تفجير إسطنبول والإتهام الجاهز المعمول- بيار روباري

 

تفجير اسطنبول عمل فاشل بكل المقاييس، وهو صناعة مخابراتية تركية خالصة. قد يكون جزء من الدولة التركية الأمنية متورطة فيه أو كلها، والهدف الأساسي منها هو تسخين القومجيين الأتراك لأن موعد الإنتخابات قد إقترب، والطاغية اردوغان يسعى بكل السبل البقاء في الحكم، ولا مصلحة لأخر في هذا التفجير الفاشل شغل الهواة. ولا أستبعد عمليات أخرى من هذا النوع في المستقبل سواء أكان في اسطنبول أو مدن تركية أخرى، وقد يكون الإنفجار القادم في إحدى المدن الكردية بشمال كردستان. وبرأي الفتاة التي عرضوها على التلفاز على أساس أنها إرهابية وهي التي قامت بالتفجير هي مجرد ضحية للأجهزة الأمنية التركية، ومن المقرف الزج بها في هذه المسرحية الفاضحة. ولهذا لم يشتري الإعلامي الغربي برمته والشرقي هذه الرواية السخيفة بفلس واح،د وحتى رئيس الإستخبارات العسكرية التركي السابق “إسماعيل حقي بكين”.

 

الحقيقة لم أرغب في الكتابة عن هذا التفجير، لأنني أعلم مسبقآ ليس للكرد (حزب العمال الكردستاني، الإدارة الذاتية لغرب كردستان) علاقة بذلك لا من قريب ولا من بعيد، حتى لو كان المنفذ شخصآ كرديآ مأجورآ. حزب العمال معروف أساليبه العسكرية، ثم لا يستهدف المدنيين، وقد أوقف عملياته العسكرية داخل المدن التركية منذ سنين طويلة، ولو أراد لكان حذر مسبقآ السواح بعدم التوجه إلى تركيا. ثم يملك الجرأة الكافي للإعلان عن عملية قام بها ولا يخاف أحدآ. ثالثآ، هو يعلم جيدآ قيامه بأي عملية داخل المدن التركية في هذا الوقت سيضر بغرب كردستان بكل تأكيد، ولا أظن إن قيادة حزب العمال بهذه السذاجة. رابعآ، حزب العمال لو أراد القيام بعملية عسكرية كان أمامه كل الصيف والربيع والخريف فلم يفعل طوال هذه المدة ومع دخول الشتاء فعل ذلك، ومعروف للجميع هو ينشط في الربيع والصيف والخريف، وفي الشتاء يلتزم الهدوء لأسباب مناخية معروفة.

 

أما الإدارة الذاتية في غرب كردستان، فالجميع يعلم بأنها لم تطلق طلقة واحدة ضد تركيا ولن تفعل، لأسباب عديدة جدآ منها:

1- الكرد في غرب كردستان لا مصلحة لهم الدخول في مواجهات مسلحة مع تركيا.

2- الشعب الكردي في غرب كردستان، لديه من المشاكل والأعداء أكثر من كفاية وليس بحاجة لأعداء أخرين.

3- القيادة الكردية في غرب كردستان تدرك، أي نزاع مسلح مع تركيا لن يكون في صالح الشعب الكردي في غرب كردستان، لأن ميزان القوة معروف يميل لصالح تركيا ولا وجه للمقارنة نهائيآ. ونحن إلى إستقرار لبناء مناطقنا وليس المزيد من الحروب والدمار والتشريد.

4- الكرد في غرب كردستان، لديهم حدود مشتركة طويلة مع تركيا وهم بحاجة للتجارة معها وبيع النفط لها، وإستيراد ألاف الأشياء والمعدات والمواد والدواء من تركيا كونها الأقرب وليس غلق الحدود. وثم التواصل الإنسانية بين العوائل الكردية على طرفي الحدود.

