قبل أيام أعلن في “بكين” عن إتفاق بين ملالي السعودية وملالي طهران برعاية ملالي الصين، لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين النظامين البائسين السعودي الوهابي والفارسي الإثنى عشري المتصارعين والمتنافسين على النفوذ والزعامة في المنطقة، والصراع له وجهان ظاهرين هما:
الوجه الأول:
عنصري أي صراع بين العرب والفرس ويعود عمره إلى ألاف السنين، والسبب يعود للإحتلال القريشي الإجرامي لكل من كردستان والمزرعة الفارسية التي كانت جزء صغيرآ لا يذكر من الدولة الساسانية، ولا تتجاوز مساحة هذع المزرعة مساحة محافظة مهاباد. وثانيآ الإجرام الذي مارسه القريشيين الوحوش بحق الشعب الكردي والفرس بعد سقوط الدولة الساسانية الكردية وإحتلالهم لها بعد معارك ضارية راح ضحيتها مئات الألاف من القتلة ومثلهم من الجرحى.
الوجه الثاني:
مذهبي، حيث حشر الفرس أنفسهم في هذا الصراع حشرآ، فكلا المذهبيين المقيتين قريشيين بغيضين ولا علاقة للفرس بهما لا علي ولا ولي. الذي غير مذهب ايران السني إلى الشيعي هو “إسماعيل الصفوي” هذا الكردي البائس، الذي خدم الفرس بدلآ من أن يخدم شعبه الكردي مثله مثل الأحمق “صلاح الدين الأيوبي”، وغيره من الحمقى الكرد. فعل إسماعيل الصفوي ذلك للتميز بين ايران والدولة العثمانية التي كان يخوض معها صراعآ مريرآ على النفوذ والأراضي والزعامة في إطار المنطقة وذلك على حساب الشعب الكردي وكردستان.
الوجه الحقيقي للصراع برأي هو الأتي:
إن أسباب الصراع الحقيقية بين الطرفين السعودي والفارسي تدور حول المصالح السياسية، الإقتصادية، المالية، العسكرية والزعامة. وإن كان الطرفين يحاولان إخفاء ذلك ويغلفونها بأغلفة مذهبية وعنصرية، ولكن الحقيقة الجوهر ما قلته. لأنه في عهد المقبور “شاه” لم نشهد كل هذا الشد والمواجهة بين الطرفين وكليهما كانا حليفين للغرب، وبالطبع الغرب كان يتخذ من شاه ايران شرطيآ له لحفظ أمن المنطقة، وما زال الغرب يفضل الفرس على العرب لأسباب ثقافية. ولفهم الأسباب التي دفعت الطرفين إلى إبرام هذا الإتفاق وإعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما، وتأثير هذا الإتفاق على البلدين ودول المنطقة في حال نجاحه وأثره على الشعب الكردي من جانب أخر في كل من شرق وجنوب وغرب كردستان لذا لا بد من طرح عدد من الأسئلة الجوهرية والمحاولة الإجابة عليها ومن هذه الأسئلة.
أولآ، ما هي خفايا الصراع بين ايران والسعودية؟
بعد تسلم الملالي السلطة في إيران عام (1979) بقيادة المقبور خميني، إتبع نظام الملالي نهجآ عدوانيآ وشريرآ سواء في الداخل تجاه معارضيه السياسيين أو الشعوب المتطلعة للحرية مثل الشعب الكردي، أو خارجيآ حيث هدد دول المنطقة عبر التدخل في شؤنها الداخلية وخلق النعرات الطائفية المقيتة، وثانيآ من خلال ما سماه المقبور خميني “تصدير الثورة” أي بمعنى تغير الأنظمة الحاكمة في دول المنطقة، وكل ذلك بهدف بناء إمبراطورية فارسية جديدة، ولكن هذه المرة بلباس شيعي طائفي حقير.
هذه السياسة العدوانية والشريرة، أخافت الأنظمة الحاكمة وعلى وجه الخصوص حكام دول الخليج ومن ضمنها العراق والسعودية. فدعوا بصدام لمواجهة المد الفارسي الشيعي، ومنذ لك الحين المواجهة بين السعودية وملالي الفرس لم تتوقف وإتخذت أشكال عديدة. وأحست السعودية بتهديد جدي من قبل ايران بعد أن وضعت يدها على لبنان والعراق واليمن وسوريا، وزعزعة وضع البحرين، ودعمها لتنظيم القاعدة، وتنفيذ أعمال إرهابية وحشية داخل السعودية مثل تفجير الخبر في العام (1996) وغيرها من البلدان.
