جوانب مظلمة من إرتباط الكورد بالمسلمين و الإسلام .- قلم ( كامل سلمان )

في أحدى أبيات القصيدة الشعرية الأشهر تأريخيا المسمات مرثية مالك بن الريب ، التي كتبها الشاعر الاموي مالك بن الريب عندما كان متطوعا للقتال في خراسان في عهد خلافة معاوية ابن ابي سفيان ، وحين عودته من خرسان ( ايران حاليا ) لدغته افعى وهو في الطريق الى ديار الأهل فساءت حالته ، وعرف انه لا يقوى على مواصلة المسير الى اهله في البصرة وتيقن بقرب منيته فكتب هذه القصيدة الشهيرة مرثية مالك ابن الريب التي يرثي فيها نفسه و يتحدث في احدى ابياتها انه قريب من اهله ولا تفصله عن ديار الاهل سوى مدن الكورد وهي الفاصلة بين ديار الاهل وارض خراسان ، في البيت التالي من القصيدة :
أقول وقد حالت قرى الكورد بيننا
جزى الله عمرًا خير ما كان جازيا
في هذا البيت الشعري يذكر الشاعر المدن الكوردية التي تفصل خراسان عن البصرة والجزيرة العربية ، ولكنه لايذكر مفردة مدن بل قال ( قرى الكورد ) وعند مراجعتي للتفاسير القرآنية والتفاسير اللغوية حول الفرق بين القرية والمدينة عند اهل اللغة العربية تبين ان كلمة قرية تطلق على المدينة التي سكانها من اصول وانتماءات وثقافة ودين واحد ، يعني كل سكنتها من شجرة واحدة وعقيدة واحدة اما مفردة مدينة فتطلق على المناطق التي سكانها من اصول وانتماءات وثقافات مختلفة اي ان مفهوم القرية والمدينة عند العرب غير مفهوم القرية والمدينة عندنا حاليا ، لأن الفرق حاليا عندنا هو ان المدينة هي الرقعة الجغرافية الاكبر مساحة والأكثر نفوسا من القرية بغض النظر عن أصول وانتماءات اهالي القرى او المدن . إذا قرى الكورد بمعنى مدن الكورد المقصودة حاليا مدن الكوت وديالى والعمارة وايلام وكرمانشاه وكركوك وغيرها فهذه المدن هي التي تفصل خراسان عن الجزيرة العربية والبصرة من ناحية البر . هذا يعني ان معظم المدن الجنوبية العراقية كانت كوردية حسب رأي الشاعر ، ، ،
السؤال هنا كيف أصبحت هذه المدن عربية ؟ للجواب على هذا السؤال يجب ان نربط الموضوع بالفتوحات الاسلامية التي جاء بها العرب سكان الجزيرة العربية ، وكما هو معروف تأريخيا بإن دخول العرب الى العراق كان عن طريق الغزوات ثم تم تعديل مفردة غزوات الى مفردة فتوحات اسلامية ، وحتى مفردة فتوحات هي بالحقيقة إهانة للدين وطعن في الدين ، لأن الفتوحات بالسيف هي غزوات والفتوحات الاسلامية كانت كلها بالسيف وسفك الدماء بينما في لغة القرآن الفتوحات تكون خالية من سقوط اية قطرة دم كما حدث في فتح مكة على يد الرسول ع ، أي ان الاراضي التي يتم فتحها هي عائدة لأصحابها وتم سلبها ثم تمت إعادتها من جديد الى اصحابها ، عندها يمكن ان نطلق عليها فتوحات فهنا مع دخول العرب الى العراق ( ارض الاحلام ) ودخولهم أراضي الدول والاقوام الاخرى من خلال الغزوات باعتراف نفس الشاعر ( مالك بن الريب ) الذي يقول عن تلك الفتوحات انها غزوات ، وذلك في البيت التالي من نفس القصيدة ( مرثية مالك بن الريب )
ألم ترني بعت الضلالة بالهدى
وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا
ثم تمت السيطرة على الحكم واجبار الناس على الاسلام بدأت ديموغرافية المدن العراقية تتغير تدريجيا وبعد مئات السنين اصبح معظم سكان العراق الاصليين ( الكورد ) يتقلص عددهم و وجودهم بالمناطق القريبة من الجبال وتم استعراب اعداد كبيرة منهم …. ولو أخذنا نظرة سريعة الى تأريخ الكورد مع الاسلام سنتيقن بأن الكورد احتفظوا بدياناتهم المختلفة ومنها الايزيدية والزرادشتية والكاكائية وغيرها ولم يتقبلوا الاسلام الا في عهد سلاطين الدولة العثمانية الذين قاموا بإبادات جماعية للشعب الكوردي وإدخالهم الدين الاسلامي عنوة .
