الكتاب مؤلفه ووضع حواشيه وحققه الاب سهيل قاشا طبعة اولى 2001م ويحوي الكتاب 540 صفحة ، ولاهمية المذكرات ارتأيت تلخيص مايخص الوضع في مدينة الموصل وضواحيها من المكونات وخاصة مافعله الفريق عمر وهبي مع الايزيدية والشبك والنصارى واهالي الموصل ، وكون المذكرات واقع حي لفترة مهمة من تاريخ العراق وتعبر عن نظرة مستقلة وشخصية لكاتبها عن حال البلد والاحداث الشهيرة .
عثر عام 1968 على هذه المخطوطة اي المذكرات في زوايا دار المطرانية السريانية في الموصل قبل تجديدها وهي بخط يد مار بولس دانيال/ تولد الموصل من ابوين مسيحيين ، وعدد صفحاتها 444 وبخط جميل بالعربية اضافة الى السريانية ، وتتكون المخطوطة من 3 اقسام – الاولى : السيرة الذاتية ،والثانية :مذكرات شخصية وعامة بشكل يوميات متسلسلة والثالثة: مواضيع عامة منقولة من الكتب والجرائد .
ص36 – (يشرح هجوم للمسلمين على نصارى مدينة حلب وحدث كوارث فيما الاهالي يصيحون : ياويلنا ان الاسلام قامت على النصارى ).
وص 77 – (عام 1858 م البطريك انطوان سمحيري يزور قره قوش وبرطلة وباعشيقا ، وذكر باعشيقا وقال في الحاشية يقيم فيها امير اليزيدية ).
وص90 – (اول رئيس بلدية للموصل هو : قاسم اغا الاسعرتي والتى انشأت عام 1865م ).
وص 103- ( يسافر مار بولس الى الهند لجمع التبرعات لبناء كنائس في الموصل مع شركة لنج وعند وصوله جنوب العراق زار العزير مع 500 يهودي ويوصفه بانه بمثل دير وداخله كنيسة في وسطها قبر وعليه حجرة من رخام مرمر ابيض ملبس باقمشة حريرية ويعلوه قبة مزخرفة وحول القبر ترى جملة وريقات مكتوب فيها بعض طلبات وادعية ومقاصد لنيل مرادهم ) .
وص 149- ( يذكر وصية بولص الرسول – بان تغطي المرأة شعرها في الكنيسة – ).
وص 182 يذكر ( قبائل نهاوند المشهورة بالسرقة في طريق بغداد كركوك اربيل ).
وص 209 – (قوناغ :لفظة تركية تعنى المحطة او مسافة بين محطتين ).
وص 218 – (عن ندب السيد المسيح للمدينة المقدسة واعطاها الويل واكملها في الحاشية : – يااورشليم يااورشليم ياقاتلة الانبياء وراجمة المرسلين اليها – متي 23: 37-39 ) .
وص220 – (عند زيارته لمدينة القدس زار بئرالمجوس الذين ذهبوا الى بيت لحم ، يسجدوا للملك يسوع المولود ).
وص273 – (عن منع العثمانيين دخول الميت من خارج المدينة ومن ضمنهم المسيحيين وهنا نشر اجازة دخول للميت بصيغة طريفة وتاريخية ضمن حاشية الكتاب وفيها { الى مطران كفرة السريان : ايها المكروه في المنظر والمعتقد ، إن فلان الكافر من طائفتكم المكروهة الرجسة ، حيث الملعون قد فطس وهلك فالاجل ادخال جثته في التراب ، قد صار الاسترحام من طرف مرشد المحلة اجراء واخذ الحجزنامة وان تكن الارض لاتقبل جثته النجسة الرجسة ، انما لايكون سيئا لفساد الهواء قد اعطيت الرخصة بعنوان الشرع الشريف ان تدفن ضمن مزبلتكم الخصوصة بموجب مذهبكم الباطل الى زمرة جهنم وبئس المصير ، اقتضى اعطائي هذه الرخصة كي لايصير مانع من احد بتاريخ 1205 هج }….).