هذا ما دفع بالنظام السعودي للتحرك ضد نظام الملالي وشن حملة إعلامية شرسة عليه، ودعم التنظيمات المناهضة له، والإنضمام إلى الحصار الإقتصادي الذي فرضه الغرب على نظام الملالي، وصد نقص كميات النفط التي نجمت عن منع ايران من بيع نفطها في الأسواق العالمية. وحضت السعودية بقية الدول العربية على مقاطعة النظام الفارسي كدعم لدول الخليج في مواجهة ايران الساعية للسيطرة على دولها وتغير أنظمتها، ونجح النظام السعودي في ذلك إلى حد كبير. مشكلة النظام السعودي وبقية دول الخليج مع نظام الملالي ليست هويته الشيعية، ولا غياب الديمقراطية في ايران، ولا معضلة حقوق الإنسان ولا حتى برنامجها النووي، وإنما هو سلوك النظام العدواني ومحاولته الدائمة لزعزعة تلك الأنظمة. ما يهم النظام السعودي هو الحفاظ على السلطة فقط وليس شيئآ أخر، ففي النهاية النظامين أسوأ من بعضهما البعض وهذا ليس بخافي على أحد.
ثانيآ، هل تغير نظام الملالي وسيتوقف عن إرهابه بعد هذا الإتفاق؟
نظام الملالي الإهاربي في ايران لم يتغير ولن يتغير، لا بل العكس هو الصحيح، فقد بات أكثر شراسة وعدوانية وتهديدآ لكل دول وشعوب المنطقة. لأنه يحس بات أقوى من الماضي بفعل عدة عوامل أهمها:
1- تشتت المعارضة الإيرانية بسبب محاولة الفرس منهم التحكم في المعارضة، ورفضها الإعتراف بحقوق الشعوب المنضوية تحت لواء هذه الدولة المصطنعة اللقيطة وخاصة حقوق الشعب الكردي في شرق كردستان، ومحاولة نجل المقبور الشاه إستعادة الحكم وكأن هذا البلد ملك أبوه.
2- جبن الإدارات الأمريكية منذ عهد كارتر ونفاقها وبدليل عدم إتخاذها أي إجراءات ملموسة ضد هذا النظام القاتل والإرهابي، والتخلي عن دعم الشعوب الإيرانية الطامحة للحرية، وأخرها تخلي الغرب عن الثورة النسائية، التي فجرها قتل الفتاة الكردية “جينا أميني”.
3- جبن ال سعود وإهتمامهم بالتعريص والتعفيش أي نهب أموال البترول وصرفها على القصور وحياة الفجور وجيش جرار من ما يسمونهم (أمراء) الذين لا يعملون شيئ ينفع البشر مثلهم مثل ولي العهد قبل تولي هذا المنصب.
4- دعم النظام الروسي الاوتوقراطي لنظام الملالي الشرير، نكاية بأمريكا والغرب، وثانيآ لأن نظامهم مشابه لنظام الملالي.
5- فتح قادة الإمارات بنوكهم وموانئهم ومؤخرتهم لنظام الملالي، ويقيمون علاقات دبلوماسية مع النظام في طهران ويتجارون معه بالمليارات، ومع ذلك تجد هؤلاء الجبناء والدجالين يتبجحون في الإعلام ويقولون: إيران تحتل جزرنا!
أساسآ ما يسمى بالإمارات ليست أراضي عربية ولا فارسية بل هي أراضي كردية، فكيف أصبحت تلك الجزر إماراتية؟؟ ومنذ متى كان هناك دولة إماراتية في التاريخ؟؟
6- تسليم كل من لبنان، العراق، سوريا، اليمن ومزرعة الطالباني لملالي الفرس أصحابي المكانس، من قبل الغرب وسكوت دول الخليج، وعهر النظام المصري والجزائري والعماني الذي يسعى للعب دورآ مستقلآ عن ال سعود.
7- بناء قوة عسكرية وإن كانت غير متطورة تكنالوجيآ، وتمكن نظام الملالي الفرس بعكس ملالي الكرد الزعران، من إحراز تقدم حقيقي في مجال الطاقة النووية (وبرأي ايران باتت دولة نووية)، الصورايخ البالتسية، المسيرات بأنواعها.
8- فشل العقوبات الغربية الحمقاء في ردع نظام الملالي.
9- بناء جيوش طائفية كأذرع لها في العديد من البلدان تأتمر بأمرها مثل: حزب اللات اللبناني، الحشد الشيعي العراقي، الحوثيين في اليمن، حركة حماس الإخوانية والجهاد الإسلامي في غزة.
