أسئلة عمّان تنظر أجوبة ملالي طهران – بيار روباري

 

قادة البلدان العربية في معظهم إن لم نقل جميعهم، الحاليين والذين سبقهوم جميعآ كانوا ضد الثورات التي شهدتها العديد من تلك البلدان. لم يكونوا فقط ضد تلك الثورات، لا بل عملوا المستحيل من أجل وئد تلك الثورات في مهدها، وعندما فشلوا في تحقيق ذلك في تونس ومصر، لجأوا إلى الثورات المضادة ونجحوا في ذلك وقضوا على الثورتين بتواطئ من أمريكا والإتحاد الأوربي وروسيا والصين وتركيا وايران. وفي سوريا خطفوا الثورة من أهلها من خلال دعمهم للتيارات الإسلامية المتطرفة كالإخوان المسلمين والتيارات السلفية الإرهابية كتنظيم القاعدة، وخلقوا تنظيمات إرهابية جديدة بمسميات مختلفة مثل تنظيم داعش المتوحش القادم من القرون الوسطى ولواء التوحيد، السلطان، … إلخ.

هذه الأنظمة بدءً من النظام المغربي، ومرورآ بالموريتاني، الجزائري، التونسي، المصري، السعودي، الأردني، العراقي، السوداني، القطري، الإماراتي، البحريني وإنتهاءً بالنظام العماني، جمعيها ودون إستثناء أنظمة إستبدادية، قمعية، فاسدة وعدوة للحرية والديمقراطية وحق المرأة. هذه المقدمة كانت ضرورية لفهم خلفيات هرولة قادة العرب على النظام الأسدي السفاح والطائفي حتى النخاع.

 

لن أدخل في دورها القذر في تحريف الثورة السورية عن مسارها والتلاعب بها من خلال دعم التيارات الدينية الإسلامية المتطرفة والإرهابية، ونفس هذه التنظيمات كان يدعمها ايران والنظام الأسدي والنظام الأردوغاني أنفسهم كلآ لأهدافه الخاصة، أما الهدف المشترك لكل هذه الأنظمة الإستبدادية والفاسدة كان منع قيام نظام ديمقراطي في سوريا، وحصول الشعب الكردي على حقوقه القومية والسياسية وإقامة كيان فيدرالي له ضمن سوريا موحدة. السبب في ذلك هو تخوف هذه الأنظمة القمعية والفاسدة من الديمقراطية ووصول رياح التغير إلى عروشها.

وبعد إفشال الثورة وتحويل 60% من السوريين إلى لاجئين وتشريدهم في كل بقاع العالم وقتل أكثر من مليون إنسان بريئ ومثلهم معاقين، وتدمير البلاد عن بكرت أبيها وتحويل سوريا إلى إمارة فارسية في جزء كبير منها، وجزء مماثل إلى إمارة عثمانية ارهابية في الشمال، وإمارة ثالثة روسية في الساحل، والمجرم بشار الأسد لم يبقى له سوى القصر الجمهوري الذي حولوه إلى معمل لإنتاج حبوب كبتيغون وتصديرها إلى تلك البلدان التي تهرول قادتها الأن إليه بهدف شرعنته وتعويمه من جديد رغم كل إجرامه الذي لا يمكن وصفه بالكلام.

 

هنا لا بد من طرح عدة أسئلة أساسي ومهمة منها:

 

السؤال الأول: ما الذي يدفع هذه الأنظمة للهرولة نحو القاتل بشار الأسد ونظامه المجرم؟

قناعتي هناك سبب واحد لا غير، وهو تخوف قادة هذه الأنظمة القمعية والحقيرة/ أن ينهار النظام من الداخل بسبب إفلاسه وتأكله من الداخل، ويخافون من أن يحل محلة نظام ديمقراطي، لأنهم لا يعرفون من هو البديل في حال سقط النظام الحالي، وهذا غير مقبول بالنسبة لهم بعد صرفهم مئة (100) مليار دولار، لإفشال الثورة السورية ومنع قيام نظام ديمقراطي يلامس مؤخراتهم. المسألة ليست مسألة مخدرات كما يروج هؤلاء الدجالين فكلهم يتعاطون المخدرات ويتاجرون بها وباللحم الأبيض.

