تناول الوضع الحكومي السياسي ومأساته على امتداد العقدين الأخيرين ليس التنجيم في الرمال فحسب إنما البحث في طريق مظلم ليس له نهاية ، ففي كل حالة “عويصة” تتجذر حالات من الخلافات والصراعات البعض منها مفتعل للتعطيل ولن نتحدث عن ما قيمة أضرار التخبط والتبعية في واقع القوى المتنفذة التي رسمت الخطوط الرئيسية للتعتيم على النهج الوطني بالعودة للمحاصصة وكأنها البديل الذي غيّرَ في يافطاته وشعاراته بشكل تمويهي مدعيا رفض المحاصصة واعتماد النهج الوطني والإنقاذ والديمقراطية، واليوم وبعد مخاض مؤلم وطويل أثرت عليه المماطلة وصراع الدهاليز الحزبية الطائفية ،نجد انبثاق جديد لتعتيم الوضع القديم على أساس التطوير إلا أن الحقيقة أنه الوجه لنهج المحاصصة والحزبية لا يمكن أن يكون جديداً مهما جرت من معالجات ترقيعية او عمليات تجميلية ولنا دليل صريح ما كتبته جريدة طريق الشعب في 30 / 10 / 2022 ” لا تغيير ولا إصلاح مع التمسك بنهج المحاصصة” موضحة اكثر القدرة ” على تغيير موازين القوى، وفرض الانطلاق على طريق التغيير الشامل المفضي الى إقامة دولة المواطنة والديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية، دولة المساواة وتكافؤ الفرص للعراقيين جميعا” ولهذا وجب التغيير على أساس تغيير في الموازين السياسية وإبعاد نهج المحاصصة والقوى التي تقودها وما نتج عنها في التغييرات الجديدة القديمة التي أظهرت يوم الخميس 3 / 10 / 2022 وبعد حوالي مرور سنة على الانتخابات التشريعية، وبعد الجر والعر والقال والقيل والتهديدات والمظاهرات المتضاربة وانسحاب السيد الصدر وتجمعه في البرلمان وإيقاف التظاهر تسنى للاطار التنسيقي أن يكون الكتلة الأكبر في البرلمان وانتخاب رئيس الجمهورية الجديد عبد اللطيف رشيد بشكل مسرحي دراماتيكي فقد حصل على (162) صوت وعدم فوز برهم صالح وحصوله على (99) صوت نقول دراماتيكي لأن الاثنين هما من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني إلا أن برهم صالح لم ينل رضى السيدة هيرو إبراهيم زوجة الطالباني وكذلك مسعود البرزاني للعلم أن رئيس الجمهورية الجديد هو عديل جلال الطالباني، وعلى اثر هذا الفوز تم تكليف محمد شياع السوداني الذي تم ترشيحه من قبل نوري المالكي وبدعم من الاطار التنسيقي، وبعد فوز عبد اللطيف رشيد مباشرة فقد تعهد بشكل صريح أن يكون ” رئيساً لكل العراقيين ” وهو أمر طيب اذا ما تحقق على أرض الواقع وبخاصة تعهده ” “أتعهد بالعمل الجاد على حماية الدستور وسيادة البلاد ومصالح الشعب وأن أكون رئيساً لجميع العراقيين من دون تمييز”. ولا ندري ان كان يستطيع العمل من اجل ما تعهد عليه ولكن هناك مشكلة أخرى وهي لا تقل عن مستوى تشكيل الحكومة التي نشاهد تداعياتها وصعوبة التخلص من الضغوطات ومنها قضية الكابينة الوزارية التي تخضع للمحاصصة والخلافات بين القوى المتنفذة حول تقاسم الوزارات أي بالمعنى الواضح الخلافات على ” تقاسم الكعكة” وإنجاز المهام الوطنية وهي وجود هذا الكم من الفساد والفاسدين الذين يعششون في اعلى مواقع المسؤولية في الدولة وفي الأحزاب المتنفذة وكذلك الخلاص من الميليشيات الطائفية التابعة لدولة الجوار إيران وحصر السلاح بيد الدولة ومنع أي تدخل خارجي في شؤون البلاد ثم المضي قدماً في إيجاد حلول واقعية لمشاكل البلاد الاقتصادية والأمنية والمائية، ان تكليف محمد شياع السوداني على تشكيل حكومة عراقية جديدة بعد عام من التيهان والخلافات ليس بالسهولة بمكان لأنها عبارة عن