10- إستخدام التنظيمات الإرهابية ضد خصومها وأعدائها في الداخل والخارج، مثل: تنظيم القادة، تنظيم داعش، جبهة النصرة، جماعات الإخوان المسلمين في كل الدول بما فيهم إخوان كردستان وسوريا.
11- الدعم الصيني السياسي والإقتصادي والعسكري لها.
12- تجارة المخدرات التي تدر أموالآ كبيرة على الملالي.
13- تهديد المصالح الغربية الأوروبية منها والأمريكية إضافة للمصالح الإسرائيلية وقصف إقليم جنوب كردستان كل يوم.
14- تهديد دول الخليج بشل جدي وقام الملالي بتفجيرات عديدة وإحتجاز سفن وناقلات نفط ، وقصف المنشأت النفطية السعودية والإماراتية بالمسيرات، لإرسال إشارة واضحة مفادها: إن حاولتم اللعب بذيلكم، وإيذائنا فحن قادرون على تأديبكم وكسر رؤوسكم وهم مستعدين لفعل ذلك دون أدنى شك. نظام الملالي نظام أذعر بكل معنى الكلمة وهو مستعد أن يرتكب أي عمل إجرامي وتخريبي وإرهابي، وحياة الناس لا يساوي فلسآ عنده.
15- تهديد الملاحة البحرية في مضيق “هرمز” وهي فعلآ قادرة على غلقه رغم الجعجعة الغربية.
16- المتجارة بالقضية الفلسطينية، ومن خلالها إبتزاز إسرائيل والغرب الداعم لها بفضل أذرعها الإرهابية في لبنان وغزة.
ثالثآ، هل ستتخلى عصابة الملالي عن برنامجها النووي وصناعة الصواريخ البالستية التي يهدد بها كل المنطقة وحتى أوروبا؟
إذا كان هناك من يظن عن حسن نية أو عن غباء سياسي، بأن نظام الملالي المجرم الحاكم في طهران يمكن أن يتخلى عن برنامجه النووي والبالستي فهو واهم جدآ، لا بل أحمق ولا يفقه في السياسة شيئ على الإطلاق.
هذا النظام القاتل جوع ملايين البشر كي يبني إمبراطورية الشهر هذه، وصرف عليها مئات المليارات من الدورلات، ظنآ منه أن القنبلة النووية والصورايخ البالستية والمسيرات قادرين على حماية مؤخرته، وتحيقق مأربه التوسعية في المنطقة، وتمكنه من لعب دور الشرطي وأذعر الحارة، وهذا وهم في وهم بالواقع. وبدليل أن الإتحاد السوفيتي هذه الدولة العملاقة والرائد في مجال الفضاء والصواريخ البالستية وصناعة القنابل النووية، إنهارات من دون إطلاق طلقة واحدة نهائيآ، ولم تحميه كل تلك القوة الغاشمة.
هناك سبيلان لوقف البرنامج النووي الفارسي والبالستي هما:
السبيل الأول:
تغير النظام الحالي الإرهابي، من الداخل عبر دعم حقيقي ومتواصل من الغرب وعلى رأسهم أمريكا للشعوب الإيرانية وتنظيم صفوف المعارضة عبر مؤتمر يضم كافة القوى الرئيسية السياسية ووضع مسودة دستور لإيران المستقبل، بحيث يضمن حقوق كافة الشعوب وذلك عبر تبني نظام فيدرالي وكف يد الفرس عن حكم الشعوب الأخرى. وتشكيل مجلس من معارضة الداخل والخارج، لقيادة البلاد في المرحلة الإنتقالية، والإستفادة من حالة الغضب الجماهيري في كل مدينة وقرية والشعب مهيأ ليثور مرة أخرى على النظام وإنهائه من جذوره، وهذا يتطلب التالي:
1- مقاطعة الملالي سياسيآ، دبلوماسيآ وإقتصاديآ من قبل الغرب والدول العربية وخاصة المجاورة لها.
2- التعامل مع المجلس المعارض المشكل كممثل للدولة الإيرانية الفيدرالية.
3- تقديم دعم إعلامي قوي للثوار والمعارضة عبر مختلف وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي.
4- فرض حظر سفر على كافة قيادات النظام وإلقاء القبض عليهم في الأماكن التي يمكن تنفيذ ذلك فيها.
5- تمويل الحراك الشعبي وقوى المعارضة بالأموال الإيرانية المجمدة في البنوك الغربية.
6- تشجيع الشخصيات السياسية والأمنية والعسكرية الإنشقاق عن النظام، وتأمين الحماية لهم.
7- منع قادة النظام حضور الإجتماعات الدولية وطرد النظام من كافة المنظمات الدولية والحقوقية، من دون الرجوع لمجلس الأمن، لأن الروس والصينيين سيعرقلون ذلك كما نعلم.