وص 297 – ( زار البطريرك ابراهيم رحماني قرقوش وبرطلة وبعشيقة ووزع مبالغ عليهم . ثم زار دير مار بهنام الشهيد وامر بتعميره وتوفير رهبان فيه واقام عليهم رئيسا القس عبد الاحد بن بهنام بطرس البعشيقي تولد 1868- 1916م )..
وص391 – (في يوم الاثنين 4 تموز 1892م وصل الموصل الفريق عمر وهبي وحسب الحاشية اشتهر بقسوته واصراره على رأيه . حيث أمر باجراء تعداد للسكان الرجال والنساء من مسلمين ومسيحيين في الموصل مما اثار هيجان ورفض الاهالي وعلماء الموصل للقرار، ثم تقدم ابن الرضواني من عائلة مشهورة بالموصل بمقابلة الفريق لرفض ذلك مما زجره ومن معه ، وذهبوا للسوق وامروا باغلاق الدكانيين كلها . وذهب جماهير الناس الى الجوامع بالدعاء لله بكسر رقبة الفريق والتخلص من شره . مما ادى الى هياجه وتوجيه الطوب لقصف المدينة لكن فائق بك القومندان منعه من ذلك ).
وص 394 – نقرأ (عن العدول عن رأيه بعدم اجراء تعداد نفوس النساء ، ثم استدعى اعضاء المجلس البلدي الى القشلة . وامر بحجزهم جميعا في اماكن تشبه الاسطبل وفي جو شهر آب الحار لمدة 12 يوما ) .
وص 397 – نقرأ (عن الفريق عمر واليزيدية في يوم الجمعة 19 أب 1892م وصل وجهاء واكابر الطائفة اليزيدية مع رؤساء ديانتهم الروحانيين وعددهم حوالي السبعين نفرا الى الموصل ، وعند وصولهم رأس الجسر طلع قدامهم شرذمة من العسكر مع الموسيقى والعلماء والقاضي والمفتي والنقيب واعضاء المجالس البلدية وكثير من المسلمين يتقدمهم خمسة من الجوامع والشيوخ مع دفوفهم وحرابهم وحضر الفريق بنفسه في القوج – اي العربة المنتظمة – الى راس الجسر وترجل من العربة وعبر الجسر فتبعوه قسما منهم راجلين واخرون راكبين الخيل والفريق امامهم وبقية المستقبلين كما مر اعلاه ،ولما وصل الفريق الى حد العلماء رأى بينهم الحاج عبدالرحمن افندي الرضواني فمسكه من كتفه واصعده الى العربة واركبه الى جانبه ، وبدت الموسيقى تصدح امامهم الى ان وصلوا الى القشلة والمشايخ تشيخ – اي يصيحون الله اكبر – وهم يقرعون على الدفوف لانهم حصلوا على بغيتهم وهي اعتناق هؤلاء اليزيدية الاسلام . ولكن ياله من منظر مرعب مخيف مهول لما وقع على هؤلاء المساكين ، وماجرى عليهم من الاضطهاد البربري الذي لم يقم به ملوك رومية على الشهداء في تلك الايام من القساوة البربرية الوحشية ، لانهم قبضوا على واحد واحد من اليزيدية وطلبوا منه قول الشهادة الاسلامية ، فالذي يقولها ويقول انا مسلم ويتشاهد كانت الموسيقى تدق له ويبجلوه ويقدمون له مشروبا ، والذي يرفض وما يقبل الاسلام كانوا يعرونه من ثيابه كلها بالزلط – اي عريان تماما – ويلقونه على فمه على درج القشلة ويبدأون يجرونه من رجليه على الدرج الى ان يصل الى الحوش وقد عملوا هكذا بخمسة انفار فتهمشت مناخرهم ووجوههم وتكسرت جماجمهم ، وعندما كان يصلون الى الارض كانت تجتمع عليهم الوف من الوف من المسلمين ويبدأون يركلهم بارجلهم والقوندرات باقدامهم على رؤوسهم ورقابهم وظهورهم وبطونهم حتى سحقوا لحمهم مع عظامهم واربعة منهم ماتوا حالا ، ومن عاين شهد شهادته حق هي وهو نعوم يوسفاني وبهنام خياط وكانوا حاضرين هذا المشهد فيا لها من قساوة بربرية فانصدعت الناس من هذا العمل الهمجي واخذ المسلمون قوة على اذلال النصارى وليس من يسال ويفتش ياإلهنا نسألك اللطف ) .
