لماذا نكتب ولماذا نتحسر ؟- بقلم ( كامل سلمان )

هناك فرق بين ان تكتب مقال وانت في حالة شد عصبي وتوتر ، وتحاول ان تصب جام غضبك وحقدك في مقال لا يفهم منه سوى التهجم والكراهية ثم تنهي المقال بحزنك على القوم الذين كنت للتو تسيء اليهم لأنهم قوم ضالون منحرفون حسب اعتقادك ، وبين ان تكتب وكل هدفك هو ان توصل معلومة صحيحة للقارىء وتحليل منطقي بعيدا عن كل تطرف وميول وكل همك ان تكون سببا للإصلاح والبناء الذي ينتظر تحقيقه جميع الناس في هذا البلد المتخم بالمشاكل والمصائب ،، الحقيقة الفرق بين الحالة الاولى والحالة الثانية هو الفرق بين التخلف والوعي ، هو الفرق بين الافكار العليلة والافكار العلمية ، هو الفرق بين المجتمعات التي نالت يداها ناصية العلم والمجتمعات التي تتخبط في مستنقع الجهل ،، للأسف كثير من الكتاب يطرحون عناوينهم كباحث او كاتب واعلامي او استاذ دكتور وكلماته في الواقع لا ترقى ان تكون بمستوى الإنسان الطبيعي وإنما مجرد فقاعات حقد وأمراض نفسية لا يدري صاحبها انه في خانة بعيدة بعد السماء عن الارض عن الثقافة والعلم والوعي والاصلاح … المشكلة إذا كان هذا الصنف الذي يعتبر نفسه كادر متقدم في المجتمع بهذه العقلية كيف سيكون حال القارىء لأفكار هذا الكاتب والمتأثر به او الذي يلتقي معه بنفس الأفكار أو يسير بخطاه ؟
انا أحب ان أذكر بعض هؤلاء الكتاب ، ان المواقع والصحف الالكترونية هذه النعمة التي اعطت فرصة للجميع لكي يعبروا عن اراءهم وافكارهم بكل حرية ولكي يوصولوا المعلومة التي يحتاجها الناس بشكل حضاري لا ينبغي ان نسيء اليها ولا يصح ان نعبث بها ، فالكلمة مسؤولية اخلاقية سواء أكانت في البيت او الشارع او مواقع التواصل او الصحف .. الكاتب المثقف إذا لم يكن هدفه الاصلاح من اي طرح اعلامي فهو مجرد إنسان رخيص بمعتقده وأفكاره ..
تستطيع ان تكتب ما تريد ولكن لا تستطيع ان تحقق ما تريد ، تستطيع ان تزرع ما تريد ولكن تذكر دور الارض والمناخ ونوع الزرع في تقييم الحصاد او نوع الثمار . الثقة الزائدة والغرور تمنحك الحق الوهمي في الإساءة للأخرين ، تعطيك الحق الوهمي بإنك على حق وغيرك على باطل ، عليك ان لا تثق بهذا الغرور الذي يخرجك من طورك الإنساني لتتحول الى كائن مؤذي بمجرد كان الظن هو قياسك للأمور .
الغارقون في الظلمات هم أكثر الناس تشددا ، وهم الذين لا يسمحون لأنفسهم التسامح ، وهم نقطة ضعفنا امام الشعوب الاخرى ولكنهم يظنون العكس . كثرتهم هي المشكلة ، سهولة تسخيرهم للفتنة هي المشكلة ، وفاءهم لساداتهم المنحرفون هي المشكلة ، يظنون كثرة الكلام فيها الغلبة ، يظنون عدم سماع رأي الاخرين فيها الغلبة ، يظنون العنف هو السبيل الوحيد لتحقيق الاهداف ، السب والشتم اول شيء عليك ان تتوقعه منهم إذا لم يعجبهم كلامك … عندما يهاجموك لا يهاجمونك فرادا بل جماعات وزمرا ، هؤلاء لا يروق لهم قولك الصادق الا ان تنزل عند رغباتهم الفاسدة ..
مجتمعنا اليوم ليس بحاجة الى ترهات وخزعبلات الكلام بل نحن أحوج ما نكون الى الكلمة الصادقة التي تعدل الاعوجاج وتلين القلوب وتعبد الطريق نحو البناء ،، الكراهية لا تبني ، النقد الحاد لا ينفع ، التطرف لا ينهي معاناة الناس . ليس من الانصاف الاستمرار بنفس العقلية وبنفس الاسلوب إذا كانت النتائج دوما غير مثمرة ،،، أتمنى ان نصل الى اليوم الذي نرى فيه صحفنا ومواقعنا تخلو من الضغينة وتبحث عن صناعة المستقبل .
خلال تجاربنا مع الحياة لاحظنا في الدول المتقدمة وحتى في الدول المتخلفة ان الكراهية والصراع والتنافس الموجودة عند الاطراف المتناقضة تنتهي عندما تصل الامور الى المصلحة العليا للبلد و كل شيء يتحول تماما بالعكس ، لا يمكن ان تصل الامور عندهم الاستعانة بالعدو ضد ابن البلد مهما كانت مستويات الكراهية ولكن للأسف هذه الحالة عندنا موجودة وبقوة وموجودة عند الكل عند العرب السنة والعرب الشيعة وعند الكورد والتركمان وغيرهم ، فهل الكتابة تنفع مع تلك العقول ؟

One Comment on “لماذا نكتب ولماذا نتحسر ؟- بقلم ( كامل سلمان )”

Comments are closed.