وبرأي كل هذه العوامل مجتمعة قادرة على هزيمة هذا النظام المجرم والشرير الذي يزعزع إستقرار المنطقة، وبقناعتي هذا السبيل أسلم وأنجع، ولكن يجب الإشتراط على المعارضة توقيع وثقية رسمية أنها لن تنتج أسلحة نووية في حال وصولها للسلطة وقبول الفيدراليات القومية وتضمين ذلك في الدستور الجديد.
السبيل الثاني:
هو عسكري محض، أي قصف كافة المحطات والمفاعل النووية التي بناها هذا النظام الشرير بمساعدة الروس وكوريا الشمالية قصفآ شديدآ ومركزآ، إضافة لقصف مصانع صنع الصواريخ البالستية وتدميرها عن بكرة أبيها، وقصف كافة مقرات القيادات الأمنية والعسكرية والسياسية، بحيث لا يستطيع أي نظام قادم على خوض مسار أسلحة الدمار الشامل وسياسات التخريب مرة أخرى. وهنا لا بد من مشاركة فعالة من أمريكا وفرنسا وبريطانيا وإسرائيل والسعودية. طبعآ هذا السبيل له مخاطر وسلبيات على الجميع وليس بشريآ فقط وإنما إقتصاديآ أيضآ.
رابعآ، ما الذي دفع الطرفين السعودي والفارسي إلى عقد إبرام هذا الإتفاق؟
1- دوافع النظام السعودي:
بالطبع هناك عوامل عديدة دفعت بالنظام السعودي إلى الإقدام على هذه الخطوة، وليس حبآ في مكانس ملالي قم وطهران، ولا حبآ في السلام والإخاء كما يروج له الإعلام السعودي المطبلاتي، ومن هذه العوامل:
- فشل السعودية في حربها ضد جماعة الحوثي التي أخذت تدك مؤخرة النظام السعودي بالمسيرات والصورايخ وتهديد منشأتها النفطية.
- فشل النظام السعوي في عزل وإسقاط النظام القطري، رغم إنضمام نظام السيسي الخسيس والإماراتي والبحريني لهذا الحصار ورغم صغر قطر. مما إضطره للتراجع عن موقفه والتخلي عن كل شروطه والتصالح مع مزرعة “قطر” الوهابية التي تنتمي لنفس الفكر التكفيري، كل ذلك لقاء لجم قناة الجزيرة. • خروج الإماراتيين من التحالف العسكري الذي شكلوه، وإتخاذهم مسارآ خاصآ بهم في اليمن.
- رفض أمريكا دعم حرب النظام السعودي ضد الحوثيين، ووضعهم على قائمة الإرهاب الدولية.
- توتر العلاقات بين أمريكا والنظام السعودي وخاصة بعد قتل الصحفي جمال خاشقجي والتمثيل بجثته وسجن عدد كبير من الناشطات والأمراء والناشطين ورجال دين شيعة.
- تسليم أمريكا العراق لنظام الملالي على طبق من فضة، ومعها سوريا وأفغنستان، وبذلك تمكن نظام الملالي من تطويق السعودية من كل الجهات، والغرب جلس يتفرج ويضحك على السعوديين.
- صعود قوة إيران الصاروخية، وإقترابها من إنتاج قنبلة نووية، وأنا شخصيآ أعتقد إيران باتت دولة نووية عمليآ.
- رغبة أمريكا بالإنسحاب من الشرق الأوسط، والتركيز على الصين التي باتت تهدد مصالح أمريكا في العالم وقيادتها في المجالين الإقتصادي والعسكري.
- تعامل النظام المصري السيساوي مع السعودية على أنها صندوق للرز بحسب تعبير السيسي نفسه أي (صندوق للمال)، ورفض السيسي الإنخراط في الحرب ضد الحوثيين. وثانيآ إدراك السعوديين أن النظام المصري غير قادر على حماية مؤخرتهم من الضربات الفارسية في حال نشوب أي مواجهة عسكرية.
- عدم إنصياع سلطنة عمان لسياسات السعودية وخروج اليمن عن سيطرتها، والمزرعة القطرية وحياد الكويت وتحول النظام البحريني إلى عبئ على النظام السعودي، ومنافسة الإمارات للسعودية، ووقف الأردن موقف المعادي للنظام السعودي لأسباب تاريخية ووجودية وسياسية. وخروج سوريا من دائرة النفوذ السعودي ومعها لبنان والعراق. وهكذا أحس النظام الوهابي – الكبابي بأن الخناق يشتد حول عنقه ولهذا سارع لتوقيع هذا الإتفاق. ولولا براميل النفط التي يمتلكها ال سعود لأطاح الغرب بحكم هذه العائلة المستبد المفرخ للإرهاب والإرهابيين من زمان أي منذ أحداث 11 سبتمبر من عام 2001 على الأقل.
