هناك فرق كبير بين مجتمعات لديها مناسبات او تختلق مناسبات اجتماعية تستغلها لتدر عليها الاموال والافراح والسعادة ومجتمعات لديها مناسبات او تختلق مناسبات اجتماعية لتعطل حركة الحياة وتسلب الابتسامة والفرحة وتسبب الخسائر في المال والزمن وتؤثر سلباً على حياة الناس … المجتمعات من الصنف الاول مجتمعات حية ، تريد الحياة ، مجتمعات مبدعة تتفاعل مع كل جديد ، اما المجتمعات من الصنف الثاني فهي مجتمعات عليلة ، ضعيفة تبحث عن من يعطيها جرعة تخدير وتعيدها الى السبات ، ، فلو أخذنا احدى المناسبات التي تختلقها المجتمعات المبدعة مثل مناسبات عيد الام او عيد الحب او إقامة دورات الالعاب الرياضية او المهرجانات الفنية وغيرها ، نلاحظ حركة السوق في البيع والشراء تنشط ، بيع الهدايا والورود ، وحركة السياحة والفندقة والفرحة والنشاط والكسب التجاري ، و الالاف من الناس خلال هذه المناسبات تتوفر لهم فرص عمل مؤقتة قد تكون فرص عمل اضافية او فرص عمل منتظرة لمثل هذه المناسبات ، وهذه المناسبات بحد ذاتها لا تعرقل حركة الحياة ولا تسبب اي ترهل تجاري بل العكس من ذلك تماماً تضيف للعمل وللحياة نكهة .. ولو أخذنا مثالاً مغايراً لهذه المناسبات مثل بعض المناسبات الوطنية او المناسبات الدينية او مناسبات استذكار الرموز ، وخاصة في الدول المغمورة ، تسارع الحكومات الى اعطاء العطل الرسمية السخية لتقتل كل نشاط واحياناً تقطع الشوارع وتغلق المحال التجارية وتتوقف حركة الحياة بالنسبة لأصحاب الدخل اليومي ، وما أكثر هذه المناسبات في مجتمعاتنا وما أكثر المساوىء والسلبيات التي تصاحب هذه المناسبات . العيب ليس في ذات المناسبة الوطنية او الدينية او استذكار رمز تأريخي ولكن العيب في تضخيم الامور الى الحد الذي يجعل من هذه المناسبات ذات مردود سلبي على الدولة والمجتمع مع السكوت المطبق من قبل الجميع مخافة ان تتهم بالعداء لتلك المناسبة التي بالتأكيد عنوانها مناسبة مقدسة .
السؤال كيف تحولت بعض المناسبات الى مناسبات ذات مردود ايجابي ومناسبات اخرى الى مناسبات ذات مردود سلبي ؟ لو تمعنا في جميع المناسبات التي هي ذات مردود ايجابي على المجتمع وعلى الدولة نلاحظ وراء احياء هذه المناسبات رجال اعمال وتجار وشركات كبيرة واشخاص ذوات غيرة وحب لوطنهم ومجتمعهم وهؤلاء جميعاً يجمعهم قاسم مشترك واحد هو التصرف بعقل لأنهم أذكياء ، بينما نلاحظ في المناسبات ذات المردود السلبي وراءها رجال سياسة ورجال دين والمخربين الذين لا يعرفون مصلحة البلاد والعباد وهؤلاء هم الجهلة الحقيقيون ، هذه حقيقة ، حتى وان كانت بعض المناسبات هي قديمة وتأريخية لكن المستفيد يتجدد . . رجال المال دائماً يبحثون عن المكسب المالي والسمعة فقط بينما رجال الدين والسياسة يبحثون عن المكسب المالي والولاء وكسر شوكة الطرف النقيض ، فهذه المناسبات فرصة ل ( لوي الاذرع ) وبسط النفوذ وتعميم الافكار المتهالكة ، وكل طرف يحقق اهدافه ولكن الفرق بين الحالتين هو في الحالة الايجابية هناك الجميع يخضع للقانون ، والمناسبة نفسها لا تسبب اي عرقلة وتحدي للقانون واما في الحالة السلبية فالقانون لا وجود له بل يخضع للأقوياء واصحاب النفوذ الذين لا يتركون وراءهم غير السلبيات . هل نستطيع ان نلتفت لهذه المناسبات السلبية ونجعل منها مناسبات ايجابية دون أن نعبأ عشرات الالاف من قوى الامن والجيش والشرطة ونعطل دوائر الدولة والمستشفيات خاصة ونحن في وضع أمني غير مستقر ووضع اقتصادي ضعيف والحياة كلها قلقة والتخلف على جميع الاصعدة اصبح ثوبنا المفضل ، أم إننا نرى وجودنا قائم على التخلف والتحدي الأعمى وكأن المجتمع والوطن والمستقبل لا يعنينا بشيء ! . . اي إنسان ذو بصيرة يستطيع تمييز هذه الفوارق ويستطيع ان يقول كلمته ، وعندما تجتمع الكلمة تنهض الامة وينهض المجتمع وتذبل الافكار المريضة التي تقف وراء المناسبات السلبية .
البعض يعتقد ، ان السلبيات التي تصاحب بعض المناسبات يجب تقبلها حفاظاً على المناسبات من الاندثار ، هذا الاعتقاد يدل على عدم جدوى تلك المناسبات وعدم اهميتها ، لأن المناسبة التي تترسخ في نفوس الناس لاتحتاج الى حافظات مزورة ، فهي ولدت لتبقى . المناسبات المحترمة تصنعها الضرورات وهي من تصنع نفسها بنفسها عند الضرورة ، لذلك فأنا أعتقد جازماً ان اي ترويج مبالغ فيه لأي مناسبة انما هو دليل ان تلك المناسبة لم تصنع نفسها بنفسها وانما صنعتها ايادي خفية مستفيدة من تلك المناسبة ، وهي بالنهاية لا يهمها المجتمع ومصير المجتمع