ما تحتاجه الديموقراطية هو المقومات المادية و المعنوية المتوفرة لدى الشعب و في مقدمتها الوعي اللازم لاتباع وسائل تطبيق الديموقراطية كمفهوم الذي لم يفهمه الا من خلال الممارسه و تصحيح المسار الذي اتبعه الاخرين و اخطأ فيه، اي انها عملية دائمة مستمرة و متتالية و منذ بداياتها ابان التاريخ القديم في يونان لم تكن الديموقراطية نظرية غير ممارسة بعيدة عن الواقع يوما، بل بدات بممارستها منذ انبثاقها و الاعتماد عليها و باشكال و تطبيقات مختلفة و تم تعديلها او تطويرها حقا بمرور الايام. لننظر الى ديموقراطية بريطانيا و كبف وصلت الى ماهي عليه اليوم بعيدا عن الدستور و اعتمادا على وثيقة افرزت سلبيات العملية و ايجابياته و تم تعديلها من خلال تكرار ممارساتها و تم تصحيح الخطا اينما وجد في مسار العملية. كان العمل على تطوير العملية و السير الى الامام دائما ما عدا ما اصابها من العثرات هنا و هناك سواء كانت هذه العملية في وسط صغير او كبير الى ان وصلت الديموقراطية الممارسة اليوم في اكثر بقاع العالم و كل حسب ظروفه و ما يمتلك من البنى التحتية و الفوقية.
اليوم نرى ما يتبعه العراق في ممارسة هذه العملية التي تحتاج الى ارضية مسالمة و مجتمع مدرك لتجنب افرازات الخطا الذي يمكن ارتكابه من خلال تطبيق هذه العملية، اي بوجود مجتمع مسؤول و مثقف و يتمته بانتماء عام للدولة و لديه القدرة على تحديد المسار و توجيهه لدرء الاخطار التي يمكن ان يواجهها هذا المجتمع. و يمكن ان يدرك ان العملية في هذا اليلد فتية ليس للمجتمع العراقي و الشرقي قاطبة اي تجربة واضحة و مناسبة بشكل كامل للعملية في اي بلد في الشرق الاوسط خلال تاريحه الطويل. اي النقص الموجود في كيفية ممارسة العملية و مقوماتها و متطلباتها على ارض الواقع سواء كانت البنية الفوقية او ما يمكن ان يمتلكه المجتمع ابان مخاض سير العملية و تكرارها و بيان الاصح من الافرازات الايجابية و السلبيه منها مناسبة او متقاطعة معها.
العقلية العراقية و ما كان يحمله النموذج المتمكن القادر فكريا من الصفات الخاصة التي يحمله في فكره و كيانه في هذا البلد و ما يؤمن به من الثقافة الخاصة به هي التي كتب الدستور و وافق عليه المجتمع دون ان يعلم مضمونه اكثرية المجتمع العاقي لا بل لم يعلم الاكثرية المطلقة من الشعب فحوى تلك المواد و ما يبرز منها و ما العلة التي تكمن في تطبيق مضامينها يوما، و اليوم يلمس المجتمه خطورة كل كلمة ادرجت في هذا الكتيب و تبعاتها على الارض و تاثيرها على مصالح الجميع.
بشكل عام لا عيب في الدستور بقدر العيب الموجود في تطبيقه و نظرة الجميع اليه وفق انتمائاتهم و مصالحهك و اهدافهم. لا عيب في الدستورمقارنة بقدر مدى امتلاك الشعب الوعي الدستوري و القانوني المفروض وجوده لدى الجميع من اجل التعامل معه خلال ممارسة الديموقراطية التي يجب ان يؤمن به كل فرد.