- توصل الغرب إلى إتفاق نووي مع نظام الملالي وبموافقة روسية وصينية وإعادة جزء كبير من أمول ايران المجمدة لنظام الملالي.
- إمتناع الغرب عن دعم الثورات والتمردات الشعبية التي شهدتها ايران خلال الأعوام الماضية وأخرها الحراك النسائي الأخير المستمر ليومنا هذا.
- عدم جدية الإسرائيليين في محاربة نظام الملالي وعدم إمتلاكهم للقوة لفعل ذلك، وثانيآ الجبن الذي تحلى به قادة إسرائيل الذين حكموا هذه الدولة في السنوات الأخيرة وفي مقدتهم نتنياهو. وبدليل الإبقاء على النظام الأسدي حليف ايران وحزب الله حلقة الوصل بينهما.
- رغبة الملك سلمان بنقل السلطة إلى نجله وحصر الحكم في أبنائه فقط.
- تجنب ضربة إيرانية فيما إذا فشلت الأطراف في إقناع النظام الفارسي بالتوقيع على إتفاقية جديدة تمنعه من إنتاج قنبلة نووية والحد من برناجه البالستي وزعزعة إستقرار أمن المنطقة.
- إزعاج الراعي الأمريكي الذي أدار ظهره للنظام السعودي وخاصة الديمقراطيين، لهذا لجأ بن سلمان للصينيين ووقف مع الروس عمليآ في خضم الحرب الأوكرانية.
2- دوافع نظام ملالي الفرس:
- نظام الملالي يريد تحييد السعودية بما تمثل من ثقل إسلامي وعربي وخليجي، في أي مواجهة مع الغرب وإسرائيل.
- منع قيام تحالف خليجي – إسرائيلي ضدها والسعودية هي دولة محورية من بين الدويلات الخليجية بإستثناء عمان.
- نظام الملالي يعاني من رفض شعبي حقيقي له في الداخل، والوضع الداخلي متفجر ويعيش على سفيح ساخن، بدليل كل تلك الإنتفاضات والثورات والتمردات التي شهدتها إيران ،وأخرها الإنتفاضة النسائية العارمة.
- الأزمة الإقتصادية والمالية الخانقة التي يعاني النظام منه، وإنتشار حالة الفقر، الجريمة، المخدرات، الدعارة والفساد.
- صراع الأجنحة على السلطة مع إقتراب أجل الطاغية خامئني ومحاولته توريث الحكم لنجله “مجتبي”.
- تهالك معدات مصانع نظام الملالي وطيرانه بسبب غياب قطع التبديل.
- ضعف حليفه الروسي وإنشغاله في حرب أوكرانيا.
- عدم قدرة الصين على حماية نظام الملالي، في حال قررت أمريكا وحلفائها الغربيين توجيه ضربة عسكرية للنظام القاتل في طهران.
- إدراك نظام الملالي أن الصين منشغلة بجزيرة “تيوان” وتأمين مجالها الحيوي وليست مستعدة للتورط مع أمريكا في صراع محتدم من أجلهم، وكل ما تريده الصين هو تدفق النفط وبيع سلعها في السوق الإيرانية. الصين مصالحها الإقتصادية والسياسية والتكنالوجية مع أمريكا أكبر بمئات الأضعاف مع ايران وهذا ما تعيه القيادة الصينية جيدآ، وشهدت ما حصل لروسيا نتيجة غزوها لأوكرانيا.
- نظام الملالي الفارسي لا يثق بنظام ملالي الصين الحمر والعكس صحيح أيضآ. ولو تمكن هذا نظام الملالي المجرم إقناع أمريكا بقبوله لركض إلى حضن أمريكا ركضآ وأدار ظهره للصين على الفور. ولكن أمريكا لا يمكن لها قبول هذا النظام المجرم ما لم يغير من نفسه بحيث تستطيع التعامل معهه وبيعه للناخب الأمريكي.
- تخوف نظام الملالي من أن تقنع إسرائيل أمريكا في ظل قيادة جديدة أو الحالية من شن حملة عسكرية تقضي على النظام وبرنامجه النووي وإعادة ايران (1000) الف سنة للوراء، ولن ينفعه لا حزب اللات ولا حزب الفتات (الحشد الشعبي الشيعي) ولا حزب القات (الحوثي) عندها.
