سلسلة (أسرار الطب البديل ) : الجزء الأول – البروفيسور مسعود مصطفى الكتاني

النباتات الطبية والعطرية والسامة في العالم

يعود تعامل الكتاني مع مجال النباتات الطبية الى أوائل خمسينيات القرن الماضي ، وبدأت أولى خطواته في جبال ( العمادية دهوك زاخو أربيل السليمانية ) ٠ عن طريق زياراته المستمرة الرسمية وغير الرسمية بحكم الوظيفة ، ومطالعاته كتب ومخطوطات حول الطب الشعبي للمرحوم والده الحاج مصطفى وإبن عمه الحاج سليم العالمان في مجال الفقه والدين ٠ ودرس تذكرة ( داود الانطاكي ) و (طب الرحمة ) ، (القانون في الطب ) لابن سينا والتواصل مع أقربائه ومعارفه ممن لهم الخبرة في هذا المجال منهم جدته لامه ذائعة الصيت في منطقة الدوسكي (السيدة اسمر دير كجنيكي) ولم تقف محاولاته عند حدود الطب الشعبي الذي كان له أهميته في تلك الحقبة الزمنية ، حاول التعرف على النباتات المتوفرة في البيئة واستعمالاتها واستطاع ان يجمع  عام( ١٩٥١) ، ( ١٧ ) صفحة مازالت موجودة ليومنا هذا ٠

بعد أن التحق بالبعثة العلمية (١٩٦٠ ) لدراسة علوم الغابات على حساب الدولة والتحاقه بمعهد (غوتية) بجامعة Göttingen التي تخرجت منها طابور من العلماء أمثال العلماء (كوخ ،  فون براون ، ) وغيرهم  درس ست سنوات في كلية الغابات ٠ تعرف خلال دراسته على الكثير من (النباتات الطبية ) بوسط أوربا خلال عشرات السفرات العلمية والدروس العملية الميدانية وسنحت له الفرصة لجمع عدد كبير من النباتات للتعرف عليها وتصنيفها ولتبادل جهات النظر مع الاساتذة ، وتعدت السفرات العلمية حدود ألمانيا الى فرنسا وجيكوسلوفاكيا آنذاك وحدود هولندا والمانيا الشرقية وعند الرجوع الى الوطن عبر النمسا ، يوغوسلافيا ، بلغاريا ، تركيا و سوريا ٠ للتعرف على أكبر عددٍ ممكن من النباتات الطبية ٠ وقوفه على الاطار العام التصنيفي والتشخيصي لنباتات وسط أوربا أهلته للحصول على شهادة تقديرية خاصة وتزكية من أحد الاساتذة المختصين الكبار وهو البروفيسور (هارتمان) ٠

بعد رجوعه للوطن تعين في جامعة الموصل بهيئة الزراعة والبيطرة مجال الغابات ٠ و، عمله مع النباتات الطبية في الوطن لتشخيصها وتصنيفها تدريجيا ٠ وخاصة في المناطق السهلية والجبلية في كردستان عن طريق التدريس ، السفرات العلمية والدورات الصيفية لطلبة قسم الغابات ٠

(١٩٧١) عند التحاقه بالدراسة ثانية لاكمال الدكتوراه في (فيينا – النمسا) بجامعة  (الموارد الطبيعية Boden Kultur ) ، قدم الكتاني إمتحانا ميدانيا حول الغطاء النباتي وبيئاتها ، فتأهل لذلك المجال وتم قبوله  ( كباحث في الغطاء النباتي ورعي الحيوانات البرية الظلفية ) في ثلاثة مناطق مختلفة البيئات وشملت حدود (هنغاريا جيكوسلوفاكيا ومنطقة جبال الالب النمساوية ) ٠ وتركزت تعامله على النباتات الرعوية في الغابات والمراعي الجبلية ٠

استمرار رحلة البحث والاكتساب وتوفر المصادر القيمة في مكتبات نمسا العلمية والسفرات العلمية والتجوال المستمر في طبيعة بلدان اوربا كفرصة سانحة للتعمق أكثر فأكثر لمعرفة العالم النباتي وأسراره مما بنى ألاسس المطلوبة للتأليف في هذا المجال٠