إذا ماذا قدم الاسلام للكورد خلال هذه القرون وماذا قدم الكورد للإسلام ؟ عندما نسأل هذا السؤال يجب ان نعرج الى الامم والقوميات المجاورة لأراضي كوردستان ونرى ماذا قدم لهم الاسلام ، عواصم الامم والقوميات المجاورة لكوردستان كلها تمتعت بفترات زمنية ربيعية في ظل الاسلام خاصة عندما أصبحت منها الحكومات التي تحكم الارض ولمدة مئات السنين فقد تمتع العرب والاتراك والفرس واهل الشام واهل مصر وشعوب اخرى بمتعة الحكم واصبحوا امبراطوريات يحكمون مشارق الارض ومغاربها بفضل الاسلام ، الا الكورد فلم يكن حظهم من الاسلام الا القتل والذبح والمطاردة على يد جميع هذه الدول والامبراطوريات ، وبالمقابل كان القادة العظام والعلماء والمفكرين والادباء والكتاب والفنانين والرياضين والمشاهير في هذه الدول ولحد يومنا هذا غالبيتهم من الكورد …. هؤلاء يحاربون الكورد ويرفضون استقلاليتهم ولا يمنحونهم اي دور يذكر في اية حضارة او حكومة باسم الاسلام ، وفي الجانب الاخر يرضون باقامة دولة يهودية في وسطهم ويمدون لها يد العون والطاعة والخضوع الا الكورد ، فتارة يسمونهم أقوام من الجن وتارة ينسبون اليهم الموبقات و يكنونهم بالعصاة والخارجين عن الطاعة ، يعني صراعهم مع الكورد صراع قومي عنصري بلباس الدين الاسلامي ، ورغم ان الكورد دخلوا الاسلام ولكن لم يشفع لهم دينهم الجديد وينجيهم من المذابح والقتل ، وما الهجمات الصاروخية والمسيرات في الايام الاخيرة من قبل الجارة ( الاسلامية ) على اراضي كوردستان الا شاهد حي لكلامنا هذا .
هناك بعض التشابه في التركيبة الشخصية للشعب الكوردي والشعوب المجاورة ، منها الإنسان العربي البدوي شديد الصلابة لا يتقبل احدا يمسه بسوء وقد يضطر ان يذهب الى عمق الصحراء على ان لا يمسه احدا بسوء ، وهذا حال الكوردي يذهب بعيدا الى اعالي الجبال عندما يدافع عن كرامته ولا يتقبل الذلة ، وهذه الحقيقة لا يفهمها الناس فينسبون العناد للكورد ولا يدرون ان البيئة هي التي تصنع شخصية الإنسان ، لذلك ترى بعض الكورد عندما اعتنقوا الاسلام اعتنقوه بصدق واصبحوا من أكثر المدافعين عن الدين حتى أكثر من أصحاب الدين أنفسهم فمن الصعب جدا ان تجد كورديا يرائي بالدين ، تماما بالعكس من الاخرين الذين وجدوا في الدين ضالتهم في الغدر والحيلة ووسيلة للربح التجاري والسياسي وتحويل الدين الى اساس عنصري ، اي روضوا الدين الاسلامي فأستثمروه لصالحهم فتحول الدين عندهم مفتاح للتوسع والهيمنة واضطهاد الشعوب ،، ولو حاول الكورد ان يستثمروا الدين الاسلامي لصالحهم مثلما فعلت شعوب المنطقة لتمرد الجميع وحتى العرب على الدين الاسلامي ولحاربوا الدين الاسلامي والكورد معا…. لذلك لم يعد المثقف الكوردي الذي يطلع على تأريخ الكورد مع الاسلام ويلمس كل هذه العذابات التي سببها أسم الدين الاسلامي والمسلمون من مختلف الاتجاهات ضد الأمة الكوردية ، ان يعير للإسلام أهمية بسبب ما تذوق من الاسلام والمسلمين من جراح وآلام وقد يكون هذا هو السبب لنجاح الحركات غير الدينية في وسط المجتمع الكوردي وخاصة الاحزاب المعادية للدين ، وفشل الاحزاب الدينية التي لا يتقبلها الشعب الكوردي ولا يستسيغ وجودها عند الطبقة المثقفة، بل أصبحت منبوذة عند النخب المثقفة من الكورد .
من الحقائق التي لا يجهلها الكورد ويعرفها الجميع ان اول شيء يفعله اعداء الكورد من الاسلاميين عندما يحاربون الكورد بأسم الدين هو محاولة سبي النساء الكورديات وتدنيسهن فقد تعودوا على هذا العمل البربري المباح دينيا كما يحلو لهم تبريره مثلما فعلوا ذلك في التأريخ ومثلما فعل داعش مع النساء الكورديات الايزديات . لذا أصبح لزاما على الكورد وفي كل مكان هو تحشيد النساء للقتال بشكل موازي لتحشيد الرجال مثلما قامت بفعل ذلك الحركات الكوردية في تركيا ، يجب ان تكون هذه علامة بارزة للشعب الكوردي كي يتجرع اعداء الكورد مرارة سم المعتقد الذي ورثوه عن اجدادهم بسبي النساء بأسم الدين ، فهذه الحالة ستتكرر مستقبلا ولا مفر من المواجهة ، كلامنا واضح وفيه تحذير جاد وهام ولا مجال للمماطلة ولا مجال لتغيب دور العنصر النسوي في المواجهات المستقبلية طالما النساء أنفسهن هدف لأعداء الكورد ، الكورد امامهم متاعب كبيرة مادام هؤلاء الاقوام حولنا ، ، ، الكورد قدرهم ان يجاوروا الضباع والافاعي والوحوش المفترسة وإذا لا سامح الله أصبحت كوردستان في يوم من الايام تحت حكم الاحزاب الدينية المدعومة من هؤلاء فأقرأوا على كوردستان السلام .