وص399 – في الحاشية نقرأ (تاكيد هذه الرواية من الدكتور محمد صدقي الجليلي في احد حواراتنا معه عن هذه القضية بالذات فقال : صحيح ان الفريق وزمرته قد اعتدوا على اليزيدية الذين ساقوهم من الشيخان الى الموصل وهم لايعلمون لماذا جلبوهم الى الموصل ولما طلبوا منهم اعتناق الاسلام رفض ذلك اغلبهم وحاولوا الهرب لكن العسكروالجمع الحاشد هناك شنوا عليهم غارة وحشية ، ولااضطهادات نيرون تشبهها ، ولم يسلم منهم الا انفار لايتعدى عددهم عدد الاصابع ).
وص 400 – ( اما بقية اليزيدية الذي نجوا من الموت فقد سجنهم الفريق وطلب منهم اعتناق الاسلام رغما عنهم وخلافا لكل قانون كما هم يقولون [ لااكراه في الدين ]. وقدر عدد نفوس الايزيدية وقتها ب 40 الف نسمه ).
وص 400 – (جلب الى الموصل الفريق باشا مايقارب سبعين شخصا من الشبك وصنع لهم طنطنة – اي احتفال كبير – في باب الجسر الى القشلة ، وقال لهم سوف اعمر واشيد لكم في كل قرية من قراكم جامع ومدرسة ،واجعل لكم ايضا مُلا : فأجابوه اهلا وسهلا ونحن لكم شاكرين ومنكم ممنوين من افضال الدولة وافضالكم فقال لهم : اذن انتم مدعوين عندي في القشلة لمدة ثلاث ايام ، تقدم لكم سائر الاطعمة وافخرها فتنسروا وتفرحوا: فأجابوه : افندم اعفينا فنحن اصحاب اشغال وبيادرنا على الارض ، نسترخص ونطلب منكم السماح أن تأذنوا لنا بالانصراف ، فاذن لهم وانصرفوا فارحين ).
وص 401 – (جلب الفريق باشا بواسطة العسكر آلات عبادة اليزيدية من باعذري وبعشيقة وبحزاني من الطاسات المكتوب حول حافاتها آيات في …. كذا وشمعدانات واشياء اخرى واحضرها الى القشلة وشرع يرفسها بقدمه سيما الملك طاؤوس ، ويستهزئ به امام اليزيدية الذين كانوا حاضرين في القشلة ويقول لهم : هذه هي ديانتكم ولهذه الاشياء تسجدون وتعبدون ؟ الستم تقولون أن يشور فيك ؟ ها أنا ارفسه برجلي لماذا لم تيبس رجلي ، وكان كل من يزوره في مقره كان يصحبه الى المحل الذي وضع فيه هذه الآلات ويتفرج عليها مستهزأ بها ) .
ويذكر ان هذه النواشين قد اعيدت بامر سليمان نظيف باشا التي كانت امه من اصول ايزيدية وجلبت الى بحزاني ولها مناسبة سنوية سمي عيد النواشين.
(وقرر الفريق باشا بعدعيد جلوس السلطان ان يسافر الى الشيخان بمعية العسكر والموسيقى تتقدمه لكي يهنئ اليزيدية الذين اعتنقوا الاسلام ويدمر اولئك الذين رفضوا ذلك وعصوا اوامره ) . وفعلا احتل معبد لالش وجعل فيها مدرسة دينية لكنها اعيدت للايزيدية بامر الحكومة العثمانية .
وص 402 – ( الفريق باشا اطلق سراح كافة شيوخ االيزيدية من حبس القشلة مع نسائهم واعطاهم الحرية بان يذهبوا كل الى قريته ومحله فذهبوا فارحين مسرورين .ثم امر الفريق بان تغلق كافة الميخانات والحشاشخانه والقمارخانه .
وفي قضاء سنجار صار ضيق شديد على اهاليها فخربت دورهم من الجور والظلم والتعدى الذي اجراه ابن الفريق ، والآي بكي سعيد بك والعسكر ، ففي مدة عشرين يوما اخذوا منهم ستة الاف ليرة ذهبية اي بمعنى شلحوههم سلبوهم ارزاقهم وارسلوها الى الموصل ) . آلاي بكي تعنى قائد .