بعد الرجوع الى الوطن والتحاقه بجامعة الموصل ٠ سنحت له فرصة ادارة الدورات التدريبية الصيفية للطلبة الى(كفلسن ) في كردستان ، الجولات ، الدورات وإشرافه على طلاب الماجستير والدكتوراه وتعامله مع (٤٤) الف نموذج وعينة نباتية من تشخيص ودراسة وسعت مداركه بالشكل المطلوب ٠ وكلف بمسؤولية ادارة معشب كلية الزراعة والغابات التي أسسها الدكتور الالماني (اندرز) وعمل معه لجمع النماذج من جبل سنجار ومناطق مختلفة من كردستان العراق جمع خلالها خزينا من المعلومات العلمية والتطبيقية والملاحظات القيمة حول النباتات الطبية التي حفزه أن يتقدم بطلب لجامعة الموصل لتأليف كتاب متخصص بعنوان (النباتات الطبية والعطرية والسامة في العالم) على جزأين فوافقت جامعة الموصل على الطلب ٠

أكمل الكتاني التأليف وقدم المسودة للجهة العلمية في الكلية ٠ بعد أن خضع للتقييم والتصحيح طبع الكتاب الموثق علميا مستندا الى مئات المصادر الاجنبية والعربية والتي أخذت منه ثلاثة عقود ونصف في البحث والتأليف وتضمن حزأين الجزء الاول المعلومات العلمية للنباتات الطبية بشكل عام ، الجزء الثاني الجزء الاكبر ويتضمن المعلومات العلمية الخاصة بالنباتات الطبية وقلما اتسم كتاب علمي في المكتبة العربية بهذه الشمولية ٠ لقد ألف الكتاني الجزء الثاني الاكبر حجما لمنظمة التنمية الزراعية التابعة للجامعة العربية ٠ يضم الكتاب ما يربو على (١٦٢) الف عائلة نباتية من كافة أنحاء العالم ٠ رتب الكتاني الانواع النباتية حسب الحروف الابجدية باسلوب سلس معززة بالصور والاشكال الملونة ، مع الاسم العلمي ، والانكليزي ، العربي ، الكردي وبعض اللغات الاخرى ثم العائلة النباتية ، الانتشار الجغرافي في العالم ، البيئة ، الوصف العلمي ، المحتويات الطبية ، استخلاصها ، استعمالاتها والاجزاء المستعملة ، النتائج والمؤثرات الطبية ، الكروموسومات ويضم جداول عن التصنيف العلمي للنباتات ، اضافة للتقسيم الكيميائي لزيادة الفائدة والخبرة ٠ ويتضمن ايضا النباتات السامة وكيفية التعامل معها بشكل سليم وفق المعايير العالمية والاتفاقيات الدولية ٠ ويتضمن سلسلة كتاب النباتات الطبية أجزاء خاصة ب (حماية البيئة ، الطبيعة وتأثيرها على صحة الانسان وكذلك الانسان والنظام الغذائي ، ومعجم بسيط بالنباتات الطبية ، موضحا. النتائج الباهرة التي تم التوصل اليها بعلاجاته النباتية ٠ وأهم جزء (تحضير الخلطات أو الوصفات العلاجية ) وفق النسب الكيماوية تبعا لنوع المرض وتعد من الجوانب العلمية المتميزة في هذا التخصص ٠ على سبيل المثال نبات له أهمية طبية يحتوي على عنصر له مردود سلبي إذا زاد نسبته عن المستوى المطلوب يجب استخدم نبات آخر مع الخلطة خاصيتها تثبيط ذلك العنصر ٠ الفكرة من الخلطات العلاجية المركبة من عدة نباتات تعمل مجتمعة على اسس علمية دقيقة ومدروسة لتأتي ثمارها في العلاج٠

 

(مقابلة تلفزيونية لبرامج تلفزيون بهدينان Êvara Badînan للبروفسور مسعود كتاني )  مع الطب النباتي (الطب البديل) باللغة الكردية و ترجمتها الى اللغة العربية اسفل الرابط

 

https://fb.watch/hj8qDFsVFr/?mibextid=v7YzmG

 

 

يشكر البروفيسور مسعود كتاني (رحمه الله) البرانامج  لاتاحة الفرصة  للتحدث عن هذا الموضوع الذي خدم الانسانية والذي حصد من سنينه أكثر من ثلاثة عقود ونصف في البحث والتحضير والتأليف ٠