الغام مزروعة تنتظر أي ضغط لتنفجر وانفجارها سوف يصيب الحكومة التوافقية التي مازالت في حدود خارطة المحاصصة والتقاسم الذي جابهته الجماهير الواسعة وفي مقدمتها انتفاضة تشرين الباسلة وقد يجابه محمد السوداني المكلف بتشكيل الوزارة مشكلة الصراع بين القوى الطامحة الى مواقع متقدمة ووزارات مهمة تجني فوائد جمة منها هذا الصراع يتجلى في الوقت الراهن بتعطيل تشكيل الوزارة الى حين فإن نجح محمد شياع السوداني فسوف يجابه مرحلة جديدة أخرى لا تقل خطورة عن التشكيل ما يقارب 90% من الجماهير تقف بالضد من الطريقة القديمة في تشكيل الحكومة وتطالب التخلص من المحاصصة ومحاربة الفساد وكذلك السلاح المنفلت الذي يهدد السلم الأهلي والمرتبط بقوى خارجية في مقدمتها النظام الإيراني ، واذا لم ينجح السوداني فهناك مرحلة الفراغ وإبقاء العراق بدون حكومة تدير اعماله وتخطط للسير نحو تحقيق ما وعد به محمد شياع السوداني وقد ينفض السوداني يديه من قضية التكليف وعند ذلك سيكون الاستعداد لتنظيم انتخابات مبكرة جديدة التي قيل عنها “”قرار الانتخابات جرى الاتفاق عليه وتم تضمينه ضمن المنهاج الوزاري وموعدها لن يتجاوز سنة ونصف سنة” صعب في ظروف الصراع والخرافات منذ البداية وصولاً إلى العراك بالأيدي في مجلس النواب، هذه الاجواء المعقدة التي ليس لها في منظار التفاؤل أي فرصة نجاح مستمر لحكومة محاصصة جديدة تحت طائلة الادعاء بالوطنية والتفاهم الوطني على اساس” صفحة جديدة” التي جاءت على لسان محمد شياع السوداني اثناء تكليف رئيس الجمهورية بتشكيله الوزارة والذي تعهد بقوله ” إن “من دواعي الفخر التصدي لهذه المسؤولية العظيمة، ومواصلة خدمة الشعب، وأداء الواجب وسداد ما في الأعناق من دين للعراق وشعبه الأبي” كيف يمكن سداد ما في الاعناق وحيتان المحاصصة فاتحة افواهها للبلع والشلع وكيف يمكن العمل على مكافحة الفساد وهي منذ البداية بدأت بالسباب والشتائم والايادي حيث حدث في مجلس النواب شجار تخلله سباب وشتائم واستعمال الايدي بين كتلة امتداد علاء الركابي ونواب عن الاطار التنسيقي، وهل سيتحقق جزء البرنامج الوزاري ” إجراء تعديل على قانون الانتخابات النيابية خلال 3 أشهر، وإجراء الانتخابات العراقية خلال عام”. وهذا أمر جلل له تداعيات سياسية واقتصادية وأمنية غير قليلة، إن اعلان محمد شياع السوداني عن تشكيل الوزارة وطرح برنامجه الذي تعهد فيه بعدة قضايا تحتاج الى جهود وطنية نظيفة وقوة عسكرية ولائها للعراق وقاعدة جماهيرية تلغي المحاصصة والتفرقة ملتزمة بالانتماء الوطني وهذا يعد من المهمات الصعبة التي تحتاج الى التكاتف والتخلص من حيتان الفساد الى اطلت برؤوسها من جديد بعد فشل قيام حكومة وطنية بعيدة عن المحاصصة والطائفية التوافقية، ولهذا كما قلنا ان مهمة محمد شياع السوداني ليست بالسهلة بمكان وستواجه العديد من احتمالات النكوص والتراجع والمضادة لتحويلها الى حكومة لا تختلف عن سابقاتها ونتفق كل الاتفاق مع تنبيه رائد فهمي سكرتير الحزب الشيوعي العراقي الى ان”قادة الخط الاول من الاحزاب سيكونوا في المواقع المتقدمة من تشكيلة الحكومة، ولن يكون بمقدور السوداني أن يتعامل معهم بحرية، فاذا هم اليوم يفرضون عليه أسماء الوزراء فكيف له ان يكون حازماً معهم غدا”.. ان التفاؤل بقدرة الجماهير العراقية وقوى تشرين المجيدة والقوى الوطنية والديمقراطية سيكون المعيار الحقيقي في النضال الآني والمستقبلي لإنقاذ العراق الذي يقف على شفى منحدر خطير من التمزق والحرب والدمار