5- لا يمكن القفز فوق الجغرافيا، والقضية الكردية في شمال كردستان، أهلها هم المسؤولين عن كيفية حلها وليس الكرد في غرب كردستان. وسبق لأردوغان نفسه تفاوض مع حزب العمال، فلماذا تحميل عبئ القضية الكردية في تركيا للكرد في روزأفا؟؟

6- القيادة الكردية في غرب كردستان، طالبت مرارآ وتكرارآ الحوار مع الحكومة التركية، والنقاش حول المخاوف التركية، ولكن الجانب التركي يرفض الحوار ويطالب السوريين بعدم منح الشعب الكردي حقوقه القومية!! ولهذا إتهام الإدارة الذاتية وقوات قسد بمثل هذا العمل الإجرامي مجرد هراء.

7- كل تحركات قوات قسد والإدارة الذاتية هي تحت المراقبة اللصيقة للدول الغربية والأمريكية على وجه الخصوص.

 

ما لفت إنتباهي في الواقع في قضية تفجير اسطنبول المدان، هو أولآ صمت اردوغان وإعتدال موقفه وعدم إتهامه السريع والمباشر لحزب العمال الكردستاني وقوات قسد كما يفعل في العادة. وثانيآ، الحملة القذرة والشعواء التي شنها إعلامي جماعة الإخوان المصرية، السورية، الفلسطينية، الكويتية وإلى أخر السلسلة الإخوانية الحقيرة.

أولآ، سر إعتدال موقف اردوغان:

اردوغان هذا الذئب الدموي والغدار، لم يغير جلده قطعآ، وسر هذا الإعتدال وعدم إتهامه السريع للقوى الكردية سواء كان حزب العمال الكردستاني أو قوات قسد، ليس فقط بسبب براءة الطرف الكردي، وإنما حساباته الإنتخابية القادمة الرئاسية منها والبرلمانية. ولهذا قبل أيام سمح اروغان بنفسه للسياسي الكردي “صلاح الدين ديمرتاش” بزيارة والده ووضع طائرة هليبكوبتر في خدمته ونقلته من السجن إلى بيت الوالد وإعادته مرة أخرى للسجن.

السبب الثاني علمه علم اليقين أن ليس للكرد يدٌ في ذلك التفجير ومن دون دلائل دامغة تثبت تورط (قسد) في ذلك، لا يستطيع مطالبة الأمريكيين بإعطائه الضوء الأخضر للقيام بعملية عسكرية جديدة ضد الشعب الكردي، وإحتلال أجزاء أخرى من أراضيه في غرب كردستان.

 

ثانيآ، الهجمة الإخوانية القذرة ضد الشعب الكردي:

شن إعلامي الإخوان من كل الدول العربية، حملة قذرة وشرسة أشرس من الإعلام التركي نفسه وهو صاحب القضية، ضد الشعب وقواه الحية وفي مقدمتهم حزب العمال الكردستاني، الذي حركة التحرر الوطني الكردستانية والإدارة الذاتية لغرب كردستان وقوات “قسد”، التي أنقذت البشرية من براثن تنظيم داعش الإرهابي المدعوم من تنظيم الإخوان الدولي وقطر وتركيا.

إن سر هذه عواء هؤلاء الكلاب المسعورة ضد الشعب الكردي والمزاودة حتى الأتراك، هو إحساس هؤلاء الوسخين وتحديدآ إخوان سوريا ومصر وفلسطين، بأن ذهاب الطاغية اردوغان سيكون نهايتهم بجلاجل، ولهذا هم مسعوريين ولم يوفروا جهدآ لتلبيس الشعب أثام تلك العملية الإجرامية التي دبرتها الميت التركي. لكسب ود الفاشيين الأراك من أجل منح أصواتهم لأردوغان في الإنتخابات القادمة. فهل أوسخ وأقذر وأحط من هؤلاء الإرهابيين وتجار الدين؟؟؟

ختامآ، لن يكون هناك عملية عسكرية كما يتمناها ويطالب بها عرسات المعارضة السورية القذرة، ولن لا أستبعد إستهداف بعض القيادات العسكرية والأمنية والإعلامية الكردية في غرب كردستان ولذلك وجب الحذر واليقظة.

19 – 11 – 2022