الذي يدور حول الطب البديل الذي يسميه الكتاني (الاصيل) لانه يتكون من مواد طبيعية أخذت من الطبيعة مباشرة واستطاعت أن تبني لديه التراكم المعرفي وتفتح شفرة هذا العالم العجيب مما له قدرات علاجية هائلة ٠ ولكونها تخلو من مواد دخيلة لا علاقة لها بالطبيعة وهي المواد الكيميائية التي لاتخلو من أضرار جانبية ٠ والاهم فهو ممن وضع هذا العلم المعرفي على اسس علمية دقيقة من حيث الفرز والتصنيف والخلط تعتمد على نسب كيمياوية لادخال عامل التوازن في تلك الخلطات والتي اعطت ثمارها وأثبتت قدرتها ٠ جرى الحديث على شكل اسئلة  أجاب عنها الكتاني :

١منذ متى استخدم الانسان النباتات الطبية كعلاج ؟

منذ الحضارات الاولى عرفها الانسان وربما قبلها ٠ استخدمها حضارة وادي الرافدين ، حضارة الفراعنة ، الحضارة الصينية والهندية ٠ رغم دخول السحر والعطارية والتعازيم كأساليب مكملة في تلك الحقبات الزمنية ٠ ثم ظهر علماء أمثال ابن الرشد ، ابن سينا ، ابن البيطار ، داوود الانطاكي وإبن النفيس ٠ أهدي لي أربعة مخطوطات إثنان باللغة العربية وإثنان باللغة التركية من وزارة الصحة ٠ حول الطب النباتي القديم واستفدت منها وان لم تكن على اسس علمية بل معرفية٠

أما الاوربيين في عصر النهضة اتخذوا المسار العلمي في هذا المجال ويعتبر العالم السويدي ( ليني) أول من وضع علم التصنيف النباتي ذلك عام ١٧٢٨ م واستطاع أن يفرز الازهار الانثوية والذكرية أي إنه استطاع ان يتعرف بذلك على الخواص الداخلية للنبات وكانت من الخطوات الرائدة في مجال الطب النباتي ٠ أما ابن سينا الذي ولد سنة (٩٨٠م) في أوزبكستان درس في الجامعات الاوربية وكان كثير الترحال ، لقد قرأت كتابه الذي كان له أهميته في ذلك الوقت ٠ وظهر علماء في الاندلس العراق ، سوريا ، مصر  والمغرب٠ متخذين المسار العلمي ٠

٢هل ظهر في منطقتكم ممن لهم خبرة ودراية في التعامل مع النباتات العلاجية؟

نعم ظهر الكثيرون في مناطق مختلفة منهم ،  معالج عيون في منطقة (بامرني) القريبة من سرسنك وفي منطقة برواري بالا قرية (مائي) وفي العمادية (بنفسج باصو و زكية) و(سماهيل الحكيم ) من منطقة السليفاني وجدتي لامي (أسمر ديركشنيكي) الطبيبة الشهيرة التي كانت تجري عمليات جراحية أضافة إلمامها الكبير بالنباتات الطبية وكيفية استخدامها وعلاجاتها٠ هؤلاء إكتسبوا تراكم خبرة ومعرفة بمرور الزمن خلال التعامل المستمر مع الطبيعة ٠ وأحيانا كانت تضيق السبل بأهل المنطقة بسبب

المنازعات والحروب حول حكم الامارة والعشيرة مما تسبب في رحيل سكان تلك المناطق تفاديا للاضرار فكان يتسبب في إحداث الفراغ في المجال العلاجي بالنباتات الطبية  وعواقب جمة على صحة أهل المنطقة ٠

٣متى بدأت رحلتك مع الطب النباتي (الطب البديل) ؟

لقد بدأت الفكرة مذ بداية خمسينيات القرن الماضي ٠ كنت أول موظف زراعي في العمادية ، وأحد أعضاء لجنة تفقد القرى ، والمناطق الاميرية بشكل رسمي ٠ خلال عملنا في اللجنة عبرنا (١٥ ) مرة  إبتداءا من  عمادية – كارة – نهلة -برواري الشمالية – منطقة دوسكي- برواري الجنوبية – رجوعا للعمادية ، ممتطين الخيول و البغال لبعد المسافات٠