لا عيب في الدستور بقدر فقدان المقومات الاساسية و وحود ما يمنع تطبيقه من العوامل المطلوب ايجادها في مسارها، اي العيب في الوسط او خارج الدستور و الارضية و العقل الذي يمارسه و الذي يمكن ان يجد ويرى و يحلل و يفسر مواده وفق مزاجه و اعتمادا على اصغر متطلباته الحياتية و مستندا على تربيته النابعة من بيئته المعلومة لدى الجميع، لا عيب في الدستور بقدر ما يحمله الفرد العراقي من الهويات الفرعية التي يعتمد عليها اكثر من الهوية العامة وما يجب ان يكون عليه من الانتماء الوطنية. فبهذه الصفات و السمات الموجودة، فهل من المعقول ان نرى التطبيق المثالي للدستور و الديموقراطية في مجتمع يقر و يعمل كقطيع معتمدا على اوامر ما يعلو عليه و يامره من الموجود على راس الهوية الفرعية التي يؤمن بها اكثر من القانون و الدستور الذي كتب له.
اذا الخطأ ليس في الدستور و ما به، ان الخطا الكبير و العائق الاكبر يفرز من الخطأ الموجود في نوايا و عقلية و توجهات و افكارالممارسين له. هذا تاريخ العراق و ما مر به و ما يملكه شعوبه (اذا صح التعبير) اي اذا لم نعتبره مجموعات متفرقة متشظية وفق العرق و العشيرة و القبيلة و الدين و المذهب و اعتبرناه شعبا موحدا و هذا توجه خيالي و نظرة غير واقعية، فهل من المتوقع ان يعبٌر الفرد بشكل صحيح عن فكره و معتقداته و نظرته الى الحياة بامر فزاعة اخرى مسيطرة على كيانه فكرا و جسما. اي الخلل الكبير الموجود و ما لا يدركه المتمرسين للسياسة وفق مصالح شخصية و حزبية و دينية و عرقية و مذهبية او ما يدركونه جيدا حقاو هم غافلون عنه او يتغاضون عما لا يجيير مع ما يهمهم. اما الدستور الموجود يمكن ان يُطبق بشكل صحيح و مفيد ان كانت الارضية و الواقع و الموجود يريد الخير للجيمع اولا و من ثم ينظر الى بلده ككيان واحد موحد و لا يمكن هذا الا بما يفرضه عليه نظرته لبلده و صحة انتمائه العام لوطنه او ايمانه الكامل العميق بانه وطنه و يكون الايمان من عمق كيانه و ليس مفروضا عليه و سطحي القول و الفعل، اما اليوم فلم نر ذلك ابدا و هذا لها اسباب ذاتية و موضوعية و من حقه عدم الايمان بهذا الانتماء نتيجة غدر التاريخ له و كل ما موجود في تفكيره هو استغلال الدستور لهدف سواء مرحلي كان ام بعيد المدى وفق العقلية التي تدير البلد و الجميع على العلم بمن يدير العراق بعد سقوط الدكتاتورية.
و عليه لا يمكن ان يُصحح المسار من قبل من انحرف و غير توجه المسار وفق اهدافه، و ما هو الحل اذا؟
انه ليس حل وافي شافي و لا استصال للمشاكل و الازمات باي شكل كان و من قبل اي كان و انما توجد حلول متجرءة يمكن اعتمادها مرحليا لحين العمل على انهاء الخلل جذريا و بعقول متميزة بشكل نهائي من خلال عملية قيصرية او يتاثير الزمن على ممارسة العملية الذي يكون كفيلا ان كانت الطريق خالية من المؤامرات و هذا محال. فيمكن ان نؤمن بان القوى العراقية يمكن ان يدرسوا الحال و ان كانت وفق مصالحهم فقط ، و يجب ان يبقوا بعيدا عن اتهام الدستور بما يحصل، ففي هذه الحالة يمكم ان يجدوا الحل الجزئي لمرحلة معينة او اتباغ الترقيع للخلاص مما افرز من المشاكل المرحلية الحزئية و من ثم انتظار الانعطافة التي يمكن ان يمر بها العراق و تاريخه المليء بها\ن و بها يمكن ان تجرف العوازل والعوائق و المسببات الخطرة التي تراكمت امام مسار الديموقراطية و العملية السياسية بمجملها لاسباب داخلية و خارجية و من ثم يمكن ان يُستهل البناء الصحيح فوقيا و تحتيا و هذا ما يحتاج لوقت طويل جدا، و بغير هذا لا يمكن ان نجد البديل المناسب السريع ان اردنا الحل المناسب العلمي بعيدا عن الترقيعات المطلوبة حاليا. ا