانَ،
ظلالُهُ تعودُ الى كويستانِ البَرْدِ
أخشى أنْ أسيرَ خطوةً واحدة،ْ
إذْ تتخلفُ أحدى يَديَّ وإحدى قَدَمَيْ
عصفورانِ يناديانَني،
تَفَضَّلْ هذا هو الحذاءُ،
وأنظرْ الى الطاقيةْ هذي،
فيهما شِعرٌ قد كتَبَتْهُ لكَ أُمُّنا…
الصمتُ يطيش بيديهِ كالمجنونِ
ويمسحُ الجدرانَ الملونةْ،
هذا الخبرُ،
كانت أمي قد أخذَتْه الى شيخٍ فاحِشٍ،
وأخواتي أخذنَهُ الى المقبرةْ،
وأبي في لحده
قد بكى عليه،
والصحفُ تَرميهِ بعيدا…
هنا لا ذكرَ لاسمي ولا لاسمِكْ،
ولا لحذائي ولا لحريرِ جسدِكِ أنتْ…
ثمة حِصارٌ وحيدٌ على مبعدة منَ المدينةْ،
نافذةٌ مُهَلهَلَةٌ مُهَشَّمَةْ،
وقطعةُ قماشٍ باليةْ،
ولحنُ صوتٍ ناعمٍ،
ومسدسٌ بلا مُشطِ احتياطٍ،
مدفونونَ في الحِصارِ هذا،
وأنا أرى فيه الموجةَ الباقيةَ لامرأةْ…
كي يكونَ في وسعي الوصولْ،
سأنصَرِفُ عن نفسي قليلاً…
سرعانَ ما يداهمُ الشروقُ
منزلي،
ويزورُني نظمٌ آخرُ
وفتىً سيُصبحُ صديقي
ويطلبُ مني السجائرَ،
يحملُ معه كتابةً على جلدِ ثعلبْ،
قد سَطّرَها والدُهُ لامرأةٍ في وادٍ ما،
وأمهُ قد هربتْ الى غَيضَةٍ ما،
إنه يقول لي:
إحملها في ذكراكَ،
حينها تنزلقُ نظراتي الى غابةٍ ما،
حيث تثمرُ فيها شجرةُ الصفصافِ،
وحين أجفَلُ منَ الحُلُمْ،
أرى زوجَ حذائي تحتَ رأسي
وطاقيتي تحتَ قدمي
ملاحظة نبذة مختصرة للكاتب والشاعر سمكو محمد
كو محمد كاتب و ناقد و شاعر
يكتب من عام 1992 فى جرائد و مجلات كردية و يمارس الصحافة فى جرائد اهلية و الحزبية ريكاى كوردستان و الاى ئازادى راية الحرية . اسبوعية هاولاتى. له 21 كتاب فى مجالات فكرية و ادبية. حول المدن و الاستطيقا و الاديان و نقد الثقافة و السلطة. دراسة فكرية حول الموت. دراسة نظرية و ميدانية حول القومية و ناسيوناليزم و الدولة. كتاب حول اجناس الادبية. كتاب حول الديمقراطية بعنوان وهم الدمقراطية. 3 دواوين شعرية بعنوان الموت و شغب الريح. انفاق الحب ورغبته بنشر نتاجاته في صوت كردستان
متابعة زيد محمود علي