ورأيت في تلك الرحلات فرصة ثمينة للتعرف على نباتات المنطقة الثرية ورأيت فيها عالما جديدا متنوعا ٠ فدعيت وتمنيت أن أعثر على (مفتاح) يقود لباب يفتح لي شفرة عالم النباتات الطبيعية الطبية لاخدم وطني والعالم ٠ ثم قدمت للبعثة العلمية الى ألمانيا الغربية وقبلت ضمن مجموعة طلاب وتم قبولني في كلية الغابات في منطقة Göttingen  واستفدت علميا وعمليا من السفرات الطويلة للدول الاوربية خلال الدراسة لرؤية الغابات المختلفة ، الغطاء النباتي والتنوع الحيوي فاستطعت جمع ودراسة أكثر من (٣٠٠) نموذج نباتي ٠ وهنا بدأت مسيرتي بشكل علمي ودقيق في مجال الطب النباتي٠ و توسعت آفاقي في هذا المجال وأجريت مسحا شاملا لمنطقة كردستان بكل ما تزخر به من غطاء نباتي ثري وقلت إننا لحق نملك صيدلية طبيعية كبيرة لاتنظب ٠

 

4 Comments on “سلسلة (أسرار الطب البديل ) : الجزء الأول – البروفيسور مسعود مصطفى الكتاني”

  1. الفاضلة خديجة مسعود كتاني
    تحية
    عاشت الأيادي
    ده ست خؤش و زار خؤش
    وللفقيد الراحل الذكر الطيب دوما
    محمد توفيق علي

  2. تحياتنا وإحترامنا اسأل الله ان تكونوا بكامل الصحة والتوفيق
    كل الشكر لحسن اهتمامكم ومتابعتكم وما يعبر عن وسع ثقافتكم وإخلاصكم وتوضيح صحة رؤيتنا حول نقل الصورة بالشكل المطلوب ٠
    ولك السلام والعمر المديد

  3. شكرا لك سیدة خدیجة لتبنی هذا الموضوع المهم والسرد الرائع للمعلومات القیمة حول شغف ونشاط المرحوم پروفیسور مسعود كتانی فی هذا المجال. تعرفت علی المرحوم پروفیسور كتانی من خلال الأستاذ المرحوم ناجی محمد مصطفی سنة ١٩٧٠ فی بغداد وقضینا معا أمسیة شعریة طویلة حیث كنت طالبا فی الأعدادیة المركزیة فی بغداد وعرضت علیه دیوانی الأول للشعر باللغة الكوردیة لمراجعته قبل طبعه، وقد كان بلیغا ومتمكنا فی الشعر باللغة الكوردیة فكان خیر ناقد ونعم المشجع. وشاء القدر أن نجتمع مرة أخری فی بیته فی دهوك سنة ٢٠٠٥ عندما التقت هوایاتنا مرة أخری ولكن فی الطب فی هذه المرة حیث إطلعنی علی مخزنه للنباتات والأعشاب الطبیة وعرضت علیه بدوری مشروعا لدراسة علمیة حول تأثیر الأعشاب التی تستعمل لمعالجة الإضطرابات النفسیة لدی الأطفال والشباب. فدعوته فی بیتی فی قریة مایی بحضور الدكتور صلاح آمیدی وإحدی طالباتی فی دراسة الماجستر لكی تتخذ الموضوع بحثا لأطروحتها حینذاك ولكنها لم تفی بوعدها فلم نكمل مشروعنا مع الأسف الشدید. ولازلت من جهتی مهتما بهذا الموضوع فعسی أن نجتمع یوما للنظر فی إمكانیة العمل معا لتكملة المشروع فی “ساخله‌مخانا مه‌تین”. مرحبا بك فی أی وقت تشائین.

  4. الدكتور القدير عبدالباقي مایێ
    لطالما التمسنا من حضرتكم روح التعاون والمشاركة وإبداء آراءكم الثرية التي تنم عن وسع ثقافتكم ، ولايخفى علينا مشاركتكم الوالد رحمه الله في مشروع حول الطب البديل ولكن الظروف لم تشاء حينها للاسف ٠في الحقيقة مجال (الطب البديل )
    كان من أكثر الجوانب العلمية صعوبة وعناء والتي حصدت من وقت الوالد أكثر من اربعة عقود تقريبا ولكن كان إنجاز بحد ذاته لاهمية الموضوع ٠ والمؤلفات اليوم في متناول اليد لمن له القدرة والرغبة في خوض غمارها وخاصة لذوي الاختصاص للاستفادة والافادة …وأخيرا تقبلوا تحياتنا ودمتم بصحة وتوفيق

Comments are closed.