هل تستطيع الصين ابتلاع تايوان :- بقلم ( كامل سلمان )

نعم تستطيع الصين احتلال تايوان في غضون ساعات ولكن ذلك لن يحصل لأن الصفقة لم تكتمل بعد مع الولايات المتحدة الامريكية . ماهي الصفقة التي تبحث عنها الولايات المتحدة الامريكية مع الصين والصين مازالت مترددة بها ، الصفقة هو ان تساهم الصين في التعجيل بانهيار روسيا ، نعم إنهيار روسيا هو المطلب الامريكي مقابل تايوان .. ان من يتحدث عن مواجهة مباشرة بين الغرب والصين فهو لا يعرف بعض الحقائق المهمة ، منها ان الاقتصاد الصيني قائم على رؤوس اموال الشركات الامريكية العملاقة ، فما زالت حتى اللحظة تلك الشركات العملاقة تعمل بالصين وتصدر منتجاتها الى الاسواق الامريكية والاوربية وحتى الاسواق الاسيوية والافريقية ، ومازال التعاون الاقتصادي الصيني الغربي في أوجه ، فالاسواق الاوربية والامريكية تغمرها المنتجات ( صنع في الصين ) فأي صراع يؤدي الى سحب الشركات الغربية والامريكية من الصين يعني اعادة الصين الى سبعينيات القرن الماضي وهذا مالا تفكر به الصين بعد ما حصلت عليه من نمو وتطور مذهل بفضل تلك الشركات والمؤسسات بعد ان كانت مئات الملايين من سكان الشعب الصيني في سبعينيات القرن الماضي تعاني من شغف العيش والجوع ، خاصة وان القيادات الصينية واقعية جداً في سياساتها وهي تعرف قدرات وامكانيات الدول الغربية وبالتحديد امريكا في التلاعب بالاقتصاد الصيني متى شاءت ، لذلك جاءت زيارة الرئيس الصيني الاخيرة الى موسكو لتبيان قدرة الصين على ابقاء موسكو صامدة بوجه الغرب مالم يقوم الغرب بتوفير فرص اكثر وتنازلات للصين ، ، اما عسكرياً فالصين تعلم تماماً التفوق الامريكي الغربي عليها ، فأمريكا والغرب قريبة جداً عسكرياً من الاراضي الصينية من خلال حلفاءها المجاورين للصين ومن خلال الاساطيل البحرية في الوقت الذي يستحيل على الصين الاقتراب من اوربا وامريكا ، اما سياسياً فالصين تلعب جميع اوراقها بذكاء ويبقى مطلبها الاساس من الغرب والولايات المتحدة الامريكية هو شبه جزيرة تايوان . خاصة ان تايوان حتى اللحظة غير معترف بها من قبل امريكا واوربا كدولة عضو في الامم المتحدة اي بمعنى يمكن المساومة عليها مقابل ثمن كبير هو مساهمة الصين في إنهيار روسيا وليس فقط التخلي عن موسكو . انا اعتقد ان الصين في النهاية ستستجيب للطلب الغربي ، ستستجيب للطلب الغربي الذي سيمكنها من اضافة تايوان الصناعية الى اراضيها وبذلك تعزز مكاسبها السياسية والاقتصادية مما يجعلها دولة محتفظة بمكانتها كقوة عظمى تتسيد القارة الصفراء ، هذه الرؤيا تدحض التكهنات حول الحرب العالمية المباشرة بين الصين والغرب فالمصالح اليوم فوق المبادىء وهذا ما نسميه بالبراغماتية لقادة الدول التي تسعى للحفاظ على بنيتها التنموية والاقتصادية ، والصين كل سعيها ان لا تكون تابع للغرب وهذا ما أشار اليه السياسي المخضرم هنري كيسنجر الذي قال بالحرف الواحد على الغرب ان لا ينتظر من الصين ان تكون دولة قريبة من الغرب . . القادة الصينيون حريصون على إبقاء دولتهم قوية مستقلة غير تابعة للنفوذ الغربي المباشر وقد يتحقق لهم ذلك سياسياً إذا ما أجادوا اللعب مع الغرب وقد يكون التقارب السعودي الصيني هو عربون مقدم من الغرب الى الصين الذي من شأنه استثمار المليارات من الدولارات السعودية في الصين ، والصين تعلم ان السعودية هي دمية غربية بلا ادنى شك . والصين فعلاً تقبلت هذا العربون .
لا أحد منا يستطيع التكهن بجميع الخفايا في سياسات الدول العظمى ولكن بعض المفردات التي ينطقها ساسة من امثال هنري كيسنجر تشير الى هذا المعنى . وللعلم روسيا ليست مثل الصين فروسيا تكاد تنعدم فيها تغلغل الشركات الغربية وان روسيا قوة عسكرية فقط وليست قوة اقتصادية وسياسية كالصين ، وقد تفضل الصين ان لا يكون لها جارة قوية مثل روسيا لكي تنفرد بقوتها اسيوياً دون منافس لكنها مهما فعلت ومهما حاولت ان تفعل فأنها لا تفكر ان يزداد سقف طموحها السياسي او العسكري على الغرب . فإذا ما تفاجئنا باحتلال الصين لجزيرة تايوان فليكن يقيناً عند الجميع ان ذلك يعني قبول الصين بالطلب الغربي ولا يعني في اية حالة من الاحوال اعلان حرب عالمية جديدة .