وص 413 – (يوم الاحد 16 نيسان 1893م سافر من الموصل الفريق عمر وهبي باشا مع الهيئة التحقيقية شاكر باشا ورفاقه عن طريق البر الى الاستانة ، خلصنا الله من شر الفريق ) .
وص 417 – ( يوم 31 آب 1893 لا احتفال بمناسبة عيد مولانا السلطان عبد الحميد خان وفي هذا العام لم تطلق الطوبجية / المدفعية والسبب ان كل رجال الطوبجية كانوا في سنجار لمحاربة اليزيدية مع سبعة طوابير عسكر )…وهكذا يبدو من تاريخه انه كان احدى الفرمانات على الايزيدية.
وص 420 – (انتخاب مجلس ادارة ولاية الموصل ضم كل من : يونس بك جليلي زادة و- باقي حمو القدو و- نقيب افندي و- عبدالاحد شكر عن السريان الكاثوليك و- وجرجس سرسم عن اليعاقبة و- وعبد الاحد عبواليونان عن الكلدان و- اسحق اليهودي عن اليهود ) .
وص 465 – ( وصول الاب انستاس الكرملي الى الموصل عام 1904 . وهو عالم لغوي بالعربية ). ويذكر ان الكرملي مؤلف كتاب عن الايزيدية كان مثال سخرية وفيه كثير مغالطات .
وص 484 – ( في عام 1908 انتشار وباء الحصبة في الموصل على الاطفال وحصد الكثير منهم )… وسمعنا ذلك من كبار العمر حصد الكثير من الاطفال في بعشيقة.
وص486 – (في عام 1909 قدم للموصل بالاقامة الجبرية الشيخ سعيد من السليمانية ومعه خمسين من عسكر كركوك وحدث دخول احد العسكر بين نساء الموصل مما اثار مشاكل كبيرة مع الاهالي وقتل من الطرفين واستولى الخوف على النصارى وقف القتال عند المساء بنفاذ عتاد عسكر كركوك .وحصل الحادث في عيد الاضحى . ولكن ثورة الاهالي لم تقف حيث هجموا على الشيخ سعيد واردوه قتيلا مع ابنه الكبير احمد وعفوا عن الصغير محمود الذي التجأ الى احدى العوائل في بيت والدي الاستاذ حزار القدو لمدة ثلاث ايام وهدأت الامور فسلمه الى عشيرته )…. والشيخ هو سعيد ابن كاكا احمد ابن الشيخ محمود الحفيد البرزنجي سميت الحادثة دكة الموصل وكان سبب نفيه كثرة نشاطه ضد العثمانيين .
وص 505 – ( نقرأ عام 1911 م ارتفاع منسوب الماء في نهر دجلة وانجماد حافاته وقطع الجسر وتساقط ثلوج كثيرة لحد ذراع ، مما عطل حركة المدينة ونفق الحيوانات وتلف النباتات ، ومن ثم حدوث فتنه مع مصور تصوير اعياد المسلمين ، وذكر القس عزيز والد الموسيقين منير وبشير . وذكر معاني كل من – عين كاوة اي عين كاوة الحداد او العمياء – وباقوفة / بيت القرود و- باطنايا / بيت الشباب ).
وص 527 – توفى في 7نيسان 1916 القس عبدالاحد بن بهنام بطرس تولد 1868 من اهالي بعشيقة . ثم نقرأ عن اول سيارة وصلت مدينة الموصل تجول في شوارعها ) .
واخر القول : يبدو من هذه المخطوطة ذا اهمية كبيرة كونها واقعية و مار بولس دانيا كان رحالا وسندباد كنسيا وتؤشر مرحلة مهمة لتاريخ مدينة الموصل واحوال مكوناتها من الاضطهاد والمعانات المستمرة التي لاتتوقف للاسف لليوم مما يدل على ان الارض التى ولدنا فيها وواقفين عليها لم تعد تتحملنا وتسعنا لا هي ولااهلها ودليل هجرة الاخوة المسيحيين من البلد مؤشر آخر لغياب امل قادم بعيش آمن .
ابريل / 2023م