غارة وكبتاغون وتعليق- بيار روباري

 

منذ يومين سمعنا أن الطيران الإردني الحربي أغار على بيت في جنوب سوريا، على أساس أن صاحب هذا البيت هو المسؤول عن تهريب المخدرات من سوريا إلى الأردن والسعودية ودول الخليج والعراق. وزير خارجية الأردن أكذب من الكذاب بشار الأسد، لأن كل الكون يعلم حق العلم أن الذي يصنع حبوب الكبتاغون هو النظام الأسدي بالتعاون مع حزب الله، ويكفي للمرء أن يعود إلى التحقيق الذي نشرته المجلة الألمانية “دير شبيغل”، ووضحت كيف تورط النظام السوري عبر وحدات عسكرية وعصابات مسلحة ومقربين من رأس النظام، في تجارة مخدرات تجاوزت قيمتها في عام واحد (5.7) مليار دولار، وأضحت حاليا أهمّ ما يتم تصديره من سوريا. وثانيآ إلى التحقيقات الأمريكية التي وثقت تورط بشار وأخوه ماهر والفرقة الرابعة بشكل مباشر في إنتاج تلك الحبوب وتصديرها، وبناءً على تلك التحقيقات أخذ الكونغريس الأمريكي قرارآ بمعاقبة النظام على ذلك.

تحقيق “دير شبيغل” أشار إلى أن قصة إكتشاف المخدرات بدأت في رومانيا، تحديدا في شهر نيسان من العام (2020)، عندما تم العثور على بضاعة معدات مثيرة للجدل، وبعد فتحها تبين وجود (2.1) مليون حبة كبتاغون، وهي حبوب منشطة صنعت لعلاج فرط الحركة لدى الأطفال، لكنها مُنعت لاحقاً لكونها تسبب الإدمان والاكتئاب، وتصنف حالياً ضمن دائرة المخدرات، كما يرى فيها البعض بديلا رخيصآ عن الكوكايين، كونها تحتوي على نسبة (11.5) من مكون الأمفيتامين، وبقيمة تصل إلى (43.5) مليون يورو.

الوثائق أثبت أن تلك البضاعة (حبوب الكبتاغون) بينت أنها قادمة من سوريا، ومتجهة نحو السعودية، مرورا برومانيا. وبعد تتبع المكالمات، تم الوصول إلى شخص باسم (أبو فؤاد)، وهو شخص سوري اسمه الحقيقي (إياد) من مدينة اللاذقية، كان يدير هناك شركة للاستيراد والتصدير، قبل إغلاق شركته من طرف الفرقة الرابعة التابعة لقوات الأسد، ومن هناك غادر إلى تركيا ثم لبنان، وهو حاليا في جنوب ألمانيا، حيث التحق بأسرته التي طلبت اللجوء عام (2015).

كما وجد المحققون أدلة على جني الفرقة الرابعة، التي يقودها ماهر الأسد شقيق بشار الأسد، أموالا من هذه الشحنات، ويعتقدون أنها حصل على (300) ألف دولار عن كل حاوية تشحن من اللاذقية، مع 60 ألف دولار أخرى يُفترض أنها تُدفع للجنود حتى يغضوا الطرف عن الأمر، كما توضع هذه الشحنات داخل منتجات قانونية، زيادة عن أن ميناء اللاذقية هو تحت سيطرة عائلة الأسد منذ عقود طويلة.

وكشف التحقيق أيضآ أن هناك عصابات مسلحة متورطة في الشحنات، منها “عصابة الحوت”، وهم أفراد مسيحيون حاربوا إلى جانب ميليشيات الأسد، وأعطيت لها امتيازات تجارة الكبتاغون. كما يظهر دور حزب الله اللبناني المتحالف مع نظام الأسد، وقد استفاد من خبرته في تصدير الحشيش الذي يزرع في سهل البقاع في مجال تصدير الكبتاغون، خصوصاً بعد سيطرته على مناطق غرب سوريا.

كما يدير العديد من أبناء عمومة الأسد وأتباع النظام مجموعة من المصانع في القرداحة وأجزاء من حمص. وذكر رجل أعمال سوري فرّ من البلد للمجلة إنه زار أحد المصانع في اللاذقية وأكد أن هناك حراسآ مسلحين يقومون بدوريات هناك، كما أكد محقق مخدرات سوري سابق للمجلة وجود هذه المصانع.

وفي نهاية التحقيق كما علمنا أثبتت الوثائق، أن قيمة شحنات المخدرات وصلت إلى (5.7) مليار دولار عام 2021 حسب تقديرات المحقيقين، ومن هنا كان العرض السعودي للنظامالأسدي بمنحه (4) مليارات دولارات لكي يتوقف النظام عن إنتاج تلك الحبوب السامة وتصديرها لدول الخليج.