- رغبة نظام الملالي فك الحصار الإقتصادي والمالي الخانق الذي يعاني منه، من خلال هذه الإتفاقية وجلب الإستثمارات السعودية والخليجية. شخصيآ أعتقد هذا صعب للغاية في ظل العقوبات الأمريكية والغربية النظام.
خامسآ، أين هي أمريكا وإسرائيل من هذا الإتفاق؟
أنا أعتقد أن أمريكا ليست متخوفة من هذا الإتفاق، لعلمها أن التنقضات والخلافات بين الأطراف المعنية أكثر تعقيدآ وعمقآ وتجذرآ من أن يحلها مثل هذا الإتفاق الذي تم توقيعه في بكين قبل أيام. ولو أرادت أمريكا عرقلة هذا الإتفاق فهي قادرة على عرقلته وإفشاله بسهولة، ولديها ما تؤلم به الدب الداشر (محمد بن سلمان) وتركيعه. ولكن الإتفاق لا يضر بأمريكا فهي نفسها تتفاوض مع الأشرار في طهران. إن إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين لا يقدم ولا يؤخر من حدة الخلافات والصراع المحتدم بينهما منذ أربعين عامآ.
وجود السفارة وعدم وجودها في بلد ما هو تقريبآ واحد، والدليل أن العلاقة الدبلوماسية بين أوكرانيا وروسيا مستمرة رغم الحرب!! كما هو معلوم هناك علاقات بين البلدين وسفارات مفتوحة ولم تغلق. من جانب أخر أمريكا وروسيا رغم كل الصراعات والمواجهات الغير مباشرة هناك علاقات دبلوماسية بينهما، لهذا الوجود الدبلوماسي لا يعني الكثير، وخاصة في بلدان الشرق الأوسط التي يحكمها أفراد. وفي أغلب الحالات وزير الخارجية و السفراء لا يعلمون بما يخططه الحاكم. إن عدم وجود سفارات متبادلة بين دولتين، لا يعني أبدآ عدم وجود إتصالات مباشرة بينهما، هذا غير صحيح على الإطلاق.
إسرائيل طبعآ ليست سعيدة بهذا الإتفاق دون شك، ولكن ليس بإستطاعتها فعل الكثير من دون الدعم الأمريكي. هي بإمكان القيام بعمليات تخريبية وممارسة ضغوط سياسية يمكن لها من خلالها إفشال هذا الإتفاق وإفراغه من مضمون، ولديها القدرة الضغط على الطرف السعودي من خلال إبتزاز الدب الداشر شخصيآ، كونها تملك الكثير من المعلومات الإستخباراتية عن الدب والعائلة الحاكمة.
سادسآ، هل خرج ال سعود من عباية أمريكا وبإمكانهم ذلك؟
الجواب لا، لن يستطيعوا الخروج من العباءة الأمريكية في المدى المنظور، أي المئة العام القادمة وإليكم الأسباب:
1- الجيش السعودي كل أسلحته أمريكية في الغالب والقليل منه أوروبي.
2- جل كوادرها العلمية خريجي الجامعات الأمريكية والغربية.
3- إقتصادها مرتبط بالإقتصادات الغربية.
4- عملتها المحلية مرتبطة بالدولار الأمريكي.
5- البترول يسعر بالدولار الأمريكي.
6- السعودية لديها إستثمارات بمئات المليارات الدولارات في الإقتصاد الأمريكي.
7- هوى السعودين غربي وتحديدآ أمريكي وليس شرقي وخاصة الصيني منه.
8- أموال أفراد العائلة المالكة كلها موجودة في البنوك الأمريكية والأوروبية.
9- الصين غير قادرة على حماية الحكم السعودي.
10- أمريكا هي التي تتحكم في النظام المالي العالمي ورأينا حال روسيا.
11- السعودية بحاجة لتكنلوجيا الأمريكية المتطورة وبدليل اول البارحة (14-03-2023) أعلن الطرفان السعودي والأمريكي على بيع السعودية (120) طائرة من أنواع مختلفة، ولا شك إن هذه الصفقة ستكلف عشرات المليارات، والتي يُتوقع أن تسهم في تأمين (100) مئة ألف فرصة عمل جديدة للأمريكيين، وإستفادة أكثر من (300) ثلاثمئة مورد في (38) ولاية أمريكية، وعمل (145) شركة صغيرة. السؤال هنا:
لماذا لم تشتري السعودية الطائرات من الصين أو روسيا؟؟
12- لأمريكا نفوذ واسع في الداخل السعودي وفي هرم السلطة، وهي قادرة على الإطاحة بالدب الداشر إن أرادت وتمرد إبن سلمانكو على الأمريكيين والغرب.
