قرأت لكم / من كتاب الوجود والعدم-  تأليف مصطفى محمود* – خالد علوكة

  ملاحظة الجملة التي مؤشرة بين قوسين تعود للكتاب و مؤلف البحث ،وخارجه من تعقيباتي عنه .

بالنظر لاني كثير قراءات واصدرت موخرا كتاب من 376صفحة  بعنوان (افكار واراء هادفة ) واستعرضت فيه اكثرمن 20 كتاب وارى من الضرورة عند قراءة اي كتاب نقل مافيه للقراء الكرام تعميما للفائدة وتقوية جدل الافكار بمعرفة علوم اصحابها.

هذا البحث من 92 صفحة ولو قليل صفحات لكن كثير افكار ومعرفة وبحث في أمر ليس بالسهل علما ل جان بول سارتر-  كتاب من نفس العنوان من 992 صفحة لكن رأيت كتاب مصطفى محمود اكثر اختصارا للموضوع وسلاسة تتابع البحث فأحببت الى عرضه وابداء بعض ربط الافكار معه لنصل الى وجودنا الغائب الحاضر .

ص6 يقول (حتى الشيطان يقول له الله –إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين – )اية الحجر 42. فيبدو من هذا ان الشيطان يأخذ له دور بعلم الله .

وص9 يقول (كل الحبات سلكت خيطا واحد ) ولعله قصد الاديان ولكن محتوى كتبها المقدسة فيها عدة خيوط تفضل معتنقيها عن الجميع !!.

وص 11 نقرأ ( لم يحلل في الاشياء فيقال فيها كائن ، ولم يفترق عنها فيقال عنه بائن ) وهنا نجد ان الله لم يحل بذاته في الاشياء بل الاشياء تحل فيه ليقصم جدل الاعتقاد بمسألة الحلول او الاتحاد بالله . وكون الله غنى عن العالمين  اية – 6 عنكبوت- فماذ يفعل بالحلول بغيره وهو خالقها وهو العلة الوحيدة دون حاجته لمعلول .

ويقول ( إذا كان الله المنفرد بالضر والنفع ، فالسؤال الذي يتبادر الى الذهن ؟ ماهو دورالاسباب الظاهرة مثل الميكروبات والسموم والامراض نراها تضر ونرى العقاقير تنفع والطبيب يشفى )!!.

وص14 نقرأ (كما ان مقاليد الايمان بيد الله وليس بيد الرسل ولا الكتب ولابتاثير المعجزات ولايستطيع رسول أن يهدي من لايريد الله هدايته ).وربما البيئة لاتخلق مؤمنا  ومجرد الايمان بالله هو مقياس العبادة والحق والاستقامة.

وص 27 نقرأ ( عندما قتل موسى شخصا ذكر القران بانه من عمل الشيطان انه عدو مضل مبين ، قال ربي إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له – آية 15 القصص). وفي ( هذا الغفران مصادقة من الله على دور الشيطان ومسؤوليته عما حدث ) كما ذكر الكاتب.

وص29 نقرأ للكاتب من آية البقرة 286 ( لايكلف الله نفسا إلا وسعها ) ليشرح بالقول (وهو بيان قاطع بان الله أعطانا الاستطاعة وجعل في وسعنا أن نعمل على وفاق ألامر الالهي او ضده ).

ونقرأ للمؤلف ايضا ( كيف نوفق بين وجود إرادة للعبد وارادة للرب ؟ وهل هناك ارادتان ؟ وهل هناك مشيئتان ؟ هناك سر !! ألمسألة بها ظاهر وباطن والقضية لها اسرار، فالظاهر أن امامنا إرادتين ولكن الارادتين تعملان في تطابق خفي وكأنهما إرادة واحدة ).والموجود الذي خلق بإرادته وهوغاية الكمال يجب ان يكون واحدا وهو الله.

