لا يغرنك العنوان :- قلم ( كامل سلمان )

دلالية المحبة لبيع وشراء الدور والاراضي ، همس صاحبي في أذني وهو يشير الى مكتب الدلالية ( دلالية المحبة ) هذا المحل بالحقيقة مكتب دعارة وبيع حبوب الكبسلة المخدرة ، فلا يغرنك العنوان ، هذا يذكرني بتنظيم الدولة الاسلامية ( داعش ) عنوان جميل للتنظيم ولكن افراد التنظيم الملتزمين دينياً بلحاهم الطويلة وثيابهم القصيرة يجيدون فقط الذبح على الطريقة الاسلامية ، ولعلنا لا نذهب بعيداً ، ألم تكن ليبيا في عهد القذافي عنوانها الجماهيرية العربية الليبية الديمقراطية العظمى ، تبين لاحقاً عظمتها فقط على البسطاء من ابناء الشعب الليبي ، وكذلك فيلق القدس الايراني ، ( القدس ) هذا الاسم الذي يحرك المشاعر الدينية عند المسلمين و مدفعية هذا الفيلق ترمي قذائفها على اطفال الكورد وعلى الشعب السوري واليمني بأسم القدس وتلك هي القدس لم تشم رائحة البارود من هذا الاسم ، والاحزاب العراقية اسماءها وعناوينها تثير الحماسة فكل عضو في هذه الاحزاب التي في السلطة عنده عنوان شهادة الدكتوراه في حقل غير معروف ولكن على الارض لا يجيد غير فن اللصوصية وهذا يعني لم يعد للعنوان اية ثقة واية مصداقية ، حتى عندما تقرأ اسم الحاج فلان على واجهة محل او تجمع مجتمعي فأعلم أنه المجرم الاول المنزوع الرحمة وهو السارق لحقوق الناس … ويمتد هذا الخداع في العناوين ليشمل الازياء والملبس ، عندما تجد من يرتدي العمامة وفي داخلها عفونة القمامة ، ، ، قال لي احدهم لماذا هؤلاء الناس يتحدثون ليل نهار في وسائل الاعلام عن أحقية معتقدهم وسلوكهم ؟ ألم يعلموا ان الشيء الجميل يكون جذاب ولا يحتاج الى وسائل إيضاح وهو يكسب الناس إليه دون تطبيل أعلامي ؟ وهذا يعني إنهم كاذبون فاشلون يحاولون تجميل الشيء السيء .. هذه الاشكالات ليست محصورة فقط في مجتمعاتنا فهي موجودة في كثير من المجتمعات ولكن في مجتمعاتنا يفعلونها من أجل سرقة اموال الدولة وأموال الناس اما في بقية المجتمعات يفعلونها من أجل سرقة بعض الافراد من الناس . والفرق بينهما هو حجم السرقة فالالاف ليست كالمليارات . . . لماذا تعودنا نحن الناس البسطاء ان نصدق كل هذه العناوين الكاذبة ولا نتجرأ ان نكذب أحداً منهم ، خاصة إذا كان مصدر هذا العنوان الكاذب رمز ديني او رمز اجتماعي او عنوان لشهادات عليا . ان الناس القادرين على تكذيب هؤلاء وعدم تصديقهم هم فقط الاقلية القليلة جداً ، وهؤلاء القليلون هم اصحاب الوعي هم الصادقون ولكن المجتمع ينبذهم وينفر منهم لأنهم لا يسمحون للناس بالاسترخاء امام الخداع فهم مصدر ازعاج للكاذبين ولمن يصدقهم . الشخص الواعي يستطيع استخراج الحقيقة المخفية ولا تغره العناوين ولا تعمي بصيرته اية قدسية ، فالقدسيات بالنسبة له عبارة عن لعبة يتم فيها خداع الاطفال وهو يعرف نفسه ليس بطفل . انظروا الى هذه العناويين ( جلالة الملك ، فخامة الرئيس ، سماحة السيد ، سعادة السفير وغيرها ) لماذا فقط في مجتمعاتنا هذه العناوين تكون كبيرة ومرعبة ؟، لاحظت بعض رؤوساء الدول ومسؤوليها عندما تنتهي فترة مسؤوليتهم في الدولة يعاودون نشاطهم كمحاضرين في الجامعات ينقلون خبرتهم للأجيال ، يا ترى المسؤول عندنا الذي لا يحتاج طبعاً الى اي عمل بعد تسربه من المسؤولية لا نقول تسرحه او تقاعده لأنه أخذ من عمله ما يكفيه لمدة مائة عام هو ومن حوله ، لو طلبوا منه ان يلقي محاضرات في المنتديات الدولية او الجامعات ماذا سيقول في محاضراته ؟ أيقول كيف سرق وكيف اغتال المعارضين وكيف تمسك بالمسؤولية حتى الرمق الاخير وجعلها مملكة عائلية وكيف اعطى الوظائف الرفيعة لأقاربه ؟ وكيف كان يكذب على الناس ليصدقونه . وهل عنده أكثر من هذا ليقوله للجيل الصاعد ؟ وبعدها ستجده في كل مناسبة يستعرض نفسه ومنجزاته و المحابس التي تزين اصابعه ونوعية المسبحة التي بين يديه والعطر الذي يتعطر به بدون ذرة خجل وحياء ، ورغم ذلك هنالك من يصدقه بل ويفتخر به ويضرب به الامثال .
نحن مجتمع يمكن خداعه بأبسط العناوين ، مازلنا نفضل الطبيب الذي يكتب على اللوحة المعلقة امام عيادته عدد شهاداته ، نحترم شيخ العشيرة المنفوخ الاوداج ، نبجل صاحب المال والوجاهة بغض النظر عن مصدر ماله ، نقدس العمامة وحجمها ولونها ، نخاف القوي الذي نسمع عنه شدة بطشه وقدرته على القتل ونرتعب من الكثرة ، ونسارع بالاستسلام لإرادة هذه النماذج لأن إرادتنا ليس لها وجود . لذلك فأن المتصدي للمسؤولية عندنا اول شيء يفعله هو زراعة الخوف في نفوس الناس ليتفرغ من بعدها لبناء مملكته على حساب حقوق الناس ،،، تحت يافطة المبادىء والتحرر والمقاومة تم بناء جيوش من الارهابين و السبب وراء قدرة الاشرار المخادعين من بناء تلك الجيوش هو قلة الادراك عند الناس وتفاعلهم مع المفردات الثورية ذات العناوين التحررية او العناوين الدينية او القومية ، فسأقولها الف مرة لا تغرنكم العناويين مهما كانت جميلة ومهما كانت مطلية بألوان براقة فأنها الخطوة الاولى الضرورية للإيقاع بعقول الناس حينما تكون عقول الناس تسبح في مياه راكدة .