13- عشرات الألاف من الطلبة السعودينن يدرسون في أمريكا كل سنة، وهناك جالية سعودية ضخمة في أمريكا والغرب ولا تجد مثيل لها في الصين ولا في روسيا.
سابعآ، هل هذا الإتفاق قابل للحياة وسيحل كل الخلافات بين الطرفين؟
شخصيآ لا أظن ذلك، وقناعتي مبنية على عوامل موضوعية كثيرة، منها أن كلا النظامين مقتنعين كل الإقتناع بإستحالة التعايش معآ، ولا بد من أن يزيل أحدهم الأخر، لكي يسيطر على المنطقة ويبسط نفوذه.
ثم هناك الخلاف المذهبي الذي يشحن ويغذى كل يوم، والتحشيد الطائفي الذي شاهدناه في العشرين السنة الماضية من قبل الطرفين يكفي كوقود لي (1400) الف وأربعمئة سنة قادمة. وأكاذيب إعلام الطرفين الذي فجأة أخذ يهلل ويطبل لهذا الإتفاق لا تنطلي أحد، مع العلم هذا الإعلام نفسه ظل يغذي الصراع الطائفي بأبشع صوره حتى يوم قبل إعلان الإتفاق.
لا النظام السعودي تغير ولا نظام الملالي ولن يتغيروا، المسألة لها علاقة بالمصالح الكبرى في المنطقة. السعودية لن تقبل أن تتحول إلى لعبة في يد الفرس، والفرس قطعآ لن يقبلوا أن يشاركهم أحد في الزعامة وخاصة إذا كانوا من أهل الخيم والجمال فما بالكم بتقاسمها هذه المكانة. رأينا أن الطرفين مستعدين للدخول في حرب من أجل تسمية الخليج الذي يفصل بين الطرفين، العرب يسمونه (الخليج العربي) والفرس يسمونه (الخليج الفارسي)، مع العلم إسم هذا الخليج لا هو فارسي ولا عربي، وإنما “إيلامي” كردي.
من هنا يمكن القول بأن هذا الإتفاق جاء كنوع من تهدئة مرحلية بسبب تعب الطرفين، وضغط الصيين الذين هم بحاجة لتدفق النفط الذي يغذي العجلة الصينية الصناعية، وتستورد الصين كميات ضخمة من النفط من دول الخليج ومن ضمنهم إيران طبعآ. لإتفاق برأي لن يدوم طويلآ بطبيعة الإمور وتنافس الأطراف وتناقض المصالح، ومشاكل المنطقة التي لا نهاية لها وحكامها المستبدين الفاسدين.
ثامنآ، من هم المستفيدين من هذا الإتفاق والخاسرين منه؟
الخاسرين من هذا الإتفاق:
1- السعودية نفسها. 2- إسرائيل. 3- السوريين. 4- الشعب الكردي في شرق وجنوب وغرب كردستان.
5- الشعوب الإيرانية والمعارضة على حدٍ سواء. 6- أمريكا. 7- معارضي حزب الله في لبنان. 8- دولة الإمارات 9- القوى اليمنية المناهضة للحوثيين. 9- الغربيين. 10- باكستان. 11- شركات الأسلحة حول العالم. 12- الأردنيين. 13- الأتراك.
الرابحين من هذا الإتفاق:
1- نظام ملالي طهران. 2- النظام الأسدي. 3- حزب الله. 4- جماعة الحوثي. 5- الصينيين. 6- الروس. 7- النظام الشيعي في العراق. 8- العمانيين.
تاسعآ، أين موقع الشعب من هذا الإتفاق وخاصة في شرق وجنوب وغرب كردستان؟
بعد هذا الإتفاق سيزداد نظام الملالي في طهران، شراسة وعدوانآ ضد إقليم جنوب كوردستان وشرق كردستان وغرب كردستان وإدارتها الذاتية، ولن يطول الزمن حتى نشاهد ذلك على الأرض، لأن هذا النظام القاتل لن يردعه سوى قوة أقوى منه، وتهدد وجوده بشكل جدي وإقتلاعه من شروشه.
القوى الكردية الرئيسية مشتتة وملتهية بالتعريص والنهب والسلب والزعرنة والصراع على السلطة والنفوذ وخصوصآ في جنوب كردستان،ةوجزء كبير من هذه القوى أساسآ هي تابعة وعميلة لنظام الملالي ومنذ سنوات طويلة.