الأن السؤال: ألا يعلم النظام الأردني والسعودي والإماراتي والمصري والعراقي هذه الحقيقة الساطعة؟

الجواب، نعم يعلمون وأكثر من أي كاتب وصحفي. لماذا؟ لأنهم يملكون أجهزة مخابرات تجمع لهم معلومات، ولهم جواسيس دخل النظام السوري. إذآ لماذا يغضون النظر عن سلوك النظام الأسدي؟

في الحقيقة هناك ثلاثة أسباب رئيسية تدفعهم للتغاضي عن سلوك النظام وهي:

السبب الأول: العديد من قيادات تلك الأنظمة البغيضة التي جئنا على ذكرها، التي لا تقل إجرامآ من نظام بشار أنفسهم يتعاطون تلك المخدارات ويتاجرون بها.

السبب الثاني: هم الوحيد الإبقاء على الأنظمة الحالية ومنهم النظام الأسدي ومنع أي تغير في المنطقة، بهدف تيئيس شعوب المنطقة، كي لا تفكر مرة أخرى القيام بالثورة أو الإنتفاضة والتمرد عليهم، وهذا يشمل عصابة البرزاني والطالباني أيضآ.

السبب الثالث: خوفهم الشديد من قيام نظام ديمقراطي حقيقي في سوريا، لأنهم يعلمون حق العلم أن تأثير ذلك سيصل إليهم وسيدك مؤخراتهم.

السؤال الثاني: هل محاربة المخدرات يتم عبر ملاحقة صغار الموزعين أم من خلال ضرب الرؤوس الكبيرة؟؟

النظام الأدرني بدلآ من معاقبة رأس الأفعى إسكوبار سوريا “بشار” إستقبل وزيره فيصل المقداد ودعمت إعادة زعيم الكبياغون إلى الجامعة العربية، هو والنظام السعودي الأرعن ومعهم النظام الإماراتي الفاجر والعاهرة السيسي، وتعنتر النظام الأردني وأرسل طائرة لتقصف صبيان بشار الصغار. بمعنى يكافؤن بشار “إسكوبار” سوريا لا بل كل المنطقة، ويحاربون صبيانه الصغار وهم أيضآ ضحايا النظام الأسدي اللعين نفسه.

السؤال الثالث: هل يجرأ أحد أن يتجار بشيئ وخاصة المخدرات والأثار والعملة الصعبة في سوريا ولبنان دون معرفة وموافقة بشار الأسد وحسن زميرة؟؟

الجميع يعلم أن ذلك مُحال، وأن كل ذلك يتم بأوامر شخصية من بشار الأسد وحسن زميرة، وأجهزتهم القمعية، ولا أحد يتجرأ أن يفتح فمه بكلمة، لأنه مصيره الجحيم بكل معنى الكلمة.

ختامآ، كل هذا الهرج والمرج العرباني والإحتفاء بالأسد، ليس حبآ به وإنما الحفاظ على الأوضاع كما هي وتيئيس الشعوب وفي مقدمتهم الشعب السوري والكردي والمصري والعراقي، كون دولهم محورية في المنطقة ولها تأثير في الجوار، ولهذا ممنوع أن ينتصر هذه الشعوب وبما فيهم الشعوب الإيرانية يجب أن لا ننسى ذلك، فالتغير في ايران سيكون له تأثير كبير للغاية على كامل المنطقة في قيام نظام فيدرالي ديمقراطي حقيقي في ايران.

وأختتم مقالتي بالقول التالي: كل القيادات العربية كاذبة وعدوة لشعوبها بما فيهم قيادات جنوب كردستان. ثانيآ، النظام الأسدي زائل إن أرادت تلك الحثالات (القيادات) العربية أم لم ترد. وهذا ينطبق أيضآ على نظام الملالي في طهرن وملالي جنوب كردستان وبقية دول المنطقة.

12 – 05 – 2023

++++++++++

بابلو إسكوبار (1949-1993):

كان بارون المخدرات ليس فقط في موطنه كولومبيا وإنما في كل أمريكا الجنوبية، وأسس كارتل خاص بالمخدرات وأطلق عليها تسمية “ميديلين”. وسيطر على أكثر من 80% من الإنتاج العالمي من المخدرات و75% من سوق المخدرات في الولايات المتحدة. وخلال عشر سنوات تمكن من تعزيز إمبراطوريته الإجرامية، وهذا ما جعله أقوى رجل في المافيا الكولومبية في الثمانينات من القرن الماضي. لكن بعكس الخيشة بشار كان إسكوبار نصيرآ للفقراء والمحرومين، وكان يبني لهم بيوت ومساكن ويمنحهم المال ويؤمن لهم العمل، وهذا بسبب إنتمائه لعائلة فلاحية فقيرة.