ونقرأ ص41 يقول المؤلف( هل هناك سوى الله ؟ نعم هناك العدم فما سوى الله عدم والعدم عندنا غير معدوم فالعدم هو الوجه المقابل للوجود كالظلمة في مواجهة النور. ونحن كلنا في حقائق أخرجها الله برحمته واعطاها لبسة الوجود وجعلها محلا لتجليات اسمائه وصفاته ).فيما يقول القديس اغسطينوس ت354-430م بان – الله خلق العالم من عدم بارادته الخيرة لا بالضرورة –

وص43 يذكر المؤلف عن ( صوفي من اهل سنجار باسم الامير حسن بن مكزون السنجاري تولد 583 – 638 هـ / 1187 – 1240 والذي اوصى بضرب الصوفي المجذوب الذي يقول أنا الله  وفي شهادته التوحيدية يقول المكزون : إن الذات الاحادية لاتقبل التعدد لانها كاملة وتعدد الكامل مستحيل فكل مايكون في نفسه تام فلماذا يتعدد ؟ تعالت ذات الله عن التعدد والكثرة والحركة والسكون والحلول والاتحاد / واضاف عن الذات الالهية بانها لاتحل في كيان وان ظهرت للعيان ، وايضا متعالية عن الاسماء والصفات وهي مفادة منها ولكنها هي ذاتها فوق حدود التسمي وفوق حصر الصفات ) وهنا يظهربانه لاصفة ولااسم لله كون الله خالقنا وغيرمرئي ولاجسم له مثل حالنا لنطلق عليه اسم ما،او كما يقول الفارابي – ان الجسم انما يكون مادة للجسم الاخر – والله ليس مادة او صفة التى هي بشريا ظاهرة نراها امامنا.

ويضيف مكزون (ومن لطف الله انه يتقرب الينا ويتعرف الينا باوصافنا نحن لا باوصافه !! هو وذلك على سبيل الايناس المألوف بدلا ان يواجهنا بذاته التي ليس كمثلها شئ ).ومعروف الله منزه عن الصور والاوصاف .فيما تقول المعتزلة – إن لله صفات زائدة عن ذاته – .

وص 45 نقرأ للمكزون ( قال الحديث خلق آدم على صورة الرحمن ، ولم يقل على صورة الله او الذات ) فيما حديث اخر ايضا يقول خلق الله آدم على صورته .والاهم باننا صورنا الله على شكل ما وليست نحن في صورة من ذات الله . لان لله صورة محض ، اما الكائنات والاشياء الاخرى فتتالف جميعا من الصورة والمادة معا كما يقول جون دونس سكوت ت 1265م.

ونقرأ للمؤلف ص47 (في قوله ان الله هو الاول والاخر والظاهر والباطن ، بانه لم يكن اولا ليصبح آخراً أو كان باطنا ثم أصبح ظاهراً  بل هو الاول والاخر والظاهر والباطن في ذات ألآن دونما استحالة في اجتماع الضدين )  ومما يذكر ان الالوهية تجمع الضدين اي فيها الليل والنهار والضار والنافع والخير والشر ضمن منطق كلٌية الله في خلق الكون والاشياء لوحده دون اشراك احد في الخلق  حتى ملائكته!!.

وص48 نقرأ عن (علاقة الروح والجسد  بانها مثال لذات الله في الكون فلا انفصال بين روح الانسان وجسده وكما انه لااتصال بينهما ولايمكن القول بحلول الروح في الجسد ولا اتحادهم به ، فلو كانت روح الانسان متصلة بجسده لنقص جزء منها اذا بتر من الجسم جزء وان الروح لها قيومية على الجسد كما ان لله قيومية على الكون ).وهنا نقف بخاصية الروح بانها ليست مادة بل روح رياح او هواء غير منظور وتنتقل دون ان يحدث لها انقسام و ملامسة للجسد ولاتكون جزء منه وعند فناء الجسد تخرج الروح لامر ربها لتجدد نفسها تحل بمخلوق اخر وغير قابلة للفناء .

وص 51 نقرأ ( كيف كان الخلق على الترتيب ؟ ومن اول مخلوق خلقه الله ؟ يقول العارفون بان اول ماخلق ألاحد  خلق الواحد فضرب مثالا للاحدية بالواحدية . فيما قالت الصوفية بان اول ماخلق الله النور وتقول الفلاسفة اول ماخلق الله العقل الاول ).

 وص 67 نقرأ وجه مقارنة غريبة بان جعل ابليس في حضرة دائمة الى يوم القيامة ، فلا غرابة ان يجعل لمحمد حضرة دائمة بهذا النور المحمدي باعتبار الحضرة السابقة للنبي كانت حضرة نورانية روحية بمثل ماكانت حضرة ابليس حضرة ظلامية ، باعتبار ان كليهما عبد الله لاتخرجه من عبوديته هذه الديمومة ) ولكم التعقيب بامر من توفاه الله …والى من جعله ليوم ينظرون باقيا !! والله كما عرفنا هو- كل يوم في شأن – !!.

ويذكر ( شطحة صوفية كما يقو المؤلف ( بمثل ماتكون تعلقاتك في الدنيا تكون تعلقاتك في الآخرة ، وعند الصوفية ظهور الله هو عين إختفائه ). وقد لاندرى بإن تعلقنا وعملنا هنا هو الذي يقودنا لهناك.

وص71 نقرأ (بانه هناك تعدد للخالقين ولكن الكل يخلق بقدرة الله واذنه والهامه والله فوقها جميعا ، فاعترف القران بتعدد الخالقين ولكنه قال أن الله أحسنها لانه يخلق بذاته دون حاجة الى الهام وأذن من أحد بينما الاخرين يخلقون من نموذج او تعليم من مادة مخلوقة سلفا ) كالنحات مثلا .

وص 77 يقول ( ان الله لايدخل الى ألاجسام ).وليس هو بجسم مثلنا وكما انه لايتحرك لكنه محرك.فالخالق ليس له بداية حتى تكون له نهاية ثم الفناء فهو خالق كل شئ وخالق العالم له.

 ونقرأ ايضا في ذكره حديث قدسي ( عبدى اطعني أجعلك ربانيا تقل للشئ كن فيكون ) ربما اشار بذلك بقدرة سيدنا المسيح بشفائه الاكمة والابرص، ولو توسعنا في ماهية ربانيا او ربما الربوبية لتعطي معاني عدة ومنها قول للشيخ عدى بن مسافرالشامي ت 1075م { للربوبية سر لو ظهرلبطلت النبوة وللنبوة سر لو كشفت لبطل العلم وللعلماء بالله سرلو ظهروه لبطلت الاحكام } وفي معنى اخر للربوبية هو بالايمان بالله وانكار النبوات !! وآخر – هو الايمان بوجود الله المتسامي الذي لايتدخل في حياة البشر – .

وص 83يقفز بنا المؤلف في معنى العبد الرباني عند النفري ت 965م  (يحدث ذلك بالاذن الالهي  ولايصح ان نخلع عن العبد عبوديته ابدأ انما هو مجرد ارتفاع الى رتبة شرفية من رتب العبودية  تتم فيها الخلافة ويصبح العبد فيها خليفة حقا وحاملا لاختام الملك ومنفذا للاوامر باذنه وهذه هي مرتبة العبد الرباني ).قد تصل لما سبق من مفهوم ربانيا لكن اضاف النفرى لها العبد قبل الرباني ليوازى الوصول بالحصول على رتبة شرفية عليا.

ويختم المؤلف ليتحدث عن الصوفية بقوله (مشكلة الصوفي انه فنان الى جانب كونه رجل دين وهو بحكم تكوينه الوجداني شاعر واديب وصاحب خيال وعاشق له نزوات وهو فيلسوف مثل ابن عربي وتبقى كتب الصوفية اشبه بالرسائل الشفرية تخاطب قوم من اهل الاذواق والمواجيد  الى خاصتهم ان يفهمون عنهم  الاشارات والرموز ).

*مصطفى محمود (27 ديسمبر 1921 – 31 أكتوبر 2009):

 هو فيلسوف وطبيب وكاتب مصري. ألف 89 كتاباً منها الكتب العلمية والدينية والفلسفية والاجتماعية والسياسية. وهنا في كتاب الوجود والعدم يحاول المؤلف أن يجيب عن بعض الأسئلة التي تدور في أذهان الناس عن الله – جل جلاله – وعن القدر وعن الخير والشر ومعضلة الشر الشهيرة. تطرق المؤلف في هذا الكتاب لبعض النظريات التي لم تُثبت علميًا، كما كانت له بعض التجليات الصوفية التي تدعو إلى الحذر.