ولذلك هذه القوى غير قادرة على الفعل وكل ما تستطيع فعله هو تلقي الضربات والطعنات، كما كان الحال مع تسليم مدينة كركوك للشيعة، التي لم يجرأ أي طرف كردي من إطلاق رصاصة واحدة دفاعآ عنها. نحن الكرد أصبحنا ملطشة للجميع على قولة المصريين هذه هي الحقيقية المرة، والمسؤول عنها بشكل رئيسي عصابة البرزاني ومن ثم عصابة الطالباني، ويليهم الأحزاب الكردية في شرق كردستان التي لا تهش ولا تنش، ثم يأتي حزب العمال ودولة قنديل العظمى.
عاشرآ، لماذا تم إختيار الصين كضامن من قبل الطرفين:
برأي هناك سببين أساسيين هما:
السبب الأول:
الصين شريك تجاري رئيسي لكل من السعودية وإيران.
السبب الثاني:
للصين مصلحة كبيرة في إنهاء الصراع السعودي- الإيراني، والتوصل إلى أمن إقليمي يحمي مصالحها، حيث تستورد الصين أكثر من نصف وارداتها النفطية من دول المنطقة، وخاصة ايران والسعودية، ومن دون هذا النفط، لا يمكن لعجلة إقتصادها أن تدور. أما واردات واشنطن من دول الخليج محدودة للغاية ولا تتجاوز (300.000) ثلاثمئة الف برميل من السعودية.
الخلاصة:
إن إدامة هذا الإتفاق ليس مرهونٌ فقط بإرادة الطرفين المتصارعين وإنما أيضآ رهن بالإرادة الأمريكية والقوى الشريرة التي تملئ الشرق الأوسط وما أكثرها، وتطور الأوضاع في المنطقة الحبلى بالمشاكل بأألاف الأزمات والقضايا. إن الإمتحان الحقيقي لهذا الإتفاق وتحديد مصيره سيحسم برأي في: اليمن وسوريا ولبنان. كون نظام الملالي له دور مؤثر وكبير في هذه البلدان الثلاثة ولأنها تهم السعودية وخاصة اليمن كونه يمس أمنها بشكل مباشر. إن قام هذا النظام المجرم بإنهاء تمرد الحوثي، ورفع يده عن العصابة الأسدية في سوريا، ولجم أذعره حسن نصرالله وحزب اللات في لبنان، عندها يمكن أن يصمد هذا الإتفاق، ولكنه لن يدوم طويلآ ما لم يلجم نظام الملالي تنظيم حركة الجهاد الإسلامية وحماس في قطاع غزة. لأن من دون ذلك لا الأمريكان ولا إسرئيل سيقفان مكتوفي الأيدي. أمن إسرئيل في نظر الأمريكيين يسبق أمن السعوديين واليمنيين والسوريين واللبنانيين والعراقيين.
لكن إذا كان نظام الملالي سيتخلى عن الحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان، والنظام الأسدي في سوريا، وعصابات الحشد الشعبي في العراق، وحركتي حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزا وجماعة “أحمد جبريل” وحركة طالبان في أفغانستان، والتوقف عن دعم تنظيم القاعدة وتنظيم داعش والجولاني وتنظيمات الإخوان في كل مكان، فهل بقيا لها حاجة أساسآ للبرنامج النووي والبالستي؟؟؟
نظام الملالي الإرهابي خلق كل هذه التنظيمات الإرهابية كأذرع لها، وبموازتها بناء مفاعل ذرية لإنتاج القنابل النووية وصناعة الصورايخ البالستية والطائرات المسيرة وصرفها مئات المليارات من الدولارات بهدف بناء إمبراطورية فارسية جديدة، فإن التخلي عن كل ذلك يعني نهاية الحلم الإمبراطوري الفارسي اللعين ونهاية هذا النظام الشرير معه.
من يعتقد أن هذا النظام الشرير والعنصري المقيت، سيتخلى عن كل ذلك ويخاطر بوجوده فقط من أجل إرضاءً ملالي الصين وعصابة ال سعود وأمريكا، إما أنه ساذج لدرجة الهبل أو غائب عن الوعي تمامآ، ويهزي بكل معنى الكلمة.
وأخيرآ على الشعب الكردي أن يكون يقظ جدآ، فالأشهر القادمة برأي حبلي بالتطورات سواء أكان على الصعيد التركي، السوري، الإيراني والإسرائيلي ولا أستبعد العراق من ذلك. أما القيادات الكردية أقولها بصريح العبارة ليس منهم رجاء على الإطلاق وخاصة قادة المشيختين البرزانية والطالبانية، قد يكون كلامي هذا محبط لبعض الكرد المخدوعين بتلك القيادات العفنة، ولكنها الحقيقة وإن كانت أشد مرارة من العلقم.
15 – 03 – 2023