الفكرُ الماركسي في المنهجيةِ لا في الدغمائية!‎‎ – د . ادم عربي

الحقيقةُ ما دفعني إلى كتابةِ هذه السطور كثير من الماركسيين الدوغمائين أو المحنطين والذين إذا تحداهم واقع عجزوا عن الإتيان بشيء جديد يعتد به بما حفظوا منه من مؤلفات ماركسية وكأن إستخدامها من الصعوبة مما يجعلهم يستفيدون منها، وأبسط مثال لسوء فهم ماركس وجدته في فهم الديالكتيك، ذاك المنهج الفلسفي في الفهم والتفسير ،لكن الدوغمائين فشلوا باتخاذه أداة معرفة، إنَّهم يبذلون جهداً عظيماً في حفظ واستظهار غير المفيد من مفاهيمه وقوانينه، فاذا ما تحداهم واقع عجزوا عن الإتيان بشيء جديد يعتد به بما حفظوا منه، من مؤلفات ماركسية وكان استخدامه من الصعوبة مما يجعلهم يستفيدون منه. الديالكتيك ليس سوى النظر إلى الأشياء والظواهر في نشوئها وتطورها وزوالها على أنَّها صراع أو ثمرة الصراع  ضدين متحدين اتحاداً لا انفصام فيه. والنقطة الأخر وهي الفكر الماركسي الملتزم فكانه دين من الاديان، وهذا مراده إلى التفريط بفهم ماركس وما حفظوه من مؤلفات ليست الَّا لإقامة الدليل على جهلهم بها.

 

الفكر الماركسي؛ وان كنت أتطيَّر من كلمة “الملتزم”؛ فهي لجهة معناها كـ”الحرية المسؤولة”. والتي احد معانيها الحرية في الاديان ، فالحرية هي في جوهرها وعي ” الضرورة “، لكن ثمة فرق بين نشر الفكر الماركسي نفسه، أي أفكار ماركس، في المقام الأول، وبين  نشر أفكار  وآراء ووجهات نظر كُتَّاب ماركسيين، أو ينتسبون، أو ينسبون أنفسهم، إلى هذا الفكر.

وأحسب أن الحاجة أشد إلى شرح وبسط الفكر الماركسي، أو الجوهري والأساسي منه، وإلى إقامة الدليل على أن الفكر الماركسي، وفي منهجيته على وجه الخصوص، أي في “طريقة  التفكير”، لا في الأفكار نفسها، لديه من الحيوية والدينامية ما  يسمح  له  بنقد نفسه بنفسه. وإنها  لمهمة صعبة؛ فالذين تجشموها ينبغي لهم أولاً (وقبل غيرهم) أنْ يتمثَّلوا  فكر ماركس، وأن يُحسنوا فهمه؛ وإلَّا أقاموا الدليل، مرة أخرى، على أن فاقد الشيء لا  يعطيه،  وعلى أنَّ أحباءَ ماركس  قد  يسيئون  إليه  أكثر من مبغضيه. أما التحدي الكبير للماركسيين جميعاً فهو “العودة إلى التعليل والتفسير (من أجل التغيير)”؛ فثمة كثير من الوقائع الجديدة  في  عالم الرأسمالية، وفي العالم على وجه العموم، تتحدى المفكرين الماركسيين (الجدليين لا الدوغمائيين) أن يُحسنوا تعليلها وتفسيرها بـ “طريقة ماركس”، وأن يبدأوا ويستمروا كما بدأ واستمر ماركس؛ ولنسأل أنفسنا، على سبيل المثال، “لو كان ماركس موجوداً الآن ، فكيف سيفهم  ويفسر ويعلل ظاهرة “الربيع العربي” كما هي في واقعها الموضوعي، وبكل ما يكتنفها من تناقضات؟.