 

بالنسبة لهم بشار ليس مهمآ، هم يريدون نظام إستبدي وقمعي وفاسد مثل أنظمتهم ومستقر ولا يهمهم ما إسم هذا الدكتاتور، وكذابين عندما يقولون أنهم يريدون إبعاد النظام عن ايران. كل دول العربية بما فيها دول الخليج ما عدا مصر لها جيدة علاقات مع ايران، وكانوا كلابها في عهد الشاه، خلافهم معها ليس على المذهب ولا حول الديمقراطية وحقوق الإنسان، خلافهم معها حول نفوذ ايران فقط، وبدليل كل دول الخليج وقفوا ضد ثورة الشعوب الإيرانية الثلاثة بما فيها الأخيرة “ثورة النساء” حتى الأن ورفضوا دعم الشعب الكردي وأحزابه في وجه ملالي طهران، فعلى من هذا الكذب المفضوح؟ ال سعود يريدون تزعم المنطقة بحجة وجود مكة في بلدهم، والفرس يريدون أن يتزعموا المنطقة بحجة أنهم أحق بذلك. ولو كان الخلاف بينهم مذهبي، لكانوا دعموا السوريين بكردهم وعربهم السنة، كما هو معلوم فالنظام الأسدي نظام علوي طائفي حتى النخاع، ولهذا كل ما يقوله قادة العربان كذبٌ في كذب.

 

السؤال الثاني، هل يكافئ قاتل مثل بشار على جرائمه وأفعاله الوحشية؟

لولا أن قادة العرب لديهم ذرة أخلاق وشرف، لما كافئوا مجرمآ مثل بشار، ومكافئتهم هذه نابعة من أنهم من نفس طينة الإجرام الأسدية، وخير مثال على ذلك: كصاحب المنشار الدب الداشر (محمد ابن سلمان) وعبدالفتاح السيسي قاتل الرئيس المنتخب وألاف المصرين وسارقهم، النظام الجزائري الدموي الذي قتل مئات الألاف من الجزائريين الذين طالبوا بحريتهم، وإلا لما كافئوا سفاحآ مثل بشار، الذي ورث الإجرام عن أبيه إضافة للقذارة والحقد الطائفي.

 

السؤال الثالث، ماذا ينتظر قادة العرب الذين إجتمعوا في جدة وعمان من النظام الأسدي؟

هل فعلآ يتنظر هؤلاء القادة خطوات حقيقة من بشار مثل الإفراج عن المعتقلين، وهل بقيا معتقلين أحياء في السجون أصلآ؟؟

هل ينتظر هؤلاء القادة المستبدين البلهاء أن يقبل هذا الطائفي المقيت بشار بعودة (12.000.000) إثنى عشر مليون سوري إلى بيوتهم؟

لماذا هجرهم في الأساس من ديارهم وبيوتهم؟ وهل بقيت بيوت في الأصل كي يسكن فيها اللاجئين وهم بالملايين؟ ثم ماذا سيفعل هذا الوغد بالشيعة الذين أتى بهم من كل مكان وأسكنهم في مناطق هؤلاء وغير من هويتها الديمغرافية كما فعل اردوغان في ستة مناطق كردية في غرب كردستان هي: “أفرين، أزاز، الباب، گرگاميش، سرية كانيه، گريه سپي”

هل الذين إجتمعوا في جدة وعمان، حقآ يؤمنون أن الطاغية بشار سيقدم تنازل سياسي واحد؟ عندما كان حكمه في العام (2012-2013) يترنح ومعزول كليآ، رفض تقديم أي تنازل ولو بسيط، فهل سيقدم تنازل الأن؟؟ يا للكم مجموعة من الحمقى.

