مناسبة وتعليق- بيار روباري

 

 

اليوم هو ذكرى الأول من أيار، وهو اليوم الذي يحتفل فيه الطبقة العمال العالمية بعيدها، ولم يبقى من هذا العيد سوى رمزيته ليس أكثر. وحتى مفهوم الطبقة العاملة ومفهوم الرأسمالية تغير كثيرآ مع الزمن، وبرأي يجب تغيير نمط التفكير العمالي ومطاليبهم وتطوير أساليب عملهم النقابي، من أجل تحسين ظروف عملهم ورواتب شهرية مجدية وحقوق كثيرة أخرى.

لا شك إن الصراع الطبقي سيستمر ولن يزول، وللتذكير إن الصراع الطبقي قديم جدآ وكان بدايته في كردستان عندما إكتشف أسلاف الشعب الكردي الزراعة، قبل الميلاد بحوالي (10.000) عشرة ألاف عام، وفي اللحظة التي إكتشفت الزراعة فيها ولدت معها مفهوم الملكية الخاصة والطبقات الإجتماعية.

وبات حب التملك غريزة في نفس الإنسان، إنظر إلى الطفل الصغير كيف يدافع عن ألعابه، وكيف يتقاتل الإخوة حول الملك والإرث، وهكذا هي الدول والأفراد في المجتمع الواحد.

الرأسمال نفسه ليس وحشآ، هذه كذبة كبيرة كذبها أحدهم ومشت الناس بها دون أي تفكير. الوحش هو الإنسان الذي يملك الرأسمال أي “الرأسمالي”،  الذي يستغل الرأسمال الذي يملكه في إستغلال الأخرين. المال لا يأكل البشر ولا يستغلهم، لأن المال مجرد أداة كأي أداة أخرى. وكل أداة يمكن للمرء إستخدامها بشكل إيجابي أو سلبي مثل: السلطة، الإنترنيت، السلاح، القلم، المعرفة، السيارة، التلفزيون، الدراما، المنصب، … إلخ.

لا يمكن لوم الأدوات، بل يجب لوم وإدانة اولئك الذين يستخدمون تلك الأدوات بشكل سلبي لا بل مضر بمصالح وحياة الأخرين، ويجب التركيز على ذلك والضغط لسن قوانيين تحد من جشع الرأسماليين من جهة وفرض ضرائب أكبر عليهم وعلى الشركات الكبرى، ومن جهة أخرى إصدار قوانيين تحمي حقوق العمال والموظفين وصغار الكسبة.

وعلينا أن نفهم لا يمكن إدارة عجلة الإقتصاد من أن تربح الشركات، ولا من دون دخل مناسب للعاملين الذي يشترون المنتوجات التي يصنعها الرأسماليين. يجب أن نتوجه نحو مجتمعات أكثر عدالة وإنسانية، بحيث يمك لجميع الناس أن تعيش حياة كريمة وبإستطاعتهم تأمين لقمة العيش وسكن يأوون إليه. وهذا واجب الدولة، وهي قادرة على تحقيق ذلك، ولكن أولآ يجب أن يكون لدينا إقتصاد قوي وينتج ويصدر منتجات صناعية وزراعية، لأن ليس كل الدول تملك ثروات طبيعية مثل النفط والغاز تبيعها وتعيش منها مثل دول الخليج.

في الختام، كل إنسان منا بشكل من الأشكال رأسمالي، ولكن الفرق بينهم أن هناك من يملك قوة يومه أو قطعة أرض أو بعض الماشية، وهناك أشخاص يملكون رأسمال متوسط وكبير وكبير للغاية أي ثري فاحش. وكل منا يسعى أو يتمنى أن يمتلك رأسمال كبير يحقق من خلاله أحلامه، وحتى الذين يملكون مئات المليارات من الدولارات يرغبون في إمتلاك المزيد، هذه هي طبيعة البشر ولن تتغير، وليس هناك شخص رأسمال قديم أو حديث سيعمل دون أن يكون الربح هدفه وزيادة رأسماله، وكل من يدعي غير ذلك فهو كاذب.

كل سنة وأنتم جميعآ أغنى ماديآ وروحيآ وثقافيآ وأدبيآ.

 

01 – 05 – 2023

2 Comments on “مناسبة وتعليق- بيار روباري”

  1. الاستاذ بيار روباري تحياتنا وتقديرنا
    أعجبت بالكاريكاتير المعبر الذي يضع النقاط على الحروف ، صحيح كل ماذهبت اليه ولو إن التكنولوجيا حددت دور الانسان وممارساته المهنية التي ترتبط بكثير من المعاني منها الصحة ، الصبر ، التعاون ، تعدد جوانب كسب العيش ، القضاء على البطالة ، تعلم المهن ، برمجة الحياة بشكل إيجابي وعدم الوقوف مكتوفي الايادي أمام كسب الرزق ٠ ولكن ستبقى السواعد البشرية ، الارادة والصبر محرك قوي لدفع عجلة الحضارة البشرية٠ ودمتم بصحة وسلام

    1. العزيزة والزميلة خديجة مسعود كتاني،
      نعم أحيانآ الصورة أكثر تعبيرآ من الكلمة وتختصر الموضوع برمته، والسيدة أمية جحا التي رسمت الكاريكاتير، إنسانة مبدعة ولديها مخيلة ثرية وتشكر على هذه الرسمة المعبرة حقيقة.
      في الواقع لم أرغب الدخول في التفاصيل الإقتصادية الجافة والمملة للقارئ، لذلك لم أتوسع في الموضوع وإكتفيت بهذا التعليق المقتضب. القارئ الكردي في عمومه لا يحبذ المواضيع الجادة والطويلة، هذا على الأقل ما لاحظته من تجربتي الشخصية.
      طبعآ التكنالوجيا الحديثة والروبوتات حلت محل اليد العاملة في الكثير من المجالات، ولكن في المقابل جلبت معها مهن أخرى كثيرة تستوعب عمال وخبراء مهرة وخاصة في مجال البرمجيات وغير ذلك. الحياة في تطور مستمر ولن تتوقف عند حد ،هذه قناعتي وأنا سعيد بذلك ولا خوف عندي من الذكاء الصناعي، ولا شيئ يمكن أن يتفوق على الإنسان، فهو الخالق والمبدع. المهم أن لا يستتخدم التكنالوجيا بشكل سلبي وفي حروب مدمرة البشرية والطبيعة هذا ما يخيفني حقيقة. هل هناك أفضل من الإنترنيت ووسائل التواصل الإجتماعي؟؟ لا أظن ذلك سوى الصحة والحب والسلام والأمان.
      وشكرآ لك سيدتي على كل ما تقدمينه من موضوعات مختلفة تخدم شعبنا الكردي وتراثه وثقافته وقضيته السياسية العادلة.
      مع الود والتقدير.
      بيار.

Comments are closed.