الزلزال ومساعي الطاغيتين الأسد واردوغان – بيار روباري

 

منذ لحظة وقوع الزلزال المدمر ليلة يوم الأثنين المصادف /6-2-2023/، الذي ضرب جزءً كبيرآ من شمال وغرب كردستان وضم (10) عشرة محافظات بأسرها والتي تضم أكثر من (23) ثلاثة وعشرين مليون إنسان و95% منهم من أبناء الشعب الكردي، وهذين القاتلين (بشار واردوغان) يسعيان وبكل السبل إستغلال هذه المأساة لتحقيق أهدافهم الخبيثة والحقيرة.

أولآ، الطاغية الأسد:

هذا الطاغية الذي رأيناه وهو كالعاهرة يتسهسك وهو يجول بين الخراب الذي تسبب فيه هو نفسه بمدينة حلب وخراب الزلزال الذي لا يقارن على الإطلاق مع الزلزال الذي تسبب فيه هذا المجرم، يذرف دموع التماسيح ويتصور مع بعض ضحايا الزلزال للتسويق الإعلامي الرخيس يسعى لتحقيق هدفين هما:

الهدف الأول:

هو الإفلات من فك العقوبات الأمريكية والأوروبية وفي مقدمتها العقوبات المالية والتجارية والإقتصادية مع هذا المجرم والعصابة التي تحكم معه، والتي تثتثني المواد الغذائية والدوائية التي يستفيد منها الناس الذين يعيشون في مناطق سيطرته.

وساعد الزلزال هذا المجرم في التخلص من المصالحة مع المجرم الأخر اردوغان الذي كان مستعجلآ للتصالح معه تكتيكيآ لكسب الإنتخابات القادمة من جهة، ومن الجهة الثانية القضاء على الكيان الكردي الوليد في غرب كردستان بالتعاون مع الأسد. وبالتالي تخلص من الضغوط الروسية التي كانت تمارس عليه للمضي في ذلك، والضغوط الفارسية التي كانت تمارس عليه لعدم المضي في هذه المصالحة بسبب تضارب المصالح الفارسية مع العثمانية. كما وأنقذته من شروط مذلة أكثر من تلك التي وردت في إتفاق أضنه الأمني، الذي وقعه ألمقبور أبوه في العام (1989) مع الجانب التركي من ضمنها القبول بالإحتلال

الإحتلال التركي لمناطق واسعة من غرب كردستان (الشمال السوري)، والدخول في مواجهة مسلحة مع الشعب الكردي وقواته العسكرية قوات قسد.

من جهتي أدعوا كل دول العالم وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي، بعدم رفع الحصار المالي والتجاري عن النظام القاتل والطائفي البغيض، لأن أي رفع سيمكن هذا المجرم الوقوف على قدميه وإستعادة أنفاسه، وسيفتك ببقية السوريين، ولن يستفيد الناس الذين يعيشون في مناطقه نهائيآ من ذلك، وسيتغل الأمر في المزيد من عملية النهب والسلب هو وبقية زعران العصابة الأسدية. ولا أظن العالم في وارد رفع العقوبات عنه. كل ما في الأمر أن العالم تحاولت مساعدة ضحايا الزلزال في الشمال السوري أي غرب كردستان إنطلاقآ من الناحية الإنسانية وإن تأخرت هذه المساعدة جدآ وخاصة في مجال المعدات الثقيلة والحديثة لإنقاذ حياة الناجين في مدينة أكرو (جنديرس)، التي تعرضت لدمار شامل بسبب الزلزال. هذا لا يعني قط التقليل من شأن المساعدات الإنسانية الأخرى كالخيم، الطعام، الشراب، الأدوية، المشافي الميدانية، البطانيات، الألبسة، وقود التدفئة والمعالجات النفسية، … إلخ.

الهدف الثاني:

هو الخروج من عزلته السياسية التي فرض عليه المجتمع الدولي مع إنطلاق الثورة السورية في العام (2011). حسب قناعتي لن يرفع عن هذا القاتل العزلة السياسية، الإهتمام العالمي بضحايا الزلزال كان من زاوية إنسانية، ولا علاقة له بإعادة تأهيل هذا النظام القاتل الذي يعرف القاصي والداني إن ما فعله هذا السفاح بالسنة السوريين والشعب الكردي في غرب كردستان، لا يستطيع فعله (1000) ألف زلزال كالذي ضرب مؤخرآ كل من شمال وغرب كردستان، ولا (100) مئة قنبلة كالتي أسقطت على مدينتي “هيروشيما وناكازاكى” اليابانيتين الصغيرتين في الحرب الحرب العالمية الثانية، من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

هذا النظام الطائفي الإجرامي الذي يحكم هذا الكيان اللقيط منذ حوالي (60) عامآ إنتهى صلاحيته منذ زمن طويل، ولكن نظام الملالي الإرهابي في ايران، والنظام القاتل في روسيا يتمسكان به كلآ لمصلحته، ولا ننسى تمسك إسرائيل به هي الأخرى خوفآ من قدوم نظام إسلامي متطرف للحكم، ولكن بات عالة على الجميع وهو يعيش على التنفس الإصطناعي. وسيكون عارآ ما بعده على المجتمع الدولي الترحيب بهذا النظام القاتل في صفوفه من جديد.