رأي الشخصي، إن الذين إجتمعوا في جدة وعمان، لا ينتظرون أي خطوة من الجزار ولا يطالبونه بذلك أساسآ،ىوكل ما يقولون في هذا الصدد في الإعلام، هو فقط لتبرير خطوتهم المخزية وحفظ ماء وجوههم القبيحة.

 

السؤال الرابع، هل الأسد هو صاحب القرار في دمشق؟

إذا كان هناك شخص على وجه الأرض يؤمن أن الخيشة بشار هو فعلآ صاحب القرار في دمشق، وليس النظام الفارسي القابع في طهران، فهو إم ساذجٌ إلى درجة الحيونة، أو أنه دجال يقول ذلك لخداع الناس.

 

السؤال الخامس، هل ستسمح أمريكا لهؤلاء بإنقاذ الجزار بشار؟

أعتقد جازمآ أن كل قادة العرب يدركون حق الإدراك، أنهم من دون موافقة أمريكا لا يستطيعون إنقاذ أنفسهم هم. ومن يدعي عكس ذلك فهو كذاب وفي النهاية كل قادة العرب مجموعة من الكذابين. يكفي أن تلوح أمريكا بجريمة مقتل “جمال خاشقجي” في وجه الدب الداشر (محمد بن سلمان) وستجدون إختفى في جحره دون همس كالنمس. وحتى الجزار “بشار” يكفي أن تحرك أمريكا حاملة طائرات واحدة نحو السواحل السورية، ستجده كالكلب المذعور يرتجف في مخدعه ويرفع الراية البيضاء عاليآ، كما فعل سابقآ وسلم سلاحه الكيماوي ومع تعظيم سلام عندما شاهد كيف تقترب البوارج الأمريكية وحاملات الطائرات من السواحل السورية.

كل ما يفعله هؤلاء الكركوزات، هو مجرد مناكافات شخص حردان من زوج أمه، لأنه لم يلبي له ما يريده مقابل مضاجعة إمه، هذه هي كل القصة لا أكثر. مصير العصابة الأسدية الإجرامية بيد أمريكا وحبيبت العرب “اسرائيل”، وكان يمكن أن يكون مصيرها بيد السوريين والشعب الكردي في غرب كردستان، لولا أن السوريين باعوا أنفسهم بالمال وتحولوا لمرتزقة عند التركي والقطري، ومعهم جماعة المكنسة.

 

تسألون: ما هو البديل مادامت أمريكا لا تفعل شيئ، واردوغان يتوسل للأسد للتصالح معه، وجماعة الإئتلاف والفصائل المسلحة ملتهين بعمليات النهب والسلب ومحاربة الشعب الكردي؟

 

إليكم الحل كما أراه أنا:

بدلآ هذه الخطوة المخزية والخسيسة، كان بإمكان هؤلاء تبني خطة المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا السيد “جيفري” والعمل عليها وتطويرها، والتحاور مع إدارة “بايدن” والضغط معآ على تركيا بكف يدها عن المعارضة السورية وإيقاف عدوانها ضد الشعب الكردي في غرب كردستان. وتشكيل جسد معارض جديد من المعتدلين السوريين (سنة، علويين، مسيحيين، دروز) وجمعهم مع الإدارة الذاتية في إجتماعات متواصلة في رميلان أو مدينة قامشلوا، وبمشاركة أمريكية وفرنسية وبريطانية وأممية، ووضع إعلان دستوري لسوريا المستقبل، يراعي حقوق الشعب الكردي القومية والسياسية في غرب كردستان، وتبني الفيدرالية والحفاظ على مكانة قوات قسد كقوات حماية لإقليم غرب كردستان، والإعتراف السياسي بهذا الكيان الجديد ودعمه ماليآ وفتح مكاتب رسمية له في بلدانهم، ووضع نسخة عن هذه الوثيقة الدستورية والموقع من قبل الطرفين الكردي والعربي لدى الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا كوثيقة رسمية.

 

ثم الطلب من المسلحين والضباط السوريين المعتدلين الإنضمام إلى قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بعد تدريبهم، كأفراد وليس كمجموعات كي لا يشكلون جيشآ أخر داخل قوات سوريا الديمقراطية وننتهي كما إنتهوا سابقآ إلى مجموعات متصارعة تقاتل بعضها البعض، ودعم قوات قسد دعمآ حقيقيآ عبر قيادتها بالسلاح الثقيل مثل الدبابات، المدفعية الثقيلة، المضادات الجوية، صواريخ أرض – أرض، طيران بدون طيار، والطلب من تركيا الإنضمام لهذا التحالف والتخلي عن الإرهابين، وتسليم المناطق التي تحتلها لقوات قسد، وتقديم دعم جوي لقسد ومن ثم البدء بتحرير المناطقة التي يسيطر عليها النظام الواحدة تلو الأخرى. وأولها تحرير مثلث القائم – البوكمال – دير الزور لقطع الإمدادات الإيرانية عن النظام، ومن ثم الإنتقال إلى تحرير مدينة حلب الهامة وهكذا تدريجيآ، عندها سيسقط النظام من تلقاء ذاته وسيفض عنه عشرات الألاف من الجنود العلويين عندما يجدون بديلآ مقبولآ عنه وبقيادة كردية وطنية، وسينتفض أهالي دمشق واللاذقية دون شك، وهكذا نستطيع نتجنب الفوضى والإقتال السني-العلوي والعربي الكردي ونحافظ على مؤسسات الدولة التي بحاجة إلى إعادة هيكلتها بشلكل كامل.

بالتوازي مع ذلك يجب التواصل مع الضباط والقيادات العلوية العسكرية والسياسية التي لم تتلوث أياديها بدماء السوريين لضمهم للتحالف الجديد، وإتخاذا القرارات الأممية الصادرة عن الإمم المتحدة حول سوريا كغطاء سياسي لهذا التحرك. ولا أظن أن الأمريكان سيرفضون الأمر، والدول العربية بإمكنها التواصل مع القيادة الإسرائيلية لإقناعها بذلك، كي لا تضغط على الإدارة الأمريكية عبر “إيباك” وتفشل المخطط، ويجب طمأنة الإسرائليين وما يريدونه معروف للجميع وهو:

وجود نظام في دمشق يقبل السلام والصلح معها وحل قضية الجولان عبر المفاوضات المباشرة والإتفاق أصلآ جاهز وفقط يحتاج لمن يوقعه عن الجانب السوري لا أكثر. ولكن للأسف قادة العرب سلكوا سبيل مأده الحفاظ على العصابة الأسدية، وداسوا بنعالهم على دماء ملايين السوريين وعذابات (12) مليون سوري مشرد يا للعار.

 

وأخيرآ وليس أخرآ، على قادة العرب الذين ارسلوا وزرائهم للإجتماع بوزير النظام الأسدي، عليهم إنتظار أجوبة أسئلتهم من الأفعى “ابراهيم رئيسي” الذي يزور محافظته والثانية والثلاثين (سوريا) والتي سيلتقي خلال زيارته بمحافظها الطرطور بشار الأسد، ويعطيه خطة العمل الجديدة للفترة المقبلة التي يجب عليه العمل وفقها، ويلتزم بها وإلا وضعوا محله طرطورآ أخر.

وأخرآ، من دون رحيل العصابة الأسدية الإجرامية عن حكم سوريا، وإحقاق حقوق الشعب الكردي في إطار دولة فيدرالية، لا يمكن أن تعود سوريا دولة موحدة، ولا إعادة اللاجئين إلى ديارهم، ولا إخراج عصابات الفرس الطائفية من البلد ولا قوات حزب الله، ولا إخراج المحتل التركي من غرب كردستان أي (شمال سوريا)، ولا تنظيف البلد من المنظمات الإرهابية وجمع السلاح، ولا إعادة بناء البلد والعيش بشكل سلمي معآ الشعب الكردي، العرب السنة، العلويين والدروز.

 

03 – 05 – 2023