اللصوص سيربحون المليون بل سيربحون الملايين وربما المليارات ، ولكن لا أقصد لصوص المنازل ، لصوص المنازل يربحون ما يسد رمق العيش يصاحبهم الخوف والقلق واما اللصوص الذين يسطون على البنوك قد يربحون المليون وقد يخسرون بقية حياتهم في قعر السجون ، ولكن لصوص الدولة هم الرابح عن جدارة واستحقاق دون الحاجة الى الاتصال بصديق او الحاجة الى رأي الجمهور وبلا خوف او وجل . طريقة بسيطة مجرد مقاولة وهمية او اموال تالفة او عملية تجميل الدبر او بيع مناصب ، المهم ان المليون سيدخل في الحساب ويتم لاحقاً اعطاء الخمس وحج بيت الله الحرام والمساهمة في الطقوس المذهبية وكل شيء ينتهي وكل شيء يصبح حلالاً طيباً . كان الاحتيال في السابق لجمع المليون ينم عن ذكاء ، فمثلاً في احدى الدول نشر احد المحتالين اعلاناً في احدى الصحف تحت عنوان كيف يمكنك ان تصبح مليونيراً وفي ذيل الاعلان كتب يمكنك ارسال مبلغ خمسة دولارات في ظرف بريدي الى العنوان التالي وتحصل على الرد برسالة جوابية ، فسارع الملايين من الناس الى ارسال الرسائل وكل رسالة فيها خمسة دولارات وبعد ايام استلمت الجموع المليونية الجواب كتب فيه هكذا تصبح مليونيراً ، طرق الاحتيال هذه اصبحت عديمة الصلاحية ولم تعد تنفع ،،، الان إذا اردت ان تصبح مليونيراً عليك ان تفكر كيف تصبح مسؤولاً في الدولة ثم المليون يصبح تحصيل حاصل .
المال هدف كل إنسان في هذه الحياة ، فالمال مصدر من مصادر السعادة والراحة والامان وتحقيق الاهداف الصعبة ، والجميع يسعى الى المال ولكن الغالبية تسعى الى المال بالطرق الشرعية الاخلاقية القانونية والقليل جداً من الناس لا يهمهم القانون ولا الاخلاق ولا الشرع ، يهمهم فقط المال ، ومثل هؤلاء الناس القلة لا يقف مسعاهم الى حد معين ، فهم بشكل او بأخر يفقدون الاخلاق ويفقدون الشرف ويفقدون كل شيء من أجل المال وهو الاخر سيفقدونه لاحقاً غصباً عنهم ، فالسؤال هنا هل يعلم هؤلاء هذه هي نتيجتهم بالنهاية ؟ قد يعتقدون ان القانون غافل عنهم بحكم استحواذهم على القانون وهيمنتهم على رجال القانون وعلى مفاصل الدولة ، لكن قانون الرب ليس غافلاً ، وعيون المحرومين ليست غافلة فقط هم يتصورون ان كل شيء غافل عنهم .
المال بلا اخلاق وبلا شرف وبلا راحة بال لا يجلب السعادة . من اضرار المال الحرام ، اولاً : الاولاد والزوجة سينحرفون بلا ادنى شك ويمكنكم مشاهدة ذلك بوضوح عند من سرق الملايين ، ثانياً : لا عافية ولا راحة بال ولا امان ، اسألوهم سيجيبون بكل صراحة عن تجربتهم مع الاموال المسروقة ، ثالثاً : العزلة ، هؤلاء معزولون عن الناس ، المجتمع لا يتقبلهم وهم لا يتقبلون المجتمع ، قد يجدون بعض المجاملات من بعض المنافقين المنتفعين هذه الحقائق يدركونها جيداً ولكن فقط من تورط منهم عرفها واما السائرون في هذا النهج لم يتذوقوا المرارة بعد لأنهم في مرحلة النشوة . . انهم يسببون الالم والايذاء للناس ولكن إيذائهم لأنفسهم وعوائلهم اكبر ، ما ذنب عوائلهم عندما تتحلل بسبب المال الحرام ؟ هل كان ذنبهم انهم انتسبوا لأب جاهل لا يعرف من هذه الحياة الا حب المال الحرام ، وللعلم ليس فقط المال الحرام فيه نشوة ، كذلك الجنس الحرام يفعل نفس فعل المال الحرام ، ولا يوجد سارق لحقوق الناس الا ويجد العاهرات بانتظاره ليزيدوا تلوثه . . . قد يسأل سائل إذا كان كل هذا السوء يصاحب المال الحرام فلماذا لم يعودوا ويتوبوا ويتخلصوا من هذا الالم ؟ الجواب ببساطة هم يعلمون تماماً ان الاخلاق والشرف والعافية قد ذهبت الى الابد ولن تعود . . . هذا الكلام يفسر لنا حقيقة يعرفها الجميع هو ان الفلاسفة والمفكرين والحكماء والانبياء كانوا يعيشون شغف العيش ، ليس لأنهم غير قادرين الحصول على المال ، بل العكس هم قادرون ان يحصلوا على المال الحلال الذي لا يسبب لهم اي ألم ، ولكنهم يدركون ان المال الكثير مسؤولية تسلب راحة بال الإنسان فما بالك اذا كان هذا المال مال حرام ، ، ، انا هنا اتحدث عن المال الكثير الفائض ولا اتحدث عن المال الضروري لمتطلبات الحياة ، ولا اقصد ان يكون الناس حكماء او فلاسفة او انبياء فهؤلاء مقدرتهم العقلية تفوقت على حاجتهم المادية .
تعلمنا من تجارب الحياة ان الجانب السلبي للأشياء الجميلة يكون مخفي ولا يظهر الا بعد حين , والمال الكثير شيء جميل وجوانبه السلبية المخفية ايضاً كثيرة وتتعاظم السلبيات عندما يكون هذا المال ليس من حق المالك فأنها جريمة لابد ان يدفع ثمنها ، فلا يظن من استحوذ على اموال الناس عنوة بمأمن من العذاب ، قد تضحك له الايام في بادىء الامر ولكن اللعنة والعذاب ستطارده حتى في منامه ، هذا كلام للتذكير ، ما هكذا تربح المليون !