الروس يتمسكون بالأسد كون سوريا هي أخر موقع قدم لهم خارج حدود بلدهم، وميناء طرطوس يمنحهم حرية الحركة في البحر المتوسط والوصول للبحر الأحمر بسهولة. أما ملالي طهران فسوريا تعد الحلقة الرئيسية لخلق هلال شيعي طائفي بغيض والوصول للبحر المتوسط وإيصال الدعم اللوجستي لعصابة حزب اللات الإرهابي وبناء إمبراطورية فارسية جديدة.

ثانيآ، الطاغية اردوغان:

بالطبع الهدف الأول والأخير لهذه الطاغية هو البقاء في السلطة بأي ثمن كان وهو من هذه الناحية أوسخ من الوسخ “أتاتورك”، الذي إرتكتب مئات المجازر بحق الشعب الكردي كحال المجرم الحالي اردوغان.

السؤال هل سيساعد الزلزال هذه الطاغية في البقاء بالسطة أم لا، هذا يتوقف على عدة عوامل منها كيفية تعامل هذا المجرم مع نتائج الزلزال.

العامل الثاني، هو مدى فعالية المعارضة التركية وقدرتها على التوحد في مواجهة اردوغان. لحد الأن المعارضة مشتتة ولم تستطع بعد الإتفاق على برنامج موحد لخوض الإنتخبات على أساسه ولا إختيار شخصية كريزماتية مقبولة من قبل أكثرية الناس لينافس اردوغان في الإنتخابات العامة القادمة، ولم تتجرأ المعارضة الإنفتاح على القضية الكردية بشكل حقيقي وجدي ورفع شعار الديمقراطية لعموم تركيا والفيدرالية لكردستان، والمطالبة بالإفراج عن جميع السياسيين الكرد من السجون التركية وعلى رأسهم عبدالله اوجلان وصلاح الدين ديمرتاش.

العامل الثالث والأهم برأي، هو العامل الإقتصادي وحالة التضخم المالي والحالة الإقتصادية المزرية التي يعيشها تركيا وهي ليست بخافية على أحد. والأضرار الإقتصادية التي لحقت بالمناطق المنكوبة والتي تحتاج لعشرات المليارات من الدولارات حتى يتم بناءها من جديد وسيحتاج إلى وقتٍ طويل. هناك مهام صعبة ينتظر الحكومة التركية، ولن يستطيع أردوغان التفرغ للتدخلات إن نجح في الإنتاخابات وأنا أشك في ذلك، إن لم يعمد إلى عمليات التحايل والتذوير.

العمل الرابع، هو العامل الإعلامي، الذي يلعب دور مهمآ في رسم قناعات وأراء الناس المختلفة، ولهذا وضع الطاغية اردوغان يده على الإعلام مبكرآ وبشكل تدريجي، ولم يعد يتجرأ أحد في تركيا وخارجها على إنتقاده في الصحافة التركية على الإطلاق، فتهمة الإرهاب جاهزة دومآ.

الزلزال الذي ضرب أجزاء واسعة من شمال وغرب كردستان، برأي غير الكثير من المعطيات السياسية على الأرض سواء كان ذلك على الصعيد التركي الداخلي وعلى الصعيد الكردي في غرب كردستان. بعد حدوث هذا الزلزال المدمر لم يعد بإستطاعة الطاغية أردوغان المضي في المنطقة العازلة التي كان ينوي إستكماله والتي يتراوح عمقها بين (30 – 35) كيلومتراً داخل أراضي غرب كردستان وخاصة في منطقة كوباني.

لقد كشف الزلزال أن تركيا اردوغان، ليست بتلك القوة وأنها متواضعة الإمكانيات وبنيتها التحية هشة للغاية، وتمكن الزلزال من إعطائنا صورة حقيقة عن حجم تركيا وقوتها الفعلية، وبين أيضآ كم تركيا بحاجة للغربيين أمريكا والأوروبيين، ورأينا أن تركيا من دون الغرب دولة أقل من عادية سواءً سياسيآ، إقتصاديآ وعسكريآ. وسيكتشف هذا الطاغية أن حلمه في إستعادة أمجاد الدولة العثمانية كانت مجرد وهم دفنه الزلزال كما فن معه حلم القضاء على الشعب الكردي في غرب كردستان وكيانه الوليد. بقناعتي أدرك هذا الطاغية اردوغان مدى حاجته للغرب وأن الروس غير قادريين على مساعدة أنفسهم، فما بالك بمساعدته، وسيضطر إلى بلع لسانه في الفترة القادمة ويخفف من قلته أدبه وتبجحه تجاه الغربيين الذين يشاركهم في عضوية حلف الناتو ويتواضع قليلآ.

ثالثآ، الإدارة الكردية في غرب كردستان:

بقناعتي الإدارة الكردية في غرب كردستان، يمكن أن تأخذ نفسها وتدواي جراحها وتنصرف إلى إمورها الداخلية نظرآ لإنشغال الطاغية اردوغان وعصابته بمعالجة أثار الدمار الهائل الذي خلفه الزلزال، وليس لديه الوقت والإمكانية الأن بشن عملية عسكرية إجرامية جديدة أخرى ضد غرب كردستان وبالتحديد في منطقة كوباني. وهذا بدوره سيحررهم من الضغوط الروسية والإيرانية التي كانت تمارس وبقوة على الإدارة وعلى رأسها قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، ولم تعد مجبرة في الدخول في مفاواضات عقيمة مع نظام المجرم بشار الوحش.

على الإدارة الذاتية أن تلتفت إلى تحسين حياة الناس سواء في شرق الفرات أو منطقة شاد-با (الشهباء) والأحياء الكردية في مدينة حلب والقرى الكردية التي مازالت بيد قواتنا في جبل ليلون منطقة الروباريين ومدينة مبوگ (منبج). وتحسين البنية التحية وخاصة قطاع الكهرباء والمياه وتأمين الوقود لمنطقة غرب الفرات، الذي يعاني منه شعبنا الكردي وكل من يعيش معنا من القوميات الأخرى. ومطلوب من الإدارة بناء محطة لتكرير البترول في الحسكة أو رميلان لتلبية حاجات المنطقة من المشتقات النفطية كالمازوت والبنزين والقاز، وإيجاد حل لمشلة الغاز الذي يستخدم في البيوت، ويمكن طلب المساعدة من أمريكا أو فرنسا أو التعاون مع الشركات الخاصة وإن كلفت ذلك بعض المال. وإستحداث مشافي إضافية في المدن المختلفة وليس بالضرورة تكون كبيرة في المرحلة الأولى، وإقامة ملاجئ كافية ليلجأ إليها أبناء شعبنا أثناء المعارك وغارات الطيران الحربي ووجود أي خطر داهم. ويكون لدينا مؤسسة تعنى بالطورائ من أي نوعٍ كان ومن ضمنها الزلزال.

وعلى قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، أن لا تستكين وتستغل كل دقيقة في العمل الجاد لتحسين قدراتها العسكرية، اللوجستية ومواقعها المختلفة، وخاصة تلك المواقع الأمامية على الجبهات والإهتمام بالتدريب اليوم والتعبئة، وتأمين السلاح والذخيرة وحفظها في أماكن آمنة، تأمين المواد الغذائية، المواد الطبية، كل ما تحتاجه هذه القوات أثناء المعارك بما في ذلك الكمامات ضد الغازات السامة، بناء أنفاق تحت الأرض كوننا نفتقر إلى سلاح الطيران الحربي والطائرات بدون طيار، المناظر الليلية، …. إلخ. العدو التركي الفاشي لن يتركنا بحالنا أبدآ، ولهذا علينا نتجهز بشكل جيد وقدر ما نستطيع.

ونحن بحاجة ماسة لتوحيد الجبهة الداخلية حتى نستطيع جمع أبناء شعبنا حول قواتهم قوات قسد، ومن ثم علينا بناء جهاز مخابرات بمعناها العلمي أي جمع المعلومات عن الأعداء وليس التلسس على المواطنين وعد أنفاسهم كما المجرم بشار الأسد. ونحن بحاجة ماسة لجهاز أمن لمكافحة التجسس الداخلي وكشف الجواسيس الكرد منهم ومن غير القوميات. المؤسسات الأمنية مؤسسات علمية ووطنية وليست شخصية ولا حزبية، وتحتاج لإنتقاء أفرادها بعناية. والأمر الأخير الذي نحتاجه الهواء، برأي هو صناعة السلاح وأهمها الطيران بدون طيار والصواريخ والمدفعية بأي طريقة كان، حتى لو إضطريين للتعاقد مع خبراء أجانب وبرواتب عالية في البداية.

 

11 – 02 – 2023