الحكومة القادمة التحديات والنجاحات – عبد الخالق الفلاح

 

ان  العمل على تشكيل الحكومة الجديدة بصورة سريعة خطوة مهمة في طريق إخراج العراق من المأزق الذي يعيشه ومهمة تشكيلها في بلد متعدد الطوائف والعرقيات وتقوم فيه الحياة السياسية على مفاوضات لا تنتهي بين القوى المهيمنة على المشهد، مثل العراق، تبدو صعبةً، وإشراك مكونات الشعب الرئيسية كافة في الحكم، مع ضمان حقوق باقي مكونات الشعب العراقي والقومية والإثنية، وتسجيل رقم قياسي جديد في تأخير تشكيل الحكومة هذا العام بعد 10 أشهر من موعد الانتهاء من الانتخابات ، حيث شهد عام 2010 الفترة الأطول لتشكيل الحكومة، ففي 7 آذار من ذلك العام جرت انتخابات البرلمان العراقي، وتشكلت الحكومة في 25 تشرين الثاني 2010، حيث كلف جلال طالباني الرئيس العراقي الأسبق نوري المالكي بتشكيل الحكومة، واستغرق التوصل إلى اتفاق لتشكيل الحكومة بعد الانتخابات 7 أشهر و18 يوماً.و يعتمد نجاح الحكومة  على مدى إمكانية تطبيق البرنامج الحكومي المعلن ومدى كفاءة الوزراء المكلفين في معالجة الأزمة السياسية والأمنية واستخراج النفط والغاز في الإقليم من خلال اتباع الآليات الدستورية وتنظيم كل ما يتعلق بهذه الثروة من خلال تشريع القانون النفط والغاز وقانون توزيع الموارد المالية ، و التحديات الاخرى التي تواجه السلطة تنذر باستمرار الأزمات الداخلية والأمنية في البلاد اذا استمرت بالنهج القديم بالعمل، أي أن الأمر أصبح لا يقتصر على تغيير وجود الوزراء والرؤساء، وإنما يكمن في تغيير أسلوب الإدارة، وهو ما يتطلب عمل جاد لبحث مجمل الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية، وتوحيد الجهود من أجل خدمة أبناء الشعب والتنسيق بين السلطات التشريعية والتنفيذية من أجل تمرير القوانين العالقة التي ترمي إلى تحسين الوضع الاقتصادي، وعدم ارتباط العراق بأي تكتلات سياسية إقليمية كانت أو دولية، وذلك من خلال إعلاء القوى السياسية العراقية لمصلحة دولتهم على أي حسابات أخرى.

ان المطالبة إلى الإسراع في تشكيل الحكومة بما يلبي حاجة المواطنين في كل بقاع الوطن وأراضيه أمر مهم جداً في هذه المرحلة الحساسة وان نجاح الحكومة العراقية القادمة والتي يتوجب تقديمها في مدة زمنية  30 يوماً من تاريخ تكليفه، ما يعني أنّ تاريخ عقد جلسة التصويت على حكومة العراق الجديدة داخل البرلمان ومنحها الثقة ستكون بعد ان يتقدم محمد شياع السوداني المكلف  للمطالبة من مجلس النواب عقد جلسة للتصويت عليها والذي اعلن “انه مستعد للتعاون مع الجميع من قوى سياسية ومكونات اجتماعية من أجل نجاح الحكومة، و أنه لن يسمح بـ.الإقصاءِ والتهميشِ في سياسته، فالخلافاتُ صدّعتْ مؤسساتِ الدولةِ وضيعتْ كثيراً من الفرصِ على العراقيين في التنميةِ والبناءِ والإعمار” وان الاوان لاسترداد هيبة الدولة “، في ظل الوضع السياسي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد، وجملة من الملفات الشائكة التي تواجهها الحكومة القادمة، ما بين سياسية واقتصادية وأمنية وغيرها،ضافة إلى ملفات الفساد والإصلاح والعلاقات الإقليمية مما سيجعل مهمة السوداني ليست بالسهلة بل شاقة ومحفوفة بالمخاطريجب ان تبنى على  اتخاذ القرارات المناسبة على المدى القصير والبعيد والابتعاد عن  المساومات والمقايضات التي لا تتناسب مع  المرحلة دون تخطيط مسبق وخاصة عند تقسيم  الوزارات الحكومية والتي لها من الاهمية القصوى في اختيار المتخصصين منهم والتي تتسم بالكفاءة والمقدرة  وتتمتع بإمكانية لإحداث المزيد من التغييرات الجوهرية في المستقبل. لأن المرحلة لا تتحمل أقل من ذلك ، للتحولات الاستراتيجية آثار طويلة المدى لتشكل تغييرًا هيكليًا جوهريًا في طبيعة العملية السياسية ولا شك فأن سياسات الحكومة يجب أن تبنى في الكشف عن الحجم الإنجاز اليومي والشهري لكل وزارة ومدى تقديمها من انجاز  وقدراتها في وضع  نهج يختلف في جوهره عن عمليات ادارة الوزارة  التي سبقتها و المرجح أن يسفر عن التغييرات الضرورية للوصول إلى سياسات صحيحة . وتعد من العلامات البارزة في التحول  لمستقبل واعد.

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي