التنمية المستدامة ..الحداثة .. و المستقبل – عبد الخالق الفلاح

تمثل التنمية المستدامة، فرصة لنوعيّة النمو الاقتصادي وكيفيّة توزيع منافعه على طبقات المجتمع كافة وهي خطوة لمستقبل اوسع وسليم ، وليس مجرّد عمليّة توسع اقتصادي و لا تمنع من ازدياد الفوارق بين مداخيل الأفراد والجماعات وهي عنصر أساسي للاستقرار والتطور الإنساني والاجتماعي وهي التنمية التي تستجيب لحاجيات الحاضر دون أن تُعرِّض للخطر قدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها ،لقد ظهر مصطلح “التنمية المستدامة” لأول مرة في منشور أصدره الاتحاد الدولي من أجل حماية البيئة سنة 1980، لكن تداوله على نطاق واسع لم يحصل إلا بعد أن أُعِيد استخدامه في تقرير “مستقبلنا المشترك” المعروف باسم “تقرير برونتلاند”، والذي صدر 1987 عن اللجنة العالمية للبيئة والتنمية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، تحت إشراف رئيسة وزراء النرويج آنذاك غرو هارلم برونتلاند، و تهدف إلى تسريع التعلم المشترك، والمساعدة في التغلب على الفصل بين العمل الفني والسياسة، وذلك من خلال تطوير المفاهيم المتكاملة للتحديات الإقتصادية، والإجتماعية، والبيئية المتداخلة والمرتبطة ببعضها البعض التي تواجه العالم ،وهي عملية تطور شامل أو جزئي مستمر وتتخذ أشكالاً مختلفة تهدف إلى الرقي بالوضع الإنساني إلى الرفاه والاستقرار والتطور بما يتوافق مع احتياجاته وإمكانياته الاقتصادية والاجتماعية والفكرية، وتعتبر وسيلة الإنسان وغايته و تسام  في رفع مستوى الدخل الفردي للأفراد وزيادة الدخل المجتمعي ككل وإعادة توزيع هذا الدخل على أفراد المجتمع بشكل عادل وبصورة تؤدي إلى التقليل من الفوارق، أي أن التنمية لا تكتفي بتحقيق النمو فقط بل تسعى إلى إعادة توزيع عائدات هذا النمو بشكل عادل بين أفراد المجتمع بهدف تحقيق العدالة والسلم الاجتماعيين.

ان التنمية المستدامة أخذت تفرض نفسها كمفهوم عملي لحل مشاكل متعدّدة تتحدّى البشرية ، و تسمح بتقييم المخاطر ونشر الوعي وتوجيه العمل السياسي على المستويات المحلّية والإقليميّة والدولية، و إلى الترابط القوي بين الأمن الإنساني والتنمية، ومن أجل جعل الحاق بالتنمية البشرية حقيقة واقعة لكل البشر بصورة مستدامة آنيًا ومستقبليًايحتاج الى  اعتماد مؤشرات تنموية، يأخذ في طياته حقوق الإنسان الاجتماعية والصحيّة والبيئيّة إضافةً إلى البعد الاقتصادي. وذلك من خلال القضاء على الفقر و تعزيز الديمقراطيّة و مكافحة المجاعات والأزمات والصراعات.

أن جميع شعوب العالم بحاجة إلى العمل والغذاء والتعليم والطاقة والرعاية الصحية والماء. وعند العناية بهذه الاحتياجات، على المجتمع العالمي أن يكفل أيضاً احترام النسيج الثري الذي يمثله التنوع الثقافي والاجتماعي، واحترام حقوق العمال، وتمكين جميع أعضاء المجتمع من أداء دورهم في تقرير مستقبلهم بعد توفير مستلزمات إمكان تطبيق استراتيجية للتنمية المستدامة و ملاحظة متطلبات التنمية للجوانب الثلاثة “الاقتصادية والاجتماعية والبيئية“.

ويمكن الاعتماد على الشروط التالية للوصول الى الأهداف المرادة القضاء على الفقر ، القضاء التام على الجوع ، الصحة الجيدة والرفاهية التامة ، تطبيق التعليم الجيد  المحافظة على التوازن بين الجنسين ، توفير المياه النظيفة والتشديد على النظافة الصحية ،العمل على توفير الطاقة النظيفة وبأسعار معقولة.

وختاما نقول ان التنمية المستدامة  تقدم حلول أكثر شمولية سواء في ضمان توفير وسائل نقل آمنة وإنشاء بنية تحتية مرنة وقادرة على الصمود أمام الآثار المناخية والتكيف معها، أو تحسين أنظمة الرعاية الصحية في المناطق المتأثرة بأوضاع الهشاشة والصراع والعنف. ومن خلال العمل في مختلف المناطق والقطاعات، نساعد البلدان على التوصل إلى حلول مستدامة وتحدياتها الإنمائية في عالم يزداد تعقيداً وترابطاً.

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي