عندما نقرأ دراسات وبحوث ومقالات عن اسباب فشل الديمقراطية في مجتمعاتنا ننسى او نتناسى ان الذين يحملون على عاتقهم تطبيق الديمقراطية هم الاسلاميون في محاولة لتطعيم الديمقراطية بالاسلام ، ان عملية الجمع بين الاسلام والديمقراطية ضحك على الذقون ، وان الذين سولت لهم أنفسهم ان يجمعوا بين الاسلام والديمقراطية إنما هم الذين يبحثون عن السلطة ووجدوا في الديمقراطية ضالتهم ليجعلوا التزاوج بين الاسلام والديمقراطية طريقاً لتسلقهم الى السلطة ، وهم أدرى بأن الاسلام يرفض من الاساس فكرة الاغلبية التي هي اساس الديمقراطية بل الدين الاسلامي يعتبر رأي الاغلبية هو الباطل في آيات كثيرة منها قوله تعالى ( أم تحسب أنّ أكثرهم يسمعون أو يعقلون ، إن هم إلّا كالأنعام بل أضلُ سبيلاً ) وهذا يعني ان الديمقراطية التي تعتمد على رأي الأغلبية من الناس في التصويت على الأقتراع مرفوضة قرآنياً ، يعني بصريح العبارة لا ديمقراطية في الاسلام ، وان الاسلاميين رضوا بالديمقراطية غصباً على الاسلام ورضوا برأي الاغلبية الذين هم كالانعام بل أضل سبيلا حسب الوصف القرآني فقط من أجل السلطة ، على امل ان ينقلبوا على الديمقراطية فيما بعد ، تصرفهم هذا بعيد عن الدين وبعيد عن الاخلاق ، أقولها نعم يرضون ويداهنون الديمقراطية لأن شهوة المال والسلطة أقوى من ان تُقاوم فدفعتهم غرائزهم لخداع الناس وإيهامهم ان الدين هو نظام حكم ديمقراطي والديمقراطية اساسها هو رأي الأغلبية ، وهم يعلمون علم اليقين ان التأريخ الاسلامي كله بمجموع دوله التي ناهزت المائة دولة اسلامية في التأريخ لا يوجد فيها خليفة او سلطان او حاكم جاء من خلال رأي الاغلبية من الشعب بل كانت حكومات عائلية وراثية او بقوة السيف نسبوها للدين عنوة ، ويعلمون ان الدين لم يكن في يوم من الايام اكثر من تعاليم اخلاقية لدعم مكارم الاخلاق .
إذا تحدثنا عن الأغلبية في واقع حياتنا مقارنة بالأقلية سنكتشف بون شاسع بين الطرفين ، منها ، الأغلبية دائماً قليلوا المعرفة ، الاغلبية دائماً من الطبقات الوسطى والطبقات المحرومة ، الأغلبية دائماً من العمال والفلاحين والكسبة ، الأغلبية دائماً من الجنود والمراتب الصغيرة ، الأغلبية هم المصفقين لهذا وذاك ، إضافة الى ان الأغلبية منهم يتخرج العاطلون عن العمل والمجرمون والمتسولون فيما نجد الأقلية او القلة من الناس هم الأغنياء وهم المتعلمون وهم الضباط وهم الاطباء والسياسيون وغيرهم ، وهذه ظاهرة موجودة في جميع المجتمعات ، فالديمقراطية بالحقيقة هي الإعتماد على رأي الأغلبية لاختيار حاكم من الأقلية اي ان الاقلية القليلة تبقى هي المتسيدة ، ولا تعني أبداً تسليم السلطة بيد الأغلبية ، للأغلبية فقط حق التصويت وحق التصفيق وليس التسلط ، وإذا صادف أن أصبح واحداً من الأغلبية ضمن السلطة الحاكمة سيتحول لا شعورياً ذلك الواحد الى مصاف الأقلية بسبب مؤهلاته التي تضعه باستحقاق بين القلة او الاقلية .
انظروا الى ذلك عند المجاهدين الاسلاميين ( طبعاً هم جميعهم من الأغلبية ) استطاعوا ان يخدعوا الناس بالحكم الاسلامي وبالديمقراطية فنجحوا وتسلقوا السلطة من خلال دعم وتصويت الاغلبية لهم ، ففي هذه الحالة يجب عليهم ان يتحولوا بشكل لا شعوري الى طبقة الأقلية او القلة لإنهم اصبحوا النخبة الحاكمة ، وبما ان عقليتهم وتركيبتهم الفكرية والعلمية والتربوية لا تؤهلهم ان يكونوا في مصاف الأقلية ، هنا تظهر العيوب ، اي بانت معادنهم عندما تحولوا الى لصوص وفساد وعصابات اجرام وهم على رأس السلطة ( إعترافاً منهم بإنهم ليسوا أهلاً لها )، ، يجب ان لا نستغرب ظاهرة اللصوصية عند من يحكمنا اليوم ، فكلما كانت اساسياتهم التي جاءوا منها سيئة كلما كانت سرقاتهم وفسادهم اكبر . ولا يستطيعون ان يكونوا في يوم من الأيام من النخب المتعلمة القادرة على ادارة البلد فذلك ما ينقصهم ولكن هم قادرون على الاستمرار بالفساد والفوضى والتخلف ماداموا في السلطة وهذا هو مبلغهم من العلم .
الأغلبية يمكن خداعها بسهولة لأنها مجاميع قليلة التعليم وغالباً ما تقودها العاطفة ، وافضل طرق الخداع هو باستغلال المعتقد الذي يجمعهم خاصة إذا كان هذا المعتقد مليىء بالعاطفة والحماسة ،،، الأغلبية في مجتمعنا من هذا النوع ،،،،، ارجو ان لا يُفهم من كلامي طعن بمجتمعنا فهذه حقائق من الواقع ، أننا اليوم في وضع لا يحسد عليه ولابد من إيصال الحقائق الى الناس ليعرفوا مكمن العلة لكي نسعى جميعاً في عملية البحث عن افضل السبل للعلاج . . . ولا يوجد علاج حقيقي مالم يكون الوعي موجود ، والوعي بمعنى ادراك الحقائق وتشخيصها وكلما كان الوعي اكثر انتشاراً عند الناس كلما قل حظوظ هؤلاء المخادعين في الاستمرارية بالسلطة . ليعلم الجميع ان الدين الاسلامي إنما هو رسالة اخلاقية والرسول بعث ليتمم مكارم الاخلاق ، فلنترك الدين بعيداً عن الدولة . فالدولة الحديثة لم تعد خلافة ولا سلطنة ولا إستمرارية للصراع بين بني العباس مع بني أمية مع بني هاشم ولا يمكن ان تقاد الدولة بالعقائد والطقوس المذهبية ولا تنافس بين العوائل التي ضحت والعوائل التي لم تضحي بل الدولة اليوم مؤسسات تقاد بالعلم والعلم ليس له عقيدة ولا عشيرة ولا لقب ، والعلم لا ينحني للعنف والعناد ، فهل